لكن من الهام أن نفهم أنَّ اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو "اختلاف في الدماغ"، يعمل دماغ طفلك عملاً مختلفاً عن 95% من أقرانه؛ لذا فإنَّ أساليب التربية الشائعة لن تناسب طفلك بالضرورة.
توجد تقنيات واستراتيجيات عدة، قد تساعد آباء الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على تحسين سلوكهم، وفيما يأتي ثمانية منها تساعد الآباء على تحسين سلوك أطفالهم وتحصيلهم المدرسي:
1. يجب تكييف تقنيات التربية للأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه:
قد لا تعمل تقنيات التربية التي تنفع مع 95% من الأطفال مع الـ 5% من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، على سبيل المثال المهلة والانتظار هي أداة لتعديل السلوك؛ وهي غالباً ما يُساء استخدامها مع الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
غالباً ما يُنصح بإعطاء مهلةٍ لمساعدة الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على تعلم التحكم بالسلوك الاندفاعي، مثل مقاطعة الحديث أو الضرب أو فرط النشاط، ومع ذلك، قد لا يعمل التطبيق القياسي لهذا التدخل الشائع في وجود اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
يُطلب من الآباء عادةً تطبيق دقيقة واحدة من المهلة لكل سنة من العمر؛ ومن ثَمَّ 6 دقائق لطفل عمره ست سنوات، وبالنسبة إلى طفل صغير مصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، قد يستغرق هذا وقتاً أطول، يقترح علماء النفس تطبيق قاعدة الـ 30% على الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وإعاقات التعلم، مما يعني أنَّ النمو الاجتماعي والعاطفي لهؤلاء الأطفال قد يكون أقل بنسبة 30% من أقرانهم؛ ومن ثَمَّ يجب عد رد فعل الطفل البالغ من العمر 6 سنوات، وكأنَّه رد فعل طفل بالغ من العمر 4 سنوات؛ لذلك مهلة 4 دقائق ستكون أكثر ملاءمة.
من السهل أن ترى كيف أنَّ فهم تأثيرات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال قد يجعل التربية أسهل بكثير.
2. استخدام المكافآت وليس العقوبات:
أحد أهم الأشياء التي يجب إدراكها بشأن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو أنَّ هؤلاء الأطفال يستجيبون استجابة أفضل للمكافآت، بدلاً من العقوبات؛ لذا باستخدام مثال المهلة: إذا كان طفلك البالغ من العمر 6 سنوات لا يجلس بهدوء في وقت المهلة، أخبره أنَّ المهلة هي 8 دقائق (ضاعف الوقت بناءً على قاعدة 30%)، لكن قل له إنَّ بإمكانه تقليلها إلى 4 دقائق إذا جلس بهدوء، ثم شاهد مدى إصرار محاولته لكسب "المكافأة"، ومن خلال التملُّص من العقوبة ومنح الطفل مكافأة وإن كانت بسيطة، فأنت تتحدث اللغة التي يفهمها الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
نصيحة: لا تتذمر، ساعد طفلك على تصحيح الأخطاء من خلال إظهار ما يجب عليه فعله أو توضيحه، بدلاً من التركيز على الخطأ الذي ارتكبه.
شاهد بالفديو: أهم النصائح لحماية الطفل من المشاكل النفسية
3. مدح السلوك الجيد وتجاهل السيئ:
عادةً ما يتوق الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى الاهتمام الإيجابي، بينما يكونون أكثر عرضة لرد فعل مفرط شديد تجاه الانتباه السلبي أو العقوبة، وقد يكون استخدام ما يسمى "الانتباه الانتقائي" مفيداً جداً في زيادة السلوك المناسب وتقليل السلوك غير اللائق.
ابدأ في الانتباه إلى السلوك الجيد من خلال الثناء مع تجاهلك للسلوك غير اللائق، على سبيل المثال إذا تململ طفلك وأصدر أصواتاً مزعجة في أثناء مساعدتك إياه على أداء واجباته المدرسية، تجاهل السلوك، وقل: "دعنا نرى مدى السرعة التي يمكننا بها إنجاز هذا العمل".
عندما يهدأ ويباشر بالدراسة، ربما تقول: "أحسنت، ها أنت تعمل بجد حقاً، وانظر، لقد انتهينا من الواجب".
قد يكون هذا صعباً في البداية؛ فعادة ما يميل الآباء إلى الاستجابة لهذا السلوك بطريقة مناقضة تماماً، إنَّ غريزتنا هي القفز على السلوكات المزعجة ومحاولة تصحيحها، لكن دون معرفة ذلك، فإنَّنا نكافئ السلوك غير اللائق لأنَّ أيَّ نوع من الانتباه هو أفضل من عدم الاهتمام على الإطلاق بالنسبة إلى طفل مصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والأسوأ من ذلك، عندما نتجاهل السلوك المناسب، فإنَّنا لا نعززه؛ لذلك لا يتعلم الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أنَّ السلوك المناسب غالباً ما يؤدي إلى الاهتمام الإيجابي.
عندما تستخدم الانتباه الانتقائي، سيزداد السلوك المكافئ، بينما سينخفض السلوك المتجاهل، فهو تحول أبوي بمقدار 180 درجة قد يصنع المعجزات مع طفل صغير يعاني مشكلات الانتباه وفرط النشاط.
نصيحة مفيدة: تجاهَل السلوك غير المناسب أو المزعج بنسبة 100% من الوقت، بينما يجب الإشادة بالسلوك المناسب بنسبة 70% إلى 80% من الوقت في البداية، ثم إلى أقل من النصف مع تحسن الأمور؛ فالهدف هو أن يتمكن الطفل تدريجياً من التحكم بسلوكه بنفسه.
4. العمل مع الأطفال:
تُركِّز معظم برامج الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على تدريب الوالدين، وهو أمر هام للغاية، لكن هذه البرامج لا تتحدث مباشرة إلى الطفل، بدلاً من ذلك، يوصى بأن يعمل الآباء والأطفال معاً بوصفهما فريقاً واحداً.
على سبيل المثال، يمكن للوالدين والأطفال المشاركة معاً في تمرينات الاسترخاء التي تعمل على تحسين التركيز وتقليل التوتر، وهي ممتعة وتحسِّن علاقتهم؛ إذ يتعلمون مهارات جديدة معاً.
تركِّز معظم البرامج المخصصة للأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على تحسين مهارة واحدة فقط؛ لكنَّها لا تقدم علاجاً سحرياً.
لقد نجح استخدام مجموعة واسعة من الأساليب (إعادة التأهيل المعرفي، وتعديل السلوك، والعلاج بالاسترخاء) في تحقيق نتائج أفضت إلى تحسينات كبيرة في السلوك والتحصيل التعليمي.
عندما يعمل الاختصاصي مع الأطفال والآباء، يقوم بتدريس مهارات حل المشكلات والمهارات الاجتماعية لتحسين الدافع واحترام الذات، ومن خلال القيام بذلك، يتعلم الطفل التركيز والعمل لتحقيق المهارات الرئيسة التي يحتاج إليها لإتقان تحسين الانتباه والتركيز والأداء، ومن ذلك الذاكرة وضبط النفس، ونتيجة لذلك يستفيد جميع أفراد الأسرة.
ملحوظة: توصي إرشادات العلاج المهني الحالية بتجربة برنامج سلوكي شامل قبل تناول الدواء للأطفال الذين يعانون أعراض ADHD خفيفة إلى متوسطة، وتشير الدراسات البحثية الحديثة إلى أنَّ التدخلات السلوكية لا تغير السلوك فحسب؛ بل تغير شكل الدماغ وعمله.
5. يستجيب الأطفال الصغار المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه جيداً للمس:
يحتاج معظم الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى كثير من الاتصال الجسدي؛ لذا أحبهم بلمسهم ومعانقتهم ودغدغتهم ومصارعتهم.
شاهد بالفديو: كيف تجعل ابنك ذكياً عاطفياً؟
6. تشجيع طفلك كل يوم:
ركِّز على نقاط قوة الطفل يومياً، وأكثر مما تفعله مع طفل لا يعاني اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، ابحث عن نقاط قوتهم واهتماماتهم وقدراتهم وشجعها، وساعدهم على استخدامها بوصفها تعويضات عن أي قيود أو إعاقات، كافئ طفلك بالثناء والكلمات الطيبة والابتسامات والتربيت على ظهره بقدر ما تستطيع.
7. ممارسة تحسين المهارات الحركية لتقليل الإحباط:
غالباً ما يعاني الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، التنسيق الحركي والعمل على تحسين التنسيق بينهم يمكن أن يقلِّل تقليلاً كبيراً من إحباطهم ويزيد من ثقتهم؛ لذلك مارس الأنشطة الحركية التي ستحفز نمو طفلك.
على سبيل المثال، بالنسبة إلى الأطفال الأصغر سناً، فإنَّ الرقص على الموسيقى أو اللعب أو ركل الكرة في المرمى أو رميها في السلة يحسِّن التنسيق والقدرة على اتباع التوجيهات دون إحباط، وقد تُحدث هذه الأنشطة البسيطة فرقاً كبيراً.
8. الاتساق يؤتي ثماره:
كونك متسقاً هو نصيحة جيدة لأيِّ والد، ويتوق أولياء أمور الأطفال الصغار المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه المرهقون إلى إيجاد "حل سريع" للسلوك المندفع الذي لا يمكن التحكم به؛ لذا فهم لا يميلون إلى الالتزام باستراتيجية واحدة لفترة كافية ليروا نجاحها؛ لذلك عند استخدام الأساليب المقترحة هنا، تذكَّر أنَّ الاتساق هام لتحقيق النجاح مع طفل صغير يعاني اضطراب الانتباه.
في الختام:
تذكَّر أنَّ اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو "اختلاف في الدماغ وليس مرضاً"؛ إذ يعمل دماغ طفلك عملاً مختلفاً عن 95% من أقرانه؛ لذا فإنَّ أساليب التربية "التي تعمل على الأطفال الطبيعيين لن تناسب طفلك بالضرورة، وقد تحتاج استراتيجيات التربية إلى أن تُدار إدارة أبسط مع التركيز تركيزاً أكبر على المكافآت ونقاط القوة لدى طفلك.
أضف تعليقاً