6 صفات تميز الأشخاص الناجحين في العمل

لقد عملتُ كمدرِّس وكوتش ومسؤول تعليمي لمدة 44 عاماً، ودرَّست في المرحلة الثانوية 10 سنوات، وفي المرحلة الجامعية 34 سنة، كما نظَّمت وأدرت معسكرات لكرة السلة في جميع أنحاء أمريكا وفي 4 دول أوروبية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "بات سوليفان" (Pat Sullivan)، والذي يحدِّثنا فيه عن سمات الأشخاص الناجحين التي يجب أن يتحلَّى بها كل مَن يرغب في تحقيق النجاح في حياته المهنية.

وفي أثناء هذه الرحلة، حظيت بشرف العمل مع عدد كبير من الأشخاص الذين برعوا في العمل، والذين قادتهم براعتهم هذه إلى وظائف ناجحة؛ لذا سأقدِّم لك في هذا المقال الطرائق والسمات التي يمكنك من خلالها التفوُّق في حياتك المهنية. على مر السنين، لاحظت 6 سمات مشتركة بين الأشخاص الناجحين، والتي عرفت من خلالها أنَّها أسباب التميُّز في مكان العمل، وهي:

1. التواضع:

لقد كان أنجح الأشخاص الذين عملت معهم متواضعين منذ اليوم الأول في العمل حتى اليوم الأخير؛ إذ كان الأشخاص الذين بلغوا قمة النجاح في الأعمال التجارية أو التعليم أو القانون أو الطب أناساً متواضعين، وفي المقابل، كان الأشخاص الذين حاولوا الوصول إلى قمة النجاح ولم يبلغوها متكبرين ومغرورين.

لقد كرَّست مجلة "فورتشن" (Fortune)، في الذكرى الخامسة والسبعين على تأسيسها، منشوراً كاملاً لفهم فكرةٍ واحدة، وهي "اتِّخاذ القرار"؛ لذا أجروا مقابلات مع قادة من عالم الأعمال والجيش والتعليم والسياسة.

ولكنَّ أكثر المقابلات تأثيراً بالنسبة لي كانت مع "جيم كولينز" (Jim Collins)، مؤلف كتاب "من جيد إلى عظيم" (Good to Great)، والذي قال إنَّ أهم القرارات التي اتُّخذت في آخر 25 سنة في مجالس الإدارة الأمريكية، بدأت جميعها بعبارة مشتركة بين القادة: "لا أعرف".

لقد عملت مع قادة يمتلكون معارف غير محدودة، وعملت أيضاً مع قادة يستشيرون الآخرين قبل اتِّخاذ القرارات المصيرية، دون أن يخجلوا من قول إنَّهم لا يعرفون كيف يجب أن يتعاملوا مع مشكلة معيَّنة؛ فيستشيرون الآخرين ويجتمعون برؤسائهم لإيجاد أفضل الحلول، ولقد كان هؤلاء القادة المتواضعون أكثر القادة الذين عملت معهم حكمةً وقوة.

في الواقع، لقد لخَّص "جون وودن" (John Wooden)، كوتش كرة السلة الشهير في جامعة كاليفورنيا (University of California)، التواضع عندما كتب: "الموهبة هبة من الله؛ فكُن متواضعاً، والشهرة عطيَّة للمرء؛ فكُن شاكراً، لكنَّ الغرور لا أصل له؛ فكُن حذراً".

إقرأ أيضاً: 7 سمات للقادة المتواضعين بحق

2. الاهتمام بالآخرين:

يهتم الأشخاص المتفوقون في عملهم بزملائهم وبما يشعرون به، فلنضرب مثالاً على ذلك: لقد اعتاد لاعبو كرة السلة في جامعة سانت فرانسيس" (University of St. Francis) على تقديم عروض أمام الكوتشز، وذات مرَّة لعب مجموعة من الشباب أمام "بوب نايت" (Bob Knight)، كوتش فريق إنديانا، لقد كانوا متوترين للغاية؛ وذلك لأنَّ الكوتش "نايت" كان يتمتع بسمعة قوية للغاية، بالإضافة إلى وجود 800 مدرِّب آخر.

جعلهم هذا التوتُّر يلعبون بصورة سيئة؛ ممَّا أضحك المدربين، فذهب الكوتش "نايت" إليهم مباشرة وقال: "هؤلاء الشباب غادروا الحرم الجامعي في الساعة 6 صباحاً لمساعدتي في تعليمكم؛ لذا إذا سمعت ضحكاً بعد الآن، فسأختار 10 منكم لتقديم العرض، وسيجلسون هم ويضحكون عليكم".

في الواقع، لم أسمع أبداً عن 800 كوتش يهدؤون بهذه السرعة، لقد أظهر "نايت" أنَّه مهتم باللاعبين؛ لذا كانوا متحمسين للغاية للعمل معه.

لقد عملت مع كوتش رائع في مدرسة "بروفيدانس الثانوية" (Providence High School)، وكان يُدعى "بوب ماكالبين" (Bob McAlpin)، وعندما تُوفيَ "بوب" قابلت في جنازته رئيس جامعة "سينت فرانسيس" (Saint Francis University)، الدكتور "جاك أور" (Jack Orr)، والذي كنت أعلم أنَّه لم يقابل "بوب" قط؛ لذا فوجئت بوجوده، ولكنَّني عرفت أنَّ ابنة "بوب" كانت تدرس في جامعة سانت فرانسيس (Saint Francis University) وكان الدكتور "جاك" يهتم بها.

شاهد بالفيديو: 15 صفة من صفات القادة المتميزين

3. بذل جُهد إضافي:

يفعل الأشخاص الناجحون دائماً أكثر من المتوقَّع؛ فعندما تحدث مشكلة مثلاً، يفعل الأشخاص المتميزون في العمل كل ما يلزم لحل المشكلة - حتى لو لم يُطلب منهم ذلك.

لقد عمل صديقي وزميلي الكوتش "جاك هيرمانسكي" (Jack Hermanski)، مع طلاب عشر مدارس مختلفة داخل منطقته، وكانت الميزانية التعليمية محدودة في المنطقة التي يعمل بها مثل العديد من المناطق التعليمية، ولكنَّه كان ملتزماً تماماً بتعليم طلابه رغم ذلك، ولم يدَع هذا الأمر يعيق خدمة تلاميذه.

لقد اضطر "جاك" إلى السفر يومياً من مدرسة إلى أخرى، واحتفظ بكل الوسائل التعليمية في شاحنته، وفي الواقع، هو من اشترى كل هذه الوسائل؛ وذلك لأنَّه أراد أن يبذل جهداً إضافياً لتزويد طلابه بأفضل تجربة تعليمية ممكنة. هكذا يفعل الأشخاص المتفوقون في عملهم.

4. الإصغاء:

إنَّ مهارة الإصغاء مهارة في غاية الأهمية، ولكن من المؤسف أنَّ ثمَّة العديد من الفصول والدورات التي تدرِّس مهارة "التحدُّث" في جامعاتنا، رغم أنَّ تدريس مهارة "الإصغاء" لا بد أن يكون أمراً إلزامياً ضمن متطلبات التعليم العام؛ وذلك لأنَّه سيكون أكثر فائدة للطلاب.

بدلاً من أن أتحدَّث أنا عن هذه المهارة، اسمحوا لي أن أشارككم بعض الحكم التي قالها قادة الفكر حول الإصغاء:

  • "أحد أعلى درجات الاحترام صدقاً هو الإصغاء إلى ما يقوله الآخر" - براينت إتش ماكجيل (Bryant H. McGill)
  • "الإصغاء من أعلى درجات اللطف" – مجهول
  • "معظم الأشخاص الناجحين الذين عرفتهم يصغون أكثر ممَّا يتحدَّثون" - برنارد باروخ" (Bernard Beruch)
  • "يتطلَّب الوقوف والتحدث التحلِّي بالشجاعة؛ ويتطلَّب الجلوس والإصغاء الأمر نفسه" - وينستون تشرتشل (Winston Churchill)
  • "لقد منحنا الله فماً يتوقَّف عن الحديث وآذاناً لا تتوقَّف عن الاستماع، ولنا في ذلك عِبرة" – مجهول
  • "لا يصغى معظم الناس بغية الفهم؛ بل يستمعون بهدف الرد" – "ستيفن كوفي" (Stephen Covey)
  • "أذكِّر نفسي كل صباح: لن أتعلَّم أي شيء ممَّا سأقول اليوم؛ لذا إذا كنت سأتعلَّم، سأتعلَّم من خلال الإصغاء" - لاري كينج" (Larry King)
  • "لا يمكنك الإصغاء إلى أي شخص بينما تفعل شيئاً آخر في الوقت نفسه" – "سكوت بيك" (Scott Peck)
  • هل فكرت من قبل في أنَّ حروف كلمة اسمع بالإنجليزية " listen " هي نفس حروف كلمة اصمت "silent"؟" - "ألفريد بريندل" (Alfred Brendel)
  • يطوِّر الأشخاص الذين يتفوقون في العمل مهارة الإصغاء؛ ربما لأنَّهم قد اهتموا بنصيحة "ويل روجرز" (Will Rogers): "لا تُفوِّت فرصة يمكنك أن تصمت فيها".

5. التعلُّم المستمر:

"العقل مثل المظلة، يعمل بصورة أفضل عندما يُفتَح" – "فرانك زابا" (Frank Zappa)

تؤدي المعرفة إلى الاحترام مثل الإصغاء تماماً؛ لذا مهما كانت مهنتك، يجب أن تعمل بجد لتتعلَّم كل ما يتعلَّق بها، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تبقي عقلك مفتوحاً كالمظلة؛ وبعبارةٍ أخرى، يجب أن تستمر في التعلُّم لبقية حياتك.

طوال مسيرتي التدريبية، رأيت كثيراً كوتشز آخرين يُعلِّمون مهارة أو استراتيجية ما بصورة أفضل ممَّا أفعل. منذ الستينيات، كنت أؤمن بأهمية ممارسة لاعبي كرة السلة لتمرينات رفع الأثقال، وقد جعلني ذلك متميزاً، لقد كنَّا نمارس رفع الأثقال يومين في الأسبوع خلال الموسم؛ لنعزِّز قوَّتنا ونعِدُّ لاعبينا بدنيَّاً للمباريات.

كما كنَّا محظوظين لأنَّنا التقينا بكوتشز القوة لفريق "شيكاغو بولز" (Chicago Bulls)، ولقد تعلَّمنا منهم بعض التمرينات التي تعزز القوة وتحسِّن السرعة أيضاً؛ لذا احتفظنا بعقلية منفتحة وغيَّرنا بعض تمرينات رفع الأثقال.

بالإضافة إلى ذلك، أجرينا على تدريباتنا تغيُّرات تعلَّمناها من الكوتش "بوب جيليسبي" (Bob Gillespie) من كلية ريبون (Ripon College)، والذي علَّمنا أهمية تدريبات الدقيقة الواحدة. ثمَّة قول مأثور يقول: "التكرار أصل التعلُّم"، وهذا صحيح تماماً؛ وذلك لأنَّ الطريقة الوحيدة لإتقان مهارة بدنية هي تكرارها لمرَّات عديدة، وهذا ما تعلَّمناه من الكوتش "بوب" كأمر رئيس يجب علينا التركيز عليه في الأساسيات التي ندرِّسها، وبعد ذلك طوَّرنا تدريبات الدقيقة الواحدة (التمرينات التي يمكن تنفيذها في فترة زمنية وجيزة) على كل التمرينات الرئيسة؛ ممَّا مكنَّنا من تكرار الأساسيات بالممارسة، والذي أدَّى بدوره إلى تعزيز الذاكرة العضلية للَّاعبين. ولقد أجرينا مزيداً من التغييرات؛ وذلك لأننَّا كنا نتعلَّم باستمرار من أقراننا في الكوتشينغ.

إقرأ أيضاً: 4 خطوات لتتقن أي مهارة جديدة بسرعة واحترافية

6. الاستمرار في بذل الجهود:

كنت أعتقد أنَّ الجهد هو مفتاح النجاح الرياضي، ولكنَّني لم أعد أؤمن بذلك بعد الآن سواء في الألعاب الرياضية أم في أي مهنة أخرى؛ إذ صرت أؤمن بأنَّ الفرق بين النتائج الجيدة والنتائج العظيمة في أي مسعى هو استمرارية الجهد.

لا أحد يستطيع أن يقدِّم أفضل ما لديه كل يوم، لكنَّ العظماء يطوِّرون القدرة والعقلية التي تدفعهم إلى فعل ذلك؛ ومن ثم يمكن للرياضيين الجيدين أيضاً أن يبذلوا قصارى جهدهم بانتظام؛ إذ يتمتع الرياضيون العظماء بالصلابة الذهنية التي تمكِّنهم من الوصول إلى أقصى جهودهم على الفور.

لقد عملت في صناعة الحديد ووضع القطران الساخن فوق الأسطح خلال الإجازة الصيفية في أثناء دراستي في الجامعة، ورأيت أنَّ الرجال الذين عملت معهم كانوا يعملون بأقصى جهدهم بمجرد أن يصلوا إلى موقع العمل، وكانوا يستمرون في بذل هذا الجهد طوال اليوم، والشيء نفسه بالنسبةِ إلى أفضل المعلِّمين الذين عملت معهم؛ إذ كانوا يبدؤون الفصل الدراسي وهم على استعداد للتدريس نظراً لكل الجهود التي بذلوها في التحضير.

يعرِّف "جون وودن" (John Wooden) النجاح في كتابه الشهير "هرم النجاح" (Pyramid of Success) قائلاً: "النجاح هو راحة البال التي تنتج عن شعورك بالرضا عن النفس عندما تعرف أنَّك بذلت الجهد المطلوب لتصبح كما تريد"؛ لذا من الهام ألَّا تتَّبع طرائق مختصَرة للنجاح، وعندما تتمكن من تقديم أفضل ما تستطيع كل يوم، ستتفوق في العمل وتتمتع بحياة مهنية ناجحة".

الخلاصة

إذا كنت تسعى إلى التميُّز في العمل، فكُن متواضعاً، واهتم بالآخرين، وابذل جهداً إضافياً، وأصغِ إلى الآخرين، واستمر في التعلُّم مدى الحياة، واستمر دائماً في بذل الجهود.

 

المصدر




مقالات مرتبطة