8 أسباب وراء أهمية العمل الجماعي

يعمل الكثيرون منَّا ضمن فريق، وتبرز أهميته عندما نتأخر عن إنجاز العمل في الوقت المحدد ونطلب العون من بقية أعضاء الفريق لمساعدتنا على المشاركة في تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقنا.



يساعدنا العمل الجماعي على النمو كأفراد وتحقيق أمورٍ ليس باستطاعتنا تحقيقها بمفردنا؛ وكما يقول المثل الأفريقي القديم: "إن أردت أن تصل بسرعة، فاذهب بمفردك؛ وإن أردت الذهاب بعيداً، فاصطحب الآخرين معك".

تظهر فائدة العمل الجماعي بعدة أشكال، وفيما يأتي بضع أسباب توضح أهميَّته:

1. التعاطف مع بقية أعضاء الفريق ودعمهم:

لقد تبيَّنت أخيراً أهمية الجانب العاطفي في القيادة، وأصبح مفهوماً واسع النطاق؛ فقد وجد المديرون التنفيذيون أنَّه من المحتمل أن يحترم الأشخاص ربَّ عملهم الحازم، لكنَّهم لن يتخذوه بالضرورة قدوة لهم.

يمكن أن يجعل التعاطف أعضاء الفريق أكثر ولاءً وانخراطاً وسعادة وإبداعاً واستعداداً للعمل سوياً، ويعني ذلك أنَّ التعاطف يُمكِّن الموظفين في الفريق من تفعيل نظام المساءلة بين بعضهم بعضاً، وتقديم يد العون، والمطالبة بفترة استراحة عند الحاجة، والاعتماد على بعضهم بعضاً لتحقيق النجاح، وامتلاك تواصل شخصي وحقيقي، بحيث يكونون على استعداد أكبر لأن يضعوا أنفسهم مكان غيرهم ويشعروا بهم.

تستخدم بعض الفِرق منصة لإدارة المشروعات تُدعَى منصة "العمل الجماعي" (Teamwork) لدعم بعضهم بعضاً؛ وقد لاحظوا أنَّ اهتمامهم ببعضهم بعضاً يتزايد؛ فإن كان الجميع متفقين حول تنفيذ مشروع ما، سيسهِّل ذلك فهم عقلية أحدهم ومقصده عندما يعتزم القيام بمهمات معينة.

إقرأ أيضاً: التعاطف في العمل، تنمية المهارات لفهم الآخرين

2. مشاركة المسؤوليات:

إنَّ فريق العمل مثل فريق كرة القدم، فلكل عضو اختصاصه؛ وحتى لو اكتشفوا الخطوات المثلى للنجاح، فلن تفيدهم شيئاً ما لم يؤدي كل لاعب دوره ويعملوا سوياً في الفريق لتحقيق الفوز.

كما أنَّ الشركات بمثابة زوارق السباق الجماعية، ولا يمكن أن تدخل المنافسة إذا كان نصف الفريق فقط يجدف باتجاه خط النهاية؛ فإذا كان أحد اللاعبين يواجه صعوبة ما، فيجب على بقية الفريق مساعدته، بحيث يمنع ذلك أعضاء الفريق من التركيز على أدوراهم دون الاهتمام بالآخرين.

تتمثل آلية عمل الفِرق في اتخاذ قرارات لصالح الجماعة، حتى لو كان ذلك يعني أنَّ على أعضاء معينين تقديم التضحيات؛ فالهوية الاجتماعية هي ما قد يلهم شخصاً ليحارب دفاعاً عن بلده أو قضاء ساعات عمل إضافية في مشروع جماعي.

عندما تعدُّ نفسك عضواً من الفريق، تدفع أهدافك إلى التغيير، ولن تفكر بعد الآن في الفائدة التي تعود عليك من عمل ما، بل ستولي اهتمامك لمصلحة الجماعة؛ ممَّا يحفزك على السعي إلى تحقيق أهدافها، وتدعيم الشركة.

3. توطيد العلاقات:

يوجد نوع من تمرينات الثقة التي يرمي فيها الشخص نفسه إلى الخلف فيمسك به الشريك؛ ومع أنَّ هذا قد يكون أكثر تمرينات بناء الفريق شيوعاً، إلَّا أنَّه ليس الطريقة الوحيدة لمساعدة أعضاء الفريق على التكاتف؛ إذ تقضي الفِرق في مكان العمل ساعات طويلة معاً، وتحتاج كعضو في فريق إلى الوثوق بكل عضوٍ آخر لحماية مصدر رزق الجميع.

وفيما يأتي بعض الطرائق لتشجيع أعضاء الفريق على تمتين الروابط والعمل معاً بطريقة أفضل:

3. 1. الألعاب والمنافسات:

يمكن للشركات تشجيع فِرقها على بناء روابط قوية من خلال أنشطة كالألعاب والمسابقات، ويمكن أن تساعد الألعاب في تجزئة يوم العمل وتشجيع الفريق على التعرف ببعضهم بعضاً على المستوى الشخصي في بيئة ممتعة وودية.

3. 2. تناول الطعام سوياً:

لا شيء يجمع الناس سوياً كتناول الطعام؛ لذا يجب تشجيع الموظفين على تناول الطعام سوياً، كأن يقضي الموظفون وقتاً أطول قليلاً في استراحات الغداء، أو يذهبون لتناول الطعام سوياً في نهاية الأسبوع، أو يستمتعون بتناول المقبلات داخل الشركة؛ وتعدُّ هذه كلها استراتيجيات فعالة.

3. 3. تشجيع المحادثات الشخصية في أثناء فترات الراحة:

لا يسمح أحد لموظفيه بالعبث طوال الوقت؛ لكن في الحقيقة، تساعد المحادثات الجانبية بين الموظفين على تعزيز الإنتاجية وتوطيد العمل الجماعي.

عندما يتعرف الموظفون على بعضهم بعضاً ويتحدثون عن أفراد عائلاتهم أو حيواناتهم الأليفة أو هواياتهم المفضلة أو أحلامهم أو طموحاتهم، يساعدهم هذا على التواصل على المستوى الشخصي؛ ممَّا يقوي بدوره أواصر العلاقة فيما بينهم، ويجعلهم فريقاً فعالاً.

4. تحسين نوعية الخدمة:

يمكن للعمل الجماعي أن يجعل الشركة تزدهر، خصوصاً الشركات التي تُعنَى بخدمة العملاء.

يحث رجل الأعمال جونثان كيسر (Jonathan Keyser) في كتابه "ليس عليك أن تكون قاسياً لتفوز" (You Don’t Have to be Ruthless to Win) على أهمية الإيثار؛ ونظراً إلى أنَّ نجاح عمل الفريق يحتاج تأييد جميع أعضائه، يعدُّ كيسر (Keyser) العملاء جزءاً من تلك الاستراتيجية أيضاً.

قد يكون تعلم خدمة الآخرين كفريق أمراً صعباً ومعقداً، ولكنَّه قد يكون مجزياً للغاية؛ وتتطلب الخدمة التي تنصب لصالح الآخرين أن يتعاون أعضاء الفريق ويبذلوا جهداً إضافياً، وأن تُبنَى علاقات الفريق على أساس من الثقة والإيثار والاحترام المتبادل بين أعضائه.

إقرأ أيضاً: اخدم الآخرين لتحصل على ما تريد

5. تعزيز ثقافة العمل الإيجابية:

لا يفضِّل جميع الموظفين العمل في فريق، بل يرغب بعضهم في المساهمة الفردية؛ كما قد لا يرغب أحد في العمل مع فريق يفتقر أعضاؤه إلى الانسجام، حيث تسلب الخلافات وأوجه التعارض الرغبةَ في العمل والحماسة لديه.

تربط لاعبي الفريق الماهرين علاقة زمالة طيبة، ممَّا يخلق جوَّ عمل إيجابي جيد في النهاية؛ وما دمنا نقضي وقتاً مع زملائنا في العمل أطول ممَّا نقضيه مع عائلاتنا، فمن الهام أن نرغب ونستمتع بالعمل معهم.

إن أردت خلق بيئة عمل ممتعة ومنتجة، فمن الضروري تشجيع الموظفين على التفاني في العمل كفريق، وتعاوُنِ أعضاء الفريق معاً لإنجاز العمل؛ ولو كلَّفهم ذلك بذل مزيد من الوقت والجهد.

6. خلق جو من الأمان النفسي:

كُلِّف الباحثون في شركة غوغل (google) منذ بضع سنوات بمعرفة الإجابة عن السؤال الذي لطالما طرحته الشركات، ألا وهو: "ما هو العامل الذي يحدد مثالية الفريق؟"؛ فاكتشفوا أنَّ العامل لا يتعلق بسنوات الخبرة أو توافق الشخصيات بين الموظفين أو المزايا الوظيفية، بل يتعلق بالأمان النفسي، والذي يتمثل بدوره بعدم خوف أعضاء الفريق الناجح من الفشل، وتبادل الآراء، ومناقشة الأفكار دون الخوف من النبذ أو الانتقاد.

يدعم الأمان النفسي والعمل الجماعي بعضهما بعضاً، وتعتاد الفِرق التي تعمل سوية على الشعور بالأمان مع بعضها بعضاً، ويساعد هذا الأمان في الحقيقة على تطوير أفكارٍ أكثر إبداعاً وفاعلية للشركة كجسد واحد.

لقد وضَّحت الباحثة "إيمي إدموندسون" (Amy Edmondson) التي كانت أول من صاغ مصطلح "الأمان النفسي" في مقابلة أجرتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو (Harvard Business Review)، أنَّ الأمان النفسي يُبنَى هيكلياً وسلوكياً؛ حيث يتمثل الأمان المبني هيكلياً بتكوين فِرق صغيرة ينسجم أعضاؤها مع بعضهم بعضاً، بينما يخص الأمان المبني سلوكياً مسألة الأشخاص الذين يطلبون تغذية راجعة ويكونون مُستضعَفين.

7. خلق التوازن بين العمل والحياة الشخصية:

التوازن بين العمل والحياة الشخصية أمر نادر الحدوث في الشركات التي لا تقدِّر أهمية العمل الجماعي؛ فعندما يعي الموظفون أنَّ زملاءهم سند حقيقي لهم، يتجرؤون على أخذ استراحة بعد يوم عمل مضنٍ أو طلب إجازة مدفوعة لقضاء العطلة؛ حيث يدفعهم الشعور باهتمام الآخرين بهم إلى الرغبة في بذل جهد إضافي لإنجاز العمل.

الاستراحة من العمل مطلب حق للجميع، وحري بجميع الموظفين أن يكونوا عوناً لزملائهم، ويحثوهم على الراحة وطلب الإجازة؛ ويكون ذلك بتحمل تبعات الراحة والاسترخاء.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح تساعدك على إيجاد التوازن بين حياتك الشخصية وحياتك المهنية

8. تشجيع الابتكار:

تقدِّر الشركات المبتكِرة أهمية العمل الجماعي، ومن النادر أن يتوصل أحدهم إلى اكتشاف عبقري بمفرده دون تلقي المساعدة.

يقسِّم "كيث أيرز" (Keith Ayers) -رئيس معهد "انتغرو للقادة" (Integro Leadership Institute)- الابتكار إلى أربعة أدوار هي: التأسيس والتطوير والتنقيح والتنفيذ.

حيث يرى مؤسسو الفكرة الإمكانيات حتى لو لم يستطيعوا وضع هذه الفكرة حيز التنفيذ، ويروج المطورون لهذه الفكرة ويضمنون عدم فشلهم في مرحلة مبكرة، ويعمل المنقِّحون على الوصول إلى لبِّ الفكرة، ويبحثون الإمكانات المتاحة لإيجاد أفضل نسخة ممكنة منها؛ أمَّا المنفذون، فينقلون الفكرة من مفهوم على الورق إلى حقيقة واقعية، وتحتاج هذه العملية شخصاً دقيقاً للغاية، وقادر على أن يبذل الكثير من الوقت لإتمامها بمفرده.

الخلاصة:

ليس العمل الجماعي مجرد كلمة رنَّانة يرددها رئيسك في العمل، بل يتعداها إلى نواحٍ أخرى في الحياة؛ فلولاه، لما عُبِّدت الطرق الآمنة، ولا حُضِّر طعام طازج، ولا تمكَّنا من إجراء عمليات جراحية معقدة؛ فهو الخيط الرفيع الذي يفصل بين الشركات الناجحة والشركات الآيلة للسقوط؛ لذا أيَّاً كان طموحك، اتكل على العمل الجماعي ليساعدك على إكمال المشوار.

 

المصدر




مقالات مرتبطة