أفكار للحصول على الإلهام عند البدء بمشروع كتابة (الجزء الثاني)

لقد ناقشنا في الجزء الأول من المقال أسباب الافتقار إلى إلهام الكتابة التي تراوحت ما بين تشكيك الفرد بقدراته، وتعرُّضه لكمٍّ هائلٍ من الآراء يومياً، واستقراره في منطقة الراحة الخاصة به؛ خوفاً من إجراء تغييرات جديدة، ثمَّ انتقلنا إلى استكشاف طرائق تحفيز الإلهام واستنباط أفكار جديدة، وناقشنا طريقتي إجراء دراسة بحثية عن المنافسين، وممارسة التأمل، وسنكمل حديثنا في الجزء الثاني والأخير عن باقي طرائق تحفيز إلهام الكتابة فتابعوا معنا السطور القادمة.



3. النظر في تجربتك الحياتية:

قد يُخيَّل إليك أنَّ تجربتك الحياتية لا تستحق الكتابة؛ لكنَّ هذا غير صحيح؛ لذا يمكنك أن تكتب عن المعضلات الأخلاقية، والتحدِّيات التي واجهتها أو عن ذكريات الطفولة، وغيرها من التفاصيل التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى.

قد يسهم بعض التفكير الذاتي في حياتك الخاصة في مساعدتك على ملاحظة مزيدٍ من الأفكار من زاوية مختلفة.

يمكنك البدء بالنظر في معرفتك الخاصة؛ إذ قد تكون خبيراً وضليعاً في موضوع معيَّن، ثمَّ يمكنك التفكير في تجربتك الحياتية الشخصية، وهذا يشمل الهوايات كالإبحار مثلاً، ونمط الروابط العائلية كمكان نشأتك، أو دعمك لأحد أفراد عائلتك خلال محنته على سبيل المثال.

قد تبدو هذه الموضوعات عشوائية؛ لكنَّ كلَّاً منها يمكن أن يساعدك على كتابة صفحة كاملة؛ باختصار إيَّاك أن تستبعد تجربتك الحياتية؛ فيوجد عدد لا يحصى من الأفكار الكامنة داخلك دون أن تدرك حتى وجودها؛ أي عليك أن تبدأ بتجارب حياتك الحقيقية حتى تتسنى لك الكتابة دون الشعور بالعجز.

4. الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي:

يعامِل الدماغ البشري كميةً هائلةً من المعطيات يومياً، وعندما تحيط عقلك بأفكار الآخرين سيتعذَّر عليك ابتداع أفكارك الخاصة؛ لهذا السبب يسهم تقليل الوقت المخصص لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي في تيسير عملية الكتابة، وتكمن المشكلة في إدمان العديد من الناس وسائلَ التواصل الاجتماعي وليس من السهل عليهم الابتعاد عنها.

يمكنك تقليل الوقت المخصص لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي من خلال إيقاف الإشعارات، أو حذف التطبيقات من جهازك، أو تحديد مدة انقطاع عنها تبلغ 15 دقيقة مثلاً يومياً.

بدلاً من ذلك يمكنك حصر الاستخدام اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي في الأوقات الصباحية فقط أو المسائية، وينصح أن يقتصر استخدامها على الفترات المسائية؛ نظراً لأنَّ الدماغ يكون نشطاً ومستعدَّاً في الصباح، وحريٌّ بك ألَّا تهدر الأوقات الصباحية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ثمَّة فكرة أخرى تقوم على الانقطاع الكامل عن مواقع التواصل الاجتماعي يوماً في الأسبوع أو أسبوعاً كل شهر، في حال كنت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في التسويق أو التواصل عندئذٍ يمكنك استخدام أداة جدولة لتحديد مواعيد المنشورات مسبقاً، وبهذه الطريقة ستتمكن من إبقاء حضورك الرقمي دون الحاجة إلى تفقُّد حسابك كل يوم.

إقرأ أيضاً: هل تبحث عن الإلهام! 6 نصائح ستمكِّنك من العثور عليه بالتأكيد

5. استخدام قاعدة العشر دقائق:

في حال بدا العصف الذهني مهمة مملة بالنسبة إليك، يمكنك استخدام قاعدة العشر دقائق التي تقوم على ضبط المؤقت واستثارة الأفكار لمدة 10 دقائق، فيمكنك أن تتوقف عندما ينتهي توقيت المؤقت إذا أردت، ولكن من الهام أن تلزم التفكير الجاد بالأفكار لمدة 10 دقائق على الأقل.

عليك تدوين جميع الأفكار التي تخطر في بالك خلال مدة العشر دقائق، ولا داعي للقلق في حال بدت بعض الأفكار دون المستوى المطلوب؛ لأنَّك ستقوم بتنظيم الأفكار لاحقاً وعندها سترى أنَّها أفضل ممَّا تظنُّ، وحالما يتوقف المؤقت تكون قد أنجزت المطلوب.

عليك أن تضع في حسبانك أنَّك كلَّما أمضيت مزيداً من الوقت في العصف الذهني حصلت على أفكار أكثر إبداعية، فيمكن أن تقوم بإعداد مخطط زمني بحيث تمارس العصف الذهني لمدة 10 دقائق، ثمَّ تستريح لمدة 5 دقائق وتكرر النمط لعدة مرات.

6. الخروج من المنزل:

يمضي بعض الناس معظم يومهم داخل المنزل؛ إذ كشف استبيان أنَّ 60% من البالغين يمضون 5 ساعات في الأسبوع على الأكثر خارج المنزل في أحضان الطبيعة، ويُعَدُّ هذا السلوك هدَّاماً بالنسبة إلى من يحاول استنباط موضوعات إبداعية للكتابة عنها.

عندما ننأى بأنفسنا عن التكنولوجيا ونمضي بعض الوقت في الطبيعة، يتحسَّن أداؤنا في تنفيذ المهام كحل المشكلات بطرائق خلَّاقة، وإنَّ مجرد تخصيص 25 دقيقة للمشي في المناطق الخضراء يساعد على تحسين الوظائف الإدراكية، ناهيك عن أنَّ التنزه في الخارج يعزِّز الطاقة والصحة الجسدية، ويخفِّض مستويات التوتر والقلق، ويحسِّن من جودة النوم.

نقدم فيما يأتي أفكاراً للنشاطات في الخارج:

  • الذهاب للمشي وحدك، أو مع صديق، أو حيوان أليف.
  • الذهاب في نزهة.
  • المشي لمسافات طويلة.
  • الخروج للصيد.
  • مشاهدة الحياة البرية.
  • الذهاب للتخييم.
  • قراءة كتاب.
  • ركوب الدراجة الهوائية.
  • قضاء الوقت في الحدائق.

شاهد بالفديو: 15 اقتباس عن الإلهام والتحفيز

7. القيام بالعصف الذهني مع صديق:

ثمَّة مثل شائع يقول: "ما خاب من استشار"؛ إذ يتعذَّر الإبداع عندما تكون المعني الوحيد بتقييم أفكارك، ومن ثمَّ لا بدَّ أن يساعدك التحدث مع أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء على استنباط موضوعات للكتابة عنها، وبذلك يمكنك إيجاد الإلهام في أثناء مناقشة ذكريات الطفولة أو التجارب الحياتية.

أمَّا عندما لا تجد من تناقش أفكارك معه عندئذٍ يمكنك الانضمام إلى مجموعة كُتَّابٍ أو البحث عن صديق مساءلة أو شريك ناقد؛ إذ بوسع الكاتب الآخر تقديم تغذية راجعة لأفكارك، في حين تبدي رأيك في أفكاره بالمقابل، ويسهم تعاونكما معاً في صقل مهاراتكما في الكتابة وتنميتها.

8. تدوين جميع الأفكار التي تخطر في بالك:

يجب تدوين جميع الأفكار التي تخطر في بالك الصغيرة منها والكبيرة؛ إذ يمكن ألَّا تدرك أهميَّتها وقابليتها للتطبيق بادئ الأمر، ومع ذلك عليك تخزينها في دماغك؛ حتى يتسنى له معالجتها من منظور مختلف مع مرور الوقت بحيث تتخذ صيغة نهائية قابلة للتطبيق.

يمكنك أن تخصِّص دفتر ملاحظات لتدوين أفكارك باستمرار حتى يتسنَّى لك الاطِّلاع عليها بين الحين والآخر، ويساعدك تدوين جميع الأفكار الإضافية على الاحتفاظ بها في مكان واحد، ومن ثمَّ يتيح لك إمكانية الرجوع إليها عندما تكون في خضم عملية كتابة إبداعية.

9. قراءة الكتب:

تُعَدُّ قراءة الكتب طريقة فعَّالة لاكتشاف موضوعات تصلح لبدء مشروع كتابة؛ ذلك لأنَّ القراءة ترفع مستويات الإبداع وتحفِّز التخيُّل؛ لأنَّها تتيح لنا إمكانية التعلم من تجارب الآخرين وتمرِّن أجزاء الدماغ المسؤولة عن الإبداع.

يمكنك أن تقرأ كتباً ترتبط بتخصُّصك أو مكتوبة بيد منافسيك لاستلهام أفكار خاصة بك، ولكن يستحسن أن تتوسع بقراءاتك بحيث تختار موضوعات جديدة باستمرار لتنشيط التفكير الإبداعي بصورة فعالة، إضافة إلى قراءة كتب المنافسين أو كُتَّاب الخيال، ويمكنك أن تقرأ أيضاً عن علم الإبداع أو حرفة الكتابة.

تسهم هذه التقنيات في صقل مهاراتك الكتابية بالمجمل، وقد تحتوي بعض الكتب على قائمة بدوافع مؤلف النص؛ ممَّا يساعدك على كتابة قصتك الخاصة.

writing skills

10. الخروج عن أوساطك الاجتماعية المعتادة:

لقد تحدَّثنا سابقاً عن ضرورة الخروج من منطقة الراحة والقيام بالعصف الذهني مع الآخرين، ومع ذلك يجب أن نشدِّد على أهمية الخروج عن الأوساط الاجتماعية المعتادة؛ ويكون هذا من خلال التعرف إلى أصدقاء جدد، وقضاء الوقت مع أشخاص مختلفين، والسماح للقاءات التي تكون بالمصادفة مع الغرباء بالتأثير في الحس الإبداعي وملكات الكتابة لديك.

أحياناً يتعذر على المرء إدراك طرائق إلهام الآخرين وتأثيرهم فيه، لكنَّ كلاً من عوامل التجارب الحياتية والمحيط الاجتماعي تؤدي دوراً رئيساً في تحديد موضوعات النصوص؛ لهذا السبب يمكن لمقابلة أشخاص جدد ومشاركة أحاديث معهم أن تحفِّز أفكاراً جديدة في عقلك.

يمكنك أن تنظر إلى الأمر من ناحية أخرى أيضاً؛ فعندما تمضي الوقت مع أشخاص جدد ستضطر إلى التعريف عن نفسك وسرد قصص عن تجربتك الحياتية خلال فترة التعارف، فتتكوَّن لديك وجهة نظر مختلفة عن تجاربك الحياتية ونفسك في الماضي؛ ممَّا يتيح لك إمكانية تحويل هذه الخبرات إلى أفكار جديدة صالحة للكتابة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح ذهبية لتنمية حس الإلهام

كيف تختار فكرة لمشروع الكتابة؟

لقد نوقِشَت طرائق متعددة لتصفية الذهن، وتعزيز التفكير الإبداعي، وتنشيط العصف الذهني لاستنباط أفكار قابلة للكتابة، وبعد جمع بعض الأفكار تبدأ مرحلة اختيار الفكرة المناسبة والمضي في العمل عليها.

عليك تنظيم جميع أفكارك في مكان واحد لمساعدتك في عملية اتخاذ القرار، ثمَّ دراستها في ضوء مشروع الكتابة الحالي الخاص بك سواء كان كتاباً، أم مقالاً في مدونة، أم قصة خيالية قصيرة، أم غيرها من النصوص.

يجب أن تضع في حسبانك موعد تسليم المشروع، والجمهور المستهدف، ومدى صعوبة الكتابة في فكرة معنية أو سهولتها؛ إذ تساعدك هذه الحوارات الداخلية على اختيار فكرة مشروعك.

يمكنك أيضاً أن تحصل على رأي موضوعي عن أفكار مشروع الكتابة الخاص بك من صديقك المفضل، أو أحد أفراد عائلتك، أو شريكك الناقد، بحيث تطلب منهم تقييم أفكارك معتمداً اهتماماتهم في المطالعة.

في الختام:

إيَّاك أن تتخلَّص من الأفكار التي لن تستخدمها في الوقت الحاضر؛ إذ يمكن أن تكون مناسبة لمشروع مستقبلي؛ لذلك عليك الاحتفاظ بجميع أفكار مشاريع الكتابة حتى يمكنك أن تعود إليها في المرة المقبلة التي تحاول فيها استنباط أفكار للكتابة.




مقالات مرتبطة