قد يتسبب انخفاض الحرارة المفاجئ والشديد بعد المرور بفترة من الحرارة المعتدلة أو المرور بفترة من الحرارة المعتدلة عقب الصقيع بظاهرة العطش الفيزيولوجي، فتكون جذور النباتات غير قادرة على امتصاص الماء من التربة، ونلاحظ أنَّ الأوراق أصبحت بنِّيَّة الحواف، ثمَّ يستمر الأمر لتصبح بنية بالكامل وتسقط من الفروع.
عموماً فإنَّ انخفاض الحرارة غير المتوقع يتسبب في موت النباتات، لا سيَّما إن كانت مبكرة الإزهار؛ لأنَّ ذلك ما يتسبب بتجمد الماء داخل خلايا النبات فيُذبِلُهُ، كما يقلل الجو البارد من نشاط أنزيمات النباتات التي تعمل على هضم المواد المحيطة؛ أي لن يستفيد النبات منها ولن يصل إليه الغذاء، ومن ثمَّ الإصابة بإعاقة في النمو، ثمَّ الموت، وغالباً الطقس البارد يترك التأثير الأقسى والأكثر سوءاً في النباتات الأصغر سناً.
ما سبق كله يدفع المزارع أو كل من يهتم بزراعة النباتات على مختلف أنواعها للقيام بتحضيرات خاصة لفصل الشتاء، وسنقدم إليك أبرزها في مقالنا الحالي.
أفضل الخطوات للعناية بالنباتات في فصل الشتاء:
تتعدد الطرائق التي يمكن حماية النبات فيها خلال فصل الشتاء، ولكن بما أنَّ فصل الشتاء لا يتوافر فيه الضوء الكافي ودرجات الحرارة المناسبة فسنتحدث عن الخطوات التي تفيد في تعويض النبات عن النقص في تلك النقاط، كما ستضمن حمايته من التغيرات المفاجئة والقاسية في درجات الحرارة:
1. الري:
في فصل الشتاء يجب حتماً تقليل كمية المياه المقدَّمة للنبات؛ فمثلاً بدلاً من ريِّ النبات مرتين أسبوعياً كما كان الأمر عليه صيفاً، يمكن الاكتفاء بريِّه مرةً أسبوعياً أو حتى القيام بريِّه مرتين في الشهر فقط؛ لأنَّ الجوَّ رطبٌ عموماً، ومن ثمَّ إن زادت الرطوبة في التربة تتعفن جذور النبات ويموت.
بعض النباتات كالصباريات مثلاً لا تحتاج إلى الريِّ على الإطلاق في فصل الشتاء؛ لأنَّها تقوم بتخزين الماء؛ لذا نكتفي بريِّه فقط في الأيام الحارة أو الدافئة شتاءً؛ لذلك يمكن النظر إلى سطح التربة والقيام بالري عندما يصبح جافاً تماماً، كما يجب الانتباه إلى عدم رش المياه على النبات أو سقاية النبات بالماء البارد؛ لأنَّه يضر بالنبات كثيراً ويتسبب في ظهور الفطريات على التربة والنبات.
2. التربة المناسبة:
قبل زراعة المحاصيل الشتوية أو نباتات الزينة وتجهيز الحديقة لفصل الشتاء يجب الانتباه إلى نوع التربة، فيُفضَّل أن تكون التربة جيدة التصريف؛ كي لا تتراكم المياه فيها، وجيدة التهوية أيضاً؛ فإن كانت التربة ذات صرف سيِّئٍ فحتماً سيذبل النبات، ويمكن أن تدلنا الأوراق الصفراء على الأمر منذ بدايته.
3. تغطية النبات:
يجب تغطية النبات بمجرد انخفاض درجات الحرارة بمعدلٍ يزيد قليلاً عن درجة التجمد؛ لأنَّها ستبدأ علامات الصقيع بالظهور في هذه الحالة، فيمكن للنبات الاستمرار بحياته بصورة طبيعية إن تعرض لليلة باردة أو حتى ليلتين، ولكن يصبح الوضع مثيراً للقلق في حال استمر البرد لفترة طويلة؛ لذلك من الأفضل تغطية النبات.
يمكن تغطية النباتات الصغيرة باستخدام أشياء بسيطة؛ كوضع أوتاد خشبية في الأرض حول النباتات بحيث لا يقل طولها عن 15 سم؛ كي تمنع الغطاء من لمس النباتات، ومن ثمَّ وضع غطاء بلاستيكي أو غطاء من الخيش أو قماش الصقيع التجاري فوق الأوتاد على نحوٍ يغطيها تماماً.
يُفضَّل الابتعاد عن الأغطية البلاستيكية الشفافة تماماً؛ لأنَّها تتسبب في احتباس الحرارة في الأيام المشمسة، ويمكنك مراقبة تنبُّؤات الطقس كي تقوم بنزع الغطاء في الأيام المشمسة لتوفير الضوء اللازم والتهوية للنبات، وحتى الشجيرات دائمة الخضرة التي تتضرر من الرياح الجافة في الشتاء التي تتسبب في تلف الأغصان يمكن تغليف فروعها الهشة بقماش مخصص لذلك، فيسمح بمرور الهواء إلى الأغصان ويحميها من الرياح بنفس الوقت.
4. النظافة حول النبات:
يجب إزالة الأوراق المتساقطة أو الأغصان أو حتى الفواكه المتساقطة والمتعفنة الموجودة على التربة إلى جانب النبات؛ فهذا كله يمكن أن يحتوي على بكتيريا أو فطريات أو يرقات الآفات التي تتسبب في أضرار وأمراض كثيرة للنبات في فصل الشتاء، كما يفضل إزالة الطحالب أو الإشنيات المزروعة على لحاء الأشجار في حال وجدت؛ لأنَّها تضرُّ بالنباتات والمحاصيل الأخرى في الحقل.
في الشتاء وجميع الفصول الأخرى يجب إزالة الأعشاب الضارة التي تنافس النبات على الغذاء في التربة فتعوق نموه الطبيعي، والنباتات المعمرة على وجه الخصوص التي تتحول إلى اللون الأسود مثل إبرة الراعي، أو التي تُعَدُّ مأوىً للأمراض كالنباتات التي تندرج تحت عائلة النعناع.
5. إنشاء مصدات رياح:
هي عبارة عن صف من الأشجار أو عدة صفوف تُزرَع حول الحقول والبساتين المختلفة، وتؤدي مصدات الرياح دوراً هاماً في خفض سرعة الرياح؛ ممَّا يقلل من الأضرار الميكانيكية التي تلحقها الرياح بالأشجار والنباتات مثل كسر الفروع وإسقاط الأوراق والأزهار والثمار، ومن ثمَّ تسهم مصدات الرياح في الحفاظ على مردود المحاصيل الزراعية؛ بل وتسهم في زيادته أيضاً.
كما تعمل مصدات الرياح على حماية التربة من الانجراف؛ فتحافظ على الطبقة الخصبة من التربة الغنية بالمواد العضوية، ومن أنواع الأشجار التي يمكن زراعتُها مصداتٍ للرياح: "الصنوبر، والصفصاف، والكازورينا، والحور، والسرو بأنواعه، والكينا، والأكاسيا، والتوت، والجوز، والزيزفون أيضاً"، فيُفضَّل عند اختيار أنواع الأشجار سريعة النمو ودائمة الخضرة وذات المجموع الجذري والوتدي القوي وتلائم التربة والمناخ أيضاً، ومن الهام أن تكون مقاومة للحشرات والأمراض المختلفة.
6. وضع نشارة الخشب على التربة:
تُعَدُّ النشارة طبقة عازلة تساعد على حماية الجذور من التقلبات التي تحدث كتجمد المياه والذوبان، ثمَّ إعادة التجمد، ومن ثمَّ فإنَّ نشارة الخشب تساعد في تقليل التغيرات المفاجئة التي تحدث وتضر بجذر النبات.
7. التسميد:
نقص المواد الغذائية التي يحتاج إليها النبات في نموِّه يجعله أكثر عرضة للتلف؛ نتيجة التأثر بالعوامل الجوية في الشتاء؛ لذا يجب تسميد النباتات بانتظام بدءاً من فصل الخريف ليكون النبات مستعداً لمواجهة التغيرات المناخية القاسية في الشتاء.
8. التخلص من النمل:
على الرغم من أنَّ وجود النمل في التربة يسهم في تهويتها ويحمي النباتات من آكلات الأعشاب إلا أنَّ وجوده في التربة بكميات كبيرة ضار جداً ويتسبب في موت النباتات، لا سيَّما في فصل الشتاء؛ لذلك يمكن رش المحاليل التي تسهم في التخلص من النمل عند ازدياد أعداده في التربة.
9. تقليم النباتات:
تُعَدُّ عملية التقليم من الخطوات الضرورية التي يُجهَّز خلالها النبات لفصل الشتاء، فيُحفَّز النبات للنمو والإزهار؛ ممَّا يمنع تعرُّضه للجفاف والموت، ولكن عند التقليم من الضروري مراعاة عدة نقاط؛ كاختيار أدوات صحيحة ونظيفة أيضاً؛ لمنع نقل الحشرات والآفات بين الأشجار، واختيار الفروع المناسبة للتقليم، وهي الفروع الزائدة والمتشابكة والقديمة والابتعاد عن الفروع الحديثة.
10. النباتات في المنزل:
بالنسبة إلى النباتات الموجودة ضمن المنزل يجب نقلها إلى مكان تصلها فيه أشعة الشمس، وفي حال كانت تتأثر سلباً بالأشعة المفرطة وكانت موضوعة إلى جانب نافذة مظللة بالأشجار فعند قدوم الشتاء وتساقط أوراق الأشجار ستزداد كمية الأشعة الشمسية الواصلة إلى النبتة؛ لذلك يُفضَّل تغيير مكانها، وخلاف ذلك صحيح في حال كانت النبتة تحتاج إلى أشعة الشمس بشدة.
يُفضَّل أيضاً إبعاد النباتات المنزلية عن فتحات التدفئة والمواقد والسخانات وأي مصدر من مصادر الحرارة، كما يجب مسح الغبار الموجود على الأوراق باستمرار؛ لتتمكن من الاستفادة من الضوء المتاح لها، كما أنَّ الحشرات تحب الاختباء في الغبار؛ لذلك مسح الغبار يساعد على التخلص منها.
في الختام:
عند قدوم فصل الشتاء يتطلب من المزارع أو من لديه نباتات زينة القيام ببعض الخطوات التي تسهم في حماية المحاصيل على اختلافها من تأثير درجات الحرارة المنخفضة والتغيرات المفاجئة في الرطوبة وسرعة الرياح في نمو النبات وفي حياته عموماً؛ فمثلاً زيادة الرطوبة في فصل الشتاء تفرض علينا تقليل ري المزروعات؛ لأنَّ الري الزائد يتسبب في تعفن الجذور، كما أنَّه يفرض علينا الانتباه إلى نوع التربة التي نزرع بها المحاصيل قبل قدوم الشتاء، فمن الضروري اختيار التربة جيدة التصريف والتهوية.
لمواجهة درجات الحرارة المنخفضة يمكن تغطية النباتات بواسطة أغطية بلاستيكية أو غيرها من الأغطية المخصصة لحماية الأوراق والأفرع من تأثير البرودة والرياح وحتى الشجيرات توجد أغطية تلائم فروعها وتحميها من التكسر.
يمكن مواجهة الرياح القوية بزرع الأشجار دائمة الخضرة التي تسمى "مصدات الرياح" التي تمنع التأثير السلبي للرياح في النباتات والأشجار، كما أنَّها تمنع التربة من الانجراف، وكي يكون النبات قوياً ومتحملاً للظروف المناخية السيئة يجب الاهتمام بالتسميد الجيد والمتوازن منذ فصل الخريف، وبالنسبة إلى النباتات الداخلية في المنزل فعليك ضمان وصول أشعة الشمس اللازمة لها بوضعها في المكان المناسب ضمن المنزل.
أضف تعليقاً