أنت لست ما يقوله الآخرون: توقف عن أخذ الأمور على محمل شخصي

نظراً لاختلاف وجهات نظرنا تجاه مختلف الأشياء الموجودة في العالم، غالباً ما يحدث سوء الفهم أو الحساسية المفرطة من جانب واحد أو كلا الجانبين، وهذا يدفعنا إلى أخذ المواقف على محمل شخصي، ومع ذلك يمكنك التأثير في كيفية تفاعلك مع المواقف المختلفة في الحياة، فلا يهم كثيراً ما إذا كنَّا نتفاعل بشكل مفرط مع الآخرين أو ما إذا كان الشخص الآخر قد أساء التصرف.



إذا تم انتقادك، اسأل ما هو الخطأ في ذلك؟

غالباً ما يكون الخوف من الرفض أو البحث عن تأكيد هو ما يجعلنا نأخذ الأمور على محمل شخصي؛ إذ نريد من الجميع أن يحبنا وعندما نسمع كلمة سلبية نتساءل كيف كان بإمكاننا تجنُّبها؟ غالباً ما نقلل من قيمة أنفسنا على الرغم من عدم وجود سبب في الواقع للقيام بذلك، فإذا تم انتقادك ففكر فيما إذا كان نقداً بنَّاءً أم لا، وبالتأكيد لا يوجد أحد منا يحب النقد، ولا حتى النقد البنَّاء، لكن هذا بالضبط هو الذي يمكن أن يقودنا إلى مزيدٍ من التقدم في الحياة، فقد يكون كلام الشخص الآخر مفيداً وليس مجرد هجوم أو تشفٍّ.

يشير النقد البنَّاء إلى خطأ ما يمكن تحسينه أو إصلاحه، ويتضمن اقتراحاً عن كيفية القيام بذلك، فقل: "شكراً لك" لإخراج اللمسة السلبية من الموقف، وربما تحصل على مزيدٍ من النصائح من الشخص، وخلاف ذلك إذا انتقدك شخص ما بشكل غير بنَّاء؛ أي أدلى بتعليق سلبي مثل: "لم تكتب الجداول بالشكل الصحيح"، فاسأل ما هو الخطأ في ذلك؟ وكيف يمكن تصحيحه؟ إذا لم يجب عن سؤالك، فعليك أن تدرك أنَّه مجرد تعليق غير لائق أدلى به الشخص الآخر ولا داعي لأخذ ذلك على محمل شخصي.

هل يعاني شريكك من مزاج سيئ؟

هل تعرف أشخاصاً يكونون في حالة مزاجية سيئة في الصباح؟ أنا أيضاً، وحتى إنَّني عشت مع أحدهم لبضع سنوات، وشعرت لفترة طويلة بالألم والرفض، فقد تلقيت ملاحظات قاسية جداً، لذلك كان عليَّ أن أتعلم ألا آخذ الأمر على محمل شخصي عندما أحظى بمعاملة غير لائقة في الصباح، ومن ناحية حاولت تجنُّب شريكي في الصباح وعدم تقديم ادعاءات أو أسئلة، ومن ناحية أخرى اقترحت مناقشة أشياء معينة لاحقاً.

كلنا بشر من لحم ودم ومشاعر جياشة، فقد تتحكم بنا في بعض الأوقات وقد لا نستطيع التحكم بها فتقودنا إلى تصرفات قد تبدو غير لائقة، ولكنَّنا بعدها سندرك أنَّها تقودنا إلى مكان غير جيد، ثم نقرر أخذ زمام المبادرة في حياتنا، وتنحية تلك المشاعر جانباً، ولقد أخبرت نفسي مراراً وتكراراً أنَّ هذا لا علاقة له بي وجعلته يؤكد ذلك أيضاً، وبعد بضعة أشهر، تم حل الأمر برمته ولم يعد يمثل مشكلة كبيرة.

قم ببناء الثقة بالنفس حتى لا تأخذ كل شيء على محمل شخصي، فإذا كنت حساساً لآراء الآخرين، فإنَّ المزحة السخيفة أو التعليق الطائش يمكن أن يؤديا بسرعة إلى الشك في القدرات الذاتية، ولهذا السبب من الهام تعزيز ثقتك بنفسك.

اعلم أنَّك لست ما يقوله الآخرون عنك:

حاول ألا تبني تقديرك لذاتك على ما يعتقده أو يقولونه عنك، فيمكن أن يكون الأشخاص المقربون مرآة ترى فيها نفسك، ولكنَّ هذا الانعكاس يُظهر قسماً محدوداً، وقد لا ينصفك أبداً، لذلك لا تعطي أهمية كبيرة لكلام الآخرين ولا تقلق من الادعاءات والتقييمات التي يتم تقديمها لك، واعلم أنَّك لست مثل ما يقوله الآخرون عنك؛ إذ يحق للجميع إبداء رأيهم، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّ كلامهم صحيح أو منطقي، خاصةً إذا كان هذا الشخص لا يعرفك جيداً.

في كثير من الحالات تصف الكلمات الشخص الذي يتحدث بها أكثر مما تصف من هو المقصود بالكلام، وغالباً ما يميل أولئك الذين لا يشعرون بالانسجام مع أنفسهم إلى إسقاط صراعاتهم الداخلية على الآخرين، وتذكر أنَّه لا يوجد رأي صائب 100%، لذلك فالجميع مخطئون بنسبة معينة، وللتمييز بين النقد البناء والكلام المهين، من الهام أن تعرف نقاط قوَّتك وضعفك، فعندما تكون قادراً على تقييم نفسك بشكل نقدي، فلن تزعجك كلمات الآخرين.

شاهد بالفديو: 8 أشياء لا تحتاج إلى موافقة الآخرين للقيام بها

خذ خطوة إلى الوراء وكن موضوعياً:

إلى جانب احترام الذات والمستوى الصحي من التفكير النقدي، يمكن أن يساعدك التقييم الموضوعي للموقف على عدم أخذ آراء الآخرين على محمل شخصي وقبول النصيحة، فقبل أن تزعج نفسك بسبب الإهانة أو ترد على شيء ما، يجب عليك أولاً أن تأخذ نفساً عميقاً وتراجع أفكارك وتأخذ وقتك لتقييم الموقف بموضوعية.

ربما أسأت فهم سلوك الشخص الآخر؛ لذا حاول قراءة الكلمات بدقة لأنَّنا أحياناً نسمع ما نريد سماعه، ومن ثم ننسب شيئاً إلى الشخص الآخر لم يقصده على الإطلاق، وعندما تشعر بالإهانة توقف قليلاً واسأل نفسك لماذا تزعجك عبارة أو سلوك ما؟ لأنَّ النقد أحياناً يكون له ما يبرره أو قد يكون ناجماً عن حسن النية، وكبرياؤنا قد يمنعنا من الاعتراف بأخطائنا أو نقاط ضعفنا، فلا يوجد شخص مثالي، ومن ثم يمكن للنقد أن يساعدك على التطور.

تدرَّب على الصفاء الذهني:

يمكن أن يساعدك الصفاء الذهني على الحفاظ على سلامك الداخلي والتمييز بين ما هو هام وما هو غير ذلك وعدم السماح للمواقف غير الهامة بالوصول إلى مشاعرك، كما يجب أن نعلم أنَّ إدراكنا غالباً ما يكون غير موضوعي، وكل من تصور الآخرين وطريقتك في النظر إلى الأشياء لا تخلو أبداً من التحيز والعواطف.

من خلال التراجع والسماح لجميع الآراء بالتدفق دون الحكم عليها أو تصنيفها، يمكنك أن تتعلم ألا تأخذ الأمور على محمل شخصي، فلا يمكنك دائماً التحكم فيما يعتقده الآخرون عنك؛ لهذا السبب يجب عليك قبول ما لا يمكنك تغييره دون السماح له بإزعاجك من الداخل؛ لذا كن منفتحاً على وجهات النظر الجديدة وتقبل الآراء الأخرى دون إعطائها أهمية كبيرة.

إقرأ أيضاً: 6 عادات للتقليل من ضبابية الدماغ وتحسين الصفاء الذهني والفكري

خطوات هامة كيلا تأخذ الأمور بشكل شخصي:

1. لكل فرد حقيقته الخاصة:

نعتقد أنَّ كل ما يحدث في هذا العالم يتعلق بنا شخصياً، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ كل شخص نتعامل معه يهتم أولاً بنفسه، فلا يستيقظ الجميع من النوم لملاحظة نقاط ضعف الآخرين؛ إذ يقوم كل شخص بتقييم كل ما يحدث من وجهة نظره الخاصة وبحسب ما لديه من تجارب سابقة، فنحن مجرد جزء واحد من لغز كبير، لذلك لا يتعين علينا أن نتحمل كل اللوم وكل الأخطاء، فكلنا نملك الحقيقة لكن في جزء منها فقط.

2. عدم النظر فقط إلى الجروح:

كل شخص لديه جروح مختلفة ونقاط حساسة معينة يستجيب لها ويتفاعل معها، على سبيل المثال بعض الناس حساسون عندما يتعلق الأمر بمظهرهم، بينما يشك بعضهم الآخر باستمرار في قدرتهم على إتمام المهام بالشكل الصحيح، ولقد أصبحنا نركز اهتمامنا على روتيننا اليومي المتمثل في مراقبة هذه الجروح والنقاط في انتظار أن يتعرف إليها أحد أو يعلق عليها، وبدلاً من ذلك يجب علينا تقييم المواقف بشكل واقعي، ومن الأفضل التراجع إلى الخلف ومحاولة النظر إلى الموقف بأكبر قدر ممكن من الحياد.

3. الاستقلالية:

الثقة بالنفس لا تعني شيئاً سوى امتلاك وعي جيد بنفسك؛ أي أن تحب نفسك أولاً، ولأنَّ التأكيد الأهم لا يأتي من الخارج، لا يهم ما إذا كان لدينا 200 إعجاب في منشورنا على (Facebook) سواء أشاد المدير بعملنا أم قال الشريك "أحبك" في المساء، كما يمكننا أن نتعلم كيف نقدِّر أنفسنا أكثر ونقدِّر ما ننجزه مهما كان صغيراً، فالهام أنَّه يساعدنا على أن نكون أفضل من ذي قبل، وأي شخص ينجح في القيام بذلك يجعل نفسه مستقلاً عن آراء الآخرين، ومن ثم يكون أكثر استرخاءً عندما يأتيه النقد من أيَّة جهة كانت.

إقرأ أيضاً: ثلاثة أنواع من الاستقلال الذي يحتاجه الجميع

4. قدوة لنفسك:

قال السياسي الهندي البارز "المهاتما غاندي" العظيم: "كن أنت التغيير الذي ترغب في رؤيته في هذا العالم"، فإذا كنت ترغب في أن تُعامَل من الآخرين بشكل أفضل، يجب أن تكون جيداً مع من حولك؛ وذلك لأنَّ ما تقوم به سيعود إليك في نهاية المطاف، وقد يكون التغيير الأول هو الابتسام في كثير من الأحيان.

في الختام:

حاول أن تضع نفسك مكان الشخص الآخر لتفهم دوافعه ومشاعره، وفي بعض الأحيان يكفي النظر إلى الموقف من منظور مختلف من أجل تقييمه بموضوعية، وغالباً ما يكون من المفيد أيضاً التحدث إلى صديق موثوق أو الحصول على رأي شخص ثالث للحصول على رؤية محايدة وموضوعية للأشياء.




مقالات مرتبطة