أفضل طريقة للنجاح هي معرفة متى عليك الانسحاب

في بعض الأحيان عليك أن تقلل من خسائرك وأن تمضي قدماً. قد يكون الاقتصاد السيئ هو السبب، أو قد يكون سوء الحظ أو ربما تكون لديك الفكرة الصحيحة ولكن في الوقت الخطأ، فهناك عدد لا حصر له تقريباً من الأسباب التي تجعل المشاريع غير ناجحة، ومثل هذه الإخفاقات لا مفر منها، فلا يتميز روَّاد الأعمال العظيمون بأنَّهم لا يفشلون أبداً؛ بل بأنَّهم لا يدعون الفشل يحدد هويتهم أبداً، والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "ديفيد كلينهاندلر" (David Kleinhandler) والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في الانسحاب من بعض خياراتنا كسبيل للنجاح.

والجواب: عن طريق الانسحاب، فإنَّ معرفة الوقت المناسب لتقليص خسائرك والمضي قدماً هي إحدى أكثر الأدوات فائدةً، وهي فائدة لا تحصل على التقدير الكافي في مجال ريادة الأعمال، كما يشبه رفض الانسحاب عند الضرورة البقاء على متن سفينة غارقة؛ حيث إنَّك تفعل أفضل شيء لنفسك ولبقية أعضاء فريقك عندما تضع حداً لمبادرة فاشلة قبل أن تصبح كارثةً كاملة.

يمكنك أن تطلق على هذا اسم "الانسحاب البنَّاء"، فلا يُعَدُّ هذا فشلاً نهائياً، فهو النوع الذي يسمح لك بالبناء نحو شيء أفضل، والفرق بين الانسحاب البنَّاء والفشل الحقيقي هو ما سيحدث بعد ذلك، فإذا قمتَ بذلك بشكل صحيح، فإنَّ الانتكاسة المؤقتة تصبح الخطوة الأولى لشيء أكبر.

ربما يبدو الأمر غير منطقي، خاصةً عندما تكون قد تدربتَ على المضي قدماً في أثناء بناء عملك، فالقدرة على إبقاء هذه الغريزة تحت السيطرة هي الفرق بين الطموح الأعمى والنجاح الحقيقي الدائم، وإنَّه درس ظهرَ باستمرار في العقود التي أمضيتَها في المجال المالي، وهو درس يمكن لروَّاد الأعمال الناشئين التعلم منه بالتأكيد.

الصمود في وجه العاصفة:

لقد تمكَّنتُ من تحقيق النجاح في مجال عملي، لكنَّ هذا لا يعني أنَّ طريقي كان خالياً من تلك اللحظات الصعبة، وفي الواقع، كنتُ في نهاية مسيرتي المهنية في المرة الأخيرة التي اضطررتُ فيها إلى القيام بخطوة كبيرة لتقليص الخسائر.

لقد أتاح لي بناء شركتي الأخيرة "فيست" (Vest)، فرصةً لوضع الدروس التي تعلمتُها موضع التنفيذ، بالطبع، لم أشعر أنَّها فرصة بقدر ما شعرتُ أنَّها أشبه بالمصاعب عندما حان الوقت لتقليص عدد العمال لإعادة هيكلة الشركة، لقد كان ذلك طريقاً وعراً، مليئاً ببعض أصعب القرارات التي واجهتُها في حياتي المهنية التي تزيد عن 25 عاماً.

من خلال إنشاء شركة "فيست" (Vest)، شرعنا ببناء شركة مالية بنهج شامل، وكنتُ على درجة عالية من التركيز على رؤيتي لما يمكن أن تكون عليه الشركة، لدرجة أنَّني لم أترك افتقارنا إلى استراتيجية الدخول إلى السوق يثنيني عن بنائها، فارتكبتُ خطأً يرتكبه العديد من روَّاد الأعمال، وهو السماح لطموحاتي بالتغلب على جانبي العملي، لقد خدمَتني طموحاتي دائماً خدمةً جيدةً في الماضي؛ لذلك لم أكن حذراً عندما بدأَت الأمور تسير سيراً مختلفاً عما كنَّا نأمله.

أنا فخور بقدرتي على بناء فريق فعال، لذلك لم أدرك على الفور أنَّ الفريق الذي جمعتُه لم يكن ينجز المهمة، فكانت الوعود تُقطَع دون الوفاء بها، وبصفتي المسؤول عن هذا الفشل، كان ينعكس عليَّ شخصياً، فعندما يحدث ذلك مرات كافية، يضع هذا التواصل المضلل العملية برمتها موضع تساؤل، وألقيتُ نظرةً فاحصة على الشركة بأكملها وفكرتُ في إلغائها بالكامل، وفي النهاية، كان عليَّ أن أتخذ قراراً بالتخلي عن الرئيس التنفيذي الخاص بي.

إذا نظرنا إلى الوراء، كان هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به؛ وذلك لأنَّه وضعنا في وضع يسمح لنا بالمضي قدماً بشكل منتج مع فريق جديد، ولكن في ذلك الوقت، شعرتُ بالفشل الذريع، فكيف يمكنني - بعد عقودٍ عدَّة من تنمية الأعمال الناجحة - أن أترك هذا يحدث؟ شعرتُ وكأنَّه ينتقص من كل نجاحاتي السابقة؛ هذا لأنَّني كنتُ أسمح للفخر بالاستحواذ على أفكاري.

شاهد بالفديو: 7 خطوات لتقبّل الفشل والنهوض لتحقيق النجاح

أخطر خطيئة، الغرور:

أعرف ما تفكر به، أنت رائد أعمال لأنَّك ترى الأشياء حتى النهاية؛ وذلك لأنَّك تكرس حياتك لإنشاء أفضل منتج ممكن وستفعل المستحيل للتأكد من ذلك، هذا عظيم، فالإيمان القوي بنفسك هو عقلية ممتازة يجب أن تمتلكها في أثناء بناء مشروعك التجاري، ولكن اعلم أنَّ الغرور يمكن أن يصبح في النهاية أسوأ عدو لك، خاصةً عندما تصبح الأوقات صعبةً.

يتطلب الأمر نوعاً معيَّناً من التواضع لاتخاذ خيار تقليل الخسائر وإعادة التركيز، فلقد كرَّستَ قدراً كبيراً من طاقتك لبناء هذا المشروع لدرجة أنَّ إلغاءه قد يبدو وكأنَّه فشل شخصي، ربما يكون الأمر كذلك بطريقة ما، لكنَّ هذا النوع من الفشل لن يؤثر فيك إلى الأبد.

إذا كنتَ قلقاً بشأن صورتك أمام للآخرين، ففكِّر في هذا: عندما تكون شركتك بحاجةٍ ماسَّة إلى إصلاحات جذرية، فلا تريد أن تكون آخر شخص يعرف ذلك، فلا يتعلق الأمر بالفوز في كل معركة؛ بل بكسب الحرب كلها.

إنَّ معرفة الوقت المناسب لتقليل الخسائر يعني التغلب على الجزء غير العقلاني من عقلك، وهذا هو المكان الذي تبرز فيه أهمية اليقظة والوعي الذاتي، فأن تكون متيقظاً حقاً يعني أن تعرف نفسك وأن تعرف لماذا تفكر وتتصرف بالطريقة التي تتصرف بها، والقدرة على الرؤية من هذا المنظور الخارجي هي هدف اليقظة، وليس من قبيل المصادفة أن يكون مفهوم اليقظة الذهنية قد انتشر في عالم الأعمال؛ حيث تُترجم هذه المهارة الدقيقة إلى بناء عمل تجاري، خاصةً عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات الانسحاب البنَّاء.

إقرأ أيضاً: 4 مخاطر يتعرّض لها الإنسان بعد النجاح

هذا يسمى مغالطة التكلفة الغارقة (sunk cost fallacy)، لقد قضيتَ الكثير من الوقت والمال في بدء عملك التجاري لدرجة أنَّ عقلك يعتقد خطأً أنَّه يجب عليك الاستمرار فيه من أجل تبرير هذا الجهد، فمحاربة هذا الدافع هي أصعب جزء من الانسحاب البنَّاء؛ لذا تذكَّر فقط أنَّ لديك هدف واحد، وهو بناء مشروع تجاري ناجح، فكل شيء آخر مثل المعارك الصغيرة أو الأساليب التي تستخدمها ثانوي.

لن يكون التسلق إلى القمة أمراً سهلاً، وستحدد استجابتك للعقبات التي تواجه هويتك، فالكبرياء والعناد الأحمق طريقة مؤكدة لإنهاء شركتك قبل أن تصل إلى أي مكان، وبدلاً من ذلك، فإنَّ إدراك الفرق بين ما تحتاج إليه شركتك وما يمكنك التخلص منه سوف يمنحك التغيير الحقيقي والمثمر، وبدلاً من المتابعة نحو الهزيمة، قد يكون تعلُّم الانسحاب هو أفضل طريقة للفوز حقاً.

المصدر




مقالات مرتبطة