5 نصائح لكي تعبر عن مشاعرك بالطريقة الأمثل

هل سبق أن شعرت يوماً بالغضب الشديد لدرجة أنَّك قد تفوهت بكلام ندمت عليه لاحقاً؟ أو شعرت بأذى وألم تحول إلى غصة منعتك من الكلام؟ وهل أنت شخص محبط جداً لدرجة أنَّك لا تقدر على الإتيان بجملة متماسكة؟ سنتحدث في هذه المقالة عن فن التعبير عن المشاعر.



حسناً، لقد مرَّ جميعنا بذلك، فقد عشنا جميعاً فترة مراهقة كان معظمنا فيها شديد التأثر والغضب، وكانت هرموناتنا تنقلنا من حالة الغضب إلى اليأس والإحباط برمشة عين؛ بحيث لم نكن نقوى على الحديث مع أصدقائنا وأهالينا دون أن نفقد السيطرة على أعصابنا، كما كنَّا نشعر بالغضب تجاه أنفسنا والجميع.

لهذا السبب، ترى بعضنا قد تعودوا أن يكبتوا مشاعرهم ويدفنوها عميقاً في دواخلهم، ونادراً ما يعبِّرون عنها، ويهدفون إلى المهادنة والحرص على إرضاء الجميع عدا أنفسهم.

ما أهمية التعبير عن المشاعر؟

تكمن أهمية التعبير عن المشاعر في كون أنّ الإنسان كائن اجتماعي يميل إلى مشاركة الآخرين، ويساعد التعبير عن المشاعر بوضوح وشفافية على رسم حدود العلاقات بطريقة صحية تحفظ لكلا الطرفين حدود حرياتهم وخصوصياتهم. ويمكن تلخيص أهم فوائد التعبير عن المشاعر بالنقاط التالية:

1. تفريغ المشاعر السلبية:

من أحد فوائد التعبير عن المشاعر يكمن في تفريغ المشاعر السلبية المتولدة من أحداث الحياة اليومية إذ إن تفريغ هذه المشاعر يزيل الهموم من قلب الإنسان ويخفف عنه وطأة المواقف ويساعده على تقبل ما حدث معه.

2. لذة المشاركة:

لا تكتمل فرحة بعض الإنجازات التي يقوم بها الإنسان في كثير من الأحيان إلا بمشاركة المقربين، لذا فإن مشاركة المشاعر مع الآخرين يساعد الإنسان على تعزيز مشاعره الإيجابية وإنجازاته، والتخفيف من وطأة المشاعر السلبية.

3. التفكير بطريقة أفضل:

عندما يقوم الإنسان بالحديث لطرف آخر عن مشاعره والأسباب التي ولّدت هذه المشاعر، يقوم الآخر بدور مراقب خارجي ويقيّم الأحداث والمواقف، مما يساعده على تقبّل مشاعره بطريقة أفضل واتخاذ الاستجابة المناسبة.

4. التقريب بين الطرفين:

إن التعبير عن المشاعر يوطّد العلاقات الإنسانية ويعززها، ويقرّب الطرفين (المستمع والمتكلم) من بعضهما البعض ويساعد كل منهما على فهم الآخر بطريقة أفضل.

5. قطع الشك باليقين:

إن التعبير عن المشاعر بشكل واضح يساعد على طرد الشكوك والوساوس ومعرفة حقيقة شعور الطرف الآخر واكتشاف آرائه وميوله.

6. المساعدة على اتخاذ القرار:

من فوائد التعبير عن المشاعر أمام شخص يفهمنا هو الحصول على الشعور بالأمان وأن ما نمر به ينسجم مع طبيعتنا البشرية، ويساعدنا على اتخاذ قرارات أفضل نتيجة نقاشنا مع أشخاص يفهموننا ويعرفون ما نريد.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي

ماذا يسبب كبت المشاعر؟

لن يفلح كبت المشاعر في التخلص من الأحاسيس والأفكار السلبية؛ ذلك لأنَّ مشاعرك تلك ستبقى موجودة مهما حاولت إخفاءها، ولن تدرك كيف تعبِّر عنها بطريقة فعالة؛ وإن حدث وحاولت ذلك، تكون النتيجة أنَّك تتكلم بطريقة سيئة، ولن يرضيك ذلك أو يرضي من تتحدث معه، وقد يتسبب لك بالإحباط.

لعلَّك قد تنظر إلى الأمور في تلك الحالة من مبدأ: "كل شيء، أو لا شيء"؛ بمعنى أنَّك إن لم تعبِّر عن مشاعرك بالطريقة الأمثل، فسترفض أن تعبِّر عنها من الأساس؛ إلَّا أنَّ هذه المشاعر ستبقى موجودة، سواء أعبَّرت عنها أم لا؛ لذا ستظن أنَّك لن تقدر على أن تغير ما تشعر به؛ لكن مهلاً، هل حقاً لن تقدر على ذلك؟

أسباب عدم القدرة على التعبير عن المشاعر:

على الرغم من أهمية التعبير عن المشاعر وكونه ضرورة ملحّة، إلا أن بعض الأشخاص لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم، وفيما يلي أهم أسباب عدم القدرة على التعبير عن المشاعر:

  1. الخوف المرضي: وهو الخوف الناتج عن عدم الثقة بالنفس وانخفاض الشعور بالاستحقاق، إذ يشعر الأفراد الذين يخافون التعبير عن مشاعرهم بأن ذلك ينقص من قيمتهم وينفر الناس منهم، وأن التعبير عن المشاعر ينفر الناس منهم لأنه يظهرهم بمنظر الضعفاء.
  2. الكمال العاطفي: وهو اعتقاد الأشخاص أن البوح عن مشاعرهم ينم عن ضعفهم وعدم قدرتهم على السيطرة والتحكم بأنفسهم، والتعبير عن المشاعر من وجهة نظرهم هم ضعف يجلب لهم احتقار الآخرين.
  3. الخوف من الرفض والنبذ: قد يضطر بعض الأشخاص إلى كبت مشاعرهم خوفاً من رفض الآخرين لهم، وإصدار الأحكام عليهم وعدم تقبّلهم.
  4. الإحباط واليأس: قد يكون السبب المانع لشخص ما للتعبير عن مشاعره هو يأسه من تحسن هذه العلاقة، ويكون السبب في الغالب هو تجارب سابقة في البوح والتعبير وعدم تحقيق النتائج المرجوة منه، فينكفئ الشخص على نفسه ويُحبط من إمكانية تحسن العلاقة أو فهمه بالطريقة الصحيحة.
  5. انخفاض الثقة بالنفس: يعتبر الأشخاص قليلو الثقة بالنفس أنهم غير مهمون بالنسبة للآخرين، فلا يعبرون عن مشاعرهم نتيجة قلة ثقتهم بأنفسهم ودورهم في حياة الآخرين.
  6. تحميل الآخرين مسؤولية فهم مشاعره دون أن يتكبد عناء التعبير عنها: قد يعتقد البعض أن التعبير عن المشاعر أمر ثانوي وغير مهم، لأن الأشخاص المهتمين بهم حقاً لا ينتظرون اعترافاتهم ليعرفوا ما بهم، وهذا أمر خاطئ جداً.
  7. أخذ دور الضحية: يتلذذ بعض الأشخاص بتقمص دور الضحية وكبت مشاعرهم لينالوا تعاطف الآخرين وشفقتهم.

شاهد بالفيديو: كيفية التحكم بالانفعالات وضبط النفس

أضرار كبت المشاعر:

ينجم عن كبت المشاعر أضرار كثيرة على الصحة النفسية والجسدية، وذلك لأن كبت الإنسان لمشاعره يخلق ذلك هوة بينه وبين نفسه. ومن أكثر أضرار كبت المشاعر نذكر ما يلي:

1. مشاكل في النوم:

إن عدم تفريغ المشاعر وخاصة السلبية منها يسبب اضطرابات في النوم وحدوث الأرق، ذلك بأن الدماغ يبقى في حالة عمل مستمر في سبيل معالجة هذه المشاعر والتعامل معها، فيحرم الإنسان بذلك من النوم الهانئ العميق، عدا الكوابيس المزعجة، واضطراره للاستيقاظ ليلاً.

2. الإحساس الدائم بالتعب:

وذلك بسبب ثقل المشاعر والضغط الناجم عن صعوبة تصريف المشاعر واستهلاكها للطاقة العقلية، إذ يتطلب كبت المشاعر كثيراً من الجهد ليحافظ الشخص على هدوئه واتزانه، وهذا بدوره يتسبب بالتعب الجسدي إضافة إلى الإرهاق الذهني، وتشتت التفكير وصعوبة حل المشكلات.

3. الإصابة بالأمراض:

إن كبت المشاعر هو من الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالكثير من الأمراض، وذلك بسبب عدم وجود مخارج عاطفية لها. وهذا الأمر يضع الجسم في حالة من الضغط والتوتر الدائمين، ويؤثر هذا على آليات عمل الغدد الصم، والجهاز المناعي والغدد اللمفاوية، وتشير الدراسات على أن كتم المشاعر واحد من أهم مسببات مرض السرطان.

4. الإصابة بالاضطرابات الهضمية:

إن معظم الاضطرابات الهضمية التي يعاني منها البشر ناجمة عن كبت المشاعر وعدم تحريرها وتفريغها بالطريقة الصحيحة. ويعود السبب في ذلك إلى ارتباط الجهاز الهضمي بالدماغ، مما يضعه تحت ضغط مستمر سببه كبت المشاعر وكتمها، فتتأثر المعدة وتصاب تارة بالتشنجات، وتارة أخرى بالغثيان واضطرابات أخرى، وتتأثر الأمعاء فيصاب الإنسان بالإسهال أو الإمساك أو النفخة، عدا عن إضرابات الشهية التي تنعكس إما على شكل عزوف عن تناول الطعام أو شهية مفرطة تتسبب بالطعام العاطفي.

5. أمراض الحساسية أو الربو:

عند انعدام وجود لطريقة لتفريغ المشاعر، وبقاء هذه الأحاسيس حبيسة الجسم البشري، يتسبب ذلك بحدوث التهابات في الجسم كطريقة لمحاصرة هذه العواطف. وهنالك حالات كثيرة نجد فيها أن مشاعر الحزن والأسى المكبوتة تسبب حالات التهاب الحلق والبلعوم والرشح وتورم العينين كردة فعل طبيعية للجسم، وفي حال تحولت هذه الحالات الالتهابية إلى مزمنة فإنها تتسبب في خداع الجهاز المناعي للجسم، مما يؤدي بدوره إلى الإصابة ببعض الأمراض التنفسية كالربو والاحتقان المزمن للصدر والسعال وغيرها من ردات الفعل التحسسية الأخرى.

6. الإصابة بالأكزيما:

قد لا يخطر في البال أبداً أن بعض حالات الأكزيما الجلدية ناتجة عن أسباب نفسية أهمها كبت المشاعر وكتمها، والأكزيما الجلدية هذه عبارة عن التهابات في الجلد، لا يمكن معالجتها والسيطرة عليها دون العلاج العاطفي للمشاعر الحبيسة وتحريرها.

7. الإصابة بأمراض القلب:

يتسبب كبت المشاعر بالإصابة بأمراض القلب والشرايين، ذلك أن بعض المشاعر التي يتم كتمها تجعل القلب عاجزاً عن أداء مهامه بوتيرة ثابتة، ويساعد الدماغ المتوتر في مفاقمة هذا الخلل، فيصاب الإنسان بالسكتات القلبية.

8. المساهمة في تفاقم الأمراض:

إن المسيرة العلاجية للكثير من الأمراض الجسدية تتطلب بقاء المريض في حالة نفسية جيدة، لذا فعند قيامه بكبت مشاعره فإنه يعزز فرص تفاقم المرض بسبب انخفاض المناعة، ويسمح للحالة المرضية بالتطور والاستفحال.

إقرأ أيضاً: تعريف الذكاء العاطفي وفوائده في مختلف مجالات الحياة

كيف تعبر عن مشاعرك بالطريقة الأمثل؟

الجواب هو بلى، واسأل علماء النفس إن أحببت؛ إذ يُجمع علماء النفس على فكرة أنَّ الجميع يقدرون على أن يغيروا أنفسهم وطرائق تفكيرهم ونوعية مشاعرهم، وإحدى طرائق التغيير المتبعة للقيام بذلك هي أن تبدأ تدريجياً وبروية في نقل مشاعرك إلى الآخرين بطريقة لا تؤذيك أو تؤذيهم؛ وللقيام بذلك، يقترح أحد الأطباء النفسيين خمس خطوات تساعدك على تخطي مشاعرك السلبية وتزيد من ذكائك العاطفي، وهي:

1. إدراك مشاعرك في الأوضاع الحيادية:

قد يميل بعضنا إلى التعامل مع الأمور بمنطقية، فتراهم يُجِيدون وصف أفكارهم أكثر من وصف عواطفهم؛ لكنَّ ذلك سيجعلهم عرضة إلى عدم التعرف على الفروقات الشعورية البسيطة في أنفسهم والآخرين.

إنَّ فهم الفارق بين عاطفتين متشابهتين ظاهرياً، مختلفتين فعلياً -كالشعور بالذنب والعار، أو مجرد تعلُّم مزيد من الكلمات من أجل التعبير عن تلك المشاعر بدقة- هو ما يحدد أسس إدارة المشاعر، ويزيد وينمِّي الذكاء العاطفي، ويعود علينا بفوائد جمَّة على صعيد حياتنا الشخصية والمهنية.

لذا كلما تعرضت إلى وابل من المشاعر المتضاربة، انظر إليها كما ينظر محقق جنائي إلى قضية يعمل على حلها، وصِف لنفسك أثر مشاعرك في جسدك، وسمِّها، ودرِّب نفسك على اكتشاف مشاعر الآخرين وتمييزها عبر استكشاف المواقف العاطفية التي تراها في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، وتعرَّف على تلك العواطف وميِّزها وافهمها، ومن ثم فتِّش عنها عند الآخرين؛ فمثلاً:

  • اسأل من تهتم لأمرهم كيف يشعرون تجاه أحد الأمور، وضع تسمية للمشاعر التي يشعرون بها.
  • عبِّر عن مشاعرك في مواقف محايدة، كأن تشارك الآخرين مشاعرك تجاه كتاب أو برنامج تلفزيوني أو موقف حدث مع أحدهم في العمل.
  • استخدم تلك المدخلات في وضع قائمة بالمشاعر، وذلك لكي تساعدك على تحديد ووصف مشاعرك بدقة.

2. مشاركة مشاعرك مع الشخص المناسب:

نظراً إلى ذلك الكم الهائل الذي نراه من رسائل التواصل الاجتماعي والاعترافات التي ينشرها المشاهير على حساباتهم، فقد نظن أنَّنا بحاجة إلى نشر كل شيء يحدث معنا بغرض التعبير عن أنفسنا، إلَّا أنَّه يتعين علينا في حقيقة الأمر أن نشارك ذلك وفقاً لحدود وضوابط محددة بدقة.

يقول علماء النفس أنَّه يتعين علينا بناء "رصيد اجتماعي" قبل أن نشارك مشاعرنا وأحساسينا، إذ لا يعبِّر أولئك الذين يشاركون مشاعرهم من منطلق الحصول على بعض الاهتمام أو تلبية الاحتياجات غير المستوفاة عن مشاعرهم بالطريقة الصحيحة؛ لكن عندما نؤسس لعلاقة مبنية على مئات من الأسرار الصغيرة المتبادلة، تصبح هذه العلاقة أقوى وأكثر مرونة.

لهذا تجد أنَّ الأصدقاء الذين يعرفون بعضهم بعضاً منذ زمن طويل على دراية كاملة بجميع أسرار كل شخص منهم، وأنَّهم عندما يتشاطرون مشاعرهم ويفتحون قلوبهم ويتحدثون عن نقاط ضعفهم، يقومون بذلك لأنَّهم يعلمون علم اليقين بأنَّ أحدهم لن يحكم على الآخر أبداً؛ لذا تجد أنَّ علاقتهم تتعمق وتنمو.

3. تحرِّي المنطقية في طريقة تعبيرك عن مشاعرك:

كل المشاعر صحيحة بناءً على ما تشعر به في لحظة معينة، ولكن ليست جميعها نابعة من مكان صحي ومفيد بداخلك؛ لذا عندما تشعر بأحاسيس قوية، اسأل نفسك السؤالين الآتيين قبل أن تعبِّر عنها:

  • ما الذي تريد أن يحدث بعد ذلك؟
  • ما هي العواقب المحتملة التي ستنتج عن التعبير عن نفسك بهذه الطريقة؟

ستوفر لك تلك الأسئلة صورة شاملة، وتمنحك منظوراً شاملاً لرد فعلك العاطفي الفوري؛ وهو ما يساعد على كبح جماح غرائزك المباشرة وجعلك أكثر مراعاة في ردة فعلك.

4. استخدام اللغة المناسبة للتعبير عن نفسك:

لا يعني التعبير عن مشاعرك بفاعلية أن تلوم الآخرين، ويحدث ذلك عندما نقول للآخرين عبارت مثل:

  • "أنت تغضبني كثيراً".
  • "وجودك يجعلني أتوتر".

حيث تسهم لغة مثل هذه في تأجيج الموقف؛ لذا تجنَّب إلقاء اللائمة والاتهامات، وتحدَّث عن السلوك وكيف أثَّر في عواطفك بدلاً من الحديث عن الشخص نفسه، حيث يخلق هذا مساحة للرد بالنسبة إلى الشخص الآخر.

بدلاً من أن تقول: "أنت تغضبني كثيراً"، قل: "لا أحب أن تنتقد عملي بهذه الطريقة، إذ يشعرني ذلك بالغضب"؛ وبدلاً من قول: "أنت شخص وقح ولا تحترم الآخرين"، قل: "عندما تتأخر عن موعدنا دون أن تخبرني، أشعر أنَّك لا تحترم وقتي".

إنَّ طريقة تعبيرك عن مشاعرك محض اختيار، ويمكنك بناء عليه استخدام لغة مناسبة للتعبير عن نفسك بفاعلية عوضاً عن مجرد الرد.

5. اختيار الطريقة الأمثل للتعبير عن نفسك:

يمكن أن تؤثر شخصيتك في الطريقة التي تختارها للتعبير عن مشاعرك وطريقة تلقي الآخرين لذلك، وغالباً ما تكون المحادثة وجهاً لوجه فعالة أكثر عند مناقشة المواضيع الشائكة؛ وذلك بسبب أنَّ احتمالية سوء التفسير تقلُّ في تلك الحالة.

إن كنت أحد الأشخاص الانطوائيين ولا تملك سوى صديق واحد تجري معه أحاديث معمَّقة، فتحدَّث معه عن مواضيعك الشائكة أو الشخصية وأنتما تتنزهان؛ إذ سيوفر ذلك حيِّزاً كافياً يقلل من حدتك.

يحتاج الانطوائيون إلى أن يضمنوا مشاركتهم بالحديث، ويصغوا إلى ما يقوله الآخرون لهم؛ بينما يحتاج الأشخاص الاجتماعيون إلى إعطاء المجال للطرف الآخر من أجل المشاركة في الحديث؛ كما يفضل الانطوائيون أن يتوفر لهم الوقت الكافي لمعالجة المعلومات والنظر في أسلوب الرد عليها.

إقرأ أيضاً: إدارة المشاعر: تعريفها، وأهميتها، وطريقة إدارتها

لن تقدر إلَّا على تغيير نفسك:

بغضِّ النظر عن مدى قدرتك في التعبير عن مشاعرك، فلا يمكنك إجبار الآخرين على الاستجابة بطريقة معينة لمجرد أنَّك تريدهم أن يقوموا بذلك، وكل ما يمكنك القيام به هو أن تعبر لهم عن الطريقة التي تؤثر فيها تصرفاتهم عليك؛ أمَّا كيف يقررون التعامل مع هذه المعلومات ويردون عليها، فهو أمر متروك لهم، وهو درس آخر عليك أن تتعلمه في هذه الحياة.

لذا اعلم أنَّك عندما تخوض في محادثة معينة بكامل طاقتك بهدف أن تغير وجهة نظر أحدهم، فعلى الأغلب أنَّك ستفشل في هذا؛ لذا افصل نفسك عن نتيجة التعبير عن مشاعرك قدر ما تستطيع، واحرص على أن تكون نزيهاً مع نفسك بدلاً من حثِّهم على الاقتناع بأنَّك مصيب فيما تقول؛ إذ تتوفر لديك السيطرة على الحالة الأولى، لكن ليس على الثانية.

عبِّر عن مشاعرك بفاعلية من أجلك والآخرين:

إن نجحت بإيصال مشاعرك إلى الآخرين، فيمكنك عندئذ أن تكوِّن علاقات أعمق وأجدى معهم؛ إذ يزيد إيصال مشاعرك من التعاطف في نفسك ونفس الشخص الآخر.

لذا كلما تحدثت عن مشاعرك، حاول التعبير عنها بطريقة غير مؤذية، لتكون عندئذ أفضل حالاً ممَّا كنت عليه من قبل؛ لذا:

  1. تواصل مع الآخرين بلطف.
  2. عبِّر عن نفسك بفاعلية.
  3. أطلِع الشخص برفق على ما تشعر به.

وهو ما من شأنه أن يحسن حياتك، ويجعلها أكثر إشراقاً. 

شاهد بالفيديو: تقنيات تساعد على الهدوء والسيطرة على الغضب

ما هي طرق التعبير عن المشاعر؟

كثيرة هي طرق التعبير عن المشاعر وتفريغها، لعلّ أهمها طرق التعبير عن المشاعر بالتفريغ الحركي كالمشي أو ممارسة الرياضة، وطرق التعبير عن المشاعر بالكتابة، وطرق التعبير عن المشاعر بالرسم وطرق التعبير عن المشاعر بالكلام. وسنقوم بشرح هذه الطرق فيما يلي:

1. التعبير عن المشاعر بالكتابة:

تعتبر طريقة التعبير عن المشاعر بالكتابة من أهم طرق التعبير والتفريغ عن المشاعر سواء كانت هذه المشاعر سلبية أم إيجابية، ولكن التجارب مع المشاعر السلبية وذكريات الماضي كانت تستحق الوقوف عندها بشكل كبير.

ومن أصول التعبير عن المشاعر بالكتابة كتابة الأحداث أو المشاعر التي تشغل ذهن الإنسان وأفكاره دون أي تنميق أو مجاملات، لأن الكاتب هو الشخص الوحيد الذي سيطلع على هذه الكتابات، وينصح بعض الأخصائيون بعدم قراءة الكلمات بعد كتابتها، ويرجح بعضهم الآخر كفة إحراق الورقة أو تمزيقها خاصة إذا كانت تتعلق بذكريات وأحداث أو مشاعر سيئة. وتعتبر طريقة التعبير الكتابية عن المشاعر من أفضل وسائل التعبير عن المشاعر وتفريغها، وهي متاحة أمام كل من يمتلك قلماً وورقة.

2. التعبير عن المشاعر بالرسم:

يعد التعبير عن المشاعر بالرسم من الطرق الفعالة في التعبير عن المشاعر وتحريرها، وتعتبر هذه الطريقة أكثر فعالية مع الأطفال الذين لا يتقنون الكتابة والذين في سن الطفولة، ويمكن عن طريق قراءة دلالات رسومات الأطفال فهم ما يشعرون به، ومساعدتهم على إخراج مكنونات نفوسهم وتفريغ المشاعر السلبية الناجمة عن مواقف سيئة أو صعبة قد مروا بها. وليست طريقة التعبير عن المشاعر بالرسم حكراً على فئة معينة بل هي متاحة للجميع، ونلاحظ أن الرسامين الذين يعبرون عن مشاعرهم بالرسم يخرجون بأعمال فنية وإبداعية مميزة وفريدة.

3. التعبير عن المشاعر بالكلام:

يعد التعبير عن المشاعر بالكلام من أكثر الطرق تداولاً وسهولة، ويكون ذلك عن طريق اختيار شخص ثقة أو طبيب نفسي. ولعل أهم صفة يجب أن يتصف بها الشخص هي امتلاكه مهارة الاستماع وعدم المقاطعة، ليمنح المتحدث مجالاً أكبر، ويبتعد عن تشتيت أفكاره بجمله الاعتراضية. كما يجب على المستمع أن يكون بعيداً عن إطلاق الأحكام فلا يحكم على محدثه بصفات معينة لمجرد أنه باح له بمشاعره، كما يجب أن يتصف بالأمانة وكتمان الأسرار ليكون مصدر ثقة ولا يشعر محدثه بانعدام الأمان. ويجب أن يتمتع الوالدان بهذه الصفات ليكونوا الملجأ الآمن لأبنائهم في تفريغ مشاعرهم ولا يضطروا بذلك إلى البوح لأشخاص قد يكون التعبير عن المشاعر بالكلام أمامهم ضرباً من التهور والتسرع ينجم عنه أضرار أو ابتزاز ما.

فن الذكاء العاطفي في طريقة التعبير عن المشاعر:

يعتبر فن الذكاء العاطفي من أفضل الطرق التي تساعد على التعبير عن المشاعر بشكل صحي وسليم. ذلك أن الأشخاص الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي لديهم قدرات عالية في فهم مشاعرهم وتعريفها وتصنيفها، وتحديد الأسباب التي سبب لهم الدخول في دوامة هذه المشاعر. كما يمنح الذكاء العاطفي للأفراد القدرة على إدارة المشاعر والتحكم بها، فلا يقومون بردود أفعال متسرعة قد تسبب لهم الندم، بل يقومون باستجابات مدروسة، وهذا ما يساعدهم على اختيار واعي للشخص الذين سيقومون بمشاركته مشاعرهم، أو يستطيعون الحفاظ على رباطة جأشهم والتماسك ريثما يجدون الوقت المناسب لتفريغ مكنونات نفوسهم إذا ما اعتادوا التعبير عن مشاعرهم عن طريق الرسم أو الكتابة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة