8 أمور يخشى الأشخاص التعساء المراهنة عليها

في صباح اليوم بعدما انتهيت من التسوق في السوق المحلي، لم يقبل نظام المحاسبة لديهم بطاقة الائتمان الخاصة بي التي كانت طريقتي الوحيدة لأدفع، ولم يبلغ النظام عن رفض بطاقتي، لكن يبدو أنَّ عملية التحويل المالي عالقة، بعد محاولتها مرتين ابتسمت أمينة الصندوق، واستخدمت مالها الخاص لدفع ثمن الحليب والبيض الذي كنت أحاول شراءه، وسلمتني الإيصال قائلة: "لست متأكدة ما خطب آلة بطاقة الائتمان في الوقت الحالي؛ لكنَّني أراكَ هنا طوال الوقت؛ لذا عاود الدفع لي عندما تُتاح لك الفرصة".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن الأمور التي يخشى الأشخاص التعساء المراهنة عليها.

كنت مصدوماً، لم أستطع التوقف عن الابتسام، ولم تستطع هي أيضاً؛ فبمبادرتها اللطيفة جعلت يوم كلينا أفضل.

بعد ظهر هذا اليوم عندما جلست للكتابة فكَّرتُ على الفور في الموقف اللطيف هذا الصباح، وأول ما تبادر إلى ذهني هو تلك السيدة الرائعة التي راهنت على ثقتها بي، الأمر الذي جعلني أفكر في كل الفرص المتاحة لنا لجعل حياتنا أكثر إشراقاً وسعادة، وكم منها لا نغتنمها أبداً؛ لذلك إذا كنت تشعر بالتعاسة قليلاً في الآونة الأخيرة فقد يكون الوقت قد حان لتراهن على بعض الأمور.

إليك فيما يأتي 8 أمور يخشى الأشخاص التعساء المراهنة عليها:

1. المراهنة على الآخرين، ومدُّ يد العون لهم:

دائماً ما يبحث أكثر الناس سعادةً ونجاحاً عن طرائق لمساعدة الآخرين، ويستمر الأشخاص التعساء والأكثر فشلاً بالتساؤل بماذا سيفيدهم فعل ذلك، ففي نهاية المطاف لن تُقاس أعظم نجاحاتك في الحياة بمدى اجتهادك؛ وإنَّما بعدد الأشخاص الذين ساعدتهم طوال الطريق، هذه هي الطريقة التي يؤدي بها النجاح إلى السعادة، فأنت تحصد ما تزرع، وحتماً ستشعر بالرضى عندما تفعل خيراً للآخرين.

اليوم ساعد من حولك وأثنِ على نقاط قوتهم، ارفع من شأنهم وساعدهم على النجاح، فعندما تختار رؤية أفضل ما في الآخرين ودعمه، سينتهي بك الأمر إلى العثور على أفضل ما في نفسك.

2. المراهنة على كرامتك وقيمتك:

كن قوياً بما يكفي للتخلي عمَّا يؤذيك وحكيماً بما يكفي للقتال من أجل ما تستحقه، ففي بعض الأحيان تواجه عقبات أصعب من أي ما مضى فقط لتصبح أقوى من أيِّ وقت مضى، وفي بعض الأحيان تحتاج إلى تقديم التضحيات حتَّى تتمكن من رؤية الاحتمالات أمامك بوضوح مجدداً؛ لذا لا ترضَ بالقليل.

حافظ على كرامتك وكن صادقاً مع نفسك دوماً، إنَّ محبة نفسك حقاً تنطوي على التصديق والثقة والإيمان بمن أنت، والاستعداد للعمل بناء على ذلك؛ لذا أوقف أحلام اليقظة وابدأ في العمل لأجل حياة أفضل لا لإيجاد حلول آنيَّة، وتحمَّل كامل المسؤولية عن حياتك وتحكَّم بها.

أنت شخصٌ ذو أهمية ولك دور هام في الحياة، لقد فات أوان الجلوس وانتظار شخص ما لإنجاز شيء ما، في يوم ما، فهذا اليوم هو اليوم، والشخص الذي يحتاج إليه العالم هو أنت.

3. المراهنة على عيوبك:

إن كنت دائم البحث عن الكمال فستكون دائم التعاسة، وعندما تتوقف عن توقُّع المثالية من الأشخاص والمواقف، تستطيع البدء في تقديرهم على حقيقتهم؛ فالعيوب والأخطاء أشياءٌ ضرورية؛ إذ نستطيع أن نصبح أفضل بالتعلُّم من أخطائنا، ونستطيع أن نكون على سجيَّتنا بكوننا غير مثاليين.

بدءاً من اليوم كن متسامحاً مع أخطاء الناس؛ ففي بعض الأحيان يتَّخذ الأشخاص الجيدون قرارات سيئة، وهذا لا يعني أنَّهم سيئون؛ بل يعني ببساطة أنَّهم بشر.

بالمثل تعلَّم عيش حياتك بعيداً عن المثاليات، وإذا كنت حقاً تريد أن تنمو لتصبح أفضل ما يمكن، فدعك من فكرة الكمال واستبدل بها متعة الاستكشاف اللامحدود، ومن الأفضل أن تعيش قدرك بصدق ومتعة وبنحو غير مثالي، بدلاً من أن ترقى لتوقعات المجتمع المفتعلة بمثالية.

شاهد بالفيديو: 10 أسباب تجعلك فخوراً بارتكاب الأخطاء

5. المراهنة على الحاضر:

القلق واجترار الأفكار بلا توقُّف هما عدوين للعيش في اللحظة الراهنة، ففي بعض الأحيان يكون البحث عن السعادة هو السبب الرئيس للتعاسة؛ لذا استمتع بحياتك اليوم ولا تتمنَّ ذلك لاحقاً بانتظار أيام أفضل في المستقبل، وتقبَّل الأمور وقدِّرها الآن، وستجد مزيداً من السعادة في كل لحظة تعيشها.

إذا كنت تشعر بالإحباط الآن، فإنَّ كل ثانيةٍ تمرُّ هي لحظة أخرى تضيعها دون تبديل حالك هذا، فالمشاعر جيدةً كانت أم سيئة دائماً ما تأتي وتذهب، والحيلة هي أن تكون ممتناً عندما تكون في مزاج جيد وعندما يكون مزاجك سيئاً، فقد لا يكون كل يوم هو يوم جيد، ولكن يوجد ما هو جيد في كلِّ يوم، وتقدير هذه الأشياء الجيدة هو ما يجعل الحياة جميلةً في النهاية.

5. المراهنة على قلبك وحدسك:

سوف تنال السعادة بسهولة أكبر عندما تشعر بالرضى عن نفسك دون الحاجة إلى موافقة أي شخص آخر، فما دمت قلقاً بشأن ما يظنُّه الآخرون عنك فإنَّك بطريقة أو بأخرى تحت سيطرتهم، وفقط حين تتوقف عن الحاجة إلى موافقتهم، تستطيع أن تكون المسيطر على حياتك حقاً.

أنصت لصوت قلبك وثق في حدسك؛ فهما نادراً ما يقودانك إلى الضلال، وإذا شعرت بداخلك أنَّ أمراً ما غير صائب، فمن المحتمل أن يكون كذلك؛ لذا توقف عن القلق بشأن ما يُفترض أن تفعل وابدأ بفعل ما تعلم أنَّه الصواب، بصرف النظر عن الطريقة التي تعيش بها سيشعر شخص ما بخيبة أمل حيال ذلك، فقط كن صادقاً مع نفسك ولا تكن الشخص الذي يشعر بخيبة أمل في النهاية.

إقرأ أيضاً: كيف تستخدم قوة القبول لتعزيز الرضى عن الحياة؟

6. المراهنة على القيام بالشيء الصحيح حتَّى إن لم يلاحظ ذلك أحد:

تحدُث معظم الأشياء الجيدة التي تقوم بها دون أن يلاحظها الآخرون، لكن عليك الاستمرار بفعلها على أيَّة حال؛ لأنَّك أنت من يلاحظ، والعديد من مساهمات الخير التي تقدمها لن يقدرها الآخرون بالكامل، لكن عليك الاستمرار بتقديمها على أيَّة حال؛ لأنَّك تدرك أنَّها الأشياء الصحيحة التي يجب القيام بها.

إنَّه لأمر رائع عندما تلقى أفعالك التقدير، ولكن حتَّى عندما لا يحدث ذلك فإنَّك ما تزال تدرك الأسباب التي تجعلك تبذل هذا المجهود كله، فتؤثر نظرتك الصادقة والواقعية لنفسك في كل ما تفعله، وتتشكل هذه النظرة بصورة رئيسة خلال الأوقات التي لا يراقبك فيها أحد، حياتك هي تعبير حي عن هويتك بصرف النظر عمَّا يظنُّه الآخرون أو يرونه.

7. المراهنة على الشعور بالضعف:

غالباً ما نمتنع عن البوح بما في قلوبنا وعقولنا، ليس لأنَّنا لا نثق في الآخرين بعدم إيذائنا أو تركنا أو خذلاننا؛ وإنَّما لأنَّنا لا نثق في قدرتنا على تجاوز الألم إن فعلوا ذلك، والمثير للسخرية أنَّنا فقط من خلال البوح والتواصل وخوض هذا الألم، نستطيع إدراك قوَّتنا الحقيقية وقدرتنا على إيجاد راحة البال.

ضع أي شعور في الحسبان، مثلاً الحب لشريك عاطفي، أو الحزن على أحد أفراد الأسرة المفقودين، أو الخوف والألم من مرض قاتل، إذا كنت تكبح جماح عواطفك ولا تسمح لنفسك بخوضها فلا يمكنك أبداً الوصول إلى نقطة الانفصال عنها.

بعبارة أخرى إذا كنت تهدر طاقتك كلها في الخوف من عواطفك الحقيقية، والضعف الذي ينطوي عليه الحب والإخلاص والقبول، فستبقى سجين ألمك إلى الأبد، ولكن من خلال خوض هذه العواطف، والسماح لنفسك بعيشها حد الغرق فيها، لا تترك أيَّ عاطفة مهملة في نفسك ولا سؤالاً عالقاً في ذهنك، فأنت تعلم ما هو الحب، وما هو الحزن، وما هو الخوف، وفقط عندما تألف هذه المشاعر بحق، يمكنك أن تقول: "أنا بخير".

8. المراهنة على إعطاء نفسك فرصة ثانية كلَّما أمكن:

كلنا بحاجة إلى فرصة ثانية؛ فهذا ليس عالماً مثالياً، ونحن لسنا أشخاصاً مثاليين، لقد أعطيت نفسي فرصة ثانية مئات المرات في مجالات مختلفة ولا أخجل من الاعتراف بذلك؛ إذ على الرغم من أنَّني فشلت كثيراً فإنَّني بذلك حاولت كثيراً أيضاً.

في معظم الأحيان يكون الفرق الوحيد بين الفوز والخسارة هو عدم الاستسلام، فنحن نادراً ما ننجح بشيء ما في المرة الأولى، وتبدأ معظم إنجازات المرء الكبيرة بقرار المحاولة مراراً وتكراراً للنهوض بعد كل محاولة فاشلة وإعطاء نفسه فرصة أخرى.

عش وتعلَّم وتخلَّ، لا تعرقل تقدُّمك بسبب ما لا يمكنك التحكُّم به، ولا تَحمِل عبء أخطائك معك، بدلاً من ذلك ضعها خلف ظهرك وانطلق من جديد، باتخاذك خطوةً تلو الأخرى سوف، وتُفاجأ إلى أيِّ مدى تستطيع التقدُّم من النقطة التي ظننت أنَّها النهاية، فكل لحظة تمنحك بداية جديدة ونهاية جديدة.

إنَّك تحصل على فرصة ثانية، كلَّ ثانية، وإن كان شيء ما لا يسير كما هو مخطط له، لا يعني أنَّه لم يكن يستحق وقتك، ففي بعض الأحيان عليك أن تفشل لتجد الطريق الصحيح؛ وذلك بتعلُّم ما لا يناسبك لاكتشاف ما يناسبك حقَّاً.

إقرأ أيضاً: 18 طريقة لتعود أقوى بعد الفشل

في الختام:

الحياة رحلة نعيشها مرَّة واحدة فلا تضيعها، ولحظات اليوم سرعان ما تصبح ذكريات الغد؛ لذا كن ممتناً لحاضرك كما هو وأمضِ وقتك بالعمل على ما هو هام، واجعل منه وقتاً لا يُنسى، ولا تدع ما كان يجب وما كان يمكن أن يحدث في الماضي يحدُّ من قدرتك وإرادتك اليوم، وعش حياتك بما لا يدفعك أبداً إلى الندم على الفرص التي لم تستثمرها، والحب الذي خشيت دخوله إلى حياتك، والعطايا التي لم تقدمها.




مقالات مرتبطة