5 مهارات لإدارة الحياة لتحقيق أهدافك

لقد حدَّدتَ توقعات عالية جداً لنفسك، فأنت تريد أن تكون مُهيمناً في عملك، ومعيلاً استثنائياً لعائلتك، وأن تحافظ على لياقتك الجسدية، وتجد طرائق لرد الجميل لمجتمعك؛ إذ يصفك الناس غالباً بأنَّك "أبو الإنجازات"؛ اللقب الذي كان يجعلك  تشعر بأنَّك فخور في الماضي.



لكنَّك أدركت أنَّه كلما تقدمت أكثر، زادت معاناتك في إدارتك لحياتك؛ إذ إنَّك كنت تعتمد طوال الوقت على قوائم المهام اليومية للبقاء على اطِّلاع بعديدٍ من العناصر التي تملأ مُفكِّرتك، ولكنَّ هذا النظام لم يعد يُجدي نفعاً، فلن تساعدك هذه القوائم على تعلُّم كيفية إدارة أمور الحياة؛ بل ستجعلك تشعر فقط أنَّ ما تفعله ليس كافياً؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تدمير نفسك، فلكي تنمو، عليك أن تتعلَّم مهارات إدارة الحياة، بدلاً من مجرد تكديس المزيد من المهام في مفكِّرتك.

ما الذي يعنيه مصطلح إدارة الحياة؟

إدارة الحياة هي القدرة على التعامل مع كل ما تحتاج إليه، لكي تعيش حياة مُنتجة وسعيدة ومُرضية؛ إذ ترتبط هذه المهارة ارتباطاً وثيقاً بإدارة الوقت، ولكنَّها تتجاوز إنشاء قوائم للمهام اليومية، وملء مخططك اليومي.

تذكَّر أنَّ كونك مشغولاً لا يعني أنَّك منتج؛ إذ تتعلَّق إدارة الحياة بتغيير طريقة تفكيرك؛ فيصبح في إمكانك تحمُّل الضغط والسيطرة على مشاعرك وعلى حياتك، وتتضمَّن مهارات إدارة الحياة كل جوانب حياتك بدءاً من إنشاء عادات صحية، وتعلُّم تفويض المهام، وصولاً إلى تحديد "أهداف ذكية" (SMART)؛ إذ يمكنك قياس تقدُّمك.

لماذا تُعَدُّ إدارة الحياة أمراً ذا أهمية؟

تُتيح لك إدارتك لحياتك أن تُصبح أكثر إنتاجية، وأن تُنجز مزيداً من الإنجازات خلال وقت أقل، وتُحقِّق أهدافك أيضاً؛ إذ تعني الإدارة الجيدة للحياة أنَّك لا تقوم بإنجاز الأساسيات فحسب؛ كتناول الطعام الصحي، وممارسة التمرينات الرياضية، والرعاية الذاتية؛ وإنَّما تنشئ لك مساحة لتكون صديقاً ممتازاً، وشريكاً استثنائياً، وأباً أو أُماً مهتماً، فمن خلال قيامك بإدارة حياتك، ستخرج من الانشغال اليومي الذي كنت تعاني منه، لتبدأ فصلاً جديداً تستمتع فيه بالحياة الحقيقية.

كيف يمكنني إدارة حياتي إدارةً أفضل؟

يفكِّر معظم الناس في أن يديروا حياتهم، ثم يبدؤون بدايةً خاطئةً؛ وذلك عندما يتَّبعون خطة بترتيب معكوس؛ فيبدؤون بقائمة المهام اليومية اللازم إنجازها محاولين إشغال أنفسهم بالقيام بكل الأمور الواجب فعلها في الوقت المتاح لهم.

لكن ما تحتاج إلى القيام به هو قلب هذا الروتين رأساً على عقب، وكما يقول الكاتب "توني روبنز" (Tony Robbins): "لن تستطيع وضع خطة ليومك ما لم يكن لديك خطة لحياتك"؛ لذلك، ابدأ بأهدافك النهائية، واعمل بطريقة عكسية، وعندها ستتمكَّن من إدارة حياتك إدارةً أفضل.

في حال وجدت سابقاً أنَّك تُنجز بعض الأمور، وتشطبها من قائمة مهامك اليومية، ومع ذلك ما تزال تتساءل: "هل هذا كلُّ ما في الأمر؟"؛ فلربما يعني الأمر أنَّ الوقت قد حان لتغيير النهج الذي تتبعه من خلال إدراج هذه المهارات الفعَّالة لإدارة الحياة في حياتك.

1. العثور على هدفك:

اسأل نفسك عمَّا تريده من حياتك؟ وعن النتيجة النهائية التي تطمح إلى الوصول إليها؟ فإن كانت إجابتك تقتصر على شراء سيارة جميلة، أو منزل فاخر، فعليك البحث عن هدفك الحقيقي بحثاً أعمق، وكما ينبغي أن يعكس ذلك مهارات إدارة الحياة التي تُنمِّيه.

فما هو الهدف الذي تشعر بالبهجة والمرح والحرية عندما تفكِّر فيه؟ وكيف تتجلَّى الحياة الاستثنائية بالنسبة إليك، وإطلاق العنان لها؟ ستُحدِّد إجابتك عن هذه الأسئلة الهدفَ الذي يجب عليك العمل من أجله؛ الأمر الذي قد يتجلَّى بإعالتك لأُسرتك، أو أن تكون الأفضل في مجالك، لكن الشيء المؤكَّد أنَّه لا يتعلَّق بالأشياء المادية.

قد تغفل غالباً عن هدفك النهائي في أثناء تفكيرك في الأمور التي تريد تحقيقها؛ الأمر الذي لن يؤدي إلى إدارة أفضل لحياتك؛ بل سيجعلك تقوم بإنشاء قوائم فارغة لمهامك اليومية، فتنجرف في تلك المهام قصيرة الأمد التي دوَّنتها، بدلاً من السعي وراء هدفك الأسمى، فكلما كنت واضحاً حيال ماهية هدفك النهائي، زادت احتمالية تحقيقه؛ إذ إنَّه وبمجرد أن تعرف ما الذي تريده، ستبدأ بالمُضي قدماً لتحقيقه.

مع امتلاكك لرؤية واضحة، ستتمكَّن من تحديد أفعالك بغرض تحقيق تقدُّم حقيقي نحو أهدافك، وكما يقول "توني روبينز" (Tony Robbins): "إحدى الأسباب التي تجعل قِلَّة منَّا يحقِّقون ما يريدونه هو أنَّنا لا نوجه تركيزنا أبداً؛ إذ إنَّنا لا نحشد قوَّتنا في مجال معيَّن، فمعظم الناس يشقُّون طريقهم في الحياة دون أن يقرِّروا إتقان أي شيء على وجه الخصوص"؛ لذلك، خذ قراراً بأن تصبح سيد حياتك، وتحكَّم في وقتك، واجعل لأفعالك أهمية.

2. تقسيم المهام إلى أجزاء:

إنَّ السبب الذي يكمن وراء فشلك في تحقيق أهدافك ليس عدم قدرتك على النجاح؛ بل لأنَّك تركِّز على أمور كثيرة في وقت واحد؛ لذلك، يُعَدُّ تغيير الطريقة التي تفكِّر فيها حيال أهدافك من مهارات إدارة الحياة التي ستساعدك على التركيز؛ لذا، لا تفكِّر في الأشياء التي تحتاج إلى القيام بها لتحقيق هدفك؛ بل فكِّر في النتيجة وتخيَّلها.

لِنقُل إنَّ هدفك هو تعلُّم كيفية الطهي، فعوضاً عن التركيز على النتيجة المنشودة، وهي أن تصبح طاهياً رائعاً، تنشغل بكل التفاصيل المخيفة التي تجعلك تخشى الذهاب إلى متجر البقالة، والعثور على وصفات تحضير الوجبات، وشراء أدوات المطبخ، وتنظيف الفوضى في نهاية هذه التجربة الكارثية.

لكن فكِّر الآن في أمر تُتقنه جيداً؛ كممارسة التمرينات الرياضية، فأنت تعلم أنَّه يتعيَّن عليك الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، ثمَّ ممارسة الرياضة عند وصولك، وما يجعل هاتان المهمتان القابلتان للتحكُّم تبدوان أسهل بكثير من الخطوات العديدة اللازم اتخاذها لتعلُّم مهارة جديدة، هو أنَّك قمت بهما عدة مرات من قبل، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ الطهي والذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لا يختلفان كثيراً من حيث الصعوبة، فالفرق أنَّك تفكِّر فيهما بطريقة مختلفة تماماً.

من المُرجَّح أنَّك ستستمر في السعي وراء هدفك، إذا غيَّرت طريقة تفكيرك آخذاً في الحسبان النتيجة، بدلاً من الخطوات للوصول إليها، فتقسيم المهام هو فهمك بأنَّه عند تعلُّمك لمهارة جديدة لأول مرة كالطهي مثلاً، قد تشعر كأنَّك تفعل 100 شيء في نفس الوقت، لكن بعد العمل على مهاراتك في المطبخ عملاً كافياً، يصبح الطبخ عبارة عن مهمتين يمكن التحكُّم فيهما، وهما الذهاب إلى المتجر والطهي.

يمكنك تقسيم النشاطات ذات النتائج المتشابهة إلى أجزاء معاً بمجرد إتقانك لهذه المهارة، فشجِّع نفسك لإنجاز الأمور التي تحتاج إلى إنجازها من خلال جمع معلومات يمكن إدارتها، بحيث يمكنك استخدامها بفاعلية لتحقيق أهدافك.

شاهد: 5 خطوات فعالة تساعدك على تنظيم وقتك

3. استثمار الوقت المُسمى بـ "لا يوجد وقت إضافي" (N.E.T Time):

إحدى الخطوات الهامة لتحقيق أي هدف، هي مواصلة التعلُّم في كل فرصة تسنح لك، ومع ذلك، قد يكون من الصعب الوصول إلى الكتب، والتدوينات الصوتية، ومقاطع الفيديو التي ستزيد من معرفتك عندما تشعر أنَّه لم يبقَ لديك وقت كافٍ عند نهاية اليوم، فتغذية عقلك ستعزِّز في أثناء فترة التوقف عن العمل من مستوى خبرتك.

هنا يُتاح لك استخدام مهارات إدارة الحياة؛ كالمهارة التي تُعرَف باستخدام الوقت المُسمى بـ: "لا يوجد وقت إضافي" (No Extra Time)، التي تستند إلى مفهوم يُبيِّن أنَّك دائماً ما تمتلك وقتاً خلال يومك يمكنك أن تملأه بالتعلُّم، فقد يعني هذا الاستماع لمدونة صوتية في أثناء تنقُّلاتك الصباحية، أو كتاب صوتي في أثناء التسوق لشراء البقالة، أو قراءة كتاب في أثناء انتظارك لموعد ما.

4. منح وقت لعلاقاتك:

لا تقتصر الإدارة الأفضل للحياة على تحقيق أقصى درجات الصحة البدنية، وتحقيق التقدُّم في حياتك المهنية؛ فمن الضروري أيضاً قضاء بعض الوقت يومياً في تنمية العلاقات مع مَن تحبهم.

يُعَدُّ التخطيط لليالٍ تخرجون فيها معاً في موعد، وإنشاء فرص لتواصل أعمق، أمراً بالغ الأهمية لإنشاء علاقة صحية مع شريكك، كما أنَّ تخصيص وقت للعب مع أطفالك والقراءة والتحدث معهم عن يومهم هو جزء حيوي لتطوير صلتك والروابط بينك وبينهم؛ لذلك، لا تنظر إلى الوقت الذي تستغرقه في الاسترخاء والتواصل على أنَّه وقت ضائع؛ بل تعامَل معه بوصفه عنصراً هاماً في إدارة الحياة، وبأنَّه يضيف إلى سلامتك العامة.

5. تعلُّم كيفية التواصل بصورة أفضل:

من المُرجَّح أنَّك قد ضيَّعت كثيراً من وقتك الثمين في عملك أو في منزلك سابقاً بسبب سوء الفهم، فربما يحتاج المشروع الذي كنت تعمل عليه إلى إعادة تصميم؛ لأنَّه لم يوصل الأهداف بأسلوب واضح، أو أنَّك وشريكك أخذتما إجازة من العمل في فترة بعد الظهر لتجدا حلاً لمشكلة أنابيب المياه في المنزل؛ وذلك لأنَّكما لم تتواصلا تواصلاً فعَّالاً مسبقاً عمَّن سيقوم بالاهتمام بهذا الأمر.

قد يؤدي التواصل مع شريكك وفريقك في المكتب إلى علاقات أفضل، وجداول زمنية انسيابية؛ لذلك، عليك أن تتعرَّف إلى أساليب التواصل لأولئك الذين تتفاعل معهم، وأن تكون على دراية بأنَّ إدارة الحياة تصبح أسهل عندما تأخذ خطواتك ببطء، وتستغرق الوقت الكافي للإصغاء.

مصادر مُساعِدة على إدارة الحياة:

يمكن أن تكون مفاهيم إدارة الحياة مفيدة جداً، ولكنَّك ستحتاج في بعض الأحيان إلى مصادر ملموسة لمساعدتك على إدارة ساعات اليوم بأسلوب فعَّال، منها:

1. طريقة التخطيط السريع (Rapid Planning Method):

ليس لديك ما يجعلك مضطراً إلى إدارة حياتك وحدك إدارة كاملة، فهناك عديد من الأدوات التي قد تساعدك على رسم مخطط للحياة التي لطالما أردتها، وبمجرد أن تعرف ما الذي تريده، ولماذا تريده، سيكون الوقت قد حان للبحث عن مصادر ذات قيمة، كـ "طريقة التخطيط السريع" (RPM) التي وضعها الكاتب "توني روبينز" (Tony Robbins).

أنت تعرف الآن العناصر الأساسية لهذه الطريقة التي نُوقِشت آنفاً؛ إذ إنَّك حدَّدت هدفك، ويمكنك الاستفادة من تقسيم المهام لتطوير خطة العمل الشاملة الخاصة بك؛ لذلك، فإنَّ التزامك بأسلوب التخطيط السريع يعني أن تعرف ما تريد، وتَقدِر على تحديد سبب رغبتك في هدفك هذا، وتضع الإجراءات التي ستتخذها لتحقيقه.

إقرأ أيضاً: 10 مهارات ناعمة تساعدك على تحسين حياتك المهنية

2. أفضل وقت في حياتك:

ستبدأ بتخصيص وقت للجوانب الأكثر أهمية في الحياة؛ كالعائلة، والأصدقاء، والعطاء، والإنجاز، والرضى، فعندما تُحدِّد الغاية من كل إجراء تتخذه، وباتباعك هذه الطريقة، سوف تكتشف السبب وراء أهدافك الكبيرة، ثمَّ تتعلَّم كيفية ربط هذه الغاية بمسؤولياتك اليومية حتى تتمكَّن في النهاية من إنجاز جميع مهامك، ويمكنك استخدام هذا البرنامج لمدة 10 أيام باتباع طريقة التخطيط السريع، ليوضِّح لك كيفية التوقف عن التركيز على الأمور التي يجب عليك القيام بها، والبدء بالتركيز على الأمور التي تريد تحقيقها.

3. الكوتشينغ:

إذا كنت تواجه صعوبة في إدارة بعض الأُمور في الحياة، فقد يكون الوقت قد حان للحصول على مساعدة إضافية؛ إذ سيساعدك العمل مع كوتش مهارات حياتية، أو كوتش مهني على معرفة المزيد عن نفسك، وأهدافك، وتطوير مهارات ذات قيمة للوصول إلى المكان الذي تريده؛ إذ يوفِّر الكوتش المساءلة والحكمة اللذين تحتاجهما لتحقيق النمو.

إقرأ أيضاً: المماطلة والتّسويف تُعيقان تحقيق الهدف

في الختام:

حان وقت التخلص من قائمتك الخاصة بالمهام التي يجب إنجازها، وتقبُّل التغيير، كما يقول "توني روبينز" (Tony Robbins): "إنَّ قيامك بالأمور التي لطالما فعلتها، سيمنحك نفس النتائج التي لطالما حصلت عليها"، ومن خلال امتلاكك رؤية واضحة، ومصادر قوية لإدارة حياتك، ستقترب خطوة كبيرة من تحقيق أكبر استفادة من وقتك، والوصول إلى أهدافك النهائية وإنجازها.

المصدر




مقالات مرتبطة