5 طرق رائعة لتسامح وتنسى

تحمل أفعال المسامحة بكل أشكالها قيمةً عظيمةً، فيمكنكَ أن تسامح نفسكَ، ويمكنكَ أن تسامح الآخرين، كما يمكنكَ أن تسامح حتى عندما لا تعرف من الذي تسامحه تحديداً؛ لأنَّ فعل المسامحة لا يتصل بتحديد الشخص المُلام أو المُرتكِب للخطأ؛ بل إنَّه يتعلق بقدرتك على التحرر تماماً، وعلى نحو دائم بينك وبين نفسك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن المسامحة والمضي قدماً.

المسامحة هي إدراك حقيقة أنَّ ما حدث قد حدث بالفعل، وأنَّه ما من جدوى من السماح له بالسيطرة على ما تبقى من حياتك، فالمسامحة تعطيكَ إمكانية البدء من جديد بانتعاش، وتمكِّنك من التقدُّم إلى الأمام.

إليك خمس طرائق رائعة لتحقيق ذلك:

1. التوقف عن المحاولة لبعض الوقت:

إن كنت تحاول جاهداً ولسوء الحظ لا تحرز أيَّ تقدُّمٍ فتوقف عن المحاولة، وعِش حياتك فحسب، وعندما ترى أنَّكَ تحاول أن تفعل شيئاً مختلفاً، أو تصل إلى مكانٍ آخر فأنت لا ترى ما تملكه الآن، ولا ترى المكان الذي أنت فيه على أنَّه جيدٌ بما فيه الكفاية، هذا الإدراك لمحاولتك المستمرة يجعل الحياة تبدو كفاحاً دائماً.

ثمَّة قيمة عظيمة بداخلك، هنا والآن؛ لذا اسمح لها بالظهور طواعيةً وبلا كفاح؛ فعوضاً عن محاولة الوصول إلى مرحلةٍ جديدةٍ في حياتك امنح اهتمامك الكامل لتقديم أفضل ما لديك في الحياة التي تعيشها الآن، وعوضاً عن تصديق أنَّك لم تصل بعد، كن ممتناً لوجودك تماماً حيث يجب أن تكون في هذه اللحظة.

بكل تأكيد ضع أهدافاً وخذ خطوات في الاتجاه الصحيح، ولكن لا تستخف بهذه الخطوات وأنت تخطوها؛ فبالمحصلة هي التي ستشكل قصة حياتك، واستغنِ عن المحاولات غير الضرورية، ودع ذاتك تأخذ هذه الخطوات بسلامٍ ووعيٍ، تخلَّ عن إطلاق الأحكام، وانسَ الماضي، ودَعْ هذه اللحظة تكون رائعة كما هي.

إقرأ أيضاً: 14 نصيحة لتصبح شخصاً أفضل

2. مراقبة أفكارك وعواطفك:

يعلِّمنا الكاتب الألماني إيكهارت تول (Eckhart Tolle) في كتابه المُصنَّف ضمن قائمة أكثر الكتب مبيعاً "قوة الآن" (The Power Of Now)، أن نراقب أفكارنا، فقد اقترح ما مفاده أنَّنا عوضاً عن محاولة تغيير أفكارنا من خلال الامتنان أو الغفران المدروس مثلاً علينا ببساطة أن نلحظ أفكارنا دون أن نسمح لها بمحاصرتنا؛ ففي النهاية أنت وحدك من تحدد مشاعرك.

لذا عندما تظهر الأفكار السلبية بناءً على تجارب الماضي أو مخاوف المستقبل، كما سيحدث أحياناً، فلتدرك أنَّها ببساطة قضايا يحاول عقلك لا أنت العمل عليها، فتوقف، وكن حاضراً ويقظَ الذهنِ، وتأمَّل هذه الأفكار والمشاعر بوعي كأنَّك تنظر إليها بعين مراقبٍ خارجيٍّ، وافصل نفسك عن تفكير عقلك.

ربَّما بعد أن تدرس أفكارك ومشاعرك ستقول لنفسك: "عجباً! أما زلت حقاً أتوغل في هذا الأمر؟"، ومع مرور الوقت ستقلُّ مشاعرك وعواطفك السلبية، وسيحل مكانها الوعي الصادق والتقبُّل والحب، وستبدأ بإدراك أنَّ عقلك هو مجرد آلة، وأنَّك أنت من يتحكم به لا العكس.

بعدم حكمك على أفكارك أو إلقاء اللوم على أي شخص آخر والاكتفاء فقط بمراقبة هذه الأفكار؛ سيحدث تغيُّر عظيم بداخلك وبإحساسك بقيمة نفسك، وليس الحال هنا كأنَّك لن تنزعج بعد الآن أو تشعر بالقلق أبداً، ولكن معرفتك أنَّ عواطفكَ وأفكاركَ السلبية هذه هي مجرد مشاعر لحظية منفصلة عنك ستساعدك على تخفيف التوتر، وتعزز حضورك الإيجابي، وتسمح لك بالمسامحة والغفران.

شاهد بالفيديو: 15 قول عن التسامح والغفران

3. خوض تجربة الحب:

شعورك بالأسف على نفسك، وتخريبك اللحظة الحالية بأفكار ساخطة مُستمدَّة من الماضي لن يجعل أيَّ شيء أفضل، وإيذاء شخص آخر لن يمحو أبداً قلقكَ الداخلي.

إن كنت تشعر بالخيبة من نفسك، أو من أحد آخر فالإجابة لا تكمن بتفريغ مشاعركَ السلبية هذه في العالم من حولك؛ فالانتقام سواء أكان مركَّزاً عليك أم على الآخرين لا يضيف أيَّ قيمة إلى حياتك، والطريق لتجاوز ألم الماضي لا يكمن بالثأر أو السخرية أو التنمر أو الانتقام، بل بتقديم الحب.

اغفر ما حدث في الماضي، وسامح نفسك، وسامح الآخرين، وأحبب اللحظة الحالية لقيمتها ذاتها، فتوجد أشياء جميلة كثيرة لتمنحها حبك في هذه اللحظة، فكل ما يتطلبه الأمر هو أن ترغب في رؤيتها، واعلم أنَّ المحبة ليست سهلةً على الإطلاق، لا سيَّما في الأوقات العصيبة؛ لكنَّها بالتأكيد أكثر الأفعال اتساماً بالقوة والإيجابية المستمرة.

إن كنت تشعر بالألم فلا تقم بأفعال تسبب المزيد منه، ولا تحاول أن تخفي العتمة بالعتمة؛ بل اعثر على الضوء، وتصرَّف من منطلق الحب، وافعل شيئاً سيساعدك على التحرك إلى الأمام نحو واقعٍ مليء بالإمكانات، فيوجد دائماً شيء جيد يمكنك فعله، ويوجد دائماً حب يمكنكَ إعطاؤه، فاملأ قلبك به، وتصرَّف بما يصبُّ في فائدة الجميع، وفائدتك أنت على وجه الخصوص.

4. البحث عن الانتقام الإيجابي بالعيش الكريم:

هل تفكِّر في الانتقام؟ أنت تعلم أنَّ هذا التفكير السلبي يستهلك أفضل ما فيك، ومع ذلك توجد طريقة إيجابية لتحقيق الانتقام، وهي أن تنسَى أمر من أساء إليك وتفكر بنفسكَ؛ فأن تسعى إلى تحسين نفسك أكثر إرضاءً من استمرارك بازدراء الآخرين؛ لذا دع كل شيء يمضي، وتمسَّك بتطورك ولطفك عوضاً عن ذلك، فإن درَّبت نفسك باستمرار على أن تزيد مستوى الحب في أفكارك وأفعالك ستجذب طاقتك الإيجابية المزيد من النتائج الإيجابية إلى واقعك الحالي.

كن مختلفاً عن الشخص أو الموقف الذي يؤذيك، وتخلَّ وتجاوز ألمك، واستمر في العيش الكريم بطريقةٍ تعزز السلام في قلبك، فالطاقة التي ستستهلكها محاولاً الحصول على انتقام حقيقيٍّ سيكون من الأفضل استثمارها لبناء مستقبل عظيم لنفسك.

خلاصة القول هي أنَّ السعادة تُعَدُّ الانتقام الأفضل؛ لأنَّه ما من شيءٍ يثير جنون أعدائك أكثر من رؤيتهم لابتسامة نضرةٍ على وجهكَ.

إقرأ أيضاً: أثر التسامح في النفس، و6 خطوات لنعلِّم أبناءنا التسامح

5. التخلي عن الحاجة إلى غفران كل الأخطاء:

الأخطاء هي الآلام التي تنمو لتتحول إلى حكمة، وفي معظم الأحيان يتطلب الأمر فقط أن تتقبلها لا أن تغفرها، على سبيل المثال سيطرأ تحوُّل ملحوظ على قلبك وعقلك عندما تنتقل من الشعور بالأذى والإحباط إلى السلام والمحبة، ولكن ليس بالضرورة أن تكون المسامحة هي ما يؤدي إلى ذلك؛ بل إدراكك أنَّه لم يكن ثمة ما يستدعي الغفران في المقام الأول.

لمساعدتك على فهم هذه الفكرة حاول أن تنظر إلى وضعك الحالي من بعيد، تخيل نسخةً منك أكثر حنكةً وحكمةً ورحمةً تجلس على قمة جبل الحياة، وتنظر إلى الأسفل لترى نسختك الحالية الأقل نضجاً، وهي تشق طريقها في الحياة.

سترى نفسك متمسكاً بمعتقدات خاطئة، وترتكب أخطاء جسيمةً في إصدار الأحكام، وأنت تناور خلال عقبات الحياة الكثيرة، وترى أطفال العالم ينشؤون في أوقات مليئة بالتحديات التي تضع ثقتهم بالنفس موضع الاختبار؛ لكنَّهم على الرَّغم من ذلك يتقدَّمون في حياتهم بشجاعة، وترى الجيل القادم يشعُّ بالشغف والحب وهو يسعى إلى الأمام، يفشل أحياناً ويتعلم من أخطائه.

عليك أن تتساءل: هل ستتوصل هذه النسخة الأكثر حكمةً من ذاتك إلى أنَّ كل شخص بطريقته الخاصة يقدِّم أفضل ما لديه؟ وإن كان كل شخص يبذل قصارى جهده، فما الذي نحتاج أن نغفره؟ هل هو عدم كوننا مثاليين؟

في الختام:

المثالية غير موجودة، والمسامحة في معظم الأحيان هي الإدراك البسيط بعدم وجود ما يستدعي الحاجة إلى غفرانه فعلاً.




مقالات مرتبطة