ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدونة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُحدِّثنا فيه عن الصعوبات التي يواجهها المرء عندما يستمع إلى قلبه.
قبل أن نتطرَّق إلى التحديات التي ستواجهك عندما تشرع في عيش حياةٍ أصيلة، لنتأمل في هذه الأسئلة: لماذا ينبض قلبك؟ وهل نبالغ كثيراً إذا قلنا إنَّ الهدف الذي تبحث عنه ستجده فقط في قلبك؟
نعلم جميعاً الشعور الذي ينتابنا عندما يسعى قلبُنا بشغفٍ إلى القيام بشيء ما، ولقول شيء ما، وللغوص في أعماق المجهول، ولكن قليلون جداً هم أولئك الذين يبقون أوفياء لما يتمناه القلب ويرغب به.
أكتب هذا لأنَّني أتمنى بصدقٍ أن تستمع إلى قلبك؛ لكنَّني أودُّ أيضاً أن أحذرك من بعض التحديات التي ستعترض طريقك كي تكون مستعداً لمواجهتها.
إليك 6 تحديات ستواجهها عندما تتبع شغفك:
1. تشكيك الناس بك:
من بين كل الخيارات التي تتخذها في الحياة، ومن بين كل أحلامك واهتماماتك ومجالات شغفك ومبادئك وقرارات نمط حياتك توجد نسبةٌ كبيرة من الناس الذين لن يتفقوا معك أو يدعموك؛ إنَّها حقيقة لا يمكن تغييرها، ولكن هل يجب أن تهتمَّ بذلك؟
إنَّني أُسمِّي هؤلاء الأشخاص "المشككين"، وإذا أوليت اهتماماً لآرائهم، وأعطيتهم السيطرة على قراراتك فسوف يؤذونك ويحبطونك ويجعلونك تشعر بالسوء بسبب تمسُّكك بقيَمك واتخاذك الخيارات التي تعرف تماماً أنَّها ستجعل منك إنساناً أسعد.
من المُحتَّم أنَّ بعض الناس لن يُسعَدوا بنجاحك، وهي حقيقة لا يمكنك تغييرها، وإذا استسلمت لواقع هذه الحقيقة فإنَّك تتخلى عن فرصتك في عيش حياة جميلةٍ ونزيهة، ومن السخيف أن تتخلى عن هذه الفرصة بسبب شيءٍ لا يمكنك تغييره، وسوف ينتقدك الناس على أيَّة حال؛ لذا اتبع ما يتمناه قلبك.
شاهد بالفيديو: كيف تكتشف شغفك وتصل إليه؟
2. فقدان الأشخاص المقربين:
مع تقدمك في الحياة سوف تتغير مشاعرك وأسلوب حياتك وطريقة تفكيرك باستمرار؛ لكنَّ بعض الأشخاص الذين اعتادوا أساليبَك القديمة لن يكونوا قادرين على مواكبة هذا التغيير؛ أي إنَّهم لن يصلوا إلى مستوى الوعي الذي تتحلى به الآن.
سوف تلحظ تغيراً في علاقاتك بطرائق مختلفة، وفجأةً ستتجنب رؤية أشخاص معينين؛ لأنَّ لديهم سلوكات ومواقف ترفض تقبلها الآن، ولن ترسل رسالة نصيةً أو تتصل بهم كالسابق، أو قد تتوقف عن ذلك تماماً، ولن تشاركهم بعض المناسبات؛ لأنَّها لم تعد تناسبك بعد الآن.
سوف تشعر في كثير من الأحيان كأنَّك تخوض معركة تحدث في داخلك؛ لأنَّك تدرك إمكاناتك وتدرك أنَّك ستكون وحيداً في الطريق الذي تسلكه؛ لأنَّ بعض الأشخاص لن يكونوا قادرين على السير معك ما لم يتغيروا هم أيضاً أو يتقبلوا خياراتك على الأقل.
من الطبيعي أن تشعر بالذنب حيال المشكلات التي تسببت فيها في علاقاتك بسبب الخيارات التي اتخذتها والتغييرات التي أجريتها سعياً إلى النمو والتطور، ولكن هنا يجب أن نلجأ مرةً أخرى إلى قلبك حتى يخبرك مَن هم الأشخاص الذين يستحقون أن تحتفظ بهم ومن هم الذين يجب التخلي عنه.
يأتي الناس ويذهبون باستمرار؛ لذا تمسك قدر الإمكان بالأشخاص الذين يشاركونك الطريق ويهتمون بمصلحتك، وعليك أن تدعمهم وتحبهم وتبقى ممتناً لهم، أمَّا أولئك الذين لا يدعمونك في اختياراتك دعهم يذهبون بعيداً؛ لأنَّهم لم يعودوا هامين حقاً.
3. إساءة الناس وتهجمهم عليك:
احذر المشككين الذين سيهاجمونك لأنَّك تنمو، فسوف يتذمرون منك ويكرهونك ويتحدونك وينوحون ويبكون في حين يرونك تتغير وتصبح شخصاً أفضل وأنجح.
إنَّ نموك يهددهم ويخيفهم، إنَّه شيءٌ جديد ومختلف بالنسبة إليهم؛ إذ يزعج الناس بعض الشيء ويضعهم في موقف يشعرون فيه بأنَّ عليهم الدفاع عن اختياراتهم ومعتقداتهم ونمط حياتهم؛ وذلك بأن يجعلوك تشعر بأنَّك أخطأت الاختيار.
دعهم يفعلون ما يحلو لهم، ولا تواجههم إلَّا إذا كان الأمر يستحقُّ ذلك، ولكن كن حكيماً بما يكفي لتعرف متى عليك تجاهلهم، ثمَّ تجاوز الأمر وواصل المضي قدماً.
4. الشعور بالوحدة:
خلال سعيك نحو شغفك ستشعر بوحدةٍ قاتلة في بعض الأحيان، في حين تتقدم في رحلتك، وتسعى جاهداً إلى تحقيق ما يتمناه قلبك قد تشعر أحياناً أنَّك وحيدٌ في مواجهة الكون بأسره؛ فالأيام السيئة تصبح بشعةً جداً، وغالباً لن تجد أحداً تتكئ عليه سوى نفسك، وعلى الرغم من أنَّ هذه الرحلة مجزيةٌ في النهاية إلا أنَّك ستشعر بوحدةٍ كبيرة.
عليك أن تتعلم تقبُّل هذا الشعور، فقد وُلِدنا وحيدين، وسوف نغادر هذه الحياة وحيدين، إنَّنا دائماً وحيدون في هذا العالم، ولكن بمجرد أن تنصت إلى قلبك ستدرك أنَّ وحدتك هي مجرد وهم، إنَّنا مرتبطون دائماً بكل الأشياء الموجودة حولنا، ومن السخف أن تحزن على ذلك.
5. تهمة غرابة الأطوار:
كلما تحررت أكثر ظنَّ الناس أكثر أنَّك شخصٌ غريب الأطوار، ولكن لا بأس في ذلك؛ فغرابة الأطوار هذه تعني ببساطة أنَّك شخصٌ فريد.
ثق بي هذا العالم يحتاج إلى أشخاص مميزين؛ فالتفرد وحده يغير العالم، وإنَّ تفردك يبدع ويؤثر في العالم، إنَّنا نغير العالم عندما نصبح أشخاصاً مميزين ونحقق ما نعرف في قلوبنا أنَّنا نستطيع تحقيقه.
6. سوء الفهم:
سوف يصعب على بعض الناس فهم غرابتك على الرغم من تفسيرك المستمر لسبب قيامك بالأشياء التي تفعلها، وإيمانك بها، ودفاعك عن أفكارك، فيمكنك أن تشرح لهم؛ لكنَّ معظم جهودك ليست مجدية؛ ففي النهاية لن يفهمك الناس بصورة كاملة، والأسوأ من ذلك أنَّهم قد يسيئون فهمك تماماً.
لمجرد أنَّ شخصاً ما يطرح سؤالاً لا يعني أنَّنا ملزمون بالإجابة، فيسألني الناس كثيراً: "لماذا أصبحت نباتياً؟ ولماذا تشعر أنَّه يجب تغيير العالم؟ ولماذا تمارس التأمل؟"، فعندما لا أشعر برغبة في الإجابة فإنَّني لا أجيب؛ بدلاً من ذلك أترك أفعالي ونجاحاتي ترد نيابةً عني.
في الختام:
إنَّ هذا العالم يحتاج إليك؛ لذا عليك أن تعرف أنَّك شخصٌ هامٌ ومميز، ولديك مواهب عديدة ونقاط قوة كثيرة، ولديك جمال في داخلك بإمكانه أن يجعل عالمنا هذا مكاناً أفضل وأكثر إشراقاً، ولكن وحدك مَن يملك الخيار في مشاركة هذه القوة والجمال والمواهب مع الناس من حولك، أو أن تكون السجن الذي يحتجزها عن العالم.
إذاً ماذا ستختار؟ طريق الخوف والشك والندم والبؤس؟ أم طريق الشجاعة والأهداف والحرية والقوة؟
أضف تعليقاً