8 توجهات ستشكل مستقبل التعليم في العالم

لقد أثَّرت جائحة فيروس كورونا في جميع مجالات حياتنا الشخصية والاجتماعية والمهنية، ولم يحصل أن اضطررنا إلى إظهار قدرتنا على المرونة والتكيف بقدر هذا الوقت، ومما لا شك فيه أنَّ التعليم بعد عام 2019 لن يكون كما عهدناه سابقاً في أيٍّ من مستوياته أو حتى طرائقه.



إنَّ العزلة أو كما يُطلق عليها الآن: الوضع الطبيعي الجديد الذي نعيشه، والذي أجبرنا على التأقلم مع حياة ينبغي علينا فيها الحذر واتباع التدابير الاحترازية التي فرضها فيروس كورونا، قد سببت ثغرة في التعليم والموارد التي ينبغي تطبيقها في كل بلد؛ حيث يفصل هذا التفاوت في الموارد، مثل انتشار استخدام برنامج زووم (Zoom)، بين أولئك الذين يملكون الكثير عن الذين لا يملكون سوى القليل، أو حتى أولئك الذين لا يستخدمون أية أدوات، كما أنَّها كانت سبباً في إرغامنا على التفكير في مختلف الوسائل التي قد يكون لها دور في تقليص هذه الثغرة، وخاصة في المسائل الحساسة، وعلى رأسها التعليم.

التكنولوجيا اللازمة للعمل من المنزل:

تمكَّن بعض السكان من الدراسة والعمل عن بعد تبعاً لنوع العمل الذي يقومون به، ومما لا شكَّ فيه أنَّ الامتثال للتوصيات التي تدعو إلى البقاء في المنزل كان امتيازاً لنا، وقد استخدم الحاصلون على هذا الامتياز التكنولوجيا على أكمل وجه للبقاء على رأس عملهم والالتزام بالواجبات المهنية والأكاديمية والشخصية، بما في ذلك الطلبة في مختلف مراحل دراستهم.

وقد أدَّت الحاجة إلى التعليم عن بعد إلى نقلة نوعية، وشهدنا تأثيرها على أرض الواقع من خلال الفصول المتزامنة وغير المتزامنة، والتي كانت تتم في بعض الحالات على شاشات التلفاز، كما حدث في بلدان أمريكا اللاتينية (Latin American)، بما في ذلك المكسيك (Mexico) وكولومبيا (Colombia) والأرجنتين (Argentina)، والتي صمَّمها معلِّمون من مختلف المستويات؛ وبالمثل، فقد طُبِّقَ التعلم السريع بطرائق مختلفة للتفاعل مع المحتوى الأكاديمي وإجراء مؤتمرات الفيديو وتقديم نتائج العمل الأكاديمي.

التكنولوجيا حليفٌ عظيم يخدمك:

ساعدت التكنولوجيا على التواصل اليومي وتبادل الرسائل والمعلومات وحماية البيانات، ومن بين الأمور التي خدمتنا التكنولوجيا فيها؛ اضطرار الآباء والأبناء إلى البدء باستخدام التكنولوجيا للدعم التعليمي، والتي قدَّمتها شركات لم تكن معروفة في الماضي لدرجة أنَّنا لم نكن على علم بوجودها أصلاً.

وترتبط كثير من هذه الأدوات أو التطبيقات التكنولوجية بمهارات التواصل الشخصي، ولا سيما تلك التي تتعلق بالتعلم الذاتي والتسلسل الهرمي للمعلومات وتنفيذ النشاطات وتقديم الواجبات وتأكيد الحضور رقمياً، مما أعطى مجالاً أكبر لتقدُّم التعلم الافتراضي الذي شهدناه العام المنصرم، والذي قد نعاني منه جزئياً في عام 2021.

وقد وجَّه خبراء التكنولوجيا اهتمامهم إلى التعليم لضمان استمرار عملية التدريب، وذلك لتعزيز المهارات الخاصة بالطلاب في عالم يربطه الإنترنت؛ ولذا من المفترض أن نتوقع قريباً ظهور أدوات أكثر وأفضل.

إقرأ أيضاً: مستقبل التعليم: التدريب عبر الإنترنت في عالم ما بعد جائحة كورونا

النقلة النوعية في عالم التعليم:

إنَّ ما سبق ذكره هو جزء من النقلة النوعية التي ذكرناها في البداية؛ وذلك لأنَّه طرأ تغير جذري على معنى مصطلح "التعليم"، بالإضافة إلى توضيح حقيقة أنَّ عصر احتكار أنظمة التعليم الرسمية لمجال التعليم قد انتهى، وظهرت وسائل وخيارات أخرى، على سبيل المثال: العروض التعليمية التي تقدِّمها منصات مثل: غوغل (Google) ولينكد إن (LinkedIn)؛ حيث أعلن عملاق التكنولوجيا غوغل (Google) قبل بضعة أشهر عن إطلاق دورات تضاهي برامج الشهادة الجامعية الكاملة، ولكن بتكلفة أقل.

التنوع والدمج دون استبعاد أحد:

في هذا السياق وعلى الرغم من التحديات، ظهرت توجهات كبيرة في الميدان التعليمي على جميع المستويات والطرائق؛ وقد لاحت تباشير بعضها في الأفق، بينما بدأ الباقي يُطبَّق بالفعل، وكلها تصب في مصلحة تعلُّم الطلاب واستمرار العملية التعليمية في عالم يشهد تحولاً متسارعاً مع وجود احتياجات دائمة.

إليك بعض التوجهات التعليمية المستقبلية:

1. تعزيز انتشار المنهج الهجين أو المختلط:

عند العودة إلى الفصول الدراسية، سينقسم الحضور إلى مجموعات جزئية ضمن أيام الأسبوع، وهي واحدة من الإجراءات المتبعة بعد الجائحة، مما يعني أن يحضر بعض الطلاب في أيام محددة، بينما يحضر الباقون في الأيام المتبقية، وبالمثل، ستكون أولوية الحضور شخصياً للفصول التي يصعب إعطاؤها عبر الإنترنت، نحو تلك المتعلقة بالمختبرات والنشاط البدني.

2. استمرار الدراسة الذاتية والتعلُّم عن بعد:

شهدت المنصات التعليمية، مثل كورسيرا (Coursera) ولينكد إن (LinkedIn) وفيوتشر ليرن (Future Learn)، طلباً متزايداً على الدورات الدراسية التي تساعد على نمو الطالب، وذلك بسبب الجائحة التي حلَّت في العالم، وبالإضافة إلى ذلك، فقد أبرمت مؤسسات تعليمية كبرى اتفاقيات مع أهم منصات التعلُّم في مجتمعاتها المحلية.

شاهد بالفديو: أهمية التعليم عن بعد

3. استخدام إنترنت السلوكات (Internet of behavior) للتنبؤ بإمكانية استهلاك التعلُّم:

لقد أبرزت الشركة الاستشارية غارتنر (Gartner) في عام 2020 أنَّ إنترنت السلوكات يسمح بالربط بين سلوكات الأفراد وتحديد توجهاتهم الاستهلاكية، كما سيشارك أكثر من نصف سكان العالم في برنامج واحد على الأقل من برامج إنترنت السلوكات بحلول عام 2025.

4. الذكاء الاصطناعي:

وهو مورد لا مفر منه في ظل الوضع الحالي لإعادة تصميم البيئة الأكاديمية؛ ويتمثل الهدف من هذه الأداة في توحيد عملية تعلُّم الطلاب، من خلال وجود مساعد تربوي يرد على جميع الاستفسارات ومعالجة الشكوك في كل الأوقات.

إقرأ أيضاً: ما هو الذكاء الاصطناعي (AI)؟ وماهي تطبيقاته ومخاطره؟

5. أمن المعلومات:

لم يسبق أن كان تبادل البيانات والمعلومات بين مستخدمي الإنترنت مكشوفاً على هذا النحو أبداً، ولهذا السبب أصبحت مسألة أمن المعلومات موضع جدل، سواء بالنسبة إلى خصوصية بيانات الناس أم بالنسبة إلى أمن المعلومات بحد ذاته.

6. الترابط:

كما سبق وذكرنا، إنَّ العمل عن بعد باقٍ ويستمر، مما يسمح لوظائف المنظمات بالتوسع وتوطيد العمل المشترك والاهتمامات الشخصية والاستخدام الكبير للبيانات وأمن المعلومات.

7. الحوسبة الموزعة:

إذا كانت الحوسبة منتشرة بالفعل في جميع الأوامر، فقد وضعها هذا الوباء على المحك، وبالنسبة إلى المنظمات التعليمية، من الضروري توفير خدمة الحوسبة لحماية المعلومات، فضلاً عن تخزينها وحمايتها من الاختراقات المحتملة.

8. إتاحة إمكانية العمل في كل مكان:

من الهام أن تزوِّد المنظمات التعليمية مجتمعاتها المحلية بالأدوات التي تسمح لها بالعمل في أي مكان وأي وقت، وذلك بالتعامل مع تلك الأدوات كدعائم لضمان تقديم الرعاية الدائمة.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح للتعلم الفعال عن بعد

في الختام:

سنشهد خلال عام 2021 وما بعده، التكيف المستمر للمجتمعات مع هذا النموذج التعليمي الجديد الذي فرضته جائحة كورونا.

وتعمل المنظمات على تزويد المجتمعات المحلية بالأدوات التكنولوجية التي تعزز من عملية التعلُّم من المنزل أو المنهج المختلط بغية تقليص الفجوة التعليمية؛ ولذلك فإنَّ ما لن يتغير هو التكيف والابتكار والتعليم المستمر في الميدان التعليمي.

 

المصدر




مقالات مرتبطة