آداب الرقية الشرعية وحكمها، وطريقة الرقية للمرض والعين والحسد والسحر

تعدُّ الرُقية الشرعية من أساليب العلاج الشائعة في العالم العربي والإسلامي، ويُقصَد بها: قراءة الآيات القرآنية أو الأدعية الشرعية التي وردت في القرآن أو عن النبي محمد -صلّى الله عليه وسلم- ، مع النفث على الموضع الذي يشتكي من ألمه الشخص المُرقَى.



هناك العديد من النصوص الشرعية التي تدلُّ على ثبوت الرُقية في الإسلام، وقد كان الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يرقي نفسه؛ لذلك يُفضَّل أن يرقي الإنسان نفسه، أسوةً برسولنا الكريم محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام)؛ كما وهنالك بعض الأشخاص الذين اتخذوا الرُقية الشرعية مهنةً يمتهِنُونها، ولكنَّ ديننا الإسلامي منع ذلك، إذ لا يجوز أن تُقرأ آيات الله عزَّ وجل والأدعية على المريض من أجل الأجر المادي؛ لأنَّ فيه استغلال لحاجات الناس وخداعهم، وقد حرَّم إسلامنا ذلك.

ما هي آداب الرُقية الشرعية؟ وما هي شروطها؟ وما هي الرقية الشرعية للمرض والحسد والعين والسحر؟ هذا ما سنتعرّف عليه في هذا المقال.

الرُقية الشرقية:

الرُقية كما عرَّفها ابن حجر العسقلاني هي: الكلام الذي يُستشفَى به من كلِّ عارض؛ وعرَّفها ابن أثير على أنَّها: العُوذة التي يُرقَى بها صاحب الآفة مثل: الحُمَّى، والصرع، وغيرها من الأمراض؛ كما وتُعَرَّف اصطلاحاً على أنَّها: كلُّ ما يُرقَى به المُسلم من القرآن وأسماء الله الحُسنى والدعاء، وذلك بنية الشفاء من الأمراض الجسدية والنفسية؛ أمَّا لغةً فهي: التعوُّذ بالله من الشيطان والجان ومُختلف الآفات.

الرُقية الشرعية حصنٌ للمسلم، فهي تحميه وعائلته من الحَسَد والعين والمرض والسحر، وهي طريقةٌ شرعيَّةٌ لإبعاد الشياطين وشرورهم.

آداب وشروط الرقية الشرعية:

يجب أن يجتمع بالرقية الشرعية شروطٌ عديدة، منها:

  1. أن تكون الرقية بكلام الله سُبحانه وتعالى، أو بأسمائه وصفاته، أو ما ورد عن النبي (صلَّى الله عليه وسلَّم)، أو ما كان مأثوراً عنه. قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [سورة الإسراء: الآية 82]، وقال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم): "عليكم بالشفائين: العسل والقرآن".
  2. أن يكون لدينا اعتقادٌ تامٌّ بأنَّ الشفاء هو من عند الله وبإذنه، وبأنَّ الرُقية الشرعية وسيلة، لكن لا تؤثِّر بذاتها.
  3. أن تَسلم الرُقية الشرعية من دعاء غير الله، مثل: سؤال الجن، وسؤال الملائكة، وسؤال الصالحين؛ وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: "اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ".
  4. ذكر شيخ الإسلام "ابن تيمية" شرطاً هامَّاً تستوجبه الرُقية الشرعية، وهو أن تكون باللسان العربي؛ إذ يُكرَه الدعاء بغيرِ اللغة العربية، ويُرخَّص لمن لا يُحسِن التحدُّث بها.
  5. أن تكون من مُسلم، وألَّا تكون من ساحرٍ أو كافر. قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. {سورة: المائدة، الآية: 27}.
  6. ألَّا يدخل فيها أيُّ مُحرَّم، مثل: الشتائم واللعن؛ فعن جابر -رضي الله عنه- قال : دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أم السائب فقال: "ما لك تزفزفين؟!" قالت : الحمى -لا بارك الله فيها- قال: "لا تسبي الحمى؛ فإنَّها تُذهب خطايا بني آدم، كما يذهب الكير خبث الحديد"، رواه مسلم.
  7. أن يكون كلٌّ من الراقي والمُرقَى طاهرين وعلى وضوء، وأن يتوجَّها إلى القِبلة، وأن يكون المكان نظيفاً وطاهراً.
إقرأ أيضاً: أدعية الشفاء للمريض من القرآن والسنة

حكم الرقية الشرعية:

تجوز الرُقية إذا كانت بالطريقة الشرعية، وهناك أحاديث تؤكِّد جوازها ورُخصتها للمُسلمين، وسنذكر لكم بعضاً منها:

  1. عن أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قال: "كان الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يتعوَّذ من الجان وعين الإنسان، حتَّى نزلت المُعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما".
  2. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين".
  3. عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: كُنَّا نرقي في الجاهلية، فقُلنا يا رسول الله كيف ترى ذلك؟ فقال: "اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ".
  4. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل قال :"باسم الله يبريك ومن كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين".
  5. عن جابر -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم فقالوا: يا رسول الله، إنه كانت عندنا رقية نرقى بها من العقرب، قال: فعرضوا عليه، فقال: "ما أرى بأساً، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه"، رواه مسلم.
إقرأ أيضاً: علامات الحسد وعلاجه وحكمه في الإسلام

الرُقية الشرعية المُختصرة لعلاج المرض والعين والحسد والسحر:

يجب بدايةً أن يكون المكان طاهراً، وأن يتوضأ الراقي والمُرقَى، ثمَّ يضع الراقي يده على رأس المُرقَى، أو على أيِّ موضعٍ من جسمه، ومن ثمَّ يقرأ السور والآيات التالية:

1- سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}.

2- آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.

3- سورة الإخلاص: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}.

4- سورة الفلق: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)}.

5- سورة الناس: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَٰهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)}.

6- أواخر سورة البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}.

7- {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}. [سورة البقرة، الآية: 102].

8- {وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ (122)}. [سورة الأعراف، من الآية: 117 إلى 122].

9- {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81)}. [سورة يونس: الآيات من 80 إلى 81].

10- {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ}. {سورة طه، الآية: 69}.

11- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهمَّ ربَّ النَّاس، أَذْهِبِ البَاس، اشفِهِ وأنت الشَّافِي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً".

إقرأ أيضاً: أحاديث نبوية عن فضل زيارة المريض

الرُقية الشرعية من السنة النبوية لعلاج المرض والحسد والعين والسحر:

  1. أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه.
  2. أعوذ بكلمات الله التامَّة من غضبه وعقابه وشرِّ عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
  3. أعوذ بكلمات الله التامات كلِّهنَ من شرِّ ما خلق.
  4. أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات، اللاتي لا يجاوزهنَ برٌّ ولا فاجر، من شر ما يُنزَّل من السماء، وشر ما يعرج فيها، وشر ما ذرأ في الأرض، وشر ما يُخرَجُ منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارقِ الليل والنهار، إلَّا طارقاً يطرقُ بخيرٍ يا رحمن.
  5. أُعِيذك بكلمات الله التامة من كلِّ شيطانٍ وهامَّة، ومن كلِّ عينٍ لامَّة.
  6. بسم الله (ثلاث مرات)، أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجدِّ وأُحاذِر.
  7. بسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. (ثلاث مرات).
  8. بسم الله أرقيك، من كلِّ شيءٍ يؤذيك، من شرِّ كلِّ نفسٍ أو عين حاسدٍ، الله يشفيك، بسم الله أرقيك.
  9. بسم الله يُبريك، ومن كلِّ داءٍ يشفيك، ومن شر حاسدٍ إذا حسد، وشر كلِّ ذي عين.
  10. اللَّهم عافني في بدني، اللَّهم عافني في سمعي، اللَّهم عافني في بصري، لا إله إلَّا أنت. (ثلاث مرات).

وبذلك عزيزنا القارىء نكون قد وضَّحنا لك مفهوم الرُقية الشرعية، وحكمها، وآدابها، وطريقة الرقية الشرعية للمرض والسحر والعين والحسد.

 

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة