أسباب ضيق التنفس

لا شعور أقسى من أن يشعر الإنسان بضيق التنفُّس والاختناق، ففي مرات كثيرة ولأسباب عديدة نشعر أو يشعر أشخاص من حولنا بتناقص في كميات الأوكسجين في الجسم، فنبدأ بأخذ أنفاس قصيرة متسارعة لنستعيد شعورنا بالراحة، ونبدأ رحلة البحث عن أسباب ضيق التنفُّس الذي أصابنا لنتوصَّل إلى حلول له تقينا من حالة الاختناق الوشيكة التي تنتابنا.



إنَّ أسباب ضيق التنفُّس عديدة؛ منها ما هو مَرضي ومنها ما هو ناتج عن مشاعر نفسية ومنها ما هو ناتج عن أفعال قمنا أو نقوم بها؛ لذا فإنَّ ضيق التنفُّس - ورغم كونه مزعجاً ومقلقاً - ليس دلالة خطيرة في جميع الأحيان، ومن أجل أن نقطع الشك باليقين قرَّرنا في هذا المقال أن نقدِّم لكم مجموعة من أسباب ضيق التنفُّس، علَّها تكون سبباً باكتشاف السبب الذي يمنعكم عن تنفُّس الحياة ملء صدروكم.

ما هو ضيق التنفُّس؟

يمكن تعريف ضيق التنفُّس (dyspnea) على أنَّه الحالة التي تجعل الإنسان يواجه صعوبة في التقاط أنفاسه والحصول على الكمية الكافية من الهواء لتدخلَ إلى الرئتين، وهو حالة مرضيَّة في بعض الأحيان عندما تكون دلالة على مشكلات في القلب أو الرئتين وتحتاج إلى علاج فوري، أو قد يكون حالة غير مرضيَّة ناتجة عن سلوك قام به الإنسان كصعود الدرَج أو الجري بسرعة.

إنَّ الإنسان البالغ المتمتِّع بصحة جيدة يقوم بعمليتي الشهيق والزفير بمعدل 20 مرة في الدقيقة، وهذا يعادل حوالي 29000 عملية تنفُّس في اليوم، ولكنَّ بعض العوامل تؤثر في عمليات التنفُّس المذكورة وتُحدِثُ خللاً فيها، ومن بين هذه العوامل نزلات البرد والتمرينات الشاقة، وإنَّ مثل هذه العوامل لا تسبِّب ضيقاً في التنفُّس؛ بل تكتفي بإحداث خلل في النَّفس، أمَّا ضيق التنفُّس فيمكن أن يَحدُثَ وبشكل مُفاجِئ وفترات قصيرة أو طويلة قد تمتد إلى أكثر من عدة أسابيع.

أعراض ضيق التنفُّس:

قبلَ التطرُّق إلى أسباب ضيق التنفُّس لا بدَّ من تحديد أعراض ضيق التنفُّس والنتائج التي تترتب على تعرُّض الإنسان إلى ضيق التنفُّس، ومن أبرز الأعراض:

1. الألم في الصدر:

يَظهَرُ هذا العارض من أعراض ضيق التنفُّس عندما يكون سبب ضيق التنفُّس مشكلة في الرئتين أو في الجهاز التنفُّسي بشكل عام.

2. تسرُّع دقات القلب:

إنَّ تسرُّع نبضات القلب هو من أعراض ضيق التنفُّس، وتحديداً ذلك الناتج عن المشكلات القلبية.

3. إصدار صوت صفير:

إنَّ صدور صوت صفير مترافق مع عملية التنفُّس يُعَدُّ من علامات وجود ضيق تنفُّس، ويترافق صوت الصفير مع الأنفاس المتسارعة.

4. التعرُّق:

يظهَر التعرُّق كواحد من أعراض ضيق التنفُّس، ويكون ناتجاً عن الجهد الكبير المبذول من أجل إتمام هذه العملية الحيوية.

5. التعب والإرهاق:

هما أيضاً من أعراض ضيق التنفُّس؛ وذلك لأنَّ الجسم يبذل جهداً متواصلاً في عمليتي الشهيق والزفير اللازمتين لتأمين الأوكسجين الضروري لخلاياه، ومن ثم فإنَّ الإنسان يشعر بالتعب والوهن العام في جسده.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح للتخلص من التعب والإرهاق الدّائم

أسباب ضيق التنفُّس:

تتنوع أسباب ضيق التنفُّس كما ذكرنا، فمنها ما هو مَرَضي ومنها ما هو نَفسي، ومنها ما هو متعلِّق بسلوكات معينة يقوم بها الإنسان أو حالات يمر بها، وسوف نستطرد في تفاصيل كل نوع من هذه الأسباب فيما يأتي:

أسباب ضيق التنفُّس المرضيَّة:

إنَّ أسباب ضيق التنفُّس المَرضيَّة هي مجموعة الحالات المرضيَّة التي يكون ضيق التنفُّس واحداً من عوارضها أو نتائجها، ومن هذه الأسباب نذكر:

1. نزلات البرد:

من المعروف عن نزلات البرد أنَّها من أسباب ضيق التنفُّس، فعند الإصابة بها تُفرَز مواد مخاطية تسبب انسداد مجاري التنفُّس؛ مما يصعِّب عمليات الشهيق والزفير.

2. الإصابة بالربو:

يُعَدُّ الربو من أسباب ضيق التنفُّس المرضيَّة، فهو مرض صدري يسبِّب تضخُّم الرئتين وتضيُّقهما؛ مما يجعل عملية التنفُّس صعبة جداً، وخاصةً عند بذل جهد بدني أو رياضي.

3. التهابات الرئة:

تسبِّب التهابات الرئة تراكماً للسوائل في مجاري الرئة؛ وذلك نتيجة وجود بكتيريا في العقد الرئوية، وإنَّ هذه السوائل المتجمعة في غير مكانها تُعَدُّ من أسباب ضيق التنفُّس المرضي، كما حدثَ مع الكثيرين من المصابين بفايروس كورونا.

4. السمنة:

أيضاً تُعَدُّ من أسباب ضيق التنفُّس المرضيَّة، فتراكُم الدهون في كل مكان من الجسم وحاجة الجسم إلى كميات كبيرة من الهواء تسبب ضيق التنفُّس والكثير من المشكلات الصحية الأخرى.

5. فقر الدم:

قد يكون سبب ضيق التنفُّس هو إصابة الإنسان بفقر الدم؛ وذلك لأنَّ فقر الدم يعني تناقصاً في أعداد الكريات الحمراء التي تتولى مسؤولية نقل الأوكسجين إلى الخلايا.

6. مشكلات القلب:

مثل النوبات القلبية والذبحات الصدرية وعدم انتظام ضربات القلب والعيوب الخلقية في القلب؛ جميعها مشكلات تؤثر في النَّفس وتُعَدُّ من أسباب ضيق التنفُّس.

يُضاف إلى أسباب ضيق التنفُّس المرضيَّة أمراض عديدة أخرى مثل سرطان الرئة، والوهن العضلي الوبيل، والتسمُّم بغاز أول أوكسيد الكربون، والتهاب لسان المزمار، والصدمات التأقية التحسسية، والانسداد الرئوي المزمن وغيرها.

إقرأ أيضاً: أمراض القلب: أسبابها، وأعراضها، وطرق الوقاية منها

أسباب ضيق التنفُّس النفسية:

تُوجَدُ أسباب نفسية لضيق التنفُّس من أبرزها التوتُّر والقلق والخوف والعصبية، وفي مثل هذه الحالات يواجه الإنسان صعوبات في التنفُّس فيقوم بأخذ أنفاس سريعة، ويبقى على هذه الحالة ما دام شعور التوتر مسيطراً عليه.

أسباب ضيق التنفُّس السلوكية:

إنَّ أسباب ضيق التنفُّس السلوكية هي الأسباب الناتجة عن سلوكات خاطئة يقوم بها الإنسان، فيأتي ضيق التنفُّس كواحد من تبيعاتها، ومن أبرز هذه السلوكات:

1. التدخين:

يُعَدُّ التدخين من أسباب ضيق التنفُّس السلوكية، ويشمل التدخين التدخين السلبي أيضاً؛ أي الجلوس في وسط مليء بالدخان، فإنَّ هذا السلوك من شأنه أن يؤثِّر سلباً في عملية التنفُّس ويسبب ضيق التنفُّس.

2. الوجود في منطقة يكون هواؤها ملوثاً:

إنَّ الهواء الملوَّث بالمواد الكيميائية الضارة أو المنظفات أو الأتربة والغبار، يُعَدُّ من أسباب ضيق التنفُّس.

3. بذل مجهود بدني كبير:

عندما يُسجِّل فرد جديد في النادي، فإنَّه يعاني من ضيق التنفُّس في المرحلة الأولى؛ وذلك لأنَّه يبذل مجهوداً إضافياً عمَّا هو معتاد عليه، كما أنَّ أي شخص طبيعي يقوم ببذل مجهود جسدي أكبر من قدراته، سوف يواجه ضيق التنفُّس، وخاصةً أولئك الذين يكونون مصابين بمشكلات القلب والجهاز التنفُّسي؛ فيكونون أكثر عرضة لضيق التنفُّس إذا ما صعدوا سُلَّماً أو حمَلوا أوزاناً ثقيلة أو مارَسوا رياضات مجهدة.

4. الحمل:

أمَّا الحمل فهو سبب طبيعي من أسباب ضيق التنفُّس؛ إذ تعاني بعض النساء في الأشهر الأخيرة للحمل من صعوبة في التنفُّس بسبب ضغط الرحم والجنين على الأحشاء جميعاً، ومن بينها عضلة الحجاب الحاجز التي تضغط بدورها على الرئتين فتسبِّب ضيق التنفُّس وصعوبته، كما أنَّ الوزن الزائد الذي تكتسبه المرأة في الحمل أو إصابتها بفقر الدم أو حساسية الصدر قد تكون من أسباب ضيق التنفُّس عندها.

علاج ضيق التنفُّس أو صعوبة التنفُّس:

يُوجَدُ فيما يأتي أسلوبان مُتَّبعان في علاج ضيق التنفُّس؛ أولهما أسلوب طبي، والآخر سلوكي يمكن تطبيقه في المنزل، وكلا العلاجين يحتاجان إلى استشارة طبية للشروع فيهما:

1. علاج ضيق التنفُّس الطبي:

تشمل العلاجات الطبية لضيق التنفُّس ما يأتي:

  • أقنعة الأوكسجين وجلسات التنفُّس الاصطناعي التي تُعَدُّ من الوسائل المُساعِدة على التنفُّس عند مواجهة صعوبة فيه وليست من ضمن طرائق علاج ضيق التنفُّس.
  • علاج الحالة المرضيَّة التي تسبَّبَت بحدوث ضيق تنفُّس، فإذا ما كان سبب ضيق التنفُّس مشكلة التهاب رئوي مثلاً، فإنَّ علاج ضيق التنفُّس سيحدُث بشكل تلقائي عندما يُعالِج المريض الحالة الالتهابية، وفي حالة الأمراض المزمنة مثل الربو يجب على المريض الالتزام بتعليمات طبيبهِ العلاجية الدائمة بدقة.
  • العلاج الدوائي؛ إذ تساعد بعض أنواع الأدوية على علاج ضيق التنفُّس الناتج عن مشكلات الجهاز التنفُّسي، ومن بين هذه الأدوية نذكر موسعات الشعب الهوائية والستيرويدات ومضادات الهيستامين التي تعالج الحساسية.
  • علاج المشكلات القلبية يساهم في علاج ضيق التنفُّس إذا ما كان سببها، ويتم ذلك وفق تعليمات الطبيب.

2. علاج ضيق التنفُّس السلوكي:

في هذا النوع من أنواع علاج ضيق التنفُّس يتم الأمر دون الحاجة إلى وجود الطبيب؛ وذلك عبر تحكُّم المريض بسلوكاته والوعي لها وذلك عبر:

الابتعاد عن المحفزات التي تُسبِّب صعوبة التنفُّس:

مثل الوجود بين أوساط المدخنين أو التعرُّض للمواد الكيميائية وارتداء الكمامة في حالات الاضطرار إلى الوجود في مكان يحتوي على هواء ملوث.

تجنُّب بذل مجهودات كبيرة:

وخاصة من قِبَل الأشخاص الذين يعانون من مشكلات قلبية أو تنفُّسية، والحرص على أن يبذل كل شخص جهداً يتناسب مع قدراته وأن يتدرَّج في زيادة الجهد كما في حال ممارسة التمرينات الرياضية للمبتدئين.

تناول الأطعمة الصحية:

وممارسة التمرينات الرياضية المناسبة من أجل تجنُّب الإصابة بالسُّمنة ومن أجل تعزيز المناعة.

إقرأ أيضاً: التّغذية الصحيّة.. والأمراض النّاجمة عن سوء التغذية

المشي في الطبيعة وتنفُّس الهواء النقي:

والحرص على تهوية المنزل جيداً، والحفاظ على جو المنزل خالياً من الروائح القوية، إضافة إلى تغيير الملاءات والمناشف والأدوات التي يحتك بها الأنف باستمرار.

الابتعاد عن المحفزات النفسية التي تسبب القلق والتوتر:

وتعلُّم ممارسة تمرينات التهدئة والاسترخاء مثل اليوغا، والوعي إلى دخول الجسم في حالة التوتر للبدء بتطبيق تمرينات التنفُّس العميق التي تُبدِّد التوتر والمشاعر السلبية وتمد الجسم بحاجته إلى الأوكسجين.

شاهد بالفيديو: 9 طرائق مدعمة علمياً للتوقف عن القلق

في الختام:

إنَّ أسباب ضيق التنفُّس متعددة كما تبيَّن لنا، وهي في معظم الأوقات تكون مؤقتة وقابلة للسيطرة عليها، إلَّا في حال وجود حالة مرضيَّة يكون ضيق التنفُّس مرتبطاً بها، وهنا يجب علاج هذه الحالات للتغلب ضيق التنفُّس.

إنَّ عملية التنفُّس هي أساس حياتنا، وهي عملية لا إرادية قد ننسى وجودها أحياناً، ولكنَّنا لا نشعر بقيمتها إلَّا في حالات ضيق النَّفَس؛ لذا فلنحمد الله ولنمتن إليه على هذه النعمة وغيرها من باقي النعم.




مقالات مرتبطة