أخطاء لغة الجسد و10 نصائح لتحسينها الجزء الأول

هل تنتبه جيداً إلى لغة جسدك عند التواصل مع الآخرين؟ هل تنتبه إلى وضعية جسدك وإيماءاتك وتعبيرات وجهك وحركات عينيك؟ هل تُدرك المشاعر التي تعبِّر عنها لغة جسدك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "سيليستين تشوا" (Celestine Chua)، وتتحدَّث فيه عن لغة الجسد الانطوائية، وتقدِّم بعض النصائح لتحسينها.

تقترح بعض الأبحاث أنَّ السلوكات غير اللفظية تُعبِّر عمَّا نستبه 60-70% من المعنى في التواصل البشري، ما يعني أنَّ الكلمات نفسها تُعبِّر عمَّا نسبته 30-40% فقط من المعنى، وهي نسبة منخفضة جداً، بالنظر إلى أنَّ الكلمات هي أكثر وسيلة تواصل يستخدمها الناس، ويدَّعي بعض الأشخاص حتى بأنَّ لغة الجسد تشكِّل 90% من المعنى في التواصل البشري، وهي نسبةٌ مرتفعةٌ جداً إذا كان الرقم صحيحاً حقاً.

لغة جسدي في الماضي:

لم أفكِّر مطلقاً في لغة الجسد حتى وقت قريب، عندما أدركت أنَّني ربما جعلت الناس في الماضي يشعرون بأنَّني انطوائيةٌ ومنعزلةٌ، لذا دعنا نلقي نظرة على لغة جسدي في الماضي:

  • كلما تحدَّثتُ، كانت تعابيرُ وجهي جادةً إلى حدٍّ ما.
  • كنتُ أظلُّ ساكنةً، وأحاول ألَّا أتحرَّك إلا بالحدِّ الأدنى؛ لأنَّني شعرت أنَّ الحركة ستشتِّت الانتباه؛ لذا اعتدتُ أن أبقي رأسي في وضع مستقيم وثابت تماماً، على عكس بعض الأشخاص الذين يومِئون برؤوسهم، ولم أكن أدرك حتى أنَّني كنت أفعل ذلك حتى نبَّهني أحدهم إلى هذا الأمر.
  • كنت أحاول ألَّا أضحك أو أبتسم ما لم يكن لدي سبب لذلك (على سبيل المثال، كأن يقول شخص نكتةً، أو يناقش أشياء مضحكة)؛ وذلك لأنَّني ظننتُ أنَّ الضحك المستمر يعني أنَّني فظةٌ، وسطحيةٌ، ولا آخذ الشخص الآخر على محمل الجد.
  • اعتدتُ أن أضمَّ ذراعيَّ، وأضع ساقاً فوق الأخرى.
  • لطالما اعتدتُ أن أسرح في أثناء التفكير، فكنت أنظر بعيداً عن الشخص، وأضمُّ ذراعيَّ، وأضع ساقاً فوق الأخرى، وأبدو جادةً جداً، وأصمت تماماً، كنت أفعل ذلك دون وعي، وبمجرد أن أنتهي من التفكير، أنظر مجدداً إلى الشخص وأقول ما كان يدور في ذهني.
  • كنت أبقى صامتةً تماماً إن لم يكن عليَّ التحدث، ولم أكن أُلقي أي كلماتٍ أو أصوات مثل "اممم" أو "اها"، ولم أفكِّر بصوت عالٍ، ولم أفعل أي شيء من شأنه إحداث ضجةٍ (كالنقر بأصابعي على الطاولة)؛ لأنَّني شعرت أنَّ هذه التصرفات تنتقص من المحادثة.
  • طوال المحادثة، اعتدت ألَّا أعبِّر عن أي مشاعر، حتى لو قال الشخص شيئاً صدمني أو أزعجني، كنت لا أُظهر مشاعري للطرف الآخر، وخاصةً إذا كان الشعور سلبياً؛ وذلك لأنَّ إظهار المشاعر في أثناء تحدُّث الشخص سيجعله يقول الأشياء التي يظنُّ أنَّني أُريد سماعها، بدلاً ممَّا يريد قوله، فأنا أُريد أن أسمع ما يفكِّر به الشخص حقاً، وليس الآراء المتحيزة.

هكذا كنت أتفاعل مع الناس في السابق، علماً أنَّني كنت أتصرف بأسلوب مختلف تماماً مع أصدقائي المقربين، أو عندما أتحدث عن شيء كنت متحمسةً جداً له، لكن ما سبق ينطبق على الأشخاص الذين قابلتهم للتو أو لم أكن مقربةً منهم.

شاهد بالفيديو: 4 أخطاء في لغة الجسد ابتعد عنها

تغذية راجعة عن لغة جسدي:

بعد ذلك قرَّرت أن أسأل صديقتي عمَّا لاحظته عن لغة جسدي؛ لأنَّ التغذية الراجعة هي إحدى أفضل الطرائق للتعلُّم، إليك جوهر ما ناقشناه:

  • أعتقد أنَّني أبدو جديةً كثيراً في بعض الأحيان، ما رأيك في ذلك؟
  • أظنُّ أنَّ الأشخاص الذين لا يعرفونك قد يظنون أنَّك انطوائيةٌ وغير مهتمةٍ بالحديث عند التحدث إليك لأول مرة، لكن بعد قليل من الدردشة، يصبح من الواضح أنَّك لست متحفِّظةً جداً، وأنَّك ببساطة تركزين بشدة على المحادثة؛ فإنَّك تفكِّرين ملياً في موضوع الحديث، وتعطين ردوداً مدروسةً جيداً.
  • لقد ذكرتِ أنَّ الناس قد يظنون أنَّني متحفِّظة وغير مهتمة بالحديث، ما الذي جعلك تقولين هذا؟
  • عندما بدأنا الحديث، كنت قلقةً بعض الشيء لأنَّني ظننت أنَّك لم تبدي اهتماماً، كنتِ تبدين صارمةً وهادئةً جداً، فظننتُ أنَّك ربما تشعرين بالملل أو شيء من هذا القبيل، لكن أدركت لاحقاً أنَّني كنت مخطئة؛ لأنَّك أخذتي تطرحين بعض الأسئلة العميقة جداً عن الموضوع، أعمق ممَّا قد يسأله الآخرون.
  • إلى جانب الصمت والمظهر الجاد، هل فعلتُ شيئاً آخر جعلك تشعرين بأنَّني غير مهتمة؟
  • على سبيل المثال، لاحظت أنَّك تنظرين بعيداً أو إلى الأسفل بينما نتحدث، كما أنَّك تضمِّين ذراعيك أو تضعين يديكِ على ركبتيكِ كما لو أنَّك قلقة أو تحاولين الدفاع عن نفسك، وعموماً لم توحِ تعابير وجهك بأي انطباع؛ وذلك جعلني أشعر ببعض القلق؛ لأنَّني لا أعرف ما يدور في ذهنك أو ما قد تقولين.
  • لكنَّ هذه تصرفاتٌ لاشعورية، إنَّها جزءٌ من طبيعتي ومن سلوكي المعتاد عندما أفكِّر، ماذا تنصحينني بأن أفعل؟
  • ربما عليك أن تبتسمي أكثر، وأن تفكري في الشخص الآخر، وأن تبدي بعض الإيماءات الجسدية، كما أنَّ تعابير الوجه، كضم شفتيك، أو إلقاء نظرة عميقة، أو الابتسام قليلاً، أو إصدار بعض الأصوات، أو حتى بعض التواصل البصري، جميعها علاماتٌ تدل على أنَّك تفكرين، فهذه الإشارات تجعلني أشعر أنَّني جزء من عالمك الداخلي، وتجعل منكِ شخصاً يسهل الحديث معه أيضاً.
  • ماذا عن كلامي؟ أحياناً يقول الناس إنَّني أتحدث بسرعة كبيرة، ما رأيك في ذلك؟
  • لا أعتقد أنَّ الأمر يتعلق بالسرعة، ولكنَّ تنويع نغمة الصوت بين المرتفعة والمنخفضة، وسرعة الحديث بين السريعة والبطيئة، سيجعلك تبدين أكثر تفاعلاً، فإنَّك تتحدَّثين بنبرة واحدة فقط وبسرعة ثابتة، وهذا ما زاد من تعابيرك الجدية.

كانت هذه التغذية الراجعة مفيدة لي، لطالما اشتبهت في أنَّ جوانب معيَّنة من لغة جسدي، مثل طي الذراعين، قد جعلتني أبدو منغلقة، لكنَّني لم أفكِّر أبداً في أنَّ لغة جسدي قد تجعلني أبدو متحفظةً أو غير مهتمةً أو انعزالية، وبعد سماع ما قالته، فهمت الأمر تماماً، فكل إشارات لغة جسدي في أثناء الحديث، وخاصةً في أثناء التفكير، كالسكون، والصمت التام، وعدم إبداء أي تعابير، كانت تدل بالفعل على الانعزال.

إقرأ أيضاً: كيف تعرف الشخص من طريقة مشيه؟

لماذا كانت لغة جسدي على هذا النحو؟

كانت الخطوة التالية هي فهم السبب الذي جعلني أتصرف بهذه الطريقة، أعتقد أنَّ التغيير الدائم يتحقَّق من خلال العمل على تحديد جذور المشكلة وإصلاحها أولاً؛ إذ تكمن المشكلة في أنَّ معظم الأشخاص الذين يدرسون لغة الجسد يركِّزون على تغيير تصرفاتهم فقط، والذي قد يغيِّر سلوكهم الخارجي، ولكنَّهم بذلك يغفلون الأسباب الجذرية للمشكلة.

من خلال البحث في سلوكي، أدركتُ أنَّ لغة جسدي كانت كذلك لسببين: أولاً، كنت خائفة من السماح للآخرين بتشويش أفكاري، وثانياً، لم أكن أريد أن يتطفَّل الناس على مساحتي الشخصية، والأهم من ذلك، كنت أخشى السماح للآخرين معرفة ما يدور في داخلي.

نتيجةً لذلك؛ أنشأتُ لا شعورياً منطقتي الآمنة من خلال أنماط لغة الجسد المتحفِّظة، من خلال بناء حاجز حول نفسي، لن يستطيع أحد التطفُّل على مساحتي الشخصية، ولن يتمكَّن أحد من الدخول إلى عالمي، ولن يستطيع أحد أن يؤذيني.

بعد أن أدركت ذلك، أصبح من الواضح ما كان علي فعله، كان عليَّ التخلي عن أفكاري الانعزالية غير الواعية، وتحويلها إلى أفكارٍ أكثر إيجابية، وعلى الرَّغم من جميع محاولاتي في البداية، بدا أنَّني لم أتخلَّ تماماً عن هذه الأفكار، التي أدت إلى لغة جسدي الانطوائية.

إقرأ أيضاً: كيف تستثمر لغة الجسد لتكسب كاريزما قوية تسحر من حولك

في الختام:

لقد تعرَّفنا في هذا الجزء من المقال إلى التجربة الشخصية للكاتبة، التي أوضحت من خلالها أهمية لغة الجسد، والأسباب الدفينة وراء لغة الجسد الانطوائية المتحفِّظة، كما أظهرت لنا كيفية تفسير الآخرين لإشارات لغة جسدها.

تابع القراءة في الجزء الثاني والأخير كي تتعرَّف إلى كيفية تغلبها على هذه الصعوبات، وتتعلَّم من النصائح التي تقدِّمها لنا الكاتبة.ش




مقالات مرتبطة