أهم الأخطاء التي يرتكبها الأبوان في تربية أطفالهم

يرتسم الجزء الأكبر من معالم الشخصية لدى الإنسان في مرحلة الطفولة، وكل ذلك يعتمد على أسلوب التربية الذي يتلقاه الطفل. ومن المعروف أنَّ لكل مجتمع طرائق متباينة في التربية؛ بل إنَّ طرائق التربية تختلف من عائلة إلى أخرى في المجتمع نفسه، وهذا يعتمد على المستوى الثقافي والتعليمي للأبوين. سنقدِّم لكم في هذا المقال أشيع الأخطاء التي تفسد تربية الأطفال، والتي سنحاول معاً أن نضيء عليها تمهيداً لتجنُّبها.



فإنَّ تربية الطفل ليست مهمةً بسيطة كما يظن عامة الناس، فهي تحتاج الآن إلى جهود جبارة من قِبل الوالدين.

ولسوء الحظ، يوجد بعض الأهل الذين يقومون بتدليل أطفالهم تدليلاً مفرطاً، معتقدين بأنَّ ذلك هو الأسلوب الحديث في التربية، وهذا ما يفسد التربية ويصبح من الصعب السيطرة على الطفل، فيكبر على هذه الأفكار والرسائل الخاطئة التي تصله من أبويه.

وطبقاً لأسلوب التربية، يمكن أن يتشكل لدى الطفل عقلية معيَّنة وحالة نفسية قوية أو ضعيفة؛ وبمعنى آخر فإنَّ أسلوب التربية هو الذي يجعل شخصية الطفل في المستقبل مضطربةً أو مترددة أو ضعيفة أو قلقة أو قيادية.

ولأنَّنا مهتمون جداً بإيصال الطريقة السليمة في تربية أطفالك بكونهم الأمل الواعد بغدٍ أفضل، سنُعرِّفك في هذا المقال إلى بعض الأخطاء التي تفسد تربية أطفالك؛ لذا حاول أن تتجنبها.

إليكم أشهر الأخطاء التي يرتكبها الأبوان في تربية أطفالهم:

1. عدم السماح للطفل بهامش من المغامرة:

يجب على الوالدين ترك أطفالهم يقومون بعملٍ ما يكون بمنزلة نوع من المغامرة يستمتعون بها، وكل ذلك يكون تحت مراقبة الأهل؛ حيث يمكنهم التدخل عند ظهور أي خطر على الأطفال.

2. الحماية الزائدة عن حدها:

هي خطأ كبير؛ وذلك لأنَّها تنقص من قوة إرادة طفلك في المستقبل، مع أنَّه يوجد الكثير من العائلات التي تفضِّل الحماية الزائدة بدافع الحب والخوف الشديد على الطفل، ولكن يجب على الأهل أن يعلموا أنَّ ليس كل ما يفعله الطفل يمكن أن يشكل خطراً على سلامته.

لذلك يجب ترك الطفل يبني ثقته بنفسه بمفرده؛ إذ يجب على الوالدين أن يعلموا أنَّ أسلوب التدخل الدائم يسلب الأطفال إرادتهم، ويجعلهم مترددين؛ وذلك لأنَّهم سيعتقدون دائماً بأنَّ الوالدين سيأتون لإنقاذهم من الموقف، فيخسرون بذلك فرصة تطوير قدراتهم في مواجهة مصاعب الحياة في المستقبل.

3. اعتقاد معظم الأهل أنَّ لعب طفلهم هو مجرد لهو وعبث، أو طريقة لإضاعة الوقت:

ولكن في الحقيقة، فقد وجد العلماء أنَّ اللعب الإبداعي والتخيلي يساعد الطفل على النمو الفكري والمعرفي والتكيف العاطفي والانفعالي.

ومن خلال اللعب، فإنَّ الطفل يبني ثقته بنفسه، ويكوِّن صورةً إيجابية عن كيانه، ويتعلم كيف يعبِّر عن انفعالاته ومشاعره وكيف يتخذ قراراته ويتأقلم مع مواقف الحياة وأوضاعها المختلفة.

لذلك يمكن أن يكون اللعب علاجاً يساعد الطفل على التغلب على المصاعب التي تعوق تطوره ونموه الطبيعي.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

4. إخبار أطفالنا بندمنا على معاقبتهم:

وهذا خطأ جسيم في التربية؛ إذ يجب على الأهل ترك الطفل يعتقد اعتقاداً كاملاً أنَّه استحق هذه العقوبة، دون القيام بمواساته؛ وذلك لأنَّ هذا سيجعله شاباً قوياً وصلباً، وبعيداً عن التردد في المستقبل.

5. تقييم مستوى الذكاء عند الطفل:

يُعَدُّ من الأخطاء المدمرة لثقة الطفل بنفسه.

6. عدم تطبيق ما نعلِّمه لأطفالنا على أنفسنا:

وخاصةً القيم العليا مثل الصدق أو السرقة أو شتم الآخرين؛ لأنَّ ذلك سيجعل أطفالنا يفقدون الثقة في كل ما يتعلمونه من قيم ومبادئ، ومن ثمَّ سيصبح لديهم استعداد لاكتساب شخصية مترددة في المستقبل.

هذه الأخطاء كلها ستجعل طفلك ذا شخصية مترددة، والتي تُعَدُّ من الشخصيات الصعبة والمتعبة في التعامل؛ وذلك لأنَّه لا يمكن أن نأخذ أقوالها ووعودها على محمل الجد.

فالشخصية المترددة تَتعَب وتُتعِب الآخرين معها، فتقف عاجزةً أمام اتخاذ القرارات الحازمة والمصيرية، كما أنَّها لا تفي بالوعود التي تَعِد بها الناس، وبذلك يختلط حابل الأمور بنابلها، ولا يقدر الناس على إيجاد الأسلوب المناسب للتعامل مع هذا النوع من الشخصيات.

7. السماح للطفل بتجاوز حدود الأدب والاحترام:

إنَّ الطفل المدلل لا يبالي بأحد؛ حيث يقوم بتوجيه الكلام غير اللائق لجميع المحيطين به بما فيهم الأب والأم.

والكارثة أنَّ بعض الأهل لا يحاولون ثني أطفالهم عن ذلك؛ بل يكتفون بالتنبيه دون اتخاذ أيَّة عقوبة بحقه، وهذا ما يدفعه لتجاوز حدود الأدب أكثر، وعندما يكبر سيبدأ بتوجيه الشتائم لأبويه دون أي احترام.

8. إعطاء الأطفال مكافأة (رشوة) للقيام بأمر معيَّن:

يمنح بعض الأهل الذين طفلهم الرشوة ويغدقونه بالمكافآت لكي يقوم بمهمة معيَّنة أو لكي ينفذ كلامهم ويلتزم بتوصياتهم، وهذا خطأ؛ وذلك لأنَّه يفسد التربية تماماً، ومع الأيام قد يطلب من الوالدين مكافآت أكبر، وسترتبط طاعة الوالدين بالمال فقط.

لذا حاول أن تدرِّب طفلك أن يقوم بما هو مطلوب منه؛ وذلك لأنَّه يجب أن يفعل هذا، وبذلك ستتمكن من الوصول إلى التربية السليمة.

إقرأ أيضاً: 50 طريقة يومية صغيرة وفعّالة لتحفيز أطفالك

9. شراء الكثير من الألعاب:

من حق أطفالكم أن يكون لديهم ألعاب، لكنَّ الإفراط في شرائها سيؤدي إلى فقدان قيمة هذه الأشياء لديه، فيتقصَّد رمي ألعابه وتخريبها؛ وذلك لأنَّه وبكل بساطة يعرف أنَّه قادر على شراء المزيد منها. لذا لا تفرط في شراء الألعاب لأطفالك، واكتفِ بشراء لعبة واحدة كل شهر.

10. تهديد الطفل بالعقاب ثمَّ التراجع عن تنفيذه:

يُعَدُّ ذلك من الأخطاء الشائعة، أن نقوم بتهديد الطفل بالعقوبة عند ارتكاب الخطأ دون التنفيذ مباشرة؛ حيث سيظن الطفل أنَّ العقوبة تهديد وهمي وعابر، وأنَّ والديه لن يعاقباه، وهذا سيدفعه للمزيد من الإساءة وارتكاب الأخطاء.

لذا حاول ألَّا تؤجِّل العقاب، واحرص على تطبيقه على الطفل مباشرةً، فإنَّ هذا سيعلِّمه كيفية التصرف تصرُّفاً مناسباً صحيحاً دوماً.

11. تلبية جميع رغبات وطلبات الطفل:

إنَّ للطفل رغبات وحقوق واحتياجات يجب على الأهل تأمينها، لكنَّ هذا لا يعني أن نمنحه كل ما يطلب؛ حيث إنَّ هذا الأسلوب في التربية سيفسده تماماً؛ وذلك لأنَّه سيتعمَّد الضغط على والديه وعلى الآخرين حتى ينفِّذوا رغباته.

وعندما يكبر الطفل سينصدم بالواقع والحياة، وسيعلم أنَّ أمنياته ورغباته قد لا تتحقق دوماً؛ لذلك كن حريصاً على تلبية رغباته بحدود العقل والمنطق، واصبر على نوبات بكائه وغضبه عندما تمتنع عن تلبية ما يرغب فيه.

12. إظهار الشجاعة عند خوف الطفل:

 فهو لا يطلب منك أن تظهر له شجاعتك؛ بل أن تفهم وتتقبل خوفه.

13. المحبة المشروطة:

حيث إنَّها تضع الطفل أمام احتمالات مقلقة، وتجعله في حالة ارتباك تهدد حصوله على محبة والديه في حال لم ينجح في تنفيذ شروطهم، فهذه الشروط غالباً لم ينضج لها الأطفال بَعْد فيزيولوجياً ونفسياً وفكرياً.

إنَّ مشاعر الخسارة الناتجة عن عدم مقدرة الأطفال على تنفيذ متطلبات الوالدين، مضافاً إليها مشاعر القلق والخوف من فقدان محبة الأهل التالية لإخفاقهم، إنَّما تَحُد من تطور الطفل الطبيعي وتحقيق استقلاليته، وتتركه كريشة في مهب الرياح، ترميها عواصف الحياة في كل اتجاه.

14. اعتقاد الأهل أنَّ أطفالهم ملك لهم:

إنَّ جوهر العلاقة في التربية، هو تلبية حاجات الطفل العاطفية والجسدية والروحية والاجتماعية والمعرفية، وليس تلبية حاجات الوالدين. عندما تنقلب هذه العلاقة إلى تلبية حاجات الأبوين، فإنَّها ستتحول إلى شكل قاسٍ من سوء المعاملة.

إقرأ أيضاً: التربية القائمة على الارتباط: هل هي رعاية أم إفساد للأطفال؟

تعرَّف إلى واحد من أهم القوانين في تربية طفلك، "قانون الإشباع":

يُعَدُّ قانون الإشباع من أهم قوانين تربية الطفل؛ حيث يعتمد على مبدأ أنَّ الإشباع يضعف الرغبة والنقصان يغذيها.

إنَّ الحرمان البسيط من شيء ما، يؤدي إلى تحريض الخيال لهذا الشيء، ويحفز وسائل وطرائق الحصول عليه، ويؤكد ترميزه لغوياً، ويدرِّب المهارات اللازمة والإرادة والقدرة على ابتكار الخطط وتفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع، في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة.

لكنَّ هذا الحرمان لن يحافظ على استمراريته عندما يدوم فقدان الموضوع لفترة طويلة، ولا بُدَّ من بعض الإشباع من وقت إلى آخر لكي نشجع الطفل على المثابرة والاستمرار بالمحاولة.

الطفل سرُّ أسرته:

الطفل هو نتاج الأبوين، والطفل الذي يظهر عليه المرض النفسي هو عرضٌ لعائلة تعاني من اضطرابات عدَّة، دون أن تفهمها أو تعالجها، فتعبِّر عن ذلك عبر أطفالها.

إنَّ التركيز على الأطفال في العلاج النفسي دون شمول العائلة، يجعل منه علاجاً ناقصاً، وقد يؤدي إلى إضاعة الفرصة في تحويل المنزل إلى بيئة آمنة تدعم نمو أطفالهم وتطوُّرهم.

نصيحة ذهبية في تربية طفلك:

لا يوجد شيء يمكن أن يعزز تطوُّر الطفل الفكري والعقلي والروحي والاجتماعي، ويقوِّي صحته النفسية، أكثر من تهيئة الجو المناسب لكي يعبِّر عن مشاعره وانفعالاته، وتصديقها وتقبُّلها دون تقريعه وتأنيبه وإطلاق الأحكام عليه.

في الختام:

نرجو أن نكون قد وُفِّقنا بعرض مبسَّط وسريع لأهم الأخطاء الشائعة في تربية الأطفال، وأن نكون قد تعلَّمنا معاً في نهاية المقال أهم النقاط:

  • من الخطأ أن نشعر أطفالنا بندمنا على معاقبتهم.
  • الحماية المفرطة خاطئة؛ وذلك لأنَّها تؤثر في قوة إرادة طفلك.
  • يجب معرفة مستوى الذكاء عند طفلك، وتقبُّله وعدم تقريعه.
  • عدم تلبية جميع رغبات طفلك، وتجنُّب الدلال الزائد.
  • تطبيق قانون التحفيز بالحرمان.

دمتم أنتم وأطفالكم بصحة وأمان.

المصادر:

  • كتاب أفكار عملية في تربية الأبناء (طفلي) / نايف القرشي.
  • كتاب فن تربية الأبناء الدليل العملي / اليزابيث ميلور.
  • دليل تدريب الآباء في تربية الأولاد - الدليل العملي لتدريب الآباء / مأمون مبيض



مقالات مرتبطة