5 معوقات رئيسة لتطوير الثقة بالنفس

من منظورٍ خارجيٍّ قد يبدو أنَّ الأشخاص الواثقين من أنفسهم لا يرتكبون الأخطاء أبداً، ويعرفون ما يجب عليهم فعله في أيِّ موقف يتعرضون له، ولكن إن أمعنت النظر إلى سلوك أيِّ شخص تراه واثقاً من نفسه ستدرك أنَّهم كثيراً ما يرتكبون الأخطاء، ومع ذلك لا يبدو أنَّ أحداً ينتبه إلى إخفاقاتهم، فكيف ذلك؟ وما هي المعوقات الخمسة الرئيسة التي تمنع معظمنا من تطوير هذا النوع من الثقة بالنفس؟



إليك فيما يأتي 5 معوقات رئيسة لتطوير الثقة بالنفس:

1. السعي إلى المثاليَّة:

تعمل المثالية في عقلنا كشرطيِّ مرورٍ يحملُ عصاً وصفارة ويحدد من بإمكانهم العبور ومن ليس مخوَّل لهم ذلك، ولدى معظمنا أفكار مبتكرة لا تعبر أبداً حاجز شرطي المرور، وكلَّما تخلينا عن أفكارنا لكونها ليست مثالية يزداد عدم رضانا عن أنفسنا، ونبدأ بطلب المثالية من الآخرين، وعلى حد تعبير المؤلِّفة "ليز جيلبرت" (Liz Gilbert): "المثالية هي مجرد انعكاس مزخرف للخوف".

2. الخوف:

في معظم الأحيان نفقد ثقتنا بأنفسنا بسبب الخوف، وبصورة أكثر تحديداً فإنَّ الخوف من النتائج غير المعروفة هو انعكاس للخوف من الفشل، وكثيراً ما يرى الأشخاصُ الذين يحبون وصف أنفسهم بالواقعيين أنَّ لا فائدة من الأحلام عند محاولة تأمين حياة كريمة لاحقاً، وبأنَّ المستقبل المجهول حتماً يتجه نحو نتيجة سيئة، ويرون ذلك سبباً كافياً لعدم المخاطرة أبداً، ويشددون على أنَّهم يعيشون في الواقع لا في عالم الأحلام على الرَّغم من حقيقة أنَّ احتمالية النتيجة الجيدة والسيئة في أي موقف كانت متساوية، فلماذا نستسلم للخوف أكثر ممَّا نعتمدُ الإيمانَ بأنَّ الأمور ستنجح إذا كانت الفرص بين أيٍّ من النتيجتين متساوية إلى حدٍّ ما؟

أكبر مخاوفنا من المجهول تتجلى في الخوف من الموت، فنحن نخشى الموت على الرَّغم من أنَّنا لا نعلم بالتحديد ما يكمن على الجانب الآخر، فيقول الفيلسوف "سقراط" (Socrates): "لا أحد يعرف إن كان الموت أعظم نعمة بالنسبة إلى الإنسان، ولكن يخشاه الرجال كما لو كانوا يعرفون أنَّه أعظم الشرور".

شاهد بالفيديو: الاخفاق سرّ النجاح... كيف تحول فشلك إلى نجاح؟

3. ارتكاب الأخطاء:

كما ذكرنا آنفاً؛ يرتكب الأشخاص الواثقون الأخطاءَ، ويفشلون طوال الوقت، فافترِضْ للحظةٍ أنَّ مصطلحَ "خطأ" ليس أكثر من وهمٍ، والإيمان به يكشف شيئاً عن اهتماماتنا الخاصة.

أخطاءُ شخصٍ ما قد تعني النجاح لشخص آخر نشأ في ظروف عائلية أو ثقافية مختلفة، والظنُّ بأنَّنا ارتكبنا خطأً يدلُّ على أنَّنا نؤمن بوجود نتائج "صحيحة" ونتائج "خاطئة" لأفعالنا؛ وذلك يشير إلى أنَّنا نظنُّ أنَّ الأعراف السائدة هي الطريق الصحيح، وأنَّنا نعيش في عالم صارم إلى حدٍّ كبير؛ أي إنَّنا نحدد ما إذا كانت أفعالنا وأفعال غيرنا خاطئة وفقاً لقائمتنا الشخصية للسلوك المقبول، ولكن معظم أحكامنا ليست نابعةً منَّا في المقام الأول؛ فمعظمها مجرد أفكار ورثناها من عائلتنا أو ثقافتنا، ونلتزمها؛ لأنَّنا لا نعرف أيَّ دربٍ مختلفةٍ.

لكن حين تخرج من منطقة الراحة الخاصة بك كما يفعل الأشخاص الواثقون من أنفسهم، ستبدأ باكتشاف وجهات النظر التي تهمك حقاً وفهم ثقافتك وعقليتك أكثر، وستتمكن أخيراً من الثقة بنفسك وبخياراتك الشخصية لبناء حياة سعيدة؛ لا لإرضاء عائلتك أو الانصياع للثقافة التي نشأت فيها.

إقرأ أيضاً: كيف تحول أخطاءك إلى فرص ثمينة للنجاح؟

4. الأفكار السلبية:

الأفكار السلبية ليست أمراً خاطئاً؛ لكنَّها حتماً بلا الفائدة؛ إذ تُعَدُّ واحدةً من المعوقات الرئيسة لقدرتنا على التعلم والتطور واكتساب الثقة، وبعض الأفكار مثل: "أنا لا أجيد ذلك"، "أنا بطيء جداً"، "لن أكون أبداً خبيراً في هذا" هي في الواقع السبب الجذري الذي يمنعنا من التقدُّم وإتقان كلِّ ما نحاول تعلمه؛ كما لو كنت تريد تعلُّم العف على البيانو، ولكن قبل أن تجلس أمامه عليك أن تحارب سيلاً من الأفكار السلبية، قد تظن أنَّك أكبر من أن تتعلم هذا، وقد فات أوان ذلك، أو من المستحيل أن تصبح موهوباً، أو أنَّك لن تتمكن أبداً من تأليف الموسيقى.

في مثل هذه المواقف عليك أن تتحلى بالصبر؛ فالخبرة لا تُبنى في يوم واحد، وحاول أن تتبنى عقلية إيجابية في أثناء الرحلة؛ ففي النهاية الرغبة في التعلم والمثابرة والصبر هي كلُّ ما تحتاج إليه لتصبح خبيراً في أيِّ مجال كان، وتذكَّر الحكاية المشهورة عن الأرنب الذي خسر السباق أمام السلحفاة، حينها لم يكن لدى السلحفاة موقف عقلي إيجابي، أو شخصية مميزة، ومع ذلك تفوَّقت على الأرنب.

إقرأ أيضاً: كيف تتجنب دخول الأفكار السلبية إلى عقلك؟

5. الشعور بعدم الجدوى:

هل فكرت يوماً في نفسك: "لماذا أفعل هذا؟ من سيهتم إذا فعلت ذلك أم لا؟"؟ في الحقيقة حتى أكثر الناس مهارة تساورهم هذه الشكوك في لحظات معينة، والحقيقة هي أنَّ معظم الناس ربما لن يكترثوا؛ لكنَّ شخصاً ما قد يفعل ذلك، وفي كلتا الحالتين ستجد المتعة بما تجيده وتحبه؛ فلماذا يجب أن يكون لأي شيء نقوم به هدف أكثر بكثير من مجرد الاستمتاع بالقيام به؟

إذا كان عمر كوكب الأرض ساعةً واحدةً فإنَّ وجودنا سيمثل جزءاً من الثانية، وإذا كان الأمر كذلك فقط تخيل كم هو صغير الجزء التي تمثله حياتك الفردية، بالطبع حياتنا الفردية هامة ويمكن أن نجعلها ذات مغزى كبير، لكن إن نظرت إلى الصورة الكبرى ستجد أنَّ الجميع يقوم بأشياء معدومة الفائدة؛ فلمَ لا نستمر بالقيام بها ما دمنا نستمتع؟




مقالات مرتبطة