6 طرق للتعامل مع الشعور بالغيرة

قال أحد الحكماء يوماً: "الغيرة هي فنُّ الانتباه للنعم التي يحظى بها أحدٌ آخر، بدلاً ممَّا تحظى به من نِعم".



يمكن للمرء التخلُّص من معظم عاداته السيئة وإنجاز كثير ممَّا يريد، لكن تبقى السيطرة على شعور الغيرة لدينا من أكبر التحديات التي نواجهها في رحلة اكتشاف ذواتنا.

يتطوَّر لدينا شعور الغيرة من الآخرين منذ الصغر؛ إذ يمكن لأصغر المواقف أن تؤجِّج هذا الشعور فينا، وسرعان ما يتسبَّب باضطرابنا كما لو أنَّنا نمتلك راداراً نكتشف من خلاله أي نوعٍ من المنافسة مع من حولنا.

حينها تراودنا كثير من الأسئلة، مثل "لماذا يستحق فلان كلَّ هذا الاهتمام والحب؟"، و"لماذا الحياة ليست عادلة؟"، و"لماذا لا يمكنني الوصول إلى نفس مستوى نجاح فلان، فأنا أحب عملي بنفس القدر أيضاً؟"، و"لقد وُلِدَ فلان محظوظاً وحسب"، ويتوالى الأمر على هذا النحو.

لقد عانى مُعظمنا من الغيرة بدرجاتٍ متفاوتة من وقت لآخر، والإحساس بمختلف المشاعر هو جزء من كونك إنساناً، فمن الطبيعي أن نشعر بالغيرة من الآخرين بسبب الأشياء التي لا نملكها بعد، لكن غالباً ما يسبِّب ذلك معظم الألم الذي نتعرَّض له في الحياة؛ إذ يمكن أن تصبح الحاجة إلى مقارنة أنفسنا بالآخرين مذهباً في حياتنا، وتجعلنا نتصرف خارج المألوف عندما لا نسمح لأنفسنا بمعالجة هذه المشاعر الغريبة، ممَّا يؤدي إلى تخريب علاقاتنا مع الآخرين.

ولكي نخفي شعورنا بالغيرة، إمَّا أن نحبسها داخلنا، أو ندعها تتحوَّل إلى شعور بالاستياء، وفي كلتا الحالتين، لا يمنحنا هذا الرضى العاطفي، ونبدأ بالكذب حيال ما نشعر به وما نريد التعبير عنه حقاً.

لذا؛ فيما يأتي ست طرائق تساعدك على التعامل مع شعورك بالغيرة:

1. الاعتزاز بنجاح الآخرين كما لو كان نجاحك:

قد يكون أمراً صعباً؛ إذ ما زلنا نعيش في عالم من التباعد، والاعتزاز بنجاح الآخرين ليس سلوكاً طبيعياً في مجتمعاتنا التي تُكرِّم الأداء المتميز من خلال استمرارنا بالمنافسة فيما بيننا، لكن نحن مُتَّحِدون؛ فعندما نُمكِّن أنفسنا من الاحتفاء بإنجازات الآخرين بسعادة وتقبُّل حقيقيين، فإنَّنا سنحظى بمعاملةٍ مماثلة.

2. التركيز على مواهبك الشخصية:

نحن نميل بطبيعتنا البشرية إلى تقييم أدائنا بالمقارنة مع أشخاص محترفين يشاركوننا مواهب أو نعم مماثلة، فيجب أن نذكِّر أنفسنا بعدم الوقوع في فخِّ المقارنة حتى نتمكَّن من التركيز على إتقان عملنا وتحسين مهاراتنا ضمن عملية نموٍّ تدريجي.

التدرُّب هو ما يزيد كفاءتنا، وليس السعي إلى الكمال، عندما نهدف إلى أن نكون مثاليين، يصبح من السهل التركيز على حاجتنا لأن نصبح أفضل، ويبدأ شعورنا بالإحباط؛ لأنَّنا لا نقدم الجهد المطلوب.

كل واحد منَّا يُولد فريداً ومميزاً بطرائق مختلفة، لكنَّ الفرق الأكبر هو إلى أي مدى يستطيع الناس تقدير وتجسيد مواهبهم دون الدخول في منافسةٍ لاواعية، تذكَّر أنَّه لا يوجد أحد مثلك تماماً، فالسِّمات الفطرية التي لديك لا يمتلكها أحد، فعندما تكون على استعداد للتصالح مع ذاتك، وعدم الحكم على نفسك تبعاً لمعايير المجتمع، فإنَّك تُظهر ثقةً بالنفس لا يعتريها أي شك.

شاهد بالفيديو: خطوات التخلص من الغيرة المهنية

3. الانتباه لما يثير غيرتك:

صعوبة الاحتفاء بنجاح الآخرين هي أمرٌ نابعٌ من شوقنا الداخلي لأن نحظى بالشيء نفسه، والذي لا يبدو أنَّنا نمتلكه حالياً، فنحن البشر لا نكترث للأشياء البعيدة عن مجال اهتمامنا، لكن عندما تنتبه لشيء يثير الغيرة فيك، فأنت في الواقع تحدِّد الأشياء التي تثير اهتمامك، فبدلاً من النظر إلى الأشياء التي لا تملكها، انظر إلى الأشياء التي تريد الاقتراب منها، وتذكّر كلَّما احتفيت بنجاح الآخرين، حالفك مزيدٌ من الحظ.

4. الامتنان:

نحن نحتاج إلى التعامل مع هذا الشعور بالنَّقص، فنحن في أعماقنا نتوق لأن نكون أفضل ممَّا نحن عليه، وأكثر نجاحاً، وأكثر قوَّة، وأكثر تميزاً، وأكثر جدارة بالتقدير، وأصحاب حياةٍ هادفة أكثر، فعندما ينتابك شعورٌ بالغيرة، فهذه فرصتك لتكون صادقاً مع نفسك، وتحدِّد ما إذا كان هذا الشعور يدفعك إلى الأمام أو يحبط عزيمتك.

الامتنان اليومي هو أفضل علاج للشعور بالنقص، يمكنك استخدام أوراق الملاحظات اللاصقة لتعليق كلمة "الامتنان" في كل مكان لتذكيرك بالنعم التي تتمتَّع بها حتى يشعر قلبك بالرضى.

كلَّما كنت ممتناً لما لديك، أنعم عليك الله بالمزيد، لا تشغل نفسك بمشاعر الغيرة، فأنت بذلك تبني حاجزاً يمنعك من المضي إلى الأمام، وتظهر بمظهر الإنسان الجاحد الذي لا يرى إلَّا ما ينقصه.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلّص من الشعور بالغيرة وتُسيطر على مشاعرك؟

5. التعاطف:

يمكن أن تكون التعليقات السلبية شكلاً من أشكال الغيرة، يمكننا تنمية تعاطف أكبر عند تلقِّي أحكام سلبية من الآخرين؛ إذ يُعَدُّ التعاطف الترياق الشافي من الغيرة، فهو يتيح لك أن تدرك أنَّ لديك أشياء يرغب الناس في امتلاكها ولا يجدون سبيلاً لذلك، سواء كانت تلك الأشياء مقتنياتٍ مادية أم موهبة.

يجب ألا تسمح لتعليقات الآخرين أن تؤثِّر فيك؛ لأنَّها ليست قناعاتك الشخصية؛ وإنَّما مجرد إسقاط لآراء الآخرين عليك، افهم من أين نشأت هذه التعليقات، لكن حافظ على إيمانك بنفسك، واستمر بالسير نحو أحلامك وأهدافك، بدلاً من السماح لانتقاداتهم بإعاقتك.

إقرأ أيضاً: 3 نصائح بناءة للاستفادة من الغيرة الوظيفية

6. الانفتاح على التواصل الحقيقي:

بدلاً من التركيز على المشاعر السلبية التي تتسبب بها الغيرة، انظر إليها على أنَّها فرصة للتعبير عن نقاط ضعفك، من أين يأتي هذا الشعور بالغيرة؟ هل لديك خوف دفين من الخسارة أو الهجر أو الانتقاد؟

عندما نتيح لأنفسنا التحدث عن المشاعر العميقة الكامنة وراء الغيرة، نصبح أكثر صدقاً وانفتاحاً ليس فقط مع أنفسنا؛ وإنَّما مع الآخرين الذين يدعمون ذلك الحديث في بناء علاقات أصدق معهم.




مقالات مرتبطة