6 أنواع من المتعلمين الناجحين

مهما تعلَّمنا تظل معرفتنا قاصرةً أمام بحر العلوم الشاسع، لكن يواظب كثيرون على نهل العلم بشغف، وفي الواقع لا تتعدى معرفة الكثيرين الكتبَ التي كانت ضمن مناهجهم في المدرسة والجامعة؛ لذا عندما يبدؤون شقَّ طريقهم في الحياة طالبِين تعلُّم مهارات جديدةً، يُصدَمون بذهنٍ فَقدَ مرونته على اكتساب معارف جديدة، فلم يعد قادراً على الاحتفاظ بأدنى كمٍّ مِن المعلومات.



يكمن الحل في معرفة أيِّ نوع من المتعلمين أنت وتحديد أسلوب التعليم الأنسب إليك، فكما تلاحظ، لا يتعلَّم الجميع بنفس الطريقة، ولكلِّ شخص نهجُه الخاص في التعلُّم؛ لذا عليك معرفة النهج الأنسب إليك.

عندما تعرف إلى أية فئة من المتعلمين تنتمي، يمكنك تسريع عملية التعلُّم وجعلِها أكثر فاعليةً، وستتمكن حتى من اكتشاف إمكاناتك الكامنة وتعزيز حياتك المهنية؛ حيث يؤدي تبنِّي أساليب التعلُّم المختلفة إلى النجاح المهني.

قبل تحديد فئة المتعلمين التي تتبع إليها، عليك أخذ نماذج التعلم المختلفة بالحسبان؛ فمثلاً يمكنك استخدام نموذج ڤارك (VARK) الذي هو اختصار في اللغة الإنكليزية جُمعت أحرفه في أوائل الكلمات التالية:

  • بصري: Visual.
  • سمعي: Auditory.
  • القراءة والكتابة: Reading.
  • حِسيٌّ حركيٌّ: Kinesthetic.

لا يُغني نموذج ڤارك (VARK) عن باقي نماذج التعليم؛ لكنَّه نموذج مستَفيض لوجود كثير من الطرائق التي يمكنك تصنيف أساليب التعليم بواسطتها.

لهذا السبب سنضيف نوعين آخرين من المتعلمين في هذه القائمة لجعلها أكثر اكتمالاً وشموليةً، فاخترنا في هذا المقال 6 أنماط من المتعلمين الناجحين؛ لذا تابع معنا القراءة وتعرَّف على أسلوبهم الذي يناسبك، والطرائق التي تساعدك في التعلُّم بصورة أفضل:

1. المتعلمون الذين يفضِّلون الوسائل البصرية:

يميل الناس لاستخدام حواس محددةً لتلقِّي المعلومات، وبمعنى أوضح يتعلَّم معظم الناس تعلُّماً أفضل عندما يركزون على التعلم باستخدام إحدى حواسهم الأساسية؛ ولهذا السبب يعوِّل المتعلمون الذين يُفضِّلون الوسائل المرئية على حاسة البصر.

يتعلَّم هؤلاء الأشخاص تعلُّماً أفضل من خلال الرسومات والمخططات والرسوم المتحركة والخرائط، ويتعلمون بفاعلية إن رسموا أفكارهم وأنشؤوا مخططا بيانياً يمكِنهم تتَّبعه بسهولة.

لدى المتعلمين الذين يُفضِّلون الوسائل البصرية القدرة على تلخيص المعلومات ضمن تصورات بصرية، ويمكنهم استخلاص الأفكار المعقَّدة إلى حد ما من خلال مخططات بسيطة والاحتفاظ بها بفاعلية في ذاكرتهم.

طرائق التعلُّم عند المتعلمين الذين يستخدمون الوسائل البصرية:

إذا كنت من الأشخاص الذين يُحبِّذون وسائل التعليم البصري، فجرِّب إنشاء مخططات بيانية كملاحظات قصيرةٍ لحفظ ما تتعلمه، سواء كانت محاضرةً أم تقنيةً أم مهارةً أم أي شيء تحاول احترافه، فبغضِّ النظر عما تتعلَّمه، حاول فقط نهل المعلومات بالتسلسل المنطقي لأفكارك، ودوِّنها في مخطط بياني.

كما يمكنك إتقان فن التعلم البصري من خلال:

  1. وضع قوائم مهام.
  2. الرسوم والمخطَّطات البيانية.
  3. الخرائط الذهنية.
  4. مقاطع الفيديو التعليمية.
إقرأ أيضاً: الذكاء البصري المكاني: أهميته، وسمات أصحابه، وأهم طرق تنميته

2. المتعلمون الذين يُفضِّلون الوسائل السمعية:

ربما تتذكر في المدرسة كيف كان المعلِّم يفاجِئ أحد الطلاب شاردي الذهن بطرحه سؤالاً مفاجئاً عليه، فيجيبه الطالب الذي بدا أنَّه لا ينتبه في لمح البصر.

يعتمد هذا التلميذ في استقاء المعلومات على حاسة السمع؛ حيث يستخدم هذا النوع من المتعلمين قدراتهم السمعية لفهم المعلومات والاحتفاظ بها، وحتى لو كانوا يخفِضون رؤوسهم ولا يتواصلون بصرياً، يمكنهم استيعاب المعلومات في المحاضرات أو الاجتماعات.

على الرغم من قدرة التواصل المادي أو البصري على تعزيز قدرة هؤلاء على التعلم؛ لن يكون أثر عدم وجود هذا الاتصال فيهم كبيراً، فغالباً ما يكون المتعلمون الذين يُفضِّلون الوسائل السمعية أكثر تأثراً من خلال ملاحظة التغييرات في نبرة صوت الآخرين.

طرائق التعلُّم عند المتعلمين الذين يستخدمون الوسائل السمعية:

نُشِر في استطلاع أُجري عام 2019 أنَّ 20٪ من الراشدين الأمريكيين قد استمعوا إلى كتاب صوتيٍّ مؤخَّراً، فإن كنت تُصنف نفسك متعلِّماً يُفضِّل الوسائل السمعية، لا بد أنَّك ممَّن يُفضِّلون الكتب الصوتية وليس الورقية حول الموضوع الذي ترغب في الغوص فيه.

إذا كنت تحاول حفظ شيء ما، فسجِّله على هاتفك المحمول ثم استمر في الاستماع إليه مراراً وتكراراً طوال اليوم، كما تفيدك القراءة الجهرية لتحفيز حاسة السمع لديك.

شاهد بالفيديو: 7 مواصفات للمتعلم السمعي

3. المتعلمون الذين يتعلمون من خلال القراءة والكتابة:

هذا هو النوع الأساسي للمتعلِّمين؛ ومع ذلك فهو أكثر الأنواع أهميةً، ناهيك عن كون هذا الأسلوب هو الأكثر شيوعاً.

تكون فرص الذين يفضِّلون التعلُّم من خلال القراءة والكتابة أفضل بمساعدة النصوص المكتوبة، فإما ينكبُّون على قراءة كتبهم أو يملؤون دفاترهم بالمعلومات التي يحاولون الاحتفاظ بها وتعلُّمها؛ لكنَّهم في المقابل يجدون أنَّ إنشاء مخططات أو رسومات بيانية هي طريقة غير مجدية في التعلم؛ نظراً لأنَّها تميل إلى استبعاد أجزاء هامَّةٍ من المعلومات.

طرائق التعلُّم عند من يستخدمون القراءة والكتابة:

لا تهدر وقتك في كتابة كلِّ ما تقرأه؛ فبدلاً من مواظبتك على الحفظ فقط، عليك تخصيص المزيد من الوقت للممارسة وتطبيق ما تعلَّمته عملياً.

لهذا السبب حاول اختصار ملاحظاتك ما أمكن والتركيز على المعلومات التي قد ترغب في الرجوع إليها لاحقاً، وابذل قصارى جهدك مقدَّماً لتدوين النقاط الهامة والتركيز عليها كي توفِّر عليك الوقت لاحقاً، أما إن رغبت بالالتحاق بدورة تدريبية عن طريق الإنترنت، فاختر تلك التي تتضمن محاضراتها الصوتية أو المرئية نصوصاً مكتوبةً.

4. المتعلمون الذين يستخدمون الوسائل الحسية الحركية:

هؤلاء هم أكثر مَن يُظهِرون انضباطاً أكبر في التعلم، ليس لأنَّهم يستوعبون النظريات فحسب؛ بل لأنَّهم يمارسون التطبيق العملي على حد سواء.

يتعلم الذين يُفضِّلون استخدام الوسائل الحسية الحركية على نحو أفضل من خلال تطبيق المعلومات، فهُم يتمتعون بخبرة عملية في التعلم، ويفكرون باستمرار في كيفية جعل المعلومات أكثر عمليةً وأسهل في الاستخدام.

هم عادةً أقل اهتماماً بالنظريات؛ لذا بدلاً من قراءة كتاب أو التسجيل في دورةٍ تدريبية عن طريق الإنترنت، فإنَّهم يُفضِّلون التعمق فيما يتعلمونه أولاً ومحاولة التعلم خلال هذه العملية.

طرائق التعلُّم عند الذين يستخدمون الوسائل الحسية الحركية:

تتمثل أكبر مشكلة تعيق هذا النوع من المتعلمين في تضييعهم الكثير من الوقت في محاولة تطبيق ما تعلَّموه على أرض الواقع.

توجد الكثير من المعلومات المتاحة لك لفهم أساسيات كل ما تحاول تعلُّمه أو القيام به، وبغضِّ النظر عن الانضباط في التعلم، وحتماً هنالك أشخاص اتَّبعوا نفس الأساليب التي تتَّبعها الآن؛ لذا من الأفضل لك أن تتعلم من تجارب الآخرين وأخطائهم بدلاً من ارتكاب الأخطاء نفسها مراراً، فضلاً عن أنَّه يجب على جميع المتعلمين الذين يستخدمون الوسائل الحسية الحركية دعم تعلُّمهم بمصادر معلومات عالية الجودة، سواء كانت مكتوبةً أم بصريةً أم سمعيةً.

لا تظننَّ أنَّك قادر على تعلُّم كلِّ شيء دون الاستعانة بالوسائل المذكورة آنفاً، حتى لو جرَّبت فعل ذلك، فسوف تُضيِّع الكثير من الوقت في هذه العملية، بدلاً من تكريسه في تعلُّم المزيد.

فضلاً عن أنَّه عليك في أثناء دراسة موضوع أو تعلُّم مهارة التفكير في الطرائق التي يمكنك بواسطتها تطبيق هذه المعلومات في الحياة الواقعية؛ فعلى سبيل المثال: وإذا كنت تتعلم كيفية إعداد التقارير المالية، أعدَّ تقريراً لنشاط تجاري محلي دون مقابل مادي، وبحلول الوقت الذي تنتهي فيه من التعلم، تكون قد تعلَّمتَ مزيداً حول إعداد التقارير المالية أكثر مما كنت تتوقع.

إقرأ أيضاً: كيف تتعلم بفاعلية باستخدام أسلوب التعلم الحسي الحركي؟

5. المتعلمون ضمن مجموعات:

هذا الأسلوب التعليمي ليس جزءاً من نموذج ڤارك (VARK)؛ ومع ذلك فهو أسلوب شائع ومثير للاهتمام؛ حيث يتوق الكثير من الأشخاص إلى التجمعات الاجتماعية، ويؤدون عملهم على أتم وجه إن كانوا ضمن مجموعة محاطين بأشخاص يتعلمون نفس الأشياء التي يريدون تعلُّمها.

يمتلك المتعلمون الذين يُفضِّلون التعلم ضمن مجموعات رغبة كبيرة في العمل الجماعي، الذي غالباً ما تكمِّله صفات قيادية متأصلة، فترى في كثير من الأحيان مجموعةً من المتعلمين يتطوعون لأدوار قيادية، ويكونون مركز اهتمام اللقاءات الاجتماعية.

طرائق التعلُّم عند الذين يُفضِّلون التعلم ضمن مجموعات:

إن كنت ممن يُفضِّلون التعلم ضمن مجموعات، فمن الأفضل لك التسجيل في صف دراسي فعلي بدلاً من الدورات عن طريق الإنترنت، فعلى الرغم من الانتشار الواسع للدورات التدريبية عبر الإنترنت في الوقت الحاضر؛ إلا أنَّها لا توفر تفاعلات جماعيةً محسوسةً.

على الرغم من أنَّ باستطاعتك الشعور بمشاركتك نفس الهدف مع زملائك في الدورة الدراسية عن طريق الإنترنت التي تتمتع بأجواء مجتمعية؛ لكن لن تستطيع هذه الدورات الافتراضية أن تضاهي وجود زملاء متعلمين معك في نفس الصف.

إن أردت تعلُّم شيء ما بمفردك، فحاول العثور على شريك مساءلة يمكنه الإصغاء إليك ولمسيرتك التعليمية بالإضافة إلى حثِّك على مواصلة السعي لتحقيق غايتك.

6. المتعلمون الذي يستخدمون وسائل متعدِّدة:

على الرغم من عدم كون هذا الأسلوب في التعلم جزءاً من نموذج ڤارك (VARK) الأساسي، لكن هذا النموذج يُعترَف به، ففي الواقع ووفقاً لموقع "ڤارك ليرن" (Vark Learn) الإلكتروني المختص بوسائل التعلم المتعددة، يمثِّل المتعلمون متعددو الوسائل ما يقارب 50-70% من نسبة المتعلمين.

يتعلم الذين يستخدمون وسائل متعددةً ببساطة باستخدام أكثر من أسلوب تعليمي واحد، على سبيل المثال: يمكن للمتعلم متعدد الوسائل أن يميل نحو أسلوب التعلم السمعي مع القراءة / الكتابة أو أسلوب التعلم ضمن مجموعات مع الأسلوب البصري، فضلاً عن ذلك، يمكن لهذا المتعلم استخدام أكثر من أسلوبين دون عناء.

تتمثل القدرة الرئيسة لهذا النوع من المتعلمين في التنقل براحة بين أنماط التعلم المختلفة؛ حيث يؤمن هؤلاء المتعلمون بالالتزام بطريقة تعلُّم واحدة ويمكنهم التكيف بسهولة مع أساليب التدريس المختلِفة.

طرائق التعلُّم عند الذين يستخدمون وسائل متعدِّدة:

لا تشغل بالك كثيراً بشأن أنواع وأنماط التعلم؛ بل حافظ على قدرتك على التعلم السريع واستخدم أي أسلوب تعليمي يناسب المهمة التي تقوم بها.

إقرأ أيضاً: قوائم جرد أساليب التعلم: أنواعها، واستخداماتها

أيُّ نوع من المتعلمين أنت؟

هناك طريقة واحدة لإدراك نوع المتعلِّم الذي أنت عليه وهي أن تُجري أحد الاستبيانات عن طريق الإنترنت؛ لكن ليس هذا الخيار أكثر الخيارات المتاحة فاعليةً، ففي الواقع، إنَّ الطريقة الأكثر فاعليةً لفهم أسلوب التعلم الخاص بك هي ببساطة مراقبة ما يلائمك.

لذا راقب على مدار بضعة أيام أساليب وتقنيات التعلم التي تعتمدها، وبهذه الطريقة ستفهم ما الذي يناسبك وما الذي لا يناسبك.

الخلاصة:

استنتجت دراسة أُجرِيت عام 2009 عدم وجود معلومات كافية لإثبات أنَّ هناك أساليب تعلُّم معيَّنة تصلُح أكثر من غيرها، وفضلاً عن ذلك، استنتجت الدراسة عدم حاجة الأفراد أو المؤسسات التعليمية إلى تخصيص وقت للتكيف مع أسلوب تعليمي معيَّنٍ.

لا توجد طريقة تعلم معينَّةٌ تعطي نتائج أفضل من البقية، لذا لا تشغل بالك بأيِّ نوع من المتعلمين أنت؛ حيث يستخدم الأشخاص المختلفون أساليب تعليميةً مختلفةً اعتماداً على ما يناسبهم.

وما يناسب زميلك لا يعني بالضرورة أنَّه يناسبك؛ لذا لا تحاول اتِّباعه مرغَماً، وطالما أنَّك تتعلم جيداً فمعناه أنَّ الأسلوب الذي تتَّبعه هو الأنسب لك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة