9 أسباب تجعل الحياة صعبة

لستَ الوحيد الذي يتساءل لماذا الحياة صعبة، فالبؤس والمعاناة والظلم جميعها أشياء تعمُّ العالم وهي جزء من الحياة لا مهرب منه، وحين يخبرك أحدهم أنَّه يمكنك أن تكون سعيداً طوال الوقت فهو يكذب عليك، ولا ينبغي أن يكون هذا هو هدفك.



هناك فصول للحياة كما الطقس؛ إذ إنَّ أشعة الشمس تتبع المطر والعكس صحيح، وتلك الفصول هي الثمن الحتمي الذي ندفعه مقابل عيش الحياة، وأكبر مثال على ذلك هو الولادة التي يرافقها ألم المخاض.

الحياة صعبة في بعض الأحيان، لكنَّ الناس غالباً ما يصعِّبون الحياة على أنفسهم أيضاً، فهم أحياناً لا يعانون من أمور خارجة عن سيطرتهم؛ بل يجلبون المعاناة لأنفسهم، وستتعرف في هذا المقال إلى الأسباب التسعة لصعوبة الحياة وكيف يمكنك التغلب عليها:

1. التعلُّق بالمألوف:

التغيير ليس عملية سهلة بالنسبة إلى معظم الناس؛ وذلك لأنَّه يتطلب منك التخلي عن شيء مقابل الحصول على شيء جديد، وهذا أمر مخيف؛ لأنَّ الشيء "الجديد" مجهول، والبشر بطبيعتهم يخشون المجهول؛ لذا نتمسك بالوضع الحالي لأنَّه مألوف لنا ومن ثم نتجنب تغيير ظروفنا بغض النظر عن سوئها.

هكذا يحجز الناس أنفسهم في حالة من البؤس؛ إذ إنَّ تجنُّب التغيير الضروري هو سلوك مؤذٍ، والمخرج الوحيد هو إدراك أنَّه يجب عليك إجراء تغيير، وما من أحد آخر قادر على إحداثه من أجلك، ولحسن الحظ توجد طرائق فعالة للقيام بذلك.

الحل: تتمثل الاستراتيجية الفعالة للتغلب على الخوف من المجهول في اتخاذ خطوات صغيرة؛ أي ضع أهدافاً صغيرة لنفسك تشعر بأنَّها قابلة للتحقيق وحققها، وقد لا يبدو في البداية أنَّ أثرها هائل، ولكن إذا واصلت العمل عليها وحققتَها، فسوف يُحدِث هذا فارقاً كبيراً في حياتك.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح للتغلب على خوفك من المجهول والاستفادة من الحياة أكثر

2. التمسُّك بالماضي:

يمضي كثير من الناس حياتهم يكنُّون مشاعر ضغينة بسبب شيء حدث في الماضي، وينطبق ذلك على التجارب السيئة وبعض التجارب الجيدة أيضاً، على سبيل المثال: ربما ائتمنتَ مستشاراً استثمارياً على مدخراتك، وأقدمَ على استثمارٍ سيئ فخسر كل شيء.

عندما يتعرَّض الناس إلى موقف مثل هذا، غالباً ما يعلقون في طريقة التفكير التي تقول لهم إنَّهم الضحية لبقية حياتهم، ويفكرون أنَّه كان في إمكانهم التمتُّع بحياة سعيدة لو لم يفسدها عليهم مستشار الاستثمار، ومن حقهم طبعاً أن يشعروا بهذه الطريقة ولكن يجب أن يفهموا أنَّ ذلك الحدث الفردي لم يدمر بقية حياتهم؛ إذ إنَّه ربما أفسد عليهم تلك الفترة ولكنَّ موقفهم هو الذي يحدد كيف ستسير بقية حياتهم.

ثم هناك أحداث إيجابية حلوة ومُرَّة في آن واحد، على سبيل المثال: حين وقعتَ في الحب وأنت تزور بلداً آخر، ولم تتمكن من البقاء هناك وتشعر أنَّك لن تجد شخصاً مثل الذي قابلتَه هناك مرة أخرى.

الحل: يجب عليك أن تتعلم التخلي عمَّا حصل وانتهى وتقبُّل ما تملك الآن، فلست مضطراً إلى قمع عواطفك، ولكن يجب ألَّا تسمح لها بتسيير بقية حياتك.

3. التصرف بأنانية:

لنبدأ القول إنَّ الأنانية ليست أمراً سيئاً، فهي جزء من طبيعتنا سواءً أحببنا ذلك أم لا، فأمنياتك ورغباتك الأنانية هي التي تحفزك على تحديد الأهداف وتحقيقها، ولكنَّ الأنانية تصبح مشكلة عندما تتجاهل حب الآخرين؛ إذ لا ينبغي أن تحصل على ما تريده على حساب شخص آخر؛ وذلك لأنَّ الحاجة إلى التواصل مع الآخرين هي أيضاً جزء لا يتجزأ من طبيعتنا؛ بمعنى آخر، إذا ركزتَ فقط في حاجاتك الأنانية، فسوف تدفع الثمن، وإذا حققتَ النجاح على حساب علاقاتك، فلن يؤدي ذلك إلى شعورك بالسعادة.

الحل: لتكن علاقاتك أولويتك، وبما أنَّ علاقاتك ليست متساوية جميعها، فاحرص على رعاية العلاقات الأهم بالنسبة إليك ولا تسمح لاحتياجاتك الأنانية أن تدمر الصداقات الهادفة التي أنشأتَها.

4. تجنُّب المجازفة:

إذا كنتَ تتجنب المجازفة لأنَّك تخشى الفشل أو تخشى أن تكون مخطئاً، ففكر كيف تشعر حين تكون لديك رغبة قوية، ولا تسعَ إليها لأنَّك قد تفشل أو قد تبدو سخيفاً، ذلك شعور فظيع جداً أليس كذلك؟ والأسوأ من ذلك أنَّه قد يصبح ندماً ستضطرُّ إلى التعايش معه لبقية حياتك.

الأمر أشبه برؤية الفتاة المثالية وعدم محاولة التحدث معها؛ لأنَّك خائف جداً من أن تفسد الأمر على نفسك، لكن إذا لم تحاول أبداً، فسوف تفشل حتماً وهذا أسوأ فشل، أما إذا اقتربتَ منها وفشلت، فلن يكون فشلك بهذا السوء؛ وذلك لأنَّك تعلم على الأقل أنَّك حاولت.

الحل: تعامل مع حياتك كمغامرة، فلِكي تنجح يجب أن تجازف، وبالطبع سوف تفشل كثيراً، ولكنَّ كل واحدة من هذه الإخفاقات هي خطوة أقرب لتحقيق النجاح، فلا أحد يولد ناجحاً؛ وإنَّما يجب أن يكسب النجاح.

إقرأ أيضاً: 8 أسباب تجعل فرصة نجاح الأشخاص الذين يُقْدِمون على المجازفة أكبر

5. عدم تحمُّل المسؤولية:

هل تشعر بأنَّ العالم ضدك؟ وأينما ذهبت هناك شخص ما أو شيء ما ضدك؟ حقيقية الحال هي أنَّك تتجنَّب المسؤولية الشخصية وهذا يؤذيك، فالمشكلة ليست الأشخاص الآخرين فهُم بالطبع لا يتصرفون بطريقة لطيفة دائماً؛ وإنَّما المشكلة الحقيقية هي أنَّك حين تفكر بهذه الطريقة فأنت تتخلى عن قوَّتك الشخصية، وإذا كان كل ما يحدث لك ليس خطؤك بل هو خطأ شخص آخر، فلا يمكنك تغيير أي شيء ومن ثم ستشعر بالعجز؛ مما يجعل حياتك أصعب بكثير من اللازم.

الحل: تحمَّل المسؤولية؛ حيث ستحدث لك أشياء لا يمكنك فعل أي شيء حيالها، والحياة غير عادلة أحياناً ولكن يمكنك دائماً اختيار ردة فعلك في هذه المواقف.

6. الافتقار إلى الإدراك الذاتي:

يُعَدُّ الإدراك الذاتي مكوناً ضرورياً لتعيش حياة جيدة، فأنت بحاجة إلى فهم مَن أنت، وما هي الأمور التي تستمتع بها، وما هي نقاط قوَّتك كي تتمكن من بناء حياة هادفة ترضيك، ودون ذلك الإدراك الذاتي ستكون الحياة صعبة، وستشعر بأنَّك تكافح في كل خطوة، على سبيل المثال: قد تجد نفسك تعمل وظائف لا تستمتع بها، كما يمنعك نقص الإدراك الذاتي من اتخاذ أفضل القرارات لنفسك.

يعاني أشخاص عدَّة من هذا الأمر، وإذا كنتَ أحدهم، فلا تبحث خارج نفسك لتفهم نفسك؛ بل انظر إلى الداخل كي تتعرَّف حقاً إلى نفسك وتشعر بالسعادة وتعثر على المعنى.

الحل: خذ وقتك لتدرك ذاتك وتحلَّ بالصبر في أثناء هذه العملية؛ وذلك لأنَّ اكتساب الإدراك الذاتي يستغرق وقتاً، فجرِّب واختبر العديد من الأمور الجديدة لترى ما يعجبك، وقد تتفاجأ بما ستكتشفه في النهاية.

شاهد بالفيديو: 5 أشياء هي كلّ ما تحتاجه لتعيش حياة جيدة

7. الاعتقاد بأنَّ السعادة متعلقة بالنتائج:

بالطبع تشعر بالمتعة عند تحقيق أهدافك وأحلامك، والمشكلة ليست في استمتاعك بالنتائج أو الإنجازات؛ إنَّما المشكلة هي حين لا تستمتع بعملية الوصول إليها لأنَّ تركيزك مُنصَبٌّ تماماً في النتيجة.

قد تفكر في أنَّك إذا تمكنتَ فقط من الحصول على ذلك الشيء فسوف تكون سعيداً، لكنَّ هذا لا يحصل والأسوأ من ذلك هو التركيز في النتائج ثم تحقيقها؛ لأنَّه على الرغم من أنَّك قد تستمتع بها في البداية، إلَّا أنَّك ستشعر بعد وقت قصير بالحزن وستبحث عن شيء جديد لتسعى إلى تحقيقه وهكذا ستكرر المشكلة نفسها.

العملية هي ما يهم حقاً، وإذا لم تستمتع بهذه العملية، فأنت تحكم على نفسك مسبقاً بالبؤس، والأسوأ من ذلك أنَّه عندما تركز في النتيجة، فسوف تبحث عن الطرائق المختصرة وستقدِّم تضحيات قد تفيدك على الأمد القصير، ولكنَّها ستؤذيك على الأمد الطويل وهذه أسرع طريقة للفشل في تحقيق هدفك الأساسي من السعي إليه، ألا وهو الشعور بالسعادة.

الحل: يُعَدُّ وجود أهداف تركز في النتائج أمراً هاماً إذا كنت ترغب في تحقيق النجاح الشخصي، ولكنَّ الاستمتاع بالعملية هام بالقدر نفسه؛ بل هو أهم؛ لذا اسأل نفسك: إذا كنتَ لا تستمتع بما تفعله معظم الوقت، فهل يستحق كل ذلك العناء؟ ابحث عن هدف تستمتع بالخطوات التي تؤدي إلى تحقيقه كي لا تتساءل عن سبب صعوبة حياتك، بالإضافة إلى أنَّ ذلك سيزيد من احتمال تحقيقك النجاح.

8. الاعتقاد بأنَّ السعادة متعلقة بالآخرين:

على الرغم من أنَّ وجود الدعم العاطفي أمر رائع، إلَّا أنَّ الاعتماد عليه كلياً للشعور بالسعادة يمثل مشكلة، وفقاً لموقع "هيلث لاين" (Healthline): إذا كنتَ تحتاج إلى أن يلبي شريكك أو أصدقاؤك احتياجاتك العاطفية جميعها، فأنت لا تحاول تلبية هذه الاحتياجات بنفسك.

يولِّد هذا الاعتماد العاطفي انعدام الأمن والشك في الذات؛ مما يؤدي إلى شعورك بضغط عاطفي دائم؛ لأنَّك تقلق كثيراً وتحتاج إلى وجود الآخرين المستمر، فعلى الرغم من أنَّ العلاقات مفيدة، إلَّا أنَّها لا ينبغي أن تصبح الحل لملء الفراغ العاطفي والشعور بالسعادة.

الحل: تقبَّل وأحب نفسك أولاً؛ إذ إنَّ الشعور بالرضى عن نفسك هو أساس العلاقات القوية والصحية؛ لذا اقضِ بعض الوقت بعيداً عن الناس وتعلَّم الاستمتاع بوقتك بمفردك واستكشاف اهتماماتك.

إقرأ أيضاً: كيف تصنع سعادتك بنفسك؟

9. التوقعات الخاطئة:

الحياة صعبة لأنَّ المعاناة جزء من الحياة لا مفرَّ منه، ورفض ذلك لن يؤدي إلَّا إلى زيادة المعاناة، فلا يمكنك أن تكون سعيداً طوال الوقت، وتوقُّع ذلك يضمن شعورك بالإحباط.

أيَّة توقعات غير واقعية أخرى ستجعلك تشعر بالإحباط مستقبلاً؛ وذلك لأنَّك ستشعر بعدم الرضى عندما لا تتحقق، وعندما تظلُّ متمسكاً بها ستعاني، على سبيل المثال: لنفترض أنَّك حجزتَ في منتجع للعطلة، وكانت صورته جميلة مثل التالية:

لكن حين وصلتَ إلى المنتجع وجدتَ أنَّه يبدو هكذا:

هكذا تخيب توقعاتك، الآن لديك قرار يجب عليك اتخاذه، إمَّا أن تسمح لهذا الأمر بإفساد عطلتك أو أن تحاول الاستمتاع بها قدر الإمكان على الرغم منه، وفي حين أنَّ الخيار الثاني أصعب، إلَّا أنَّ الآخر ليس بديلاً منطقياً.

ستواجه مواقف مماثلة طوال الوقت، على سبيل المثال: عندما لا يحضر شخص ما في الوقت المحدد للقاء أو عندما تتوقع أن يغسل شريكك الأطباق ولا يفعل ذلك.

الحل: النصيحة الهامة هي أن تتعلَّم تقبُّل أي موقف، وتحويله إلى موقف إيجابي لتحقيق أقصى استفادة منه، وقد يفيدك تخفيض سقف توقعاتك في بعض المواقف، كما يحصل عندما تكون توقعاتك عالية جداً، ولكن كما في مثال العطلة ستكون لديك دائماً بعض التوقعات التي ستخيب.

في الختام:

المعاناة جزء لا يتجزأ من الحياة، سواءً كانت معاناة جسدية أم عقلية أم عاطفية، وبعض الأمثلة الواضحة على ذلك هي الولادة والشيخوخة والمرض والموت، وأفضل طريقة للتعامل معها هي تعلُّم تقبُّلها، وتحمُّل المسؤولية عندما تواجهها، وبذل قصارى جهدك للتفكير بإيجابية والمضي قدماً.

لكن ليست كل أنواع المعاناة متساوية بقساوتها، وإذا كان أي من الأسباب الواردة في هذا المقال هو مصدر معاناتك، فأنت قادر تماماً على التخلص منه، فالسعادة خيار بين يديك.

المصدر




مقالات مرتبطة