5 نصائح لنبطئ شعورنا بمرور الوقت

لطالما كان الوقت لغزاً كبيراً بالنسبة إلى معظم الفلاسفة وعلماء الرياضيات والفيزياء وغيرهم من المفكرين العظماء، وبينما نشاهد آباءنا وهم يتقدَّمون في السن ونرى كيف يكبر أقرباؤنا الأصغر سنَّاً، كثيراً ما نسأل أنفسنا: "أين ذهب الوقت؟".



يمكن أن يكون الوقت مؤلماً وشافياً من الألم:

إنَّ الوقت هو عنصر أساسي في حياتنا اليومية، وهو القوة التي توجه دفة سلوكنا، وقد نرى هَوَس البالغين في الوقت الذي مر بسرعة ونرى كيف يتذكرون أيام الصيف الطويلة التي عاشوها عندما كانوا أطفالاً، لديهم شعور دائم بالحنين للعودة إلى عمر الشباب مرة أخرى، تلك الفترة التي بَدا فيها أنَّ الوقت يمر ببطء شديد.

تشير الأبحاث إلى أنَّ كبار السن يبدو لهم أنَّ مقدار الوقت المنصرم أقل من المقدار الحقيقي لأنَّ مستويات الدوبامين (Dopamine) تنخفض مع تقدمنا ​​في السن؛ إذ إنَّ الدوبامين هو ناقل عصبي، هو مادة كيميائية تساعد على نقل الإشارات بين خلايا الدماغ العصبية، تقودنا هذه العملية إلى تصوُّر أنَّ الوقت يتسارع مع تقدمنا ​​في السن، ومع ذلك، توجد أساليب عدة يمكننا استخدامها لتقليل إحساسنا بسرعة مرور الوقت - عمليَّاً ومعنويَّاً - "لكسب" مزيد من الوقت.

لكي نكون عمليين في تصورنا للوقت، يجب أن نتبع هذه النصائح الخمسة، وهي أن نتعلم أن نكون أطفالاً مرة أخرى، وأن نشارك في نشاطات جديدة، وأن نبتعد عن التكنولوجيا، ونهتم بالتفاصيل، ونستذكر الموت. إليك فيما يأتي 5 نصائح لتبطئ شعورك بمرور الوقت:

إقرأ أيضاً: كيف تنظّم حياتك ببساطة؟

1. تعلَّم أن تكون طفلاً مرة أخرى:

عندما نغامر ونفعل أشياء جديدة لتحفيز العقل يتغير تصوُّرنا للوقت، فيمكننا أن نتعلم كيف نشعر بالفضول مرة أخرى بشأن الأفكار الجديدة، ومع التجارب الجديدة، يُنشئ الدماغ مسارات عصبية جديدة، ويتكيف مع التجارب والمعلومات الجديدة، ويُخزِّن ذكريات جديدة؛ فهذا يسمح له بالتركيز وتسجيل الذكريات تسجيلاً أكثر وضوحاً، ممَّا يشعره كما لو أنَّ الوقت يمر ببطء أكثر، ونظراً لأنَّ الأطفال يكرِّسون موارد عصبية كبيرة وقوة عقلية لبناء نماذج عقلية جديدة باستمرار من أجل محاولة فهم العالم، فهم يندمجون في اللحظة باستمرار.

مع ذلك، فإنَّنا بوصفنا بالغين نواجه محفزات مماثلة يومياً عندما نندمج في أيِّ روتين؛ لذلك يجب أن نتعلم أن نكون أطفالاً مرة أخرى، وأن نحاول استكشاف أشياء جديدة في هذا العالم، وأن نكون متلهفين للمغامرة، لنرى ونشعر بكلِّ ما يمكننا القيام به، فإذا كنا قادرين على الخروج من الروتين ومواجهة العالم بإحساس طفلٍ فضولي، فستكون المكافأة هي الشعور كما لو أنَّنا عشنا حياة أطول.

2. شارِك في نشاطات جديدة:

تخيل أن تُسلِّمك ساحرةٌ ما مجموعة من أوراق اللعب، ثم تنظر إلى الأوراق لتتأكد من أنَّ كل الأوراق مختلفة عن بعضها بعض، وبعدها بنقرة من العصا السحرية تحوِّل الساحرة الأوراق بحيث تصبح جميعها متشابهة، هذا التوهُّم الشائع هو ما يحدث بالضبط عندما نكف عن القيام بتجارب جديدة في حياتنا.

عندما تصبح أيامنا متشابهة، نفقد القدرة على التفريق بينها، وعندما ننظر إلى الأشهر التي قضيناها في المكان نفسه، والمشكلات نفسها التي نواجهها يومياً، تنخفض قدرتنا على التمييز بين تلك الأيام، ونشعر بأنَّ الوقت يمر بسرعة، فإذا قارنت بين حياتك المهنية والإجازة التي تقضيها بحيث يكون فيها كلُّ يوم مختلفاً ومليئاً بالتجارب الجديدة، ستتذكر ما حدث بالضبط، ومع من كنت، وأين ذهبت أيضاً، فهذه هي قوة التجارب الجديدة في تشكيل تصورنا للوقت.

سُلِّط الضوء على عمل الدكتور ديفيد إيجلمان (Dr. David Eagleman) في دراسة كيفية تصورنا للوقت مؤخراً في مقال نُشر في صحيفة ذا نيويوركر (The New Yorker)، ووفقاً للدكتور ديفيد، كلما كانت التفاصيل أكثر وضوحاً في الذاكرة، طالت مدة تصورنا للَّحظة، وقال ديفيد أيضاً: "يبدو أنَّ فصل الصيف في أثناء الطفولة يستمر إلى الأبد، بينما تنقضي مرحلة الشيخوخة في لمح البصر.

كلَّما أصبح العالم مألوفاً أكثر، قلَّت المعلومات التي يسجلها دماغك، وستشعر بأنَّ الوقت يمر بسرعة"، ومع ذلك عندما نكون أكثر وعياً بمحيطنا، ونلاحظ التجارب الجديدة، يكون لدينا القدرة على جعل حياتنا تبدو كأنَّها أطول، وسنتلقى مزيداً من الوقت والذي هو من أكثر مواردنا ندرةً.

يعتقد الدكتور ديفيد أنَّ حتى التغييرات الصغيرة يمكن أن تساعدنا على أن نصبح أكثر وعياً بما يحدث حولنا؛ إذ يمكن أن يؤدي ارتداء ساعتك في المعصم الآخر، أو اتخاذ طريق مختلف للعمل، أو أيُّ شيء يمكنك القيام به لمنع عقلك من العمل تلقائياً إلى تنشيط الدوائر العصبية.

شاهد بالفديو: 5 خطوات فعالة تساعدك على تنظيم وقتك

3. انتبه:

تُظهر الأبحاث أنَّنا عندما نعيش أحداثاً مأساوية، مثل الاقتراب من الموت على سبيل المثال، نشعر بمرور الوقت ببطء شديد، ويرتبط تصور الوقت بالمشاركة والاهتمام الذي نقدمه في اللحظة الحالية؛ فكلَّما زاد الاهتمام الذي نقدمه، زادت المعلومات التي نعالجها، وزاد الوقت الذي نتصوره؛ لذلك يجب على دماغنا تسريع معالجة المعلومات من أجل الاستجابة.

عندما تشعر أجسادنا بتهديد خطير، فإنَّ اللوزة الدماغية توجه دماغنا للتركيز على الوضع الحالي، ولقد كانت هذه القدرة مفيدة من الناحية التطورية لأنَّها مكنت البشر من اتخاذ قرارات سريعة ضرورية للبقاء على قيد الحياة، وتتصور هذه الساعة العصبية في الدماغ البشري الوقت من خلال العمليات المتعلقة بالذاكرة والانتباه، على النقيض من تصوراتنا للوقت من خلال الساعات التي اخترعها الإنسان؛ لذلك عندما تواجه شيئاً جديداً، حاول الانتباه إلى التفاصيل والتمتع بجمال اللحظة، وفكِّر في أشعة الشمس التي تسطع على أوراق الشجر في الصباح الباكر، وأصغِ إلى زقزقة العصافير، فقد تشعر بأنَّ الوقت يتباطأ.

4. تعلَّم الابتعاد عن التكنولوجيا:

اكتشف الباحثون أنَّ التطورات التكنولوجية وأسلوب الحياة الحديث أثَّر في تجربتنا مع الوقت، وقد رُبطت زيادة وتيرة الحياة بمشكلات الصحة البدنية والعقلية؛ إذ إنَّ تعاملنا مع الأجهزة والأنظمة التكنولوجية تشعرنا كما لو أنَّ الوقت يمر بسرعة.

في إحدى الدراسات، أفاد أكثر من 70% من المشاركين اعتمادهم على التكنولوجيا وقضاء قدر كبير من الوقت على مواقع الشبكات الاجتماعية، وقد أفاد 83% من المشاركين الذين يستخدمون التكنولوجيا أنَّهم شعروا بأنَّ الوقت يمر بسرعة، ممَّا كان يمر عندما لم يستخدموا التكنولوجيا، والأفراد الذين قضوا وقتاً أطول في استخدام التكنولوجيا بالغوا في تقدير مقدار الوقت المنصرم، بينما كان الأفراد الذين استخدموا التكنولوجيا استخداماً أقل أكثر دقة في تقدير الوقت، فعندما نركز على التجربة الحالية، نشعر كما لو أنَّنا نملك "المزيد" من الوقت وكأنَّ الوقت يمر ببطء أكبر.

إقرأ أيضاً: ما الذي سيحدث إذا أخذتَ إجازةً من التكنولوجيا؟

5. استذكر الموت:

معظم الناس لا يقضون وقتاً من حياتهم في التفكير في فكرة الموت ومدى قصر الحياة، ومن خلال فهمنا ووعينا بالموت، يمكننا التركيز على كل تجربة نخوضها.

أُصيبَت المؤلفة الأمريكية فلانيري أوكونور (Flannery O'Conner) بمرض قاتل جعلها قريبة من الموت لسنوات عديدة، ومع ذلك، تمكنت من كتابة أكثر من عشرين قصة قصيرة وروايتين بينما كانت تعاني مرضاً عضال، لكن أظهر لها قرب الموت ما هو هام في حياتها حقاً وكيفية تقدير كل لحظة وعلاقة تقديراً أفضل.

عندما نجد أنفسنا خارج منطقة الراحة الخاصة بنا باستمرار، يزداد وعينا وضوحاً بما حولنا، ونكتسب حاسة شم قوية، ونشعر بعواطف أقوى، ونشعر برغبتنا في إطالة اللحظة، ومن خلال تأمُّل الموت، يمكننا تعزيز تجارب حياتنا وتوسيع تصورنا للوقت؛ فتأمُّل الموت ليس مجرد تركيز على الموت؛ بل إنَّه قبول لطبيعتنا وإعادة تركيز طاقتنا لمواجهة الموت بشروطنا الخاصة عندما يأتي.

في الختام:

يُعدُّ الوقت من أندر الموارد ويشعر معظمنا أنَّنا لا نملك ما يكفي منه، ومع ذلك، تعتمد سرعة تصورنا لمرور الوقت على إدراكنا، بعبارة أخرى الطريقة التي نعيش بها حياتنا هي التي تحدد ما إذا كان الوقت يمر ببطء أو بسرعة.

على الرَّغم من أنَّنا غالباً ما نشعر بالتهديد من الأشياء التي لا نملك السيطرة عليها، إلا أنَّ السيطرة على تصوراتنا بشأن الوقت ستشعرنا أنَّ الوقت ليس عدواً لنا، وعندما ننغمس في أفكار وتجارب جديدة، فإنَّ هذه الجهود المعززة للتركيز على الحاضر يمكن أن تبطئ تصوراتنا للوقت وتمكننا من تحقيق أقصى استفادة منه.

لذا تدرَّب على عيش اللحظة الحالية، واسلك طريقاً جديداً إلى المنزل، وألقِ نظرة طفولية على الجمال والروعة التي تحيط بك في كلِّ لحظة، وتقبَّل الحداثة والتغيير بوصفهما مؤشران على طول العمر.




مقالات مرتبطة