أسلوب القصة التعليمية: فوائدها وأنواعها

القصة هي إحدى الأساليب التعليمية المشوقة التي تُسهم في جذب انتباه الإنسان صغيراً كان أو كبيراً؛ إذ يصغي إليها الطلاب باهتمام كبير، ويجدون في سرد أحداثها المُتعة والتشويق، كما أنَّها تكسبهم معلومات كثيرة وحقائق سواء عن الحاضر أم الماضي، وتوصل الرسائل التعليمية بأسلوب سهل وبسيط، فهي تُتيح فرصة أكبر للفهم والاستيعاب، وتساعد الطالب على توسيع مداركه ليتمكَّن من استيعاب ما يحدث في محيطه من أحداث وظواهر مختلفة؛ وذلك عن طريق تخيُّل أحداث القصة وشخصياتها، والذي بدوره ينعكس على شخصية الطالب ونموها وتطورها في شتَّى جوانبها، ولا سيما العقلية والنفسية والاجتماعية منها.



إضافة إلى تنمية مواهبهم وطموحاتهم وتعويدهم عادات عقلية صحيحة أساسها مهارات التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وحل المشكلات؛ إذ تصبح تلك العادة العقلية بمنزلة الركيزة التي يستندون إليها في تحصيلهم العلمي، وتقودهم إلى أفعال أكثر ذكاء.

عادات العقل التي يمكن تعلمها واكتسابها عن طريق التكرار تعني في مضمونها الطريقة التي يطبِّق فيها الفرد تفكيره، وتُصبح قدرته على إنتاج المعرفة أكثر من قدرته على استرجاعها، وتجعل العقل حُرَّاً ناقداً مشاركاً بفاعلية فيما يُطرح عليه من مسائل ومشكلات؛ لذا فإنَّ أسلوب القصة التعليمية من أهم الطرائق التي يستخدمها التربويون لتحقيق تلك العادات العقلية الصحيحة، وينجح استخدامه في تدريس معظم المواد والموضوعات الدراسية بأسلوب ممتع وهادف ومؤثِّر.

مفهوم القصة التعليمية:

القصة التعليمية هي إحدى أساليب التعليم البنائي القديمة والحديثة، فهي السبيل للدخول إلى الطالب نفسه والتأثير فيه وفي وجدانه أيضاً؛ فهي مصدر العلم والتسلية والمتعة، ويستمع إليها الطلاب ولا سيما الأطفال منهم بكل حب وشغف، ويرى الدكتور (شريف الأتربي) "القصة من استراتيجيات التدريس القائمة على تقديم المعلومات والحقائق بأسلوب قصصي، ومن الطرائق التقليدية التي تندرج تحت مجموعة العرض، وهذه الطريقة تُعَدُّ من أقدم الطرائق التي استخدمها الإنسان لنقل المعلومات والعِبر إلى الأطفال، وهي من الطرائق المُثلى لتعليم التلاميذ، وخاصةً الأطفال منهم كونها تساعد على جذب انتباههم، وتكسبهم كثيراً من المعلومات والحقائق التاريخية والخلقية بصورة شيقة وجذابة".

كما يقول (حسن شحاتة): "القصة هي إحدى طرائق التدريس، فعن طريقها تُقدَّم الأفكار والخبرات والتجارب بصورة حيَّة ومعبِّرة ومشوِّقة وجذَّابة ومؤثِّرة، وعن طريقها تُثرى المفردات والمعلومات للتلميذ، وتُحبِّبه في القراءة، وتزوِّده بالأساليب السليمة والحوار الجذَّاب على اختلاف ألوانه".

تُعَدُّ القصة من الناحية التربوية وعاء لنشر الثقافة، فلدينا الكثير من القصص التي تحمل معارف تاريخية وفنية وأدبية وجغرافية ونفسية واجتماعية وفلسفية؛ بمعنى أنَّ القصة ليست فقط أسلوباً مشوِّقاً في التدريس؛ إنَّها لون يحمل في طيَّاته قيماً تربوية وتهذيبية وتعلم محاسن السلوك وآدابه، فالسرد القصصي أحد ألوان اللعب الإيهامي، والذي يحتاج إليه الطفل لتنمية خياله وزيادة قدرته على التعبير، إضافة إلى كونها أسلوباً ترويحياً.

القصة إذاً؛ هي لون أدبي تربوي مميَّز، ومن أحبِّ الأجناس الأدبية لنفس المتعلِّم، وهي أداة للتعبير عن المشاعر والأحاسيس بأساليب مختلفة، وتكسب المتعلِّم المهارات العقلية والاجتماعية والنفسية، كما تثير في نفسه حب الاستطلاع والرغبة في التعلُّم والاستقصاء، وتقوم بدور فعَّال في تحسين الذكاء العاطفي، وتبني الاتجاهات السليمة والقيم الخيِّرة، وتدفعه إلى التمييز بين ما هو خطأ وبين ما هو صواب، وتنمِّي فهمه لذاته، وللمجتمع الذي يعيش فيه، وتعرِّف المتعلِّم بقدراته وإمكاناته؛ فهي تقدِّم قصصاً لشخصيات تنفعل وتشعر في أثناء محاولتها تجاوز كل ما هو سلبي في طريقها؛ وذلك بأسلوب فني جميل؛ فهي وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في التعليم إذا ما أردنا المحافظة على توافق المتعلِّم النفسي وتوازن شخصيته.

عناصر القصة:

1. الصورة:

هي خطاب رمزي وشكلي للنص يحوي على فكرة معينة تخاطب ذهن القارئ وإحساسه إحساساً مباشراً، وتؤدي الصورة دوراً هاماً في تشجيع الطفل على متابعة القراءة المكتوبة للحصول على مزيد من المعلومات المتعلقة بموضوع القصة نفسها؛ فهي تُسهم في إثراء بنائه المعرفي، وفي تكوين شخصيته النامية.

إقرأ أيضاً: أفضل 11 لعبة ترميز لتعليم البرمجة للأطفال

2. النص:

هو مجموعة من العبارات والجمل المترابطة مع بعضها في سياق موحد؛ إذ يُبنى على مجموعة من العناصر هي:

3. الفكرة:

هي ما يقوم القارئ باستخلاصه بعد قراءته للنص بشكله الكامل؛ فالفكرة هي ركيزة النص وأساس قوامه، وتبنى الشخصيات القصة انطلاقاً منها.

4. شخصيات القصة:

هي التي تحمل وقائع القصة؛ إذ يُعطى لكلِّ شخصية دوراً حسب تأثرها في القصة ونهايتها.

5. الحدث:

مجموعة الأفعال المرتبة بطريقة سببية؛ إذ إنَّ كل فعل يؤدي إلى حدوث فعل آخر، وهذه الأفعال التي تدور حول حدث معين في القصة، وتكشف الصراعات التي تخوضها شخصياتها.

6. الزمان والمكان:

لكل قصة زمان ومكان حدثت فيه، وكلَّما كانا هذان العاملان معروفين لدى المتعلم انجذب أكثر إلى أحداث القصة وأثَّرت في نفسه.

7. أسلوب الكاتب:

كلَّما استخدم الكاتب أسلوباً بسيطاً ومفهوماً وأفكاراً متسلسلة وواضحة، كانت القصة جيدة.

8. الحبكة:

أي الارتباط المنطقي بين حوادث القصة وبين شخصياتها.

شاهد بالفديو: 8 طرق لتنمية الذكاء الاجتماعي للطفل

فوائد القصة التعليمية:

  • تسهم في تحقيق فهم أفضل وأكثر عمقاً للمفاهيم العلمية الواردة في المادة العلمية؛ من خلال تضمين تلك المفاهيم في القصة.
  • تنمِّي قدرة المتعلم التخيلية؛ إذ تتيح له الفرصة لتخيل الأشياء والأحداث، وتمكِّنه من التعبير عن مشاعره بطرائق ابتكارية جديدة.
  • توضح مدى فهم المتعلم للمفاهيم التي وردت في القصة من خلال القيام بجلسة العصف الذهني في نهايتها.
  • تربط المتعلم بعادات المجتمع الذي يعيش فيه وتقاليده، فتكون بمنزلة صلة الوصل بين المجتمع والمتعلم في حثِّه على احترام قواعده وقوانينه، وعدم الحياد أو الخروج عنها؛ وبذلك تسهم في تحقيقه للتوافق النفسي مع المجتمع.
  • تسهم القصة في تنمية كل من الذكاء الاجتماعي والعاطفي، وكذلك الذكاء اللغوي من خلال استخدام المفردات والمفاهيم في التعبير عما ورد في القصة من أفكار، فتثري بذلك معجمه اللغوي.
  • تُكسِب المتعلم مهارات التفكير الناقد، وطرائق حل المشكلات، إضافة إلى القيم والاتجاهات المتعلَّمة.
  • تمنح المتعلم التسلية والمتعة والمعارف العلمية في وقت واحد بوصفها نوعاً من اللعب الجاد.
  • تسهم في تحقيق التعاون الصفي من خلال استماع المتعلم للقصة ومناقشة أحداثها مع زملائه.
  • تساعد المتعلمين على التفريغ عن مشاعرهم المكبوتة، وتجعلهم يتمسكون بالأمل عندما تتناول القصة شخصيات صنعت النجاح بنفسها من خلال العمل الجاد والتفاني فيه.
  • تنمي المسؤولية الاجتماعية لدى المتعلم سواء تجاه نفسه واهتمامه بها وعمله على فهم مشكلاته وتحديد طرائق حلها، أم تجاه أسرته، وتزيد من تعاطف المتعلم مع أفراد أسرته وبذل جهده في مساعدتهم، إضافة إلى تنمية الإحساس بالمسؤولية تجاه أفراد المجتمع والقضايا التي تهمهم وتشغلهم، وكذلك الشعور بالوطنية والانتماء لوطنه.
إقرأ أيضاً: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال

أنواع القصص التعليمية:

1. القصص الدينية:

تتناول القصص هنا موضوعات تتعلق بالإيمان والتمسك بالله عز وجل، مثل قصص الأنبياء وسِيَر الصالحين من عباده.

2. القصص الأخلاقية:

هي القصص التي ترمي إلى زراعة القيم الخيرة والفضائل في نفوس المتعلمين، ومحاولة جعل تلك القيم جزءاً لا يتجزأ من شخصياتهم.

3. القصص الخيالية:

مثل قصص الخوارق، والتي تعتمد على أبطال يملكون قوى خارقة غير موجودة في الواقع، مثل سوبر مان، وقصص الحيوان التي يتعاطف معها الأطفال خاصة لرغبة الأغلبية منهم بتربية حيوانات أليفة والاهتمام بها.

خطوات استخدام المعلم لأسلوب القصة التعليمية في التدريس:

  • أن يعمل المعلم على الإلمام بالقصة وتفاصيلها قبل سردها على طلابه من خلال الإعداد الجيد لها.
  • أن يختار القصة الملائمة والمرتبطة بموضوع الدرس، الذي يجب إنجازه في الغرفة الصفية؛ إذ تكون هذه القصة قادرة على تحقيق الأهداف التربوية المرجوة من هذا الدرس.
  • أن يتدرب عليها تدريباً مسبقاً مع الانتباه لتعابير الوجه والجسد وإظهار الانفعالات المطلوبة ونبرات الصوت؛ إذ تكون جميعها متناسقة مع أحداث القصة.
  • على المعلم تجهيز الأسئلة التي سوف يطرحها على التلاميذ بعد نهاية القصة أو الطلب منهم تمثيلها إذا كان وقت الدرس يسمح بذلك؟
  • على المعلم صياغة الأهداف التربوية من القصة في ضوء المقررات العلمية وتحديد المصادر، والتي سوف تشتق منها تلك القصة، وكذلك تحديد المهام التعليمية التي سوف يقوم بها برفقة طلابه خلال سردها، كما يجب تحديد بنية القصة في ضوء تلك الأهداف، وكذلك تحديد استراتيجيات التعليم، سواء أكانت الأنشطة المرتبطة بالقصة سوف تتم إفرادياً أم جماعياً.

في الختام:

القصة أسلوب تعليمي يعبِّر عن مجموعة من الأحداث تدور حول فكرة محددة أو موضوع محدد، يقوم المعلم بسردها بأسلوب جذاب ومشوق، وبلغة مفهومة ومعبِّرة وبصوت واضح ومسموع متغير النبرات بحسب الأحداث، وهذا النوع من التعليم ينمِّي طرائق التفكير وحل المشكلات، وعادات العقل الصحيحة والدافعية ومفهوم الذات والقدرة على اتخاذ القرارات والقيم الخيِّرة والاتجاهات الإيجابية والسلوكات الصحيحة وسواها.

الهدف التربوي الأساسي من استخدام القصة في التعليم، إضافة لما سبق هو تعليم الطلبة كيفية النقد والنقد الذاتي، سواء لأعمالهم أم أعمال الأفراد الآخرين؛ بمعنى الطريقة التي يسألون بها وعن ماذا يجب أن يسألوا، وما هي الأمور التي يجب عليهم التركيز عليها، وكيف يجب أن يمتلك كل منهم مرونة التفكير، وكيف يستطيع الاستفادة من أفكار الآخرين؛ فالقصة هي من المركبات الأساسية المُساهِمة في تنمية مدارك المتعلم، وترقية ملكاته وتقويم سلوكاته.




مقالات مرتبطة