6 نصائح للتعامل مع القلق

إنَّ القلق والشكوك والمخاوف جزءٌ طبيعيٌّ من الحياة، ولكن متى يمكننا تصنيف شيءٍ ما على أنَّه مقلقٌ بشدة؟ من الطبيعي أن تقلق بشأن فاتورةٍ غير مدفوعة، أو مقابلة توظيف قريبة، ولكن عندما يصبح القلق "الطبيعي" مستمراً ولا يمكن السيطرة عليه، يغدو خطيراً، ففي كل يوم تقلق فيه بشأن أي شيء وتفكر في أسوأ السيناريوهات، تطاردك الأفكار المقلقة وتؤثر في حياتك اليومية.



يمكن للقلق الشديد والتفكير السلبي وتوقُّع الأسوأ دائماً أن يضروا بصحتك النفسية والجسدية، فقد يُضعِف القلق الشديد قوَّتك النفسية، ويجعلك تشعر بالقلق والتوتر، ويسبب لك الأرق والصداع ومشكلات في المعدة وتشنُّج العضلات، ويجعل من التركيز في مكان العمل أو المدرسة أمراً صعباً.

يمكنك التخلص من العواطف السلبية بمساعدة أحد الأشخاص الذين تثق بهم، أو من خلال محاولة الانشغال عنها باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كما يمكن أن يكون القلق المزمن أيضاً من الأعراض الرئيسة لاضطراب القلق العام (GAD)، وهو اضطراب القلق الشائع الذي يشمل التوتر وسرعة الانفعال والشعور العام بعدم الراحة الذي يُفسد حياتك كلها.

وإذا كنتَ منزعجاً من القلق الشديد والتوتر، فهناك العديد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها للتخلص من هذا القلق؛ حيث يُعَدُّ القلق المزمن عادةً ذهنية يمكن التخلص منها؛ إذ يمكنك تدريب عقلك على البقاء هادئاً ورؤية الحياة من منظورٍ أكثر توازناً وأقل خوفاً.

لماذا يصعب التوقف عن القلق؟

قد يكلفك القلق طوال الوقت ثمناً باهظاً، ويمكن أن يبقيك مستيقظاً في الليل ويجعلك متوتراً وسريع الانفعال في أثناء النهار، وحتى إذا كنتَ تكره الشعور بنوبات الغضب، فلا يزال من الصعب جداً إيقافها، فبالنسبة إلى معظم الناس تتغذى المخاوف المزمنة والأفكار المقلقة على معتقداتهم تجاه القلق، سواء الإيجابية أم السلبية.

المعتقدات السلبية عن القلق:

قد تعتقد أنَّ قلقك المستمر ضار، وأنَّه سوف يدفعك إلى الجنون أو يؤثر في صحتك الجسدية، أو قد تقلق من أنَّك ستفقد السيطرة على قلقك؛ أي إنَّه سيتحكم بك ولن يتوقف أبداً، ومن ثمَّ تزيد المعتقدات السلبية أو التوتر بخصوص القلق من قلقك وتجعله مستمراً، على الرغم من أنَّ المعتقدات الإيجابية حول القلق يمكن أن تكون ضارةً بالقدر نفسه.

المعتقدات الإيجابية عن القلق:

قد تعتقد أنَّ قلقك يساعدك على تجنب الأشياء السيئة، ويمنع المشكلات، ويجعلك مستعداً للأسوأ، أو يقودك إلى الحلول، فهل تخبر نفسك أنَّك إذا استمررتَ في القلق بشأن مشكلةٍ ما لفترة كافية، فسوف تتمكن في النهاية من حلها؟ وهل ترى الكثير من القلق على أنَّه شيءٌ جيد؟ أم أنَّك مقتنعٌ بأنَّ الكثير من القلق هو التصرف الصحيح أم أنَّه الطريقة الوحيدة للتأكد من أنَّه لا يغيب عنك شيء؟

إذا كنتَ تعتقد أنَّ قلقك يخدم غرضاً إيجابياً، فمن الصعب التخلص من عادة القلق لديك، وبمجرد أن تُدرك أنَّ القلق هو المشكلة وليس الحل، فسوف تتمكن عندها من استعادة السيطرة على عقلك القلق.

شاهد بالفديو: 10 معتقدات إيجابية يجب أن تتبناها

نصائح للتوقف عن القلق:

1. حدِّد فترة "قلقٍ" يومية:

من الصعب أن تكون مُنتِجاً في نشاطاتك اليومية عندما يسيطر القلق والتوتر على أفكارك ويأخذانك بعيداً عن العمل أو الدراسة أو الحياة المنزلية، وهنا تبرز أهمية استراتيجية تأجيل القلق، فبدلاً من محاولة التوقف أو التخلص من الكثير من القلق، اسمح لنفسك بالقلق، ولكن توقَّف عن خوضه، وحدِّد "فترةً للتوتر"، واختر وقتاً ومكاناً محدَّدَين للقلق.

ينبغي أن يكون الوقت والمكان نفسهما كل يوم، على سبيل المثال: في غرفة المعيشة بين الساعة 5 و6 مساءً، وأن يكون أبكر بكثير من موعد النوم؛ حيث يُسمَح لك خلال فترة التوتر هذه بالقلق بشأن ما يدور في ذهنك، ولكن ينبغي أن تكون بقية اليوم خاليةً من القلق.

اكتب مخاوفك، فإذا كنتَ تفكر في فكرةٍ مقلقة أو هاجسٍ ما خلال اليوم، فدَوِّن ملاحظة قصيرة ثمَّ أكمل يومك، وذكِّر نفسك أنَّه سيكون لديك وقتٌ للتفكير فيها لاحقاً؛ لذلك لا داعي للقلق الآن، ويُعَدُّ تدوين أفكارك في دفتر ملاحظات أو على هاتفك أو جهاز الكمبيوتر الخاص بك مهمةً أصعب بكثيرٍ من التفكير فيها؛ لذلك من المرجح أن تفقد مخاوفك قوَّتها.

راجِع "قائمة القلق" الخاصة بك خلال فترة القلق، وإذا كانت الأفكار التي تكتبها لا تزال تزعجك، فاسمح لنفسك أن تقلق، ولكن فقط ضمن الوقت الذي خصصتَه لفترة القلق، فعند فحص مخاوفك بهذه الطريقة، ستجد أنَّه غالباً ما يكون من السهل تطوير منظورٍ أكثر توازناً، وإذا لم تَعُد مخاوفك هامة، فقصِّر فترة القلق واستمتِع ببقية اليوم.

إقرأ أيضاً: ماهي أبرز أعراض القلق النفسي عند الإنسان

2. تحدَّ الأفكار المقلقة:

إذا كنتَ تعاني من توترٍ مزمنٍ والكثير من القلق، فمن المحتمل أنَّك تنظر إلى العالم بطرائقٍ تجعله يبدو أكثر تهديداً مما هو عليه، فمثلاً يمكنك المبالغة في احتمالات تحوُّل الأمور على نحوٍ سيئ، وتخيُّل السيناريوهات الأسوأ مباشرةً، أو التعامل مع كل فكرةٍ مقلقة كما لو كانت حقيقيةً، ويمكنك أيضاً التشكيك في قدرتك على حلِّ مشكلات الحياة، بافتراض أنَّك ستنهار عند أول علامةٍ على وجود مشكلةٍ ما، وتشمل هذه الأنواع من الأفكار المعروفة باسم التشوهات المعرفية ما يلي:

  1. لا تنظر إلى الأشياء من منظور إما أبيض أو أسود، أو تتَّبع طريقة تفكير كل شيء أو لا شيء، مثل "إذا لم يكن كلُّ شيءٍ مثالياً، فأنا فاشلٌ تماماً"، فالتعميم المفرط على تجربة سلبية واحدة مثل: "لم يتم تعييني لهذه الوظيفة، ولن أحصل على وظيفةٍ أبداً"، والتركيز على السلبيات واستبعاد الإيجابيات، وإدراك الشيء الوحيد الذي يحدث بشكلٍ خاطئ بدلاً من كل شيءٍ يسير على نحوٍ صحيح، مثل "لقد أخطأتُ في السؤال الأخير في الاختبار؛ لذا أنا أحمق".
  2. القيام بتبرير استبعاد الأحداث الإيجابية، مثل "لقد نجحتُ في العرض التقديمي، لكن كان ذلك محض صدفة"، والإدلاء بتعليقاتٍ سلبية دون دليلٍ حقيقي، فأنت تتصرف كقارئٍ للأفكار مثل "أعرف أنَّك تكرهني في الخفاء"، أو عرَّافاً مثل "أشعر أنَّ شيئاً فظيعاً سيحدث"، وانتظار حدوث أسوأ السيناريوهات، فمثلاً يقول الطيار إنَّ الطائرة سوف تدخل في مطبَّاتٍ هوائية، فتعتقد أنَّه "سوف تتحطم الطائرة"، والاعتقاد بأنَّ الطريقة التي تشعر بها تعكس الواقع، مثل "أنا أشعر أنَّني أحمق، لا بُدَّ أنَّ الجميع يسخر مني".
  3. إلزام نفسك بقواعد صارمة بما يجب عليك فعله وما لا يجب عليك فعله وجلد ذاتك إذا خالفتَ أياً منها، مثل "ما كان يجب أن أحاول التحدث معه مطلقاً، أنا أحمق"، ووصف نفسك بناءً على الأخطاء والعيوب المتصوَّرة، مثل "أنا فاشل، أنا أشعر بالملل، أنا أستحق أن أكون وحيداً"، وتحمُّل المسؤولية عن أشياء خارجة عن إرادتك، مثل "أتحمل مسؤولية الحادث الذي تعرَّض له ابني، كان عليَّ تحذيره من القيادة تحت المطر"؛ حيث يأتي القلق الشديد من مجرد قبول الأفكار السلبية.

كيف تتغلب على أفكار "القلق الشديد"؟

خلال فترة القلق التي حددتَها، تحدَّ أفكارك السلبية بأن تسأل نفسك: ما الدليل على صحة هذه الفكرة؟ أهي صحيحة؟ وهل هناك نظرة أكثر إيجابية وواقعية للوضع؟ وما هو احتمال حدوث ما أخشاه؟ إذا كان الاحتمال منخفضاً، فما هي بعض النتائج المرجَّحة بشكل أكبر للحدوث؟ وهل قدَّمَت هذه الفكرة المساعدة؟ وكيف سيساعدني القلق بشأنها وكيف سيؤذيني؟ وماذا أقول لصديقٍ لديه هذا القلق؟

3. ميِّز بين المخاوف التي يمكن حلها والمخاوف غير القابلة للحل:

تُظهر الأبحاث أنَّه عندما تقلق، فإنَّك تشعر مؤقتاً بتوترٍ أقل، فالتفكير في المشكلة يأخذك بعيداً عن عواطفك ويجعلك تشعر وكأنَّك أنجزتَ شيئاً ما، لكنَّ القلق وحلَّ المشكلات هما شيئان مختلفان تماماً؛ حيث يمكن في هذه الحالة للقلق الشديد أن يقودك بعيداً عن الواقع.

ويتضمن حلُّ المشكلات تقييم الموقف، واتخاذ خطواتٍ ملموسة للتعامل معه، ثمَّ وضع الخطة موضع التنفيذ، ومن ناحيةٍ أخرى، نادراً ما يؤدي القلق الشديد إلى حلول، فبصرف النظر عن مقدار الوقت الذي تمضيه في أسوأ السيناريوهات، فأنت لم تَعُد مستعداً للتعامل معها في حال حدوثها.

هل يمكن إيجاد حلٍّ لمخاوفك؟

إنَّ المخاوف التي يمكن حلها هي مخاوف يمكنك التصرف بناءً عليها على الفور، فمثلاً إذا كنتَ قلقاً بشأن فواتيرك، فيمكنك الاتصال بالدائنين للحصول على معلوماتٍ حول خياراتٍ مرنة للدفع، بينما المخاوف غير القابلة للحل هي مخاوفٌ لا يوجد إجراء مقابلٌ لها، فماذا لو أُصِبتُ بالسرطان في أحد الأيام؟ أو ماذا لو تعرَّض طفلي لحادث؟

إذا كان من الممكن إيجاد حلٍّ لقلقٍ ما، فابدأ بالعصف الذهني، وحضِّر قائمةٍ بجميع الحلول الممكنة التي يمكنك التفكير فيها، وحاول ألا تغوص كثيراً بإيجاد الحل الأمثل، وركِّز على ما تستطيع تغييره بدلاً من الظروف أو الوقائع الخارجة عن إرادتك، وضع خطة عمل بعد التفكير في خياراتك، فبمجرد أن يكون لديك خطة وتبدأ بفعل شيءٍ حيال المشكلة، سوف تشعر بقدرٍ أقل من القلق.

إذا كان القلق غير قابلٍ للحل، فتقبَّل عدم اليقين، فالقلق غالباً هو الطريقة التي نحاول بها التنبؤ بما يمكن توقُّعه في المستقبل، وذلك لتجنب المفاجآت غير السارة والتحكم بالنتيجة، ولكنَّ المشكلة هي أنَّ هذه الطريقة لا تعمل.

إنَّ التفكير في كل ما يمكن أن يحدث على نحوٍ خاطئ لا يجعل الحياة أكثر قابليةً للتنبؤ، فالتركيز على سيناريوهات الحالات الأسوأ سيمنعك من الاستمتاع بالأشياء الجيدة التي لديك الآن، ومن ثمَّ للتوقف عن القلق، تعامَل مع حاجتك إلى الدقة والاستجابة الفورية، فهل تميل إلى توقُّع الأشياء السيئة لمجرد أنَّها غير مؤكدة؟ وما هي فرص حدوثها؟

بالنظر إلى الاحتمال الضئيل للغاية، هل من الممكن التعايش مع الاحتمال الضئيل لحدوث شيءٍ سلبي؟ اسأل أصدقاءك وعائلتك عن كيفية تعاملهم مع عدم اليقين في مواقف معيَّنة، فهل يمكنك أن تفعل الشيء نفسه؟ وانتبِه لمشاعرك، فغالباً ما يكون القلق الشديد بشأن عدم اليقين وسيلةً لتجنب المشاعر المزعجة، ولكن من خلال تعديل عواطفك، يمكنك البدء بقبول مشاعرك، حتى تلك التي تجعلك تشعر بعدم الارتياح أو ليس لها معنى.

4. اقسم حلقة التوتر إلى نصفين:

إذا كنتَ متوتراً للغاية، فقد تبدو الأفكار السلبية وكأنَّها بلا نهاية، وقد تشعر أنَّك فقدتَ السيطرة أو مجنون أو على وشك أن تصبح منهكاً تحت وطأة كل هذا التوتر، ولكن هناك خطوات يمكنك القيام بها على الفور لتفكيك كل تلك الأفكار المقلقة ولتمنح نفسك وقتاً للتخلص من المخاوف القاسية؛ لذا انهض وابدأ بالتصرف.

إنَّ الرياضة علاجٌ طبيعي وفعال مضاد للقلق؛ وذلك لأنَّها تُسبب إفراز الإندورفين الذي يقلل التوتر والضغط ويزيد من طاقتك ومن إحساسك بالصحة الجيدة، والأهمُّ من ذلك، يمكنك قطع سلسلة الأفكار المقلقة من خلال التركيز حقاً على ما يشعر به جسدك وأنت تتحرك، فانتبِه مثلاً إلى إحساسك عندما ترتطم قدماك بالأرض أو لإيقاع تنفُّسك أو لإحساسك بالشمس أو الرياح على بشرتك في أثناء المشي أو الجري أو الرقص.

مارِس اليوغا أو التاي تشي، فمن خلال تركيز عقلك على حركاتك وتنفُّسك، تحافظ على انتباهك على الحاضر؛ مما يساعدك على تصفية ذهنك والاسترخاء، ومارِس التأمل؛ حيث يُحوِّل التأمل تركيزك من القلق بشأن المستقبل أو التركيز على الماضي إلى ما يحدث الآن، فمن خلال الشعور الكامل باللحظة الحالية، يمكنك كسر الحلقة اللانهائية للأفكار والمخاوف السلبية.

أنت لستَ بحاجةٍ إلى الجلوس بوضعية القرفصاء، أو إضاءة الشموع أو البخور، أو غناء الترانيم، فقط ابحث عن مكانٍ هادئ ومريح واختر من بين العديد من تطبيقات الهواتف الذكية المجانية أو الرخيصة التي يمكن أن تُوجِّهك خلال عملية التأمل.

تدرَّب على الاسترخاء التدريجي للعضلات؛ حيث يمكن لهذا أن يساعدك على كسر حلقة القلق اللانهائية من خلال تركيز عقلك على جسمك بدلاً من أفكارك، فعن طريق التمدد بالتناوب ثمَّ إرخاء العضلات المختلفة في جسمك، أنت تُقلل من تشنج العضلات، ومن ثمَّ عندما يرتاح جسمك سوف يرتاح عقلك، وحاول أن تتنفس بعمق، فعند التوتر أنت تقلق وتتنفس بشكلٍ أسرع؛ مما يؤدي عادةً إلى المزيد من التوتر، ومع ذلك يمكنك تهدئة عقلك وإيقاف الأفكار السلبية عن طريق القيام بتمرينات التنفس العميق.

إقرأ أيضاً: كيف تسيطر على التوتر في دقائق قليلة؟

5. تحدَّث عن مخاوفك:

قد يبدو الأمر وكأنَّه حلٌّ بسيط، ولكنَّ التحدث وجهاً لوجه مع صديق تثق به أو أحد أفراد أسرتك، والذي سيستمع لك دون حكم أو نقد أو تشتيت مستمر، هو أحد أكثر الطرائق فاعليةً لتهدئة نظامك العصبي والتوتر الشائع، وعندما تبدأ مخاوفك بالتصاعد، فإنَّ التحدث عنها يمكن أن يجعلها أقل تهديداً.

ويؤدي إخفاء مخاوفك إلى تفاقمها، ولكنَّ قولها بصوت عالٍ يمكن أن يساعدك في الكثير من الأحيان على فهم ما تشعر به ووضع الأمور في نصابها، وإذا كانت مخاوفك مجحفةً، فإنَّ التعبير عنها شفهياً يمكن أن يكشف عن حقيقتها؛ أي إنَّها مخاوف غير ضرورية، وإذا كانت مخاوفك مبرَّرة، فإنَّ مشاركتها مع شخصٍ آخر يمكن أن ينتج حلولاً لا يمكنك التفكير فيها بمفردك.

بناء نظام دعمٍ قوي، فإنَّ البشر مخلوقاتٌ اجتماعية، فلا يمكننا العيش في عزلة، ومع ذلك إنَّ نظام الدعم القوي لا يعني بالضرورة وجود شبكة كبيرة من الأصدقاء، فلا تُقلل من شأن فائدة قلَّةٍ الأشخاص الذين يمكنك الوثوق بهم وتعتقد أنَّهم سيكونون إلى جانبك.

وإذا كنتَ تشعر بأنَّ هناك شخصاً ما يمكنك الوثوق به، فاعلم أنَّه لم يفت الأوان أبداً لتكوين صداقاتٍ جديدة، واعرف مَن يجب عليك تجنُّبه عندما تشعر بالقلق، فقد يكون موقفك القلِق من الحياة شيئاً تعلَّمتَه في أثناء نشأتك، فإذا كانت والدتك مصدر قلقٍ مزمن، فهي ليست أفضل شخصٍ يمكنك الاتصال به عندما تشعر بالقلق، وذلك بصرف النظر عن قربكما من بعضكما، ففي أثناء التفكير فيمَن الذي ستلجأ إليه، اسأل عما إذا كنتَ ستشعر شعوراً أفضل أم أسوأ بعد التحدث إلى هذا الشخص عن المشكلة.

6. مارِس اليقظة الذهنية:

غالباً ما يركز التوتر على المستقبل؛ أي ما قد يحدث وكيفية التعامل معه، أو الماضي وذلك من خلال إعادة تشكيل ما قلتَه أو فعلتَه، ويمكن لممارسة اليقظة الذهنية التي استمرت لقرون أن تساعدك على تخفيف قلقك من خلال إعادة انتباهك إلى الحاضر.

تساعدك هذه الاستراتيجية على ملاحظة مخاوفك ثمَّ تجاوزها، وتُحدد المكان الذي يسبب فيه تفكيرك المشكلات، وتجعلك تتواصل مع عواطفك، فاقبل مخاوفك وراقِبها، ولا تحاول أن تتجاهلها أو تحاربها أو تتحكم بها كما تفعل دائماً؛ بل راقِبها من وجهة نظر مراقبٍ خارجي دون ردِّ فعلٍ أو إصدار أحكام.

تخلَّص من مخاوفك، ولاحِظ أنَّه عندما لا تحاول التحكم بالأفكار المقلقة التي تظهر، فإنَّها تمرُّ بسرعة دونما إحداث أيَّة مشكلات، فأنت لا تتعثر إلا عندما تكون منشغلاً بمخاوفك، وركِّز على الحاضر، وانتبه إلى ما يشعر به جسمك، وإلى إيقاع تنفُّسك، وعواطفك المتغيرة باستمرار، والأفكار التي تراودك.

إذا وجدتَ نفسك متمسكاً بفكرةٍ معيَّنة، فأعِد توجيه تركيزك إلى الحاضر، وأعد الكرَّة يومياً، فإنَّ استخدام اليقظة الذهنية للتركيز على الحاضر مفهومٌ بسيط، لكنَّ جنيَ الفوائد يستغرق وقتاً وممارسة منتظمة، ففي البداية، من المحتمل أن تجد عقلك يعود إلى مخاوفك، فحاول ألا تغضب، وفي كل مرةٍ تقوم فيها بتغيير تركيزك إلى الحاضر، فأنت تُعزِّز عادةً عقلية جديدة سوف تساعدك على الخروج من دائرة القلق السلبية.

المصدر




مقالات مرتبطة