6 أمور يجب أن تتركها لتكون أكثر نجاحاً

منذ أن كُنّا صغاراً ونحن نسمع الآخرين يقولون "لا تكن انهزامياً"، فترسَّخت هذه الفكرة في عقولنا إلى الحدّ الذي نشعر فيه بالذنب إذا بدأنا بقراءة كتابٍ ممل حتى الموت ولم نُنْهِه، وفي حين أنَّ أهلنا كانوا مصيبين في قولهم إنَّ الإصرار ضروريٌّ لتحقيق النجاح، إلَّا أنَّ التراجع في بعض الأحيان يُعَدُّ أكثر منهجٍ فعال يمكنك أن تسلكه، إذ سواءً كان الأمر متعلقاً بمشروعٍ يعاني من الإخفاق، أو وظيفةٍ شعرْتَ بأنَّ ثمَّة من يبخسك حقك فيها، أو علاقةٍ محكومٍ عليها بالإخفاق يمكن أن يكون التراجع أحد الحلول المفضلة.

"يمكن للتراجع أن يكون سبيلاً للقيادة أيضاً" نيلسون مانديلا



يُعَدُّ بعضنا بارعين فعلاً في تحديد وقت التراجع، في حين يواجه آخرون صعوبةً كبيرة في "الخروج" من الورطات التي يعلقون بها، إذ وجدَت دراسةٌ قامت بها جامعة روشستر (University of Rochester) أنَّ ثمَّة أمرَيْن اثنَيْن يحركان الدافع لدى الناس هما ما يُعرَف بـ "أهداف التحقيق" (approach goals) و"أهداف التجنّب" (avoidance goals).

بالنسبة إلى أولئك الذين يُصنَّفون في خانة مُتَّبعي "أهداف التحقيق" فإنَّ الأهداف هي التي تحرّك الدافع لديهم، وهم ببساطة لا يضيعون وقتهم في محاولة حلّ المشكلات التي ليس لها حلّ قابل للتطبيق، بمعنى آخر، هم يعلمون متى يتراجعون.

في حين أنَّ الأشخاص الذين تُحرّكهم "أهداف التجنُّب" يشعرون بقلقٍ أكبر حيال الإخفاق ويرغبون في تجنُّبه بأي ثمن، لذا فإنَّهم يواظبون على العمل حتى بعد أن يكون قد حان الوقت منطقياً للتراجع عنه وهو ما يُعَدُّ من الناحية المثالية طريقةً أقل إنتاجيةً بكثير في أثناء العمل.

تُعَدّ معرفة التوقيت الذي يتوجّب فيه التراجع إحدى المهارات التي يمكن اكتسابها، فإذا كنت تميل إلى الإصرار على القيام بأمرٍ ما بعد أن يتضح بأنَّ ما تقوم به لا طائل منه فإنَّك تستطيع أن تقوم بأفضل من ذلك، إذ إنَّك لا تحتاج إلَّا إلى ممارسة التراجع. والحياة، لحسن الحظ، تقدم لك الكثير من الفرص للقيام بذلك،. فإليك بعض الأمور التي يجب علينا جميعاً التوقف عن القيام بها:

1- توقّف عن الشك في نفسك:

تؤدي الثقة دوراً كبيراً في تحقيق النجاح، فقد أجرت شركة "هوليت-باكارد" المعروفة باسم شركة (HP) دراسةً مثيرةً للاهتمام على العملية التي يَطلب الأشخاص بموجبها الحصول على ترقيات في الشركة، وتبيَّن أنَّ النساء لا يتقدّمن للوظيفة إلا حينما يُحقّقن 100% من معايير الوظيفة التي يرغبون في التقدم إليها، في حين أنَّ الرجال يتقدمون إلى الوظيفة بمجرد أن تتوافر لديهم 60% من المعايير فقط. وخَلُصَت الدراسة إلى أنَّ أحد الأسباب التي تجعل الرجال يُهيمنون على المناصب العليا في الشركة وجود الرغبة لديهم في تجريب عددٍ أكبر من المناصب موازنةً بالنساء. فالثقة هي كل ما تحتاج إليه لبلوغ أرفع المستويات، إلَّا أنَّ التحدّي يكمن في أن تؤمن بأنَّك تستطيع ذلك، وحينما تشكك في نفسك فلن يُكتَبَ لك النجاح، أمَّا التظاهر بامتلاك الثقة فلن يقدم لك النتائج نفسها.


اقرأ أيضاً:
9 طرق فعالة يستخدمها الأشخاص المميزون للتخلّص من الشك في النفس


2- توقَّف عن التأجيل:

يُعَدُّ التغيير، وتطوير الذات، وامتلاك الجرأة للوصول إلى ما ترغب في الوصول إليه، والعمل كذلك على بلوغ هذا الشيء من المهام الصعبة، وحينما تكون المهام صعبة يكون من الأسهل دائماً اتخاذ قرارٍ بالتعامل معها في يوم الغد. والمشكلة أنَّ يوم الغد هذا لا يأتي أبداً، وحينما تقول بأنَّك ستقوم بأمرٍ ما غداً فإنَّ ذلك يُعَدُّ مجرَّد عُذرٍ يعني حقيقةً أنَّك إمَّا أنَّك لا ترغب في القيام به أو أنَّك تريد الوصول إلى النتائج من دون بذل الجهد الضروري للوصول إليها.


اقرأ أيضاً:
6 نصائح من الخبراء للتخلص من التسويف والمماطلة


3- توقّف عن الاعتقاد بأنَّك لا تمتلك أيَّ خيارات:

ثمَّة دائماً خيارٌ ما، وقد يكون هذا الخيار في بعض الأحيان بكل تأكيد خياراً بين أمرين يبدو كلاهما سيئاً، ولكن على الرغم من ذلك ثمَّة خيارٌ موجود. وحينما تزعُم بأنَّه ليس ثمَّة أيُّ خيار فإنَّ ذلك يجعلك ضحيةً تقبَلُ طوعاً بارتداء ثوب العجز، ولكي تؤدي دور الضحية يجب عليك أن تتخلّى عن قوّتك وهو الأمر الذي ستدفع ثمنه باهظاً، فلكي تنجح على أعلى المستويات يجب عليك أن تمتنع عن التخلّي عن قوتك.

4- توقّف عن القيام بالأمر ذاته مراراً وتكراراً متوقعاً الحصول على نتيجة مختلفة:

يقول ألبرت آينشتاين أنَّ الجنون هو القيام بالأمر نفسه وتوقع نتيجة مختلفة، وعلى الرغم من شعبية آينشتاين ونظرته الثاقبة ثمَّة الكثير من الناس الذين يبدو أنَّهم مصرُّون على أنَّ اثنين زائد اثنين سيساوي خمسة مع مرور الوقت. الحقيقة بكل بساطة هي أنَّك إذا واظبت على النهج نفسه فإنَّك ستستمر في الحصول على النتائج نفسها حتى لو كنت تأمل حدوث العكس. فإذا كنت تريد الحصول على نتائج مختلفة فإنَّك تحتاج إلى تغيير نهجك حتى وإن كان القيام بذلك سيؤلمك.

5- توقَّف عن الاعتقاد بأنَّ كل شيءٍ سيعمل وحده:

يُعَدّ الاعتقاد بأنَّ جميع الأمور ستسير على ما يرام في النهاية أمراً مغرياً، ولكنَّ الحقيقة هي أنَّك أنت من يتوجّب عليه جعل الأمور تسير على ما يرام وهو الأمر الذي يترتب عليه العديد من الآثار. فلا تتوقع أن يلاحظ مديرك بأنَّك جاهزٌ للحصول على ترقية، ولا تتوقع أن يتوقف زميلك عن التنصُّل من عبء العمل ورميه عليك إذ كنت دائما ترغب في القيام به، ولا تعتقد بأنَّ أي شخصٍ سيتوقف عن إهانتك طالما أنَّك تسمح له بذلك. فلن يسير أي شيءٍ على ما يرام بمفرده وبشكلٍ سحري، إذ يجب عليك أن تكون فاعلاً وتتحمّل مسؤولية نفسك.

6- توقّف عن قول نعم:

إنَّ كلَّ "نعم" تقولها تُعَدّ تنازلاً، فحينما تقول نعم لأمرٍ ما فإنَّك تقول لا لأمرٍ آخر، إذ إنَّك حينما تقول نعم للمكوث في العمل حتى وقتٍ متأخر على سبيل المثال فهذا قد يعني أن تقول لا للنادي أو لقضاء وقت مع العائلة. فقد أظهرت دراسةٌ أجرتها جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو أنَّه كلما كان قول "لا" بالنسبة إليك صعباً ازداد احتمال تعرضك للضغط، والإرهاق، وحتى الاكتئاب. حيث يشكل قول "لا" تحدياً رئيساً بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، ولكنَّها تُعَدُّ كلمةً فعالة يجب عليك ألَّا تخشى من استخدامها. وحينما يحين الوقت لقول "لا" تجنَّب عباراتٍ من قبيل "لا أعتقد بأنَّ في استطاعتي ذلك" أو "لست متأكداً من ذلك بعد". وحينما تقول "لا" رافضاً الارتباط بالتزامٍ جديد فإنَّك تمنح الامتياز بذلك لالتزاماتك الحالية وتتيح الفرصة أمام النجاح في الوفاء بها. وحينما تتعلم كيف تقول "لا" فإنَّك تتحرر بذلك من القيود التي لا ضرورة لها وتوفر على نفسك وقتاً وجهداً للقيام بالأمور المهمة في هذه الحياة.


اقرأ أيضاً:
فن القدرة على قول لا


الخلاصة:

ثمَّة العشرات من الأمور التي تقف في طريق بلوغنا كامل إمكاناتنا، إذ إنَّنا إمَّا نشكك في أنفسنا، وإمَّا نعتقد بأنَّ تحقيق بعض الأمور صعبٌ للغاية، وإمَّا نؤجل قلقنا حيال أمرٍ ما إلى الغد، فإذا كنت ترغب فعلاً في تحقيق النجاح فتوقّف عن تركيز اهتمامك بشكلٍ كبير على ما يجب عليك القيام به وأمعن النظر بدلاً من ذلك في الأمور التي يجب عليك التوقف عن القيام بها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة