5 طرق لاستخدام البلاغة لتحسين صورتك أمام الآخرين

كثيراً ما يستخدم المشاهير والسياسيون والمؤسَّسات الذرائع البليغة لتبرير عدم امتثالهم للقوانين ووفائهم بالتزاماتهم، سنتعرف في هذا المقال كيف تكتشف هذه الذرائع وما الذي تستطيع تعلُّمه منها.



تنتشر الفضائح في الوقت الحالي انتشار النار في الهشيم؛ لكن تستطيع أن تبقى في نظر الناس بريئاً إن أقنعتهم بذلك حتى لو كنت مذنباً.

حدد البروفيسور "وليم م. بينوا" (William M. Benoit) المختص في العلاقات السياسية خمس استراتيجياتٍ لتحسين المرء صورته أمام الآخرين، وهي:

  1. الإنكار.
  2. التهرب من المسؤولية.
  3. التقليل من وقعِ الإساءة.
  4. الإجراءات التصحيحية.
  5. الشعور بالخزي.

من النادر أن يمرَّ يومٌ دون أن نسمع في الأخبار عن فضائح تجعلنا نظن أنَّ العالم يسير نحو الهاوية، وقد أضحت الشكوك تحوم حول المنظمات، وأصبحنا نسمع كلاماً قاسياً يصدر بحقها، سواء كان ذلك مبنيَّاً على دليلٍ قاطعٍ أم لا، ولحسن الحظ ثمَّة كثيرٌ من خبراء التواصل الذين يستطيعون مساعدة مَن تتعرض صورتهم للتشويه، وعلى الرغم من تطوُّر تقنياتهم، إلَّا أنَّ جوهر نصائحهم ظل مثلما هو على مدار السنوات.

في منتصف المسافة بين الكلام البليغ والكلام المُقنِع، نستعرض في مقالنا تصنيفاً وضعه البروفيسور بينوا (Benoit) في عام 1997 في مقاله الذي حمل عنوان "خطاب إصلاح الصورة والتواصل عند الأزمة" ( Image Repair Discourse and Crisis Communication) والذي لا يزال متداولاً إلى يومنا هذا، في الواقع تقول قاعدة بيانات سكوباس (SCOPUS) إنَّ 550 مقالة علمية نُشرَت لاحقاً اعتمدته كمرجع؛ لذا يكفي أن تشاهد الأخبار لتكتشف أنَّ الكلام البليغ ما زال يُجدي نفعاً.

كيف يُحَسّن شخصٌ متهمٌ بالفساد صورته أمام العامة؟

تخيَّل شخصية معروفة متهمة بالاستيلاء على الأموال العامة أو الهروب من العدالة أو التهرب من الضرائب، ليست الطامة الكبرى أن تكون التهم الملصقة به صحيحة أم لا؛ بل أن تكتشف الصحف الخبر وتنشره، وبعد ذلك تصل القصة إلى التلفزيون والإنترنت، وبعد حين تنتشر الفضيحة في شبكات التواصل الاجتماعي مثل تويتر (Twitter) أو ريديت (Reddit). 

وفي هذه الحالة ستكتشف أنَّ صورتك أمام المجتمع هامةٌ مثل الواقع نفسه أو أهم منه؛ هذا يعني للأسف أنَّك إذا كنت مذنباً وآمَن الناس ببراءتك، فستظل بريئاً، وإن كنت بريئاً وظنك الناس مذنباً، فسوف يرونك كذلك؛ لذا فإنَّ المُتَّهم -سواء كان مداناً أم لا- سيكون مُطالَباً بتقديم تفسيرات.

ربما بدأت تتساءل الآن كيف يمكنك تلميع صورتك؟ تابع معنا القراءة إذاً.

5 طرق لتحسين الصورة عن طريق الحجج البليغة:

أجرى البروفيسور بينوا (Benoit) دراسة على الذين حافظوا على تواصل فعال بعد تشويه صورهم أمام عامة الناس، ونشرَ قائمة تتضمَّن خمس استراتيجيات منطقية لتحسين صورتك، وهي: الإنكار، والتهرب من المسؤولية، والاستخفاف بشدة الإساءة، والإجراءات التصحيحية، والشعور بالخزي.

أياً كانت مهنتك أو هويتك سواء كنت لاعب كرة قدم أم مدير شركة متعددة الجنسيات أم رئيس بلدية أم شخصية عامة، إذا اضطررت إلى تبرئة نفسك من الفضيحة، فعليك تجربة هذه الاستراتيجيات:

1. الإنكار:

الإنكار أحد الذرائع الأساسية، لكن لتحليل الموضوع تحليلاً أعمق، سنقسمه إلى قسمين:

  • إنكار بسيط: ينكر الشخص الحقيقة تماماً، على سبيل المثال: "الاتهام باطل لأنَّني لم أقد سيارتي متجاوزاً السرعة المسموح بها".
  • توجيه اللوم: حيث يحمِّل شخصاً آخر المسؤولية، كأن يقول: "إذا كان ما يقولونه صحيحاً، فأنا لم أكن السائق، ابن عمي هو مَن كان خلف المقود".
إقرأ أيضاً: أنواع الحيل الدفاعية النفسية ومنشؤها

2. التهرب من المسؤولية:

تُعدُّ هذه ذريعة أكثر تعقيداً بعض الشيء، فهنا لا تُنكر الحقيقة؛ ولكن تُخلي مسؤوليتك الشخصية؛ حيث حدَّد بينوا (Benoit) أربع طرائق للقيام بذلك هي:

  • الاستفزاز: يعترف المتهم بعلاقته بالإساءة، ولكن ليس بإرادته الشخصية؛ إنَّما نتيجة عامل خارجي تسبَّب في علاقته تلك، فقد يقول على سبيل المثال: "نعم، لقد أخذت جرعة لقاح فيروس كورونا (COVID-19) قبل أوانها؛ لكنَّني راجعت المستشفى وأخبرني الأطباء أنَّ لديهم لقاحات إضافية ستنتهي صلاحيتها، وبالطبع طبَّقتُ إرشاداتهم".
  • نقص المعلومات: يقر الشخص بمشاركته في الإساءة؛ لكنَّه يتذرع بجهله بمغبة الأمر، فيقول على سبيل المثال: "صحيح أنَّني أمتلك حساباً مصرفياً سرياً في دولة أجنبية؛ لكنَّ تلك الأموال ورثتها عن جدتي ولم أكن أعلم بوجودها لديها قبل أن تتوفى".
  • الصدفة: يقر الشخص بارتكاب الخطأ ولكنَّه يتذرَّع بخروج الأمور عن سيطرته؛ لذا قد يقول: "صحيح أنَّ المساعدات وُجِّهَت لشركة ابن عمي؛ ولكن حدث ذلك لأنَّني ضغطت خطأً على زرٍّ في لوحة المفاتيح".
  • النية الحسنة: يقر الشخص بمشاركته في الخطأ الجسيم؛ ولكنَّه يتحجج بحسن نيته، فقد يقول: "أعترف أنَّني أخطأت، اعتقدت أنَّ جائحة كورونا (COVID-19) ستمر كسحابة صيف ولم أتخذ خطوات لإجبار الناس على ارتداء الكمامات، أنا آسف لآلاف الوفيات؛ لكن لا تحمِّلني وِزرَ أخطائي التي كانت عن حُسن نية".

3. الاستخفاف بشدة الإساءة:

تهدف هذه الاستراتيجية إلى التقليل من أهمية عواقب الفعل السلبي، فالشخص لا ينكر الحقيقة أو كونه جزءاً منها؛ بل يحاول تلميع صورته السلبية، كأن يقول: "هذا الأمر غير وارد"، ويتضمن ذلك ستة أشكال:

  • إعادة تأكيد الصفات الإيجابية: يعزز الشخص المشاعر الإيجابية التي يشعر بها الجمهور تجاهه، وبذلك يقلل من المشاعر السيئة، على سبيل المثال: "أعلم أنَّني خيَّبتُ أمَلك اليوم؛ لكنَّك تعلم أنَّ النجاحات التي أحرزتها تفوق الأخطاء التي ارتكبتها؛ لذا أعطني فرصة جديدة ولن أخذلك".
  • التحجيم: على غرار الشكل السابق، نحاول هنا تحجيم أثَر المشاعر السلبية، كأن نقول على سبيل المثال: "لا أنكر وجود الفساد في المؤسسة، ولكن بفضل اكتشافنا له في الوقت المناسب، سنجتث المشكلة من جذورها؛ لذا اطمئن".
  • المقارنة: يقارن الشخص بين فعلته السيئة وأفعال الآخرين الأسوأ منها، فقد تقول على سبيل المثال: "أعترف أنَّني أخطأت، لكنَّ المدير السابق ارتكب أشياء أسوأ".
  • الأهمية: يحاول المتَّهم وضعَ الإساءة في سياق أشمل وأكثر ملاءمة، على سبيل المثال: "تهدف رخصة الأشغال العامة لشركة ابن عمي إلى إيجاد فرص عمل وازدهار البلد بأكمله".
  • مهاجمة الشخص الذي وجَّه الاتهام: في محاولة منه للهجوم، يحاول الشخص تشويه سمعة الذي وجَّه له أصابع الاتهام، ويعرض الحجج التي تدحض صدق الشكوى، على سبيل المثال: "ينتقدننا هذا الصحفي والصحيفة التي يعمل لديها دائماً؛ وذلك لأنَّهما عملاء لشركة منافسة، فمن البديهي أن يسيؤوا لي".
  • التعويض: يركز المتهم في حديثه على تقديم تعويض عن الفعل المرتكَب، لكنَّه لا يعطي أهمية أكبر للفعل نفسه، على سبيل المثال: "ابتداءً من الغد سنمنح الجميع ملابس مجانية"، أو "سنعطي للفقراء كل الأموال من الحساب المصرفي الذي أودعتْه لي جدتي خارج البلد".
إقرأ أيضاً: 7 طرق لتحويل الذنب والعار والتسويف إلى تغيير إيجابي

4. الإجراءات التصحيحية:

ترتبط هذه الاستراتيجية بما قبلها؛ حيث يوافق المتهم على تصحيح المشكلة من خلال إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل ارتكاب الإساءة، ويفعل ذلك عادةً من خلال وضعِ خطة عملٍ تصحيحية ليقيِّمها الأشخاص لاحقاً، إليك هذا المثال: "سنضع اليوم قانوناً وبروتوكولاً واضحَين تلافياً لعدم تكرار مثلِ هذا الموقف مجدداً".

5. الشعور بالخزي:

هذه الاستراتيجية التي تكتمل فيها الصورة؛ حيث يتحمَّل المتهم وِزر الفعل المسيء -سواء كان مذنباً أم لا- ويعتذر عنه، فمثلاً في اليابان وألمانيا يتحمَّل المسؤولون السياسيون المتورطون في الفضائح المسؤولية عن الأحداث، سواء ارتكبوها أم لم يكن لهم ضلع فيها، ويستقيلون بعدها، ثم يخضعون للمحاكمة فإما تثبت براءتهم أو يُدانون.

في الختام:

يقولون إنَّ الأخبار السيئة تنتشر انتشاراً أسرع من نظيرتها السارة؛ مع ذلك وعلى الرغم من تفشِّي الفساد في الإدارات والمؤسسات والشركات لا يجب أن ننظر إلى الحياة العامة على أنَّها سلسلة من الفضائح فقط؛ فمقابل كل شرير هناك مئات الأخيار في كل المجالات.

 

المصدر




مقالات مرتبطة