أشهر المشكلات التي يعاني منها الموظفون في عملهم

تبقى بيئة العمل المثالية أُمنيةً حقيقيةً لكلِّ موظف؛ إذ تُحفِّز بيئة العمل الخالية من المشكلات الموظفين على العمل بإنتاجيةٍ أعلى، وأداءٍ أفضل، وتنشر جواً من السعادة والرضا والقبول بين الموظفين. من جهةٍ أخرى، عندما تحتوي بيئة العمل على الكثير من المشكلات، عندها يفقد الموظف شغفه بالعمل؛ فيأتي إلى مكان عمله مُكرَهاً، ويتحول قيامه بعمله إلى واجبٍ مُقيِّدٍ وقسري، ويسود التوتر والقلق والاضطراب علاقاته مع زملائه، في وسط غياب التفاهم والإيجابية والألفة عن حياته العملية. فما هي أشهر مشكلات الموظفين في مكان عملهم؟ هذا ما سنتعرّف عليه من خلال هذا المقال.



اشهر مشاكل العمل:

تُظهِر الدراسات أنَّ الضغط في بيئة العمل، وعدم الشعور بالرضا والسعادة؛ يؤدي إلى ارتفاع معدل انتشار مشكلات الصحة العقلية، مثل: الاكتئاب، والقلق.

من جهةٍ أخرى، يميل أغلب أصحاب العمل إلى تقديم مقترحاتٍ واستراتيجياتٍ تتعلّق بالعمل، دون الانتباه إلى المشكلات التي يعاني منها الموظفون، والتي قد تكون سبباً من أسباب انخفاض الإنتاجية والأرباح؛ ومنها:

1. عدم الاعتراف بهم كشركاء في العمل:

يميل أغلب المديرين إلى تنفيذ كلِّ شيءٍ بأنفسهم، رافضين إعطاء الثقة لموظفيهم؛ خوفاً من وقوع الأخطاء، غير مُدركين أنَّ إعطاء الثقة والمساحة للموظفين كفيلٌ باستخراج أفضل ما لديهم من طاقاتٍ وقدراتٍ كامنةٍ وإبداعيةٍ، مما يزيد من إنتاجية وأرباح الشركة، ويملأ بيئة العمل بالمشاعر الإيجابية الخلاقة.

يجب أن يَعي المديرون فكرة أنَّ كلَّ الموظفين مختلفون، وأنَّ كلاً منهم مميزٌ ومُتفرّد. والمدير الناجح هو مَن يعمل على استنباط السمات المميزة لدى كلِّ موظف.

إنَّ عدم إعطاء الثقة للموظفين، وعدم إشراكهم في اتخاذ القرارات التي تخص العملية الإنتاجية، يجعل منهم أشخاصاً سلبيين، لا يملكون الدافع إلى العمل، وغير مُنتمين إلى المنظمة، وغير قادرين على تحمل المسؤولية، أو اتخاذ القرارات.

2. عدم شعور الموظفين بالتحفيز:

لكلٍّ من الموظفين أهدافٌ مختلفة، وتطلعاتٌ ومعتقداتٌ مختلفة. إذ يُحفَّز أغلبهم بالمال، وفي هذه الحالة يجب أن يكون هناك نظامٌ عادلٌ للمكافآت والحوافز؛ بحيث أنَّ مَن يعمل أكثر يحصل على مكافأةٍ أعلى.

إنَّ غياب التحفيز المادي، أو انعدام العدل فيه، يجعل الموظفين أقلَّ رغبةً بالعمل، وأقلَّ إنتاجيةً، ويزيد من الطاقة السلبية لديهم تجاه عملهم.

من جهةٍ أخرى، قد يُحفَّز آخرون معنوياً؛ كأن يُمدَحون أمام زملائهم على تفانيهم ودقتهم في العمل.

تتطلّب معرفة شخصية كلِّ موظف، وكيف يُحفَّز؛ الجلوس إلى الموظفين، والاستماع إلى آرائهم ومعتقداتهم.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لتحفيز الموظفين من دون اللجوء إلى المال

3. كآبة ما بعد الوظيفة:

يكتئب الكثير من الموظفين عندما يشعرون أنَّهم في عملٍ لا يرتقي إلى طموحاتهم، ويستمرّون فيه؛ لمجرّد أنَّه يؤمّن لهم راتباً شهرياً دائماً.

وهنا، يجب أن يتحاور المدير مع موظفيه، وأن يُوقِظ فيهم الأحلام التي دفنتها الوظيفة، وأن يُبيِّن لهم أنَّ باستطاعتهم تحقيق طموحاتهم من خلال العمل على تطوير أنفسهم أولاً، ومن ثم تطوير وظيفتهم.

4. الموظفون أسرى الأمان:

لدى الكثير من الموظفين تمسّكٌ قويٌّ بالوظيفة العامة، كونها وظيفةٌ ثابتةٌ وآمنةٌ ولها ساعات عملٍ محددة، ويستمرون فيها حتى إن كانت طاقاتهم غير مستثمَرةٍ فيها؛ لمجرد أنَّها تحقق عنصر الأمان لديهم، غير واعين أنَّهم من يصنع الوظيفة وليس العكس.

الأمان الحقيقي هو ذاتك، وما تحققه من قيمة؛ لذا عليكَ أن تخلق قيمةً لك، وستتحرر بعدها من أسرك.

نَمِّ مواهبك، نَمِّ لغتك الأجنبية، وحول موهبتك إلى قيمةٍ، عندها ستجد الفرص الخلاقة أمامك.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لتحويل هواياتك إلى عمل تكسب منه المال

5. لا يُؤخَذ بمبادرات بعض الموظفين:

يملك بعض الموظفين رؤىً تطويرية تخدم شركتهم، فيبدؤون بتقديم المبادرات البنّاءة التي من شأنها تحسين الإنتاجية، وتبسيط الإجراءات في الشركة، وخلق جوٍّ من الألفة بين الموظفين، وتُحرِّض على العمل بروح الفريق، لكن يُفاجأ هؤلاء بضعفٍ في الترحيب بمبادراتهم، وبتقليلٍ من قيمتها وفعاليتها. مما يخلق لديهم ردة فعلٍ عكسيةً، فيتحوّلون إلى أشخاصٍ غير مبالين، وسلبيين، وغير مُكترثين بتطوير الشركة.

6. النميمة في العمل:

يعاني كلُّ مكتبٍ -تقريباً- من النميمة. وفقاً لاستطلاعٍ أجرته BetterBuys فإنَّ أكثر من 50% من الموظفين يعرفون ذلك النوع من الأشخاص الذي يتجوّل بين مكاتب زملاء العمل، مُبتدِئاً حديثه بعبارة "هل سمعت هذا؟" أو "هل تصدق أنَّ فلان قام بفعل ذلك؟" أو "ماذا بشأن المكافآت، لقد تأخرت الإدارة في توزيعها؟".

قد يبدو أنَّ القيل والقال غير ضار، ولكن في كثيرٍ من الأحيان يمكن أن يصبح مدمراً للشركة. فبالإضافة إلى أنَّه قاتل لإنتاجية الموظفين، الذين عوضاً عن قضاء وقتهم في العمل، يقضونه في النميمة؛ وجدت إحدى المجلات الدولية لإدارة الموارد البشرية أنَّ 33% من الأشخاص الذين يتعاملون مع الثرثرة السلبية في مكان عملهم، لديهم سلوكٌ مُتهكِّمٌ ضد منظماتهم وزملائهم.

يتعامل المدير الناجح مع هؤلاء النماذج، من خلال ترك بابه مفتوحاً للجميع، وأن يكون لديه قدرةٌ عاليةٌ على سماع مشكلاتهم، وهواجسهم، وأحلامهم. فالشفافية المطلقة بين الإدارة وموظفيها، من شأنها أن تُقلِّص هذه المظاهر إلى حدودها الدنيا.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لمواجهة النميمة في مكان العمل

7. امتلاك بعض الموظفين ثقافة عمل مشوّهة:

لدى الكثير من الموظفين فكرةٌ مفادها: "إنَّ الراتب الشهري قليلٌ، ولا يستحقّ العمل بضميرٍ"، فيتحوّلون من ثقافة العمل إلى ثقافة الدوام، بحيث يأتون إلى عملهم لكي يُثبتوا وجودهم الجسدي فحسب، دون تقديم أيِّ قيمةٍ مضافةٍ إلى المنظمة. غير واعين أنَّه حتى في حال كون الراتب الشهري ضعيفاً ولا يكفي متطلبات الحياة، إلا أنَّ العمل بضميرٍ واجبٌ على الموظف. فعندما يعمل الشخص، يزداد لديه حس الانتماء إلى منظمته؛ أما مَن يأتي لمجرد الحضور الجسدي، فسيقضي على أيِّ صلةٍ تربطه بالمنظمة.

من جهةٍ أخرى، لا نستطيع إنكار الأهمية الشديدة للعنصر المادي في الحفاظ على ولاء الموظف، فعندما يكون نظام الرواتب والأجور متناسباً مع القيمة الشرائية للسلع، ويُؤمِّن حياةً كريمةً وسعيدةً ومستقرةً للمواطنين، فسينعكس هذا الأمر إيجاباً على رضا وولاء الموظف، ومن ثمَّ على إنتاجيته.

8. عدم وجود بيئة عمل مناسبة:

يعاني الكثير من الموظفين من غياب بيئة العمل المناسبة، كأن يكون هناك نقصٌ في الإمكانات المادية والتقنية الموجودة في مكان عملهم، أو زيادةٌ كبيرةٌ في أعداد الموظفين دون وجود قدرةٍ استيعابيةٍ لهم.

تنعكس ظروف العمل غير المناسبة سلباً على إنتاجية الموظفين، وعلى أدائهم وإبداعهم.

9. عدم وجود نظام واضح لتقويم أداء الموظفين:

يشعر الكثير من الموظفين بأنَّ الترقية الوظيفية لا تكون على أساس تقويمٍ نزيهٍ وعادلٍ لأداء الموظفين، بل على أساس القدم الوظيفي أو المحسوبيات.

إنَّ عدم وجود معايير واضحةٍ للتقويم، واعتماد سنوات الخدمة للموظف، أو المحسوبية معياراً للترقية، عوضاً عن مهارات الشخص وشهاداته العلمية وخبرته؛ يُقلل من رغبة الموظفين بالعمل، ويُضعِف أداءهم، ويصيبهم بالكآبة واللامبالاة.

10. وجود مشكلات في التواصل بين الموظفين:

قد يُساء فهم الشخص للآخر، في كثيرٍ من الأحيان، وقد يؤدي سوء الفهم هذا إلى جدالٍ وتوترٍ في العلاقات الشخصية أو المهنية، وقد يتطوّر الجدال إلى صراعٍ، مما يجعل التواصل أكثر صعوبة.

في وسط ثقافةٍ مجتمعيةٍ لا تحتوي ثقافة الآخر، ولا تحترم اختلافه؛ قد تؤدِّي الاختلافات في الرأي إلى خلافاتٍ بين زملاء العمل.

يريد أغلب البشر أن يحمل الآخر معتقداتٍ وآراء مشابهةٍ لمعتقداتهم وآرائهم، غير واعين أنَّه يملك بناءً معرفياً مختلفاً عنهم، وتجاربَ مختلفة.

إنَّ رسم الحدود في العلاقات المهنية، مع جعل الاحترام هو السائد في كلِّ العلاقات، وتبنِّي ثقافة تقبُّل الآخر؛ من شأنه أن يجعل التواصل بين الموظفين أكثر فاعلية.

شاهد: 5 نصائح تساعدك على حلّ المشاكل في العمل

11. التَّنمر في العمل:

قد يأخذ التَّنمر في العمل شكلاً من أشكال التَّحرش الجنسي، ومحاولات التقليل من أهمية الشخص من خلال: التَّركيز على سلبياته وتضخيمها، وإنكار إيجابياته، بالإضافة إلى الثرثرة والنَّميمة.

إقرأ أيضاً: التنمّر في العمل: أسبابه، أعراضه، وطرق مواجهته

12. التَّحيز:

التحيز: موقفٌ يمكن أن يؤدي إلى أعمالٍ مسيئة مثل التمييز، ولكنَّه ليس العامل الوحيد فيه. ومن أمثلة التحيز ما يلي:

12. 1. التحيزات ضدَّ كبار السن:

الاعتقاد المُسبق بأنَّ كبار السن بطيئون أو مرضى أو غير مهتمين بتعلم أشياء جديدةٍ، يمكن أن يؤدي إلى التمييز. على سبيل المثال: قد يرفض الشخص المُكلّف بالتوظيف في شركة تُقدِّر الابتكار، توظيف عمَّالٍ كبار في السن. قد يؤدي اعتقادهم الضار "أنَّ كبار السن يرفضون تعلُّم أشياء جديدة"، إلى تجاهل الأدلة التي تتعارض مع ذلك؛ كالسيرة الذاتية لُمقدّم الطلب. عندما يلعب هذا الموقف دوراً في العديد من القرارات، يمكن أن يؤدي إلى التمييز المنهجي؛ فالشركة التي تملك تحيزاً ضد كبار السن، ويؤثر هذا التَّحيز على سياسة التوظيف فيها، قد يكون لديها -في نهاية المطاف- موظفون شبابٌ فقط، أو أنَّها تُسِيء معاملة موظفيها الأكبر سناً.

12. 2. التحيزات الجنسية:

استُخدِمت الأفكار الجنسية حول النقص الفكري والعاطفي للمرأة، من أجل حرمانها من الحق في التصويت أو الملكية الخاصة، وذلك على مرّ التاريخ البشري. كما دعمت فكرة دونية الإناث، الاغتصاب والعنف المنزلي. ولا تزال المعتقدات الجنسية بشأن صدق المرأة وعواطفها، تُستخدَم لتقويض ادِّعاءاتها بشأن الاغتصاب والاعتداء الجنسي، وغير ذلك من أشكال الاعتداء.

الخلاصة:

يُعدُّ الاعتراف بأيِّ مشكلةٍ نصف حلّها، لذلك بعد محاكاتنا لمشكلات الموظفين الحقيقية، علينا الآن أن نستجمع كلَّ طاقاتنا، وأفكارنا، وإيماننا، وانتماءنا، وإبداعنا؛ لصوغ حلولٍ واقعيةٍ مناسبةٍ، وقادرةٍ على إنعاش نفوس الموظفين الميتة، وبث الروح فيها من جديد.

 

المصادر:   1 ، 2 ، 3




مقالات مرتبطة