5 نصائح لتعزيز اللياقة الذهنية ضمن فريقك

يدرك قادة اليوم أنَّ العناية بالصحة الذهنية للموظفين يعود بالنفع على عافية الموظف والشركة، لكن لسوء الحظ، على الرغم من فهمهم لأهميتها، كثيراً ما يقعون في الخطأ عند محاولة تعريف ما هي الصحة الذهنية.



ففي الماضي كان تعريف الصحة الذهنية لا يعكس معناها الحقيقي، فإذا لم يكن الشخص مريضاً ذهنيَّاً كان يعدُّ سليماً، لكنَّ معنى الصحة الذهنية لا يقتصر على العيش دون ألمٍ أو إعاقة، فهي تشمل أيضاً زيادة القوة وتعزيز العافية.

نحن نفكر في الصحة الجسدية بهذه الطريقة بالفعل، فحين يتعلق الأمر بأجسامنا نحن قادرون على التفريق بين مستويات العافية المختلفة، ونعلم أنَّ في مقدورنا تحسين لياقتنا وصحتنا الجسدية حتى لو لم نكن نعاني في لحظتها من أي مرض؛ حيث يجب أن ينظر القادة إلى الصحة الذهنية بالطريقة نفسها، بدءاً بتبنِّي تعريف جديد للصحة الذهنية يشمل فكرة أنَّ هنالك درجات للياقة الذهنية.

تساعدنا المبادرة إلى تحسين الصحة الذهنية على تخطي الأوقات العصيبة مثل الجائحة التي نواجهها اليوم، وتمكِّننا من تقديم أداء أفضل في العمل، فالصحة الذهنية، مثل أيَّة قدرةٍ أخرى، يمكننا تعزيزها بالتدريب؛ حين تنظر إلى الصحة الذهنية بهذه الطريقة سيكون تساؤلك التالي هو كيف في إمكان القادة مساعدة فرقهم على تعزيز صحتهم الذهنية؛ لذا نستعرض هنا 5 تدخلات بسيطة ذات أثر قوي للوقاية وتعزيز الصحة الذهنية مستخلصة من عقود من الأبحاث:

1. تبنِّي هدف ومعنى المشترك:

يعتقد العديدون أنَّ سبب الإنهاك هو عمل الشخص فوق طاقته، لكن علميَّاً هذا ليس صحيحاً تماماً، إحدى أكبر مسببات الإنهاك ليست كثرة العمل؛ بل عدم معرفة لماذا تعمل من الأساس، ومن هذا المنطلق يمكنك الوقاية من الإنهاك عبر إطلاع الموظف على أهمية دوره وكيف يساهم عمله هو تحديداً في تطبيق استراتيجية الشركة العامة وتحقيق أهدافها.

أفضل شيء قد يفعله القادة لتعزيز اللياقة الذهنية ضمن فِرقهم هو الحرص على أن يشرح المديرون الأسباب التي دفعتهم لاتخاذ قراراتهم؛ يدعو البروفيسور "روجر مارتين" (Roger Martin) ذلك 'تحويل الاستراتيجية إلى حوار'، بينما يصفها الكاتب "سيمون سينك" (Simon Sinek) بعبارة 'معرفة السبب'؛ كيفما صِغتَ هذه الفكرة، فالجوهر واحد، وهو أنَّك تجعل موظفيك عرضة للإنهاك حين تتوقع منهم أن يعملوا دون أن يفكروا، ولحمايتهم من ذلك يجب أن تبيِّن لهم كيف يؤثر عملهم في المهمة الأكبر بحيث تعزز اللياقة الذهنية.

شاهد بالفيديو: 12 عادة لتعزيز القوة الذهنية

2. تشجيع التأمُّل:

تحديد المهام وتفويضها للموظفين والحرص على أن تنجز فرقهم عملها هو جزء أساسي من وظيفة المديرين، لكنَّ هذا لا يعني مراقبة موظفيهم للتأكد من أنَّهم يعملون على مدار الساعة؛ وفقاً لعلم الأعصاب، يبدي الناس مستويات أعلى من الإبداع والفاعلية حين يخصصون أوقاتاً خلال نهارهم للتأمل وتنشيط أنفسهم، تدعى هذه الفترات "المساحات البيضاء" (whitespace) أو "العمل الداخلي" (inner work)، وتُعرَف على أنَّها النشاطات الذهنية التي نتعمق خلالها داخل ذاتنا لتحقيق هدف أو نتيجة؛ لذا عوضاً عن محاربة فترات "التراخي" هذه، يجب أن يكون القادة أنفسهم مثلاً أعلى لكيفية استخدامها استخداماً مدروساً.

ساعِد العاملين لديك على فهم أنَّ جزءاً من وظيفتهم هو تخصيص الوقت للعمل على أنفسهم، وبهذا فأنت تساعدهم أيضاً على تعزيز لياقتهم الذهنية؛ وستلاحظ أنَّ لأمور مثل ترك فواصل زمنية بين الاجتماعات وتشجيع اليقظة الذهنية والتأمل أثراً كبيراً على الأداء. 

إقرأ أيضاً: 8 خطوات تساعد المبتدئين على تعلُّم رياضة التأمل

3. خلق بيئة مناسبة لتحقيق حالة التدفق: 

اكتشف عالِم النفس "ميهالي تشيكسينتمينهالي" (Mihaly Csikszentmihalyi) منذ عقود أنَّ إحدى أفضل الطرائق لتحسين اللياقة والأداء الذهني للشخص هي عبر تسهيل الوصول إلى حالة التدفق (flow state) والحفاظ عليها؛ هذا الشعور بأنَّك منغمس تماماً فيما تفعله لدرجة أنَّ الوقت يتوقف بالنسبة إليك مُرضٍ للغاية، كما يقدِّم الفرد خلال حالة التدفق إنتاجاً هائلاً؛ ومع ذلك، فإنَّ العديد من أماكن العمل الحديثة لا تلائم هذه التجربة من التركيز العميق والممتع.

تعوق الاجتماعات المستمرة والمقاطعات الوصول إلى حالة التدفق، بينما تعززه حماية موظفيك من التغيرات والتقلبات المحيطة بهم؛ لذلك يجب على القادة المهتمين بتعزيز اللياقة الذهنية لفرقهم أن يسألوا أنفسهم باستمرار ما إذا كانوا يسهِّلون على موظفيهم دخول حالة التدفق أم لا، وأن يفكروا كيف يمكنهم تصميم بيئة عمل تفعل ذلك؛ كما يقدم انتشار العمل عن بعد فرصة للقادة كي يصمموا إجراءات وروتيناً جديداً يحفِّز التركيز؛ لذا اغتنم هذه الفرصة لتعزيز إمكانية الوصول إلى حالة التدفق في مكان عملك.

4. تكوين علاقات اجتماعية ذات معنى:

لطالما وصف الجراح السابق "فيفيك مورثي" (Vivek Murthy) الوحدة بأنَّها 'وباء' في أمريكا؛ لكن مقارنةً بالعزلة الاجتماعية التي فرضتها الجائحة، فإنَّ الوضع الآن أسوأ بأشواط، الوحدة اليوم ليست ببساطة أمراً مزعجاً؛ بل هي إحدى أكبر عوامل الخطر التي قد تؤدي إلى الأمراض الذهنية؛ إذ يجعلك الشعور بالوحدة أكثر عرضة للتوتر والقلق والاكتئاب.

يستطيع القادة المساعدة على محاربة العزلة الاجتماعية وتعزيز اللياقة الذهنية عبر النظر إلى مكان العمل كفرصة لبناء المجتمع؛ ليس ضروريَّاً أن تكون إجراءات التدخل في هذه الحالة معقدة، يمكن للمديرين ببساطة تخصيص بضع دقائق في بداية الاجتماعات يشارك خلالها الأفراد حالتهم الذهنية في ذلك الوقت؛ يقوي هذا النشاط البسيط شبكة الدعم الاجتماعية ويوطد العلاقات ولا يتطلب وقتاً طويلاً، فإذا مارسته مرة كل يوم ستحسن التواصل بين أعضاء الفريق وسيشعر الموظفون بالرضا عن عملهم كما سيزداد ولاؤهم لشركتك، إضافة إلى تعزيز اللياقة الذهنية والأداء.

إقرأ أيضاً: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة

5. الكوتشينغ:

إذا أردت تحسين لياقتك البدنية، ستذهب إلى النادي الرياضي وتتمرن وحدك، وذلك ممكن وصحي؛ لكنَّ العمل مع مدرب شخصي سيساعدك على تحقيق أهدافك بسرعة أكبر، والأمر نفسه ينطبق على الصحة الذهنية، الكوتشينغ هو أسرع طريقة لتعزيز القوة الذهنية والمرونة؛ ويعرف المديرون التنفيذيون ذلك، ولهذا لا يحاولون أداء وظائفهم لوحدهم؛ بل يعملون مع كوتش، كما يدرك الجيش الأمريكي ذلك؛ إذ صمَّم عالِم النفس الإيجابي "مارتن سيليجمان" (Martin Seligman) مع القائدة العسكرية "روندا كورنوم" (Rhonda Cornum) أكبر برنامج تدخُّل ذهني في العالم؛ حيث يتدرب الجنود خلال المعسكر على القوة الوقائية والمرونة الذهنية.

يجب أن يأخذ القادة بالحسبان القيام بإجراءات تدخُّل مماثلة لتعزيز القوة الذهنية للموظفين عبر الكوتشينغ؛ وسيكون لذلك أثر كبير في سبيل تكوين قوة عاملة سعيدة ومنتجة ومعافاة، فالخيار هنا ليس محصوراً بين المرض أو تقديم أدنى مستوى من الأداء؛ لذا يمكننا أن ننجح خلال الجائحة وبعدها عبر ممارسة إجراءات وقائية لتعزيز اللياقة النفسية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة