5 طرق لتعزيز الإنتاجية خارج مكان العمل

دعني أعترف في البداية أنَّني حتى بضعة أسابيع خلَت كنتُ أرتكب ذنباً كبيراً، إنَّه الحسد؛ فحينما كنتُ أرى شخصاً يفعل ما أردتُ أن أفعل، أو يحقق حلماً تمنَّيتُ أن أحققه، كانت مشاعر الحسد تسيطر علي. هل من الخطأ حقَّاً أن أجد قطار أفكاري ينحرف عن سكِّته حينما أضطرُّ إلى قضاء ساعاتٍ في اجتماعٍ مع مديرٍ مُمِل، بينما أعز أصدقائي يستمتع بأشعة الشمس على شاطئ البحر ويرتشف كأساً من العصير بينما يداعب الهواء شعره؟ وكيف أركز الاهتمام حينما أعلم ما الذي أستطيع أن أفعله عوضاً عن الذي أفعله الآن؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن تجربة شخصية للكاتب يوسف رافي (Yousuf Rafi)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية مع مسألة تعزيز الإنتاجية خارج مكان العمل.

لكنَّني لستُ وحدي مَن يفعل ذلك، أليس كذلك؟ يستسلم معظم البشر الضعيفين لوحشٍ يُدعى الحسد، لكن ما لا يعلمه معظم الناس أنَّ الحسد يولِّد انعدام الإنتاجية. لكنَّني أدركتُ مؤخراً أنَّ الحسد لم يؤثر فيني على الصعيد النفسي فحسب؛ بل جعل إنتاجيتي تنخفض انخفاضاً حادَّاً كذلك.

من أجل إخماد نار هذه المعركة المستعرة في داخلي، رُحتُ أبحث عن السكينة خارج مكان العمل، وفيما يلي بعض الطرائق التي ساعدَتني على تعزيز الإنتاجية:

1. إقناع النفس بعدم الشعور بالتعب:

لقد عشنا جميعاً أياماً خارَت فيها قوانا حينما شعرنا بأنَّنا قلقون ومتعبون تماماً، فكم مرَّةً شكَوتَ نفاد الطاقة منك في نهاية اليوم؟ في مثل هذه الحالات، تذهب أحياناً إلى النادي الرياضي، وفي أحيانٍ أخرى تمارس بعض الأنشطة لاستعادة مخزون الطاقة الإيجابية.

قارِن الآن بين هذه الطاقة وبين جرعة الحيوية التي تغمرك فجأةً حينما تتابع فيلماً مثيراً، أو ترتدي أجمل ثيابك استعداداً للسهر في الخارج حتى بعد يوم عمل مرهق تماماً، فهل تشعر فجأةً بالانتعاش أم بالإرهاق؟ بيت القصيد هنا أنَّ عقلك لا يشعر فعليَّاً بالتعب بعد العمل، حتى لو كان العمل مرهقاً.

إذا أنهيتَ عملك مثلاً الساعة الـ 6 مساءً، فإنَّ عقلك يرسل لك إشاراتٍ مفادها أنَّك متعب، وكلما كان اليوم أصعب، زدتَ اعتقاداً بأنَّك متعب، وما تستطيع أن تفعله هو أن تغيِّر الحالة النفسية لعقلك؛ وهو أمرٌ تستطيع أن تفعله ببساطةٍ من خلال تذكير نفسك دائماً بأنَّك لستَ متعباً.

شاهد بالفيديو: 9 قواعد أساسية لزيادة الإنتاجية في العمل

2. استثمار أوقات الفراغ:

ماذا تفعل بين الساعتَين الـ 7 والـ 10 مساءً؟ هل تتمدد على الأريكة وتتابع التلفاز، أم تذهب إلى المقهى مع الأصدقاء لمتابعة إحدى المباريات، أم تمضي الوقت مع هاتفك؟ تُحدِّد الطريقة التي تقضي بها أوقات فراغك احتمالية تطورك في السنوات القادمة.

أُفضِّل عادةً متابعة فيديوهات من منصة تيد (TED)، وقراءة الكتب للبقاء على اطلاع بآخر التوجهات السائدة في السوق، وأشعر في بعض الأحيان بأنَّني لا أرغب في أن أقود السيارة إلى العمل، وفي هذه حالة أستقلُّ الحافلة، وبذلك يكون لدي 60 دقيقةً وأنا على مَتنِها لأفعل ما يحلو لي، حتى حينما أختار الذهاب إلى العمل بالسيارة، فإنَّي أستمع إلى خُطَبٍ محفزة أجدد بها نشاطي الذهني، وبذلك أشعر بأنَّني مفعمٌ مرَّةً أخرى بالطاقة بمجرد أن أصل إلى المكان المخصص لرَكن السيارة.

سيطلب منك عقلك أن تبدد طاقتك في ممارسة أنشطةٍ غير مجدية، حينما تكون مسافراً ولا تفعل أي شيء، حيث يقول المؤلف جيم لوير (Jim Loehr) في كتابه الذي يحمل عنوان "قوة التفاعل التام" (The Power of Full Engagement): "الطاقة - وليس الوقت - هو العامل الأهم في قوة الأداء"، فكلما وجدتَ نفسك عالقاً في دوامة انعدام الإنتاجية هذه، يجب عليك أن تَخرقها وتؤدي عملاً يمكِنه أن يساعدك في الاقتراب من إحراز أهدافك.

إقرأ أيضاً: 5 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

3. ممارسة هواية:

يُعَدُّ الشغف بالأشياء من الأمور التي يُبالَغ في الحديث عنها، وإذا لم تكن تايغر وود (Tiger Woods)، أو بيل جيتس (Bill Gates)، أو جوش وتسكين (Josh Waitzkin)، فإنَّك ستواجه صعوبةً في اختيار هوايةٍ تستمتع بها.

أمَّا إذا كنتَ تمارس فعلاً هوايةً تستمتع بها، فيجب عليك أن تستفيد من هذه الهواية. مارِس أيَّة هواية؛ سواءٌ كانت الكتابة، أم الطهي، أم التصوير، أم العزف على أيَّة آلة موسيقية، وربَّما تسأل: كيف سيساعدني هذا في استعادة الطاقة والإنتاجية؟ ببساطة، حينما تمارس نشاطاً تحبُّه، فأنت تعزز إفراز مادةٍ كيميائية مسؤولة عن التحكم في العواطف في الجسم تُدعى الدوبامين، ومع ارتفاع الدوبامين ترتفع الإنتاجية.

4. التخلص من جميع مصادر تشتيت الانتباه:

توصَّلَت دراسةٌ أجرتها جامعة لندن (University of London) إلى أنَّ تعدد المهام يقلل فعليَّاً مستويات الذكاء، ويجعلها تصل إلى حوالي 15 نقطة، فمِن الطبيعي أن يتشتت انتباهك بأشياء قدَّمها إلينا العصر الرقمي، وتذكَّر منصات التواصل الاجتماعي والمشاريع الصغيرة التي تتنافس بشراسةٍ على الاستئثار بانتباهنا بينما نحن منهمكون بتنفيذ أحد المشاريع الضخمة.

أنا أعمل كاتباً، وحينما أكتب أتخلى عن كل مصادر تشتيت الانتباه التي يمكِن أن تُدمِّر التركيز وتؤذي الإبداع، ولذلك حينما تعلم أنَّ لديك مهمَّةً يجب عليك أن تنفذها، سيَسهُل عليك إنجازها إذا لم تبدد طاقتك في أي شيءٍ آخر.

إقرأ أيضاً: المفاتيح الثلاثة لزيادة الإنتاجيَّة

5. التأمُّل:

نرى كل يومٍ أشخاصاً كادحين يعلمون بلا كلل، لكنَّهم يبقون في الظل ولا يُرقَّون؛ هل تساءلت قَطُّ لماذا يحدث ذلك؟ لأنَّهم لا يتوقفون ليتأملوا فيما يحدث معهم، حيث يقرأ هؤلاء 30 كتاباً في الشهر، لكنَّهم لا يستخلصون أيَّة عبرةٍ من أي واحدٍ منه، ويستطيع هؤلاء أن يعزفوا على الجيتار مقطوعاتٍ موسيقيَّةً ألَّفها الآخرون، لكنَّهم غير قادرين على تأليف مقطوعةٍ واحدة.

إذا أردتَ أن تمضي قُدُماً في الحياة، فيجب عليك أن تقف يوميَّاً لتنظر نظرةَ تأمُّلٍ إلى حياتك؛ إذ يركز أنجح القادة الاهتمام على الأمور التي سارت بشكلٍ جيِّدٍ في أثناء اليوم. فخصِّص 10 دقائق على الأقل كل يوم لتفكر كم اقتربتَ من إنجاز هدفك، وحدِّد المهام المُكرَّرة التي تشتتُ انتباهك، ثمَّ فوِّض هذه المهام للآخرين باستخدام أدوات التفويض المتوفرة عبر شبكة الإنترنت. يقول الكاتب زات رانا (Zat Rana): "يمكِنك تعلُّم كثيرٍ من الدروس من الأفكار التي يلقيها العالم الخارجي في عقلك، لكنَّك تستطيع تعلُّم مزيدٍ من الدروس من خلال تقسيمها وفهم الأفكار التي تدور فعلاً في رأسك فهماً أفضل".

في النهاية:

نحن نعيش في عصر التشتت الذهني؛ ومع التصاق الهواتف بأيدينا طوال اليوم، قد يظن الناس بأنَّنا مشغولون، لكنَّ هذا لا يُسمَّى انشغالاً، فحتى الحشرات تراها مشغولةً طوال الوقت، لكنَّ هذا لا يجعلها منتجة، فابتعِد عن الأشخاص الذين يبدون مشغولين، والزَم الأشخاص المنتجين فعلاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة