أسباب الصراعات بين الموظفين العاملين عن بُعد وطرق حلها

يشير وجود صراعات بين الموظفين إلى فريق عمل ملتزم، ففي كثير من الأحيان، يمنع الصراع اتخاذ قرارات سيئة وارتكاب أخطاء كبيرة، ويمكن أن يؤدي إلى الخروج بأفكار مبتكرة؛ لكن على الجانب الآخر، قد تتطور حالات الانزعاج الصغيرة لتصبح انقساماتٍ كبرى داخل الفريق تعرقل الإنتاجية وتعوق التقدم تماماً.



لقد ازداد الصراع في مكان العمل، رغم أنَّ 63% من المشاركين في استطلاع أُجري حديثاً قالوا إنَّهم لا يذهبون فعلياً إلى المكتب، و10% قالوا إنَّ المنزل هو مكان عملهم المعتاد قبل انتشار الجائحة؛ إذاً لماذا ازداد الصراع؟

عندما يعمل الموظفون عن بُعد، تكون المخاطر أكبر مما هي عليه عندما يجتمعون في المكتب، ويعرفون خصوصيات بعضهم بعضاً، ويراعون الاختلافات في شخصياتهم حينما يعملون معاً لإنجاز مشروع ما؛ إذ يمكن أن تثير رسالة بريد إلكتروني أو رسالة نصية صيغت صياغة خاطئة مشاعر الغضب، ولن تشعر بالغضب الذي يستشري تدريجيَّاً حتى يندلع الصراع.

وفقاً لاستطلاعٍ آخر أجرته شركة "راندستاد" (Randstad)، قال 38% من الموظفين إنَّهم يريدون ترك وظائفهم بسبب ما وصفوه ببيئة العمل السامة، أو مكان العمل الذي يشعرون أنَّهم غير منسجمين فيه. وفيما يأتي عدد من الأسباب الشائعة التي تزيد الصراعات في بيئة العمل عن بُعد:

1. النزاعات الشخصية:

تحدث النزاعات الشخصية حتى مع أولئك الذين عملوا جنباً إلى جنب لسنوات، كالأزواج الذين ما زالوا بعد 50 عاماً من الزواج يتراشقون بعبارات العتب؛ إذ يبدو أنَّ الأشخاص الذين يحترمون المواعيد يرتبطون غالباً بأشخاصٍ لا يرتدون ثيابهم إلَّا قبل موعد الخروج بدقائق معدودة. ولكن عندما يلتقون مع بعضهم يوماً بعد يوم، يطورون مهارات التسامح والتأقلم؛ لذلك عندما تنشأ نزاعات محتملة في مشروع ما، يتقبلون ما يحدث لتخفيف الضغط.

لكنَّ الموظفين الذين يعملون عن بُعد لا يعرفون الاختلافات التي تميز شخصية أحدهم عن شخصيات الآخرين، ولن يتحمل بعضهم الآخر، إنَّهم يميلون إلى عدِّ اختلافات الآخرين إهانة مباشرة أو محاولة لتخريب عملهم أو مشروعهم.

إقرأ أيضاً: طرق حل النزاع في مكان العمل بفاعلية

2. اختلاف أساليب العمل:

يُفضِّل بعض الأشخاص إنجاز مهامهم قبل المواعيد النهائية مباشرةً؛ إذ يستعمل المماطلون الموعد النهائي بوصفه حافزاً، ويظنون أنَّهم يقومون بعملهم الأفضل "تحت الضغط"، ويَعُدُّ بعض الموظفين أنَّ اهتمامهم مُنصَبٌّ على الموظفين فلا يتركون مَهمة أو مشروعاً يطغى على احتياجات الأشخاص المشاركين فيهما.

وعلى النقيض من ذلك، يَعُدُّ الآخرون أنَّ اهتمامهم مُنصَبٌّ على المهام ويدفعون أنفسهم والآخرين نحو هدف معين، بصرف النظر عن التكلفة العاطفية أو الجسدية للأشخاص المعنيين.

عندما يُسنَد إلى هؤلاء الأشخاص أصحاب الشخصيات المتناقضة مشروع ما، فلا بد أن يتصاعد التوتر، لكن إذا تعرَّف أولئك الذين لديهم أساليب عمل متعارضة إلى بعضهم بعضاً بين الفينة والأخرى، وبنوا الثقة على الأمد الطويل، فإنَّهم يميلون إلى التعامل مع بعضهم بإحسانٍ وتسامح.

3. ضعف التواصل:

إذا كان الموظفون عن بُعد يعيشون ويعملون في بلدان أو مناطق مختلفة، فغالباً ما يستعملون اللغة العامية والمصطلحات وأنماط التحدث ولغة الجسد في اجتماعات "زووم" (Zoom)، التي قد تكون غير مألوفة للآخرين، وكل هذا يمكن أن يؤدي إلى سوء الفهم والصراع.

شاهد بالفيديو: كيف تؤثِّر قلَّة التواصل في حياتك المهنية؟

4. اختلاف معايير التصرف:

تنتمي الفِرق التي تُشكَّل على عَجَلٍ غالباً إلى بيئاتٍ مختلفة؛ حيث المعايير والعمليات والموارد والسلطات مختلفة تماماً. على سبيل المثال، يقدِّم أحد الموظفين لمديره تقارير عن الدراسات الهندسية، ويتوقع المدير منه إرسال رد عبر البريد الإلكتروني في غضون يومين إلى ثلاثة أيام. ويقدِّم موظف آخر تقارير لمديره عن المشكلات المرتبطة بالفواتير، ويتوقع مديره تلقِّي ردوداً عبر البريد الإلكتروني في غضون ساعة إلى أربع ساعات؛ لذلك سيكون لهذين الموظفين العاملَين عن بُعد في الفريق الجديد فهم مختلف لوقت الاستجابة المناسب للأسئلة من مدير المشروع، وإلى بعضهما بعضاً.

أضف إلى هذا الارتباك الذي يفرضه اختلاف المعايير عن كيفية تخصيص مواردهم كالأموال والموظفين، وأيضاً غياب الوضوح بشأن متى يجب عليهم "التواصل" مع مدير المشروع قبل الانتقال إلى الخطوة التالية في العملية؟ تتوسع احتمالية حدوث تعارض مع كل عامل عن بُعد في الفريق.

كيف تحل نزاعات العمل عن بُعد قبل أن تتفاقم الأمور؟

سواء كنت مدير مشروع لفريق خاص أم مديراً لفريق ستعمل معهم في المستقبل القريب، ستساعدك الإرشادات الآتية على الحد من التوترات:

1. وضع المعايير وتحديد التوقعات: شارك توقعاتك مشاركة صريحة لأشياء مثل:

  • ما هو وقت الرد المتوقع على رسائل البريد الإلكتروني؟ وهل هناك استثناءات؟ إذا كان الأمر كذلك، فما هي؟
  • عندما تُفوَّض مهمَّةٌ ما، هل ستحدد مواعيد للمراجعة، أم أنَّ الأمر متروك للشخص المسؤول عن المَهمة؟
  • هل يمكن لجميع العاملين التواصل مباشرة مع الآخرين في الفريق؟
  • ما نوع التواصل - الموضوعات - الذي يجب أن تمرَّ به دائماً قبل إرساله إلى مَن هم أعلى منصب في الشركة؟
  • في أي مرحلة من المشروع يجب إرسال تقارير مرحلية إليك؟
  • مَن الذي يجب أن تُرسَل له نسخة من مختلف أنواع تقارير الحالة؟
  • ما هي الموارد المتاحة ليستعملها العمال في تحقيق أهدافهم؟
  • ما هي المعلومات السرية للفريق؟

بعد أن عرفت هذه المعلومات، لا تترك شيئاً للصدفة أو الافتراض عندما يتعلق الأمر بالتوقعات.

تحل نزاعات

2. تعرُّف إلى إنجازات الفريق ومكافأته:

 سارع إلى تقدير العمل الجيد، ولكن احرص أيضاً على عدم مكافأة العمل المتواضع، عندما يصبح التقدير والمكافآت أمراً روتينياً ومتوقعاً، فإنَّها تفقد فاعليتها في التحفيز ورفع الإنتاجية.

إقرأ أيضاً: 8 طرق لمكافأة موظفيك دون أي تكلفة

3. وضع نظام للموظفين لطرح الأسئلة والتعامل مع النزاعات:

يمكن أن يكون مثل هذا النظام رسمياً أو غير رسمي، مثل دردشة جانبية كل شهر يمكن للموظفين من خلالها طرح أسئلة عن سبب النزاع، أو إخبارك بما يعتقدون أنَّه ليس جيداً، أو يمكنك إعداد استطلاع أكثر رسمية للأسئلة، تُجمَع ويُبلِّغك بها طرف ثالث موضوعي، ربما مدير من قسم آخر، أو موظف خارجي، أو موظف مستقل.

في الختام:

لن تحل هذه الإرشادات جميع النزاعات بين الموظفين عن بُعد، ولا حتى الذين يعملون بالمكتب كل يوم، لكنَّها ستقلل من احتمالية تحوُّل النزاعات الصغيرة إلى معارك كبيرة.

المصدر.




مقالات مرتبطة