أربع علامات تشير إلى اهتمامك الزائد بطفلك: إليك الحلول

يبذل الآباء والأمهات جهوداً أكبر في مجال التربية أكثر من أيِّ وقت مضى، ومع ذلك يستمر عدد الأطفال المصابين بأمراض عقلية في الارتفاع، فإنَّهم يفعلون كل شيء من أجل أطفالهم الصغار، وهم دائماً موجودون ويساعدونهم بكل طاقتهم، لكن هذه هي المشكلة بالضبط، فلا يمكن للأطفال تعلم كيفية التعامل مع التحديات والمشكلات بأنفسهم إذا قام آباؤهم بذلك نيابة عنهم.



سواء كان الآباء يحملون الحقيبة المدرسية لأطفالهم أم يصطحبونهم من المدرسة، فإنَّهم يتحدثون إلى المعلمين ويمارسون ضغوطات عليهم، حتى إنَّ بعضهم يتحدث مع عمداء الجامعات، وهذا شيء جيد للغاية، وغالباً ما يتحول إلى أبوية منتظمة على الأطفال وخاصةً الشباب، فدائماً ما تكون المساعدة حسنة النية، لكن في كثير من الأحيان تكون أكثر من اللازم.

كيف نستطيع مساعدة الأطفال الذين تمتعوا بالحماية الزائدة أو عانوا منها؟

الأطفال الذين يتمتعون بالحماية الزائدة غالباً ما يفتقرون إلى الثقة بالنفس والمرونة والاستقلالية، وإذا اضطر طفل أو شاب فجأة إلى المساعدة على تقشير البطاطا أو قطع الجزر في المطبخ في مخيم الكشافة، فلن يستطيع القيام بذلك على أكمل وجه، وبالطبع الآباء يريدون الأفضل لأطفالهم ويحبونهم كثيراً، وربما يعلقون احترامهم لذاتهم على نجاح الطفل، بحيث يزداد الضغط على الطفل أكثر.

من الجيد أن نراقب كل هذا في معسكرات العطلات لدينا ونضعه في أذهاننا، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها مساعدة هؤلاء الأطفال والشباب ليصبحوا أكثر ثقة بالنفس واستقلالية، والهام هو لا نقد ولا مطالب مفرطة، بل مساعدة ودعم حقيقيان وكذلك تشجيع على أنَّ الطفل يعمل بشكل جيد، وإذا تم تقشير الجزر أو البطاطا أو تقطيعها بشكل مختلف، فهذه ليست مشكلة، وإذا كان الطفل أو المراهق لا يستطيع أداء مهمة بشكل جيد أو كان أخرقاً في اللعبة أو يظهر الخوف، فهذا لا يهم أيضاً، وبدلاً من ذلك امدح ما تم تحقيقه وشجع الطفل.

أهم العلامات التي تشير إلى اهتمامك الزائد بطفلك وأهم النصائح للتخلص من ذلك:

نحن نريد الأفضل لأطفالنا الصغار بالطبع؛ إذ نفضل أن نبقي أطفالنا بعيداً عن كل الشرور في العالم، ولكنَّ الكثير من الرعاية ليس جيداً للأطفال؛ بل يجب أن تكون لديهم تجاربهم الخاصة.

تشير هذه العلامات إلى أنَّك قد تكون شديد الاهتمام بطفلك:

1. أنت خائف دائماً على طفلك:

عندما يكون طفلك مستعداً لترك يدك في الملعب واللعب وحده، اتركه يذهب فالأطفال لديهم تعطُّش طبيعي للمعرفة، وامنح هذا الفضول الطفولي مجالاً للتطور، فهذا صعب في بعض الأحيان؛ وذلك لأنَّ المخاطر موجودة في كل مكان؛ فيمكن أن يتأذى الطفل ويمكن لشخص ما أن يهينه ويضايقه، فيجب أن يمر ابنك أو ابنتك بهذه التجارب، ومن ذلك التجارب السلبية.

نصيحة: دع طفلك يجرب الأشياء فلا يمكنك ولا يجب أن تعفيه من كل النزاعات والصعوبات؛ وذلك لأنَّ طفلك يتعلم ويتقدم فقط من خلال تجربة الأشياء ومن ذلك الفشل، ولقد ثبت أنَّ الوالدين القلقين للغاية لديهما أطفال قلقون، فإذا كان الطفل قد اختبر طوال حياته أنَّ والدته كانت تخشى ذلك دائماً، فسيكون لديه ثقة أقل بنفسه فيما بعد، لذلك حتى لو كان الأمر صعباً دع طفلك يختبره، وإذا سقط فسوف ينهض مرة أخرى، ومن ثم تكون موجوداً لتساعده.

2. ترى طفلك دائماً على أنَّه الضحية المسكينة:

تخيل أنَّ طفلك قد خسر مسابقة غناء وهو يبكي بمرارة بسبب خسارته "أنا آسف جداً يا حبيبي المسكين، أنت أفضل بكثير من هذه المنافسة، فلن تضطر أبداً إلى المشاركة فيها مرة أخرى"، قد يعبِّر هذا الكلام عن تعاطفك ويريح الطفل من البكاء في الوقت الحالي، ولكنَّ خيبة الأمل والإحباط والحزن جزء من الحياة، وهم ما يجعلون فرحة النصر ممكنة في المقام الأول، فإذا كنت ترغب في حماية طفلك من كل خيبات الأمل في هذا العالم، فإنَّك تحرمه أيضاً من فرصة تجاوز نفسه وتحقيق ما لا يصدَّق، وإذا فاز في مسابقة الغناء في يوم من الأيام، فإنَّه سيعوض كل الدموع التي ذُرفت.

نصيحة: اسمح بالتجارب السيئة أيضاً؛ إذ يحتاج الأطفال إلى مثل هذه الخبرات من أجل أن يكونوا قادرين على التعامل مع متطلبات الحياة، وبدلاً من إنقاذ طفلك من الإحباط، شجِّعه على الاستمرار في المحاولة وتحويل خيبة الأمل إلى دافع، وحتى لو كانت رؤية طفلنا في مثل هذا اليأس تحطم قلوبنا بصفتنا آباء، فإنَّ الطفل يكتسب قوة الشخصية فهو يتعلم أنَّه يجب عليه أن يفعل شيئاً من أجل نجاحه.

شاهد بالفيديو: 10 علامات تدل على أنكم آباء مفرطون في حماية أطفالكم

3. تتجنَّب الموضوعات الصعبة:

إنَّ التحدث إلى الأطفال عن موضوعات مثل مخاطر الإنترنت أو العنف أو حتى الموت ليس بالأمر السهل، ولكنَّه ضروري للغاية، وإنَّ تعزيز الوعي بالجوانب السلبية في الحياة هو الخطوة الأولى في منعها، فالمعرفة قوة وتنطبق هنا، فلا يركب الطفل الواعي سيارة شخص غريب ببساطة لأنَّه يعرف الخطر.

نصيحة: تحدَّث بصراحة مع طفلك، فمن الأفضل بكثير تجربة المشكلات الصعبة أو السيئة أو المحزنة في بيئة محمية وآمنة من قِبل الأبوين بدلاً من التعرض لها من خلال وسائل الإعلام أو في المدرسة أو في وضع مماثل؛ لذا امنح ابنك أو ابنتك الفرصة لطرح الأسئلة وأضف دائماً تفسيرات مفيدة وملائمة للأطفال.

4. أنت تحمي طفلك الخجول للغاية:

من غير المحتمل أن ترى الأم الصعوبات التي يواجهها طفلها في تكوين الصداقات؛ إذ يلعب جميع الأطفال في حفلة عيد الميلاد، ولكنَّ طفلك ما يزال في المنزل ويبدو أنَّه مختبئ، فقد يجد بعض الأطفال صعوبة في الاختلاط بالآخرين، وهذا أمر طبيعي فكل الناس مختلفون، ولكنَّ تطوير المهارات الاجتماعية ضروري ومفيد أيضاً.

نصيحة: ساعد طفلك بعناية ودعه يحاول - ربما بقليل من المساعدة - وشجعه على القيام باتصالات جديدة والمشاركة في الألعاب حتى لو قال إنَّه لا يريد اللعب مع الأطفال الآخرين، ومن الهام هنا إيجاد التوازن واحترام شخصية الطفل، وفي نفس الوقت فتح إمكانات جديدة له ودعمه حتى لا يعوقه خجله، فعبارات مثل "لا تكن خجولاً" ليس لها مكان هنا؛ لأنَّ ذلك يمنع ابنتك أو ابنك من بناء علاقات اجتماعية، فاجعله يشعر أنَّ كل شيء على ما يرام، ولا تحمِ طفلك من التحديات، لكن شجعه وادعمه.

إقرأ أيضاً: نصائح علاجية في حالات الخجل عند الأطفال

عالم جديد ومكان للمنافسة:

في الأسابيع الأولى من المدرسة يجب على المعلمين أن يوضحوا للأطفال أنَّه لا يوجد 30 أميراً وأميرة جالسين هنا، فيجب عليك أن تعطي الأطفال صورة موضوعية وأن تعيدهم إلى الواقع، ففي المدرسة لم يعد الطفل هو مركز الاهتمام، ولا أحد يهتف له أو يدعمه، وفي المدرسة يأتي الإدراك الصعب أنَّه يتعين عليه حماية نفسه، وفجأة أصبح وحده دون أي استعداد وتصبح المدرسة تجربة حاسمة للعديد من الأطفال منذ البداية.

يبدأ ضغط المنافسة عادةً في المدرسة ويتم تشجيع الأطفال على التفكير بشكل تنافسي؛ ماذا كتب الأطفال الآخرون في اختبار الرياضيات؟ وأسئلة مماثلة تأتي من الوالدين؛ إذ يتم دفعهم إلى المقارنة المستمرة، وحتى الأندية الرياضية تدرك المشكلة، فتوجد الآن قواعد للآباء في بعض النوادي.

على سبيل المثال يُحظر عليهم الاقتراب أكثر من متر واحد من حافة الملعب، وإنَّهم يضعون الأطفال تحت ضغط كبير من خلال نصائحهم المحفزة في كثير من الأحيان والتنافسية، وفي بعض الأحيان يهينون الحكام عندما ينفعلون، وعندما لا تسير العلاقة في المنزل بسلاسة أيضاً فإنَّها تزداد سوءاً.

إقرأ أيضاً: 6 معايير أساسية لاختيار المدرسة الأنسب لطفلك

الطفل بدلاً من الشريك:

مشكلة كبيرة أخرى هي أنَّ الأطفال يتم استخدامهم بوصفهم شركاء بديلين؛ وذلك لأنَّ مشكلات العلاقة بين الزوجين تؤدي إلى مشكلات الأبوة والأمومة وتؤدي مشكلات الأبوة إلى مشكلات في العلاقة، وعندما لا تسير العلاقات بشكل جيد غالباً ما يكون التركيز أكثر على الأطفال، وهذا ليس سيئاً للأطفال فحسب؛ بل يؤثر أيضاً في الوالدين؛ إذ يسقطان في حفرة عميقة عندما يصبح الأطفال أكثر استقلالية ويغادرون المنزل.

الآباء الوحيدون يحتفظون بأطفالهم ويفضلون عدم السماح لهم أبداً بالرحيل، ولقد أدرك الإيطاليون هذه المشكلة؛ إذ توجد محاولات الآن لتحرير الأطفال البالغين من هذه التبعية، فالآباء والأمهات الذين لا يستمرون في رعاية أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً يحصلون على جائزة نقدية.

شاهد بالفيديو: 7 أخطاء تدمر الطفولة

في الختام:

إنَّ حل المشكلة هو مزيد من الحرية وقواعد أقل بكثير، ويجب أن يتعلم أطفالنا كيف يصبحون مستقلين وأن يكونوا مرنين في الحياة، ولكنَّهم لا يستطيعون فعل ذلك إلا إذا سمح لهم آباؤهم بالسقوط وعليهم النهوض بأنفسهم مرة أخرى.

يحتاج الأطفال إلى بعض المعاناة، ويجب ألا يحصلوا على كل ما يريدونه، وعليهم أن يفعلوا شيئاً من أجل الحصول عليه بأنفسهم، وإذا كان الطفل يريد شيئاً ما، فلا يمكنك أن تعطيه له بسهولة؛ بل عليه العمل من أجله بنفسه، وعليه أن يتعلم أنَّ والديه لا يمكن أن يكونا دائماً بجانبه وأنَّهما وحدهما مسؤولان عن أنفسهما بما يتناسب مع عمرهما، وعموماً يجب على الأطفال اتخاذ أكبر عدد ممكن من القرارات بأنفسهم في أقرب وقت ممكن.




مقالات مرتبطة