9 مبادئ في الذكاء الاجتماعي يمكن للجميع إتقانها

هل تمتلك ذكاءً اجتماعياً عالياً؟ إذ يظنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ الذكاء المكتسب من القراءة والمعرفة هو ما يحدد معدل ذكائك؛ لكنَّ الذكاء الاجتماعي (SI) هو جزء هام للغاية من نجاحك؛ فالذكاء الحقيقي هو نتاج الذكاء المكتسب من الخبرة والمعرفة وذلك المكتسب من العلاقات الاجتماعية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، وتُخبرنا فيه عن تجربتها في اتِّباع بعض المبادئ لتعزيز الذكاء الاجتماعي.

الذكاء الاجتماعي:

يمنحنا كتاب "الذكاء الاجتماعي: العلم الجديد للعلاقات الإنسانية" (Social Intelligence: The New Science of Human Relationships) للدكتور دانيال جولمان (Dr. Daniel Goleman) بعض المعلومات العلمية العظيمة عن الذكاء الاجتماعي.

الذكاء الاجتماعي (SI):

هو القدرة على بناء العلاقات بنجاح والخوض في البيئات الاجتماعية.

يركز مجتمعنا تركيزاً كبيراً على الذكاء المكتسب من الكتب والمعرفة ومعدل الذكاء العقلي؛ لكنَّ علاقاتنا تؤثر في جزء أكبر بكثير من حياتنا، وفي هذا المقال ستلاحظ أنَّ ذكاءك الاجتماعي أهم بكثير من ذكائك المكتسب من الكتب، وبناء علاقات اجتماعية قوية يستحق هذا الجهد كله وستجد أنَّ:

  1. العلاقات القوية تعمل على تحسين نظام المناعة لدينا وتساعد على مكافحة الأمراض.
  2. الوحدة والعلاقات الضعيفة من أهم مصادر التوتر والمشكلات الصحية والاكتئاب.
  3. تؤثر علاقاتنا في كل مجال من مجالات حياتنا، من الزملاء إلى الأزواج إلى الأصدقاء إلى الأطفال.

دماغك الاجتماعي:

نحن مجبولون على التواصل، فيؤكد د.جولمان أنَّ لدينا بُنى محددة في دماغنا مبنية لتحسين العلاقات:

  1. خلية المغزل هي أسرع الخلايا العصبية العاملة في دماغنا التي توجه قراراتنا الاجتماعية؛ إذ إنَّ خلايا المغزل الموجودة في أدمغة الإنسان أكثر من أي نوع آخر من الخلايا الموجودة فيه.
  2. تساعدنا الخلايا العصبية المرآتية على التنبؤ بسلوك الأشخاص من حولنا من خلال محاكاة حركاتهم دون وعي، وهذا يساعدنا على الشعور بمشاعرهم، والتحرك مثلما يتحركون.
  3. عندما يحصل الرجل على نظرة من امرأة يجدها جذابة يفرز دماغه مادة الدوبامين وهي مادة كيميائية تجعلنا نشعر بالسعادة.

إليك فيما يأتي 9 طرائق يؤكد الدكتور جولمان أنَّك تستطيع من خلالها تحسين ذكائك الاجتماعي:

1. المحادثات الأولية:

تحدث عدة عمليات قبل أن ننطق كلماتنا؛ ففي حين نتحدث تستقبل أدمغتنا التعبيرات الدقيقة ونغمات الصوت والإيماءات والفيرومونات، ويمتلك الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء العاطفي وعياً أكبر بمحادثاتهم الأولية، ويحدد جولمان جانبين في هذا الوعي:

الوعي الاجتماعي: كيف تستجيب إلى الآخرين؟

  1. التعاطف الأولي: استشعار مشاعر الآخرين.
  2. التناغم: الإصغاء بتقبل كامل.
  3. دقة التعاطف: فهم أفكار الآخرين ونياتهم.
  4. الإدراك الاجتماعي: فهم العالم الاجتماعي وإنشاء شبكة من العلاقات.

تسهيل التواصل الاجتماعي: معرفة كيفية إجراء تفاعلات سلسة وفعالة

  1. التوافق: التفاعل بسلاسة.
  2. تقديم الذات: معرفة كيف تبدو أو ما هو الانطباع الذي تعطيه للآخرين.
  3. التأثير: نتاج التفاعلات الاجتماعية.
  4. القلق: الاهتمام باحتياجات الآخرين.

شاهد بالفيديو: 7 مهارات للذكاء الاجتماعي

2. المحفزات الاجتماعية:

لنبدأ بوعيك الاجتماعي، فيثير الأشخاص والأماكن مشاعر مختلفة، وهذا يؤثر في قدرتنا على التواصل، ففكر في وقت شعرت فيه بالإثارة والنشاط من خلال التفاعل، وفكر الآن في وقت شعرت فيه بالإرهاق والهزيمة بعد التفاعل، يقدم جولمان نظرية عن كيفية معالجة دماغنا للتفاعلات الاجتماعية:

اللاوعي هو طريقتنا الغريزية القائمة على العاطفة في معالجة التفاعلات، إنَّه الطريقة التي نقرأ بها لغة الجسد وتعبيرات الوجه ثمَّ نكوِّن المشاعر الغريزية تجاه الناس.

الوعي هو تفكيرنا المنطقي والنقدي للتفاعل؛ فنحن نستخدم الوعي للتواصل وسرد القصص وبناء العلاقات.

لهذين أهمية بالغة فيوجه اللاوعي مشاعرنا الداخلية وغرائزنا؛ على سبيل المثال إذا لم يحضر الناس حفلات أعياد ميلادك عندما كنت طفلاً فقد تشعر بانقباض وألم بسبب القلق عند التفكير في عيد ميلادك بوصفك شخصاً بالغاً، حتى لو كان لديك كثير من الأصدقاء الذين يحضرونه، ويخبرك الوعي أنَّك كبرت وأنَّ الأمور قد تغيرت؛ لكنَّ اللاوعي ما يزال يسبب لك قلقاً اجتماعياً.

تُسمى هذه بالمحفزات الاجتماعية؛ إذ يجب أن تكون على دراية بالمحفزات الاجتماعية اللاواعية لمساعدتك على اتخاذ قرارات بناء على العلاقات، وتساعد معرفة المحفزات الاجتماعية للاوعي في عمل ووظيفة الوعي، وإليك كيف يمكنك تحديد محفزاتك:

  1. ما هي أنواع التفاعلات الاجتماعية التي تخشاها؟
  2. من الذي تشعر بالقلق عند قضاء وقتك معه؟
  3. متى تشعر أنَّك لا تستطيع أن تكون على طبيعتك؟

3. قاعدتك الآمنة:

سواء كنت اجتماعياً أم انطوائياً هادئاً فيحتاج الجميع إلى مساحة لاستعادة الطاقة، ويقترح جولمان إنشاء "قاعدة آمنة" لتحقيق ذلك، وهي مكان أو عادة أو نشاط يساعدنا على معالجة المشاعر والأحداث؛ فالقاعدة الآمنة مفيدة لسببين رئيسين: أولاً تمنحنا مساحة لاستعادة الطاقة قبل التفاعلات حتى لا نشعر بالإرهاق، وثانياً تساعدنا على معالجة كل لقاء اجتماعي والتعلم منه.

فهل تخصص بعد عرض تقديمي للعمل، أو اجتماع، أو حفلة، أو موعد، وقتاً كافياً للتفكير ومراجعة كل ما حدث على نحو صحيح أو خاطئ؟

فيما يأتي بعض الأسئلة التي أطرحها خلال هذه المراجعة والتحقيق:

  1. ما الذي حدث بصورة جيدة؟
  2. ما الذي حدث بصورة خاطئة؟
  3. ما الذي كنت سأفعله بصورة مختلفة؟
  4. ما الذي تعلمته من هذا التفاعل؟

أفكار محتملة عن القاعدة الآمنة التي يمكنك فيها إجراء المراجعة أو التحقيق:

  1. في السيارة في أثناء القيادة إلى المنزل.
  2. في دفتر اليوميات في أثناء التدوين قبل النوم.
  3. في مصنف أعمال في أثناء تدوين الأفكار.
  4. في أثناء التفكير مع شريك.
  5. في أثناء الحديث والمناقشة مع صديق.

4. الروابط المكسورة:

أحد أكبر المخاطر في الذكاء الاجتماعي هو الافتقار إلى التعاطف، ويدعو د. جولمان هذا الأمر بالروابط المكسورة، وقد صاغ الفيلسوف مارتن بوبر (Martin Buber) فكرة "أنا والشيء" (I-It) التي تحدث عندما يعامل أحدهم شخصاً آخر بوصفه شيئاً وليس بصفته إنساناً.

تخيل أنَّك فقدت للتو أحد أفراد عائلتك، وتلقيت مكالمة هاتفية من صديق يقدم لك التعازي، فعلى الفور تشعر بانجبار المتصل على التكلم بدافع الواجب ليس إلا؛ فيبدو مشتت الذهن؛ إذ يمكنك خلال المكالمة سماع صوت الضغط على لوحة مفاتيح هاتفه، وتبدو أمنياته باردة وغير صادقة كأنَّها محفوظة عن ظهر قلب، وقد تجعلك هذه المكالمة تشعر بشعور أسوأ وليس أفضل شعور.

هذا التفاعل يجعلك تشعر كأنَّك "شيء" أو عنصر في قائمة مهام ينبغي الالتزام بها، وأي كلمة أخرى ستبدو فاترة وغير مبالية، بالنسبة إلى لقد كان لدي صديق يرسل لي بريداً إلكترونياً كل 60 يوماً لتناول الغداء، كانت رسائله متشابهة لدرجة أنَّني شعرت كأنَّني منبه في التقويم يضبطه، أو كنت مجرد عنصر على قائمة مهامه - أي شعر أنَّه "يجب" أن نتناول الغداء معاً للبقاء على تواصل، وكانت وجبات الغداء لدينا روتينية ومتوقعة ومملة؛ لذا توقفت عن قبول دعواته.

  1. لا تتفاعل لأنَّك تشعر أنَّه "يجب" عليك ذلك.
  2. ارفض الالتزامات إذا استطعت.
  3. تفاعل بتعاطف أو لا تتفاعل على الإطلاق.

5. العدوى الإيجابية:

عندما يبتسم لنا شخص ما من الصعب عدم الابتسام بالمقابل؛ فالشيء نفسه ينطبق على تعابير الوجه الأخرى؛ فعندما يكون صديقنا حزيناً ويبدأ في البكاء غالباً ما تدمع عيوننا، يحدث ذلك بسبب عمل الخلايا العصبية المرآتية لدينا، وهي جزء من استجابتنا للآخرين بناءً على اللاوعي.

إذا كانت الحالة المزاجية آسرة ولافتة للنظر انجذب نحو الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بحالتهم نفسها.

6. القدرة على التكيف:

يعكس اللاوعي تلقائياً حالة الأشخاص من حولنا، هذه هي الطريقة التي يعمل بها التعاطف، فينسخ دماغنا حالة الأشخاص من حولنا حتى نشعر كما يشعرون، وهذا بدوره يساعدنا على فهمهم، ومن أين أتوا؛ بل ونكون أفضل في التنبؤ بردود أفعالهم.

"العديد من مسارات اللاوعي تمر عبر الخلايا العصبية المرآتية، فتنشط الخلايا العصبية في الشخص بناءً على شيء يعيشه شخص آخر بالطريقة نفسها التي يعيشها الشخص نفسه، وسواء كان الألم - أو المتعة - متوقعاً أو مرئياً في شخص آخر، يتنشط نفس العصبون". د. جولمان

في بعض الأحيان قد يتعثر الوعي أو يواجه بعض العوائق؛ على سبيل المثال إذا كان شريكنا غاضباً من شيء ما نحاول التزام الهدوء، ثمَّ نحاول تهدئته، وقد يجعل ذلك الأمر أسوأ عادةً؛ فقد يشعر الشخص الغاضب أنَّك "لا تفهمه حقاً" لأنَّك تحارب غريزتك لتعكس انزعاجه؛ ففي بعض الأحيان يجب أن تسمح لنفسك بتبني عواطفه، وأن تضع نفسك بالضبط حيث هو؛ فقد يمنحك هذا لمحة جديدة عن وجهة نظره ويساعده على إدراك أنَّك تشعر بشعوره نفسه.

شاهد بالفيديو: 10 استراتيجيات للوعي الاجتماعي (الذكاء الاجتماعي)

7. الحذر من ثلاثة أنواع من الشخصيات السامة:

يحدد جولمان ثلاث شخصيات سامة يجب الحذر منها: الشخصية النرجسية والشخصية الميكافيلية والشخصية السيكوباتية أو المعادية للمجتمع.

1. الشخصية النرجسية:

عندما يكون لدى شخص ما نظرة مبالغ فيها عن نفسه، وغرور كبير وشعور بالاستحقاق.

2. الشخصية المكيافيلية:

عندما يتلاعب شخص ما ويستغل باستمرار الأشخاص من حوله.

3. الشخصية السيكوباتية:

عندما يكون الشخص متهوراً وفيه قسوة وأنانية عالية.

يلخص جولمان شعار الشخصيات الثلاث السامة على النحو الآتي:

الآخرون موجودون للإعجاب والغرام بي فقط.

8. العمى الذهني:

هل يمكنك عادة تخمين ما سيقوله شخص ما؟ وهل أنت جيد في توقع سلوك الآخرين؟ وهل تظنُّ أنَّك تعتمد حدسك؟ إذا أجبت بنعم عن هذه الأسئلة؛ فربَّما يكون لديك بصيرة ذهنية عالية ووعي اجتماعي عالٍ، وإذا أجبت بالنفي فقد تكون مصاباً بـ "العمى الذهني"؛ فالعمى الذهني هو عدم القدرة على الشعور بما يحدث في ذهن شخص آخر، ومفتاح البصر هو التعاطف.

"باختصار، الاستغراق في التفكير بالذات بجميع أشكاله يقتل التعاطف، وناهيك عن التعاطف، عندما نركز على أنفسنا يتقلص عالمنا حيث تبرز مشكلاتنا وانشغالاتنا على نحو كبير، لكن عندما نركز على الآخرين يتسع عالمنا، وتأخذ مشكلاتنا الخاصة حيزاً هامشياً في عقولنا، ومن ثمَّ تبدو أصغر، وتزيد قدرتنا على التواصل، أو العمل القائم على الرحمة". د.جولمان

يناقش جولمان أنَّنا مجبولون على الإيثار؛ إذ إنَّنا طيبون بطبيعتنا، ومع ذلك في بعض الأحيان ننسى كيف يجعلنا الإيثار نشعر بالرضى عن أنفسنا.

ابتكر الدكتور بارون كوهين (Dr. Baron-Cohen) شيئاً يسمى حاصل التعاطف، وهو تجربة لاختبار مستويات التعاطف لديك، وقد ابتكر هذا الاختبار للبالغين المصابين بأحد اضطرابات طيف التوحد (متلازمة أسبرجر) أو طيف التوحد؛ لكنَّني أجد هذا الاختبار مفيداً للغاية.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح مهمة لبناء علاقات إيجابيّة مع الآخرين

9. وصفة جولمان لعلاقات اجتماعية صحية:

"النتيجة الأكثر لفتاً للانتباه فيما يتصل بالعلاقات والصحة الجسدية هي أنَّ الأشخاص المندمجين اجتماعياً؛ أي المتزوجون ومن لديهم عائلة وأصدقاء مقربون، وينتمون إلى مجموعات اجتماعية ودينية، ويشاركون على نطاق واسع في هذه الشبكات، يتعافون بسرعة أكبر من المرض ويعيشون لفترة أطول؛ إذ إنَّ ما يقرب من ثماني عشر دراسة تظهر وجود علاقة قوية بين الترابط الاجتماعي ومعدل الوفيات". د. جولمان

إقرأ أيضاً: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة

الأصدقاء يجعلونك أكثر صحة:

وصفة جولمان لحياة سعيدة طويلة وصحية هي العلاقات الإيجابية، فالشركاء والأصدقاء والزملاء والأطفال يدعمون الروح وكذلك جهاز المناعة لدينا، ويشارك جولمان دراساتٍ وجدت أنَّ الكلمات الطيبة، والتلامس الجسدي، وسماع أغنية من عهد الطفولة تعمل على تحسين العلامات الحيوية للمرضى وحتى المصابين بأمراض قاتلة؛ إذاً الاستثمار في علاقاتك يستحق كل هذا الجهد.




مقالات مرتبطة