ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "مارك تشيرنوف" (Marc Chernoff)، ويحدِّثنا فيه عن 7 افتراضات خاطئة تدمِّر علاقاتنا مع الآخرين.
تذكَّرت هذا اليوم عندما تلقيت رسالة على البريد الإلكتروني كُتب فيها:
"تعلُّمت من خلال تجربة قاسية، أنَّ الابتسامة يمكن أن تخفي وراءها الكثير، فمع أنَّك قد تنظر إلى شخص وتراه مبتسماً، فإنَّك لا تعلم ما يخفيه وما الذي يعانيه في الحياة، وقد اتَّضحت هذه الحقيقة لي في هذا الصباح، عندما اكتشفت أنَّ واحدة من أفضل طالباتي التي لطالما بدا عليها أنَّها تنظر للحياة بإيجابية وأنَّ الابتسامة لا تفارقها، قد انتحرت في الأمس، ولا أحد يعرف ما هو السبب، وحادثة موتها تؤلمني جداً".
فما نعتقده عن الآخرين، وما نعتقد أنَّنا نعرفه عنهم بعيد جداً عن الواقع، ولذلك كتبت هذا المقال بعدما تذكَّرت 7 أشياء يجب التوقف عن افتراضها عما يتعلق بالآخرين:
1. الذين يبتسمون كثيراً هم حتماً أشخاص سعداء:
تخفي أحياناً الابتسامات المُهذَّبة والمعاملة اللطيفة، ألماً وشعوراً بالوحدة، لذلك لا تكن سطحياً في التعامل مع الآخرين، أظهِر لهم الاهتمام والحب، وأصغِ إليهم، فقد يتعذَّر علينا رؤية ألم الآخرين، لكن بوسعنا أن نكون لطفاء معهم قدرَ المستطاع.
2. الذين نحبهم ونحترمهم يستحيل أن يخذلونا:
عندما نتوقَّع المثالية فإنَّنا نصرف النظر عن الجوانب الإيجابية، والحقيقة أنَّ ما من أحد مثالي، وأحياناً يفقد الشخص الواثق من نفسه الثقة، وينفد صبر الشخص الذي عُرف عنه الكثير من الصبر، والمُؤثِر يتصرَّف بأنانية، والشخص المستنير يظهر كما لو أنَّه لا يعرف شيئاً.
قد يحدث هذا معنا جميعاً، فنرتكب الأخطاء ونغضب ونؤخَذ على حين غرة، نتعثر ونُخفق وننهار أحياناً، والغريب، أنَّنا نتغاضى عن عيوبنا، لكن قليلاً ما نتغاضى عن عيوب الآخرين؛ لذلك عامل الناس بنفس ما تُعامل به نفسك، فجميعنا في النهاية بشر.
3. الطريقة التي نفعل بها الأشياء هي الطريقة الصحيحة وما عداها خاطئ:
كلنا نسلك طرائق مختلفة سعياً وراء الإنجازات والسعادة والنجاح، ولكون الآخرين لا يتبعون مسارك فلا يعني أنَّهم مخطئون.
4. الناس الذين لا نتفق معهم لا يستحقون منَّا التعاطف والمعاملة اللطيفة:
الطريقة التي نعامل بها الأشخاص الذين نختلف معهم بشدة تعبِّر عن مدى فهمنا للحب، والتعاطف واللطف والإنسانية.
5. لا نستطيع الوثوق بالأشخاص الذين لا نعرفهم:
يضع بعض الأشخاص كثيراً من الحواجز بينهم وبين الآخرين، وفي المقابل لا يسمحون بالتواصل معهم إلا نادراً، فلا تكن من هذا النوع، كن منفتحاً، وثق بالآخرين قليلاً حتى يكون لديهم الفرصة ليثبتوا أنَّهم محل ثقة.
6. المعاملة الفظَّة من قِبل بعض الأشخاص هي مسألة شخصية:
حتى لو بدا الأمر شخصياً، إلا أنَّه نادراً ما تكون سلوكات الآخرين متعلِّقة بنا، بل متعلِّقة بالطرف الآخر، وعندما نفهم هذه الحقيقة فإنَّنا نحصل على قدر كبير من الحرية، لذلك تذكَّر أنَّ الطريقة التي يعاملك بها الآخرون هي شأنهم، لكن كيف تتفاعل معها هو شأنك.
7. الآخرون هم سبب تعاستنا وإخفاقنا وكل شيء سيئ حدث معنا:
لا يمكننا غالباً التحكُّم بما يفعله أو يقوله الآخرون، لكن يمكننا أن نقرِّر ألا تؤثِّر فينا أفعالهم أو أقوالهم، فيمكننا أن نغفر لهم، أو نتخذ أي إجراءٍ يساعد شخصيتنا على النمو؛ إذ يوجد دائماً خيار إيجابي يمكن اتخاذه؛ لذلك، فإنَّ المعركة الوحيدة التي تخوضها في الحياة ليست مع الآخرين بل مع نفسك؛ أي تتمثل بردود فعلك والعادات اليومية التي تواظب عليها.
نصيحتان للتعامل مع الأشخاص الذين يوجِّهون لنا إهانة:
قد تتطلَّب بعض الطرائق التي ذكرناها، استعداداً للتعامل مع الأشخاص الذين يثيرون غضبنا بسبب معاملتهم الفظة؛ إذ إنَّهم باختصار الأشخاص الذين لا يتصرَّفون بالطريقة التي نعتقد أنَّها مؤدَّبة، وأحياناً يكون سلوكهم مسيئاً جداً، لكن إذا سمحنا لهؤلاء الأشخاص بتجاوز حدودهم معنا مراراً وتكراراً، فسنشعر بالانزعاج والإهانة كثيراً.
شاهد بالفيديو: 6 طرق ذكية للتعامل مع الأشخاص الفظين
قد لا يكون هناك حل يناسب جميع الأشخاص، لكن غالباً ما تنفع هاتان النصيحتان:
1. ترفَّع عن التفكير كطفل صغير:
تخيَّل غضب طفلةٍ بعمر العامين لا تحصل على ما تريده فوراً، فمع سهولة هذه المشكلة، فإنَّ الطفلة تراها كارثة، وذلك لأنَّ إدراكها للأمور صغير مثل سنِّها، وليس لديها بعد المنظور الصحيح للأمور، لكنَّنا بالغون ومعرفتنا وإدراكنا للأمور أفضل، ونعلم أنَّه يوجد كثير من الأشياء الأخرى التي تجعل هذه الطفلة سعيدة.
فمن السهل أن نقول هذا، لأنَّ إدراكنا للأمور أفضل، لكن عندما يُهيننا أحدهم يتحوَّل إدراكنا فوراً إلى إدراك طفل، وتصبح هذه المضايقة التي تعرَّضنا لها، أمراً رهيباً يُثير لدينا موجة غضب عارمة، ونتصرَّف تماماً مثل الطفلة التي تبلغ من العمر عامين فقط، لكن إذا استطعنا المحافظة على إدراك ناضج للأمور، فسنرى هذه المضايقة شيئاً تافهاً لا يكاد يكون له أي أهمية ولا يستحق أن نبدِّد عليه طاقتنا.
إذاً، الحل أن تتذكَّر دوماً أن تبقى ناضجاً، وتفكِّر كالناضجين، وتحافظ على منظور واسع.
2. تعاطف مع الشخص الآخر واستوعبه:
هذه الطريقة اليسيرة يمكن أن تغيِّر بطريقةٍ إيجابيةٍ نظرتنا للأشخاص الذين يسيئون إلينا، مثلاً لنفترض أنَّ أحدهم قال لنا للتوِّ شيئاً مزعجاً، قد يكون أول ما تقوله لنفسك: "يا لوقاحته، من يعتقد نفسه؟ أليس لديه أي تقدير لمشاعرنا؟".
لكنَّنا ننسى أيضاً، أنَّه مع رد الفعل هذا فإنَّنا لا نقيم أي وزن لمشاعر هذا الشخص، فمن المُحتمل أنَّ هذا الشخص يعاني نفسياً بطريقة لا يمكن تصوُّرها، فعندما نضع هذا في الحسبان سنكون قادرين على إظهار التعاطف مع هؤلاء الأشخاص، لأنَّنا ندرك الآن أنَّ معاناتهم هي سبب تصرفهم بهذه الطريقة، لذلك يجب أن نستوعبهم لأنَّنا نعرف الآن أنَّ هذا الشخص يتألَّم، ويمكننا أن نتذكَّر لحظات كنَّا نتألَّم بها أيضاً، ولذلك نقرِّر أن نتعاطف معه.
في الختام:
نحن متشابهون من نواحٍ كثيرة، ونحتاج إلى التعاطف وقليل من الحب غير المتوقع؛ لذا جرِّب إحدى هاتين النصيحتين عندما تتعرَّض لإهانة في المرة المقبلة من شخص ما، ابتسم وخذ نفساً عميقاً، ولا تدع سلوكات الآخرين ترغمك على التصرف بطريقة لا تتماشى مع مبادئك.
أضف تعليقاً