9 أشياء يجب ألا تتخلى عنها أبداً إذا أردت أن تكون سعيداً

"أخبرني صديقي "كارل" (Karl) هذا الصباح أنَّه يواجه مشكلة في تمثيل دور شخص مصاب بالاكتئاب في مسرحية نهاية الفصل الدراسي التي تقيمها مدرستنا، وأضاف أنَّه محظوظ لأنَّه طُلب منه أن يؤدي هذا الدور؛ لكنَّ المشكلة أنَّه لا يمتلك أي تجربة سابقة عن الاكتئاب تسمح له بتقمص الشخصية؛ الأمر الذي سيقلل من جودة أدائه، وللعلم فإنَّ كارل مثلي تماماً يتعرض لكثير من السخرية؛ لكنَّه لا يسمح لذلك بأن يصيبه بالإحباط، إنَّه يحب شخصيته، وهو سعيد بما هو عليه".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُقدِّم فيه 9 أشياء يجب أن نتمسك بها لنبقى سعداء.

هذه كانت مقدمة رسالة تلقيتها على بريدي الإلكتروني من أحد قرَّائي واسمه دارين (Darin)، ويتحدث دارين في بقية رسالته عن معاناته في تحقيق السعادة، يقول في رسالته: "أشعر أنَّني فقدت الأمل في السعي وراء السعادة"، ومن ثمَّ يضيف: "وقد ساعدني كارل منذ فترة وجيزة فقط على استيعاب حقيقة أنَّ بعض الأشياء يجب ألا أفرط بها كي أكون سعيداً، مثل التفريط بوقتي وطاقتي في سبيل القلق من السخرية التي أتعرض لها من بعض المراهقين المتنمرين".

أثَّرت كلمات دارين فيَّ كثيراً، ليس فقط لأنَّني سمحت ذات مرة لأحد المتنمرين في المدرسة الثانوية بأن يزعزع ثقتي بنفسي؛ بل لأنَّني أعلم أنَّنا جميعاً بلا استثناء وعلى اختلاف مساراتنا في الحياة كنا نسعى إلى السعادة بطريقة خاطئة، على الأقل لفترة من الزمن، لكن في المقابل يمكننا أن نكون مثل كارل من حيث الثقة والإيمان بالنفس.

لذلك ما سأقدِّمه في هذا المقال هو مجموعة من الأشياء التي لا يجب أن تضحي بها إذا أردت أن تكون سعيداً:

1. شخصيتك الأصيلة:

ستلتقي دائماً بأشخاص يرفضون أن يُظهروا لك الاحترام، أشخاص لا يعجبهم مظهرك، أو أفكارك، أو طريقتك في الكلام، أو معتقداتك، أو اهتماماتك، أو الأشخاص الذين تحبهم، وغير ذلك؛ بعبارة أخرى لن يدعمك الجميع كي تكون سعيداً بما أنت عليه، لكن لحسن الحظ الخيار لك فيما إذا كنت ستسمح لهؤلاء الأشخاص بالتأثير فيك أم أنَّك ستتشبث بشخصيتك الأصيلة وتتقبل حقيقتك كما أنت.

ابذل قصارى جهدك لتطوِّر نفسك، وإذا لم يكن ذلك جيداً بما يكفي بالنسبة إلى أحدهم فإنَّه بلا شك كافٍ بالنسبة إلى الآخرين، أنت لم تُخلق لترضي الجميع، وخاصةً إذا كان إرضاء الآخرين على حساب شخصيتك الأصيلة؛ لذلك لا تهتم بما يظنُّه الآخرون عنك، وابتهج لما تعرفه عن نفسك، وعش حياتك واشعر بالرضى لما أنت عليه، ولا تبالِ بأحكام الآخرين.

2. تحمُّل المسؤولية عن حياتك الخاصة:

يقول عالم النفس النمساوي سيغموند فرويد (Sigmund Freud): "لا يريد معظمنا الحرية حقاً؛ فالحرية تعني تحمل المسؤولية، ومعظم الناس يخشون تحملها".

لا تكن من هؤلاء الأشخاص؛ فعندما تلوم الآخرين على ما يحدث معك في الحياة فإنَّك ترفض تحمُّل المسؤولية، وتقوِّض سلطتك على هذا الجزء من حياتك الذي لم يجرِ كما أردت.

تذكَّر أنَّك حتى تحصل على السعادة يجب أن تتحلى بالمسؤولية، وبمجرد أن تتوقف عن ربط سعادتك بالآخرين ستصبح أكثر سعادة، إذا لم تكن سعيداً الآن فهذا ليس خطأ أي أحد سواك أنت.

تعتمد سعادتك في نهاية المطاف على مقدار اعتمادك على ذاتك، كما تعتمد على استعدادك المطلق لتحمُّل المسؤولية عن حياتك من الآن فصاعداً بصرف النظر عمَّن أسهم في جعل حياتك على النحو التي هي عليه الآن، وتحصل على السعادة عندما تقرر أن تتحكم بالظروف الحالية، وتحقق ذاتك الأصيلة من خلال التفكير بنفسك، واتخاذ قرار حازم لتعيش الحياة بالطريقة التي تحبها؛ تعني السعادة أن تتصرف على أنَّك المسؤول الوحيد عن حياتك بدلاً من التصرف على أنَّك ضحية للظروف وللآخرين.

3. الحب الحقيقي:

عندما تحب بصدق فإنَّك تسعى دائماً لتطوِّر ذاتك، وعندما تسعى لتحسِّن نفسك فإنَّ كل شيء من حولك يتحسن بدوره، ويحدث الحب الحقيقي بمحض المصادفة، وبطريقة عفوية، فتشعر فجأةً بالحب، تلقائياً وبشيء في قلبك دون مقدمات، يعرِّف الشاعر الأمريكي الراحل روبرت فروست (Robert Frost) الحب بقوله: "الحب هو عندما نحب الشيء كما هو على حقيقته"، وهذا ما يمنح الحياة سحرها الخاص؛ فحيث يوجد الحب الحقيقي توجد الحياة الحقيقية؛ لذا لا تدع شيئاً يمنعك من الحب، ولا تدع شيئاً يمنعك من عيش الحياة الحقيقية.

شاهد بالفيديو: السعادة الغاية التي ينشدها الجميع كيف نصل إليها

4. شغفك للمعرفة:

نحن نشعر بفرح كبير في فترة الشباب؛ لأنَّنا لا نحاول تقييد مسارات حياتنا، فيسمح لنا الفضول تجاه المواقف الجديدة ووجهات النظر المختلفة بتجربة لحظات من الحكمة والعثور على الجمال أينما كان.

الأشخاص الذين يستمرون في الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم مع تقدمهم في العمر ويحافظون على فضولهم يتعلمون أكثر من غيرهم، ويحصلون على السعادة أكثر من غيرهم على الأمد الطويل، والفضول في نهاية المطاف هو حجر الأساس في تطوير الذات خلال الحياة، إنَّه ما يسمح لنا بالتساؤل عن الأشياء كأنَّنا نراها لأول مرة على الرَّغم من أنَّنا نزداد حكمةً؛ لذلك كلما تحلينا بالفضول بقيت مشاعرنا مرهفة، وعقولنا متفتحة على الرَّغم من تقدمنا بالعمر.

لذلك تحلَّ دائماً بالفضول والرغبة بالتعلم، وحافظ على عقل منفتح، ولا تتوقف عن طرح الأسئلة والتعلم، وتطلع إلى الأمام، وخُض تجارب جديدة، وافعل ذلك كله بدافع الفضول، ولأنَّك تعلم بأنَّ كل يوم هو بداية جديدة لاكتشاف أشياء جديدة.

إقرأ أيضاً: كيف أُحدِّد شغفي؟

5. قدرتك على تحقيق التقدم:

السعادة ليست شيئاً تمتلكه؛ إنَّما السعي بجد لتطوير الذات، فتشعر بالسعادة عندما ترى نتائج جهودك؛ لذلك لا يجب أن تعتقد أنَّ الحياة ينبغي أن تكون سهلة، واعلم أنَّ الشعور بالضيق بين فترة وأخرى والإخفاق عاملان أساسيان لتحقيق السعادة والنجاح على الأمد الطويل.

تحلَّ بالقوة اللازمة للمضي قُدماً، حتى عندما يكون ذلك صعباً، فأنت لا تحصل على ما تحلم به من خلال الانتظار؛ بل من خلال الصبر، في حين تتابع العمل الجاد لتحقيق ما تحلم به في الحياة تذكَّر أنَّ بإمكانك كل يوم أن تحقق تقدماً، وكل خطوة إلى الأمام قد تكون إنجازاً؛ لكنَّك ستكتشف أنَّ تطوير الذات وإحراز التقدُّم هو رحلة طويلة تستمر طوال الحياة؛ ويعني ذلك أنَّك ستدرك أنَّه لا يوجد إنجاز نهائي حيث لم يعد يوجد تجارب جديدة، وأشياء لتتعلمها؛ لكنَّ هذه الحقيقة رائعة، وتضفي المزيد من المتعة والبهجة لحياتك.

6. الأحلام والأهداف التي تمنح حياتك المعنى:

إذا كنت تشعر بالملل من الحياة، وإذا لم تكن تشعر بشغف كبير منذ بداية اليوم؛ فهذا يعني أنَّك لم تضع الأهداف الصحيحة، وأنَّك لا تبذل ما يكفي من الجهد لتحقيق أحلامك؛ إذاً لست على المسار الذي يحقق لك السعادة، وأمامك واحد من خيارين كل صباح:

  • أن تكتفي بالأحلام دون فعل شيء.
  • أن تنطلق إلى العمل وتفعل ما يمكن أن يجعل أحلامك واقعاً.

عندما تمتلك إيماناً كبيراً بحلمك فإنَّك ستجد الطريقة لتحقيق ما كان يبدو في البداية أمراً مستحيلاً، ولا شك أنَّك تعرف أنَّ هذه هي الحقيقة، ولا شك أيضاً أنَّك تعرف ما الذي يجب أن تفعله لتحقيق حلمك؛ إذاً افعل ما ينبغي فعله.

اعمل بثقة على تحقيق أحلامك، وابذل قصارى جهدك، وعش الحياة التي تحلم بها؛ فلا شيء يمكن أن يمنعك من تحقيق أهدافك سواك أنت.

7. الصبر:

لا يعني الصبر الاستسلام وانتظار حدوث التغيير؛ بل يعني العمل والإنتاجية؛ أي بذل قصارى جهدك باستخدام الموارد المتاحة مع إدراك أنَّ النتائج التي تسعى إليها تستحق الوقت والجهد المطلوب منك، ولا يمكن تحقيق هذه النتائج بجهد أو وقت أقل.

بمعنى آخر الصبر هو الحفاظ على موقف ذهني إيجابي في أثناء سعيك الدؤوب لتحقيق أهدافك، وإنجاز المهام التي تحقق لك السعادة، في النهاية فإنَّ أصعب ما يمكن تعلُّمه في أثناء عملك على تطوير ذاتك هو الصبر ريثما تنال ما تريد، والشجاعة التي تجنبك الإحباط عندما تتأخر النتائج في الظهور.

قد يكون الصبر أمراً شاقاً؛ لكنَّ نتائجه رائعة، وهذه النتائج تستحق الانتظار، وتذكَّر أنَّك لن تختبر جمال الحياة على حقيقته إذا كنت تريد كل شيء بأسرع ما يمكن.

إقرأ أيضاً: الصبر: مفهومه، وأسبابه، ونتائجه، وكيفية تعلمه

8. الشعور بالرضى عن حياتك الحالية:

نحن نرفض أحياناً أن نعيش التجربة الحالية بكل تفاصيلها؛ لأنَّنا نحسب بناءً على تجاربنا السابقة أنَّ هذه التجربة الحالية غير ملائمة لنا؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّ التجربة التي تعيشها الآن هي بالضبط ما تحتاجه كي تحقق ما تطمح إليه في المستقبل؛ لذلك قدِّر تجاربك الحالية كلها مهما تكن؛ فالسعادة موقف ذهني مرتبط بالتركيز على الحاضر، وليس القلق بشأن المستقبل أو الندم على الماضي.

لكن للأسف ليس هذا هو واقع الحال بالنسبة إلى كثيرين، فيظن كثير من الشباب أنَّ كل حظهم من السعادة في هذه الحياة موجود في المستقبل، في حين يرى كبار السن أنَّ سعادتهم قد انقضت بانقضاء سنين شبابهم؛ لذا لا تدع الماضي أو المستقبل يقوضان شعورك بالرضى عن حاضرك، وتوقف عن الإفراط بالتفكير والقلق بشأن المستقبل والماضي.

القلق واجترار الأفكار هما أكثر ما يقوِّض سعادتنا؛ لذا ركِّز فقط على ما ينبغي القيام به الآن، وقدِّر جهودك، وامنح الحاضر تركيزك كله، وعش التجربة بكل ما فيها؛ فالحياة قصيرة جداً حتى تضيعها في القلق بشأن أشياء لم تحدث بعد.

شاهد بالفيديو: 5 طرق للعيش بحالة من الامتنان كل يوم

9. قضاء الوقت الممتع مع العائلة والأصدقاء:

على الرَّغم من أنَّ السعادة تتطلب بذل الجهد وإحراز التقدُّم، إلا أنَّنا يجب أن نتشارك في حياتنا مع الآخرين، وإذا صممت على عيش الحياة وحدك فستفشل في أن تكون سعيداً كإنسان، ستفقد حماستك للحياة إذا لم تشاركها مع الآخرين.

لن يتطور تفكيرك إذا لم تنفتح على أفكار أخرى غير أفكارك، وتشارك بالأحاديث التي تلهمك، ولا يمكن أن تصمد سعادتك في هذه الحياة إذا لم تتقن فن التشارك؛ بمعنى آخر ستتحول سعادتك الآنية إلى تعاسة على الأمد الطويل.

يفتقر الأشخاص الذين يعيشون منعزلين للشعور بمعنى الحياة؛ لذلك أيَّاً يكن ما تستمتع بفعله حاول أن تفعله مع الآخرين، أو على الأقل تحدَّث عنه مع الآخرين.




مقالات مرتبطة