5 خطوات لبدء الحياة من جديد وتحقيق التغيير المنشود

توجد طريقتان للتفكير في البدء من جديد: أولاً طريقة التغيير الجذري، وتحدث هذه الطريقة عادة في حالات الطلاق أو الطرد من الوظيفة أو التعرض لحادث أليم؛ وهذا ما حصل لي فقد تعرَّضتُ لحادث سيارة عندما كنت مراهقاً ألهمني للسعي إلى نوعية حياة مختلفة، وفي تلك الفترة كنت شاباً مكتئباً ومنزعجاً إلا أنَّ هذا الحادث جعلني أدرك أهمية الحياة وأقدِّسها وأحدد نياتي في العيش والحب والاهتمام اهتماماً كاملاً؛ لذا اخترت أن أغير نظرتي إلى العالم وكيف عاملت الآخرين وما أردت المساهمة فيه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش بريندون بورشارد (Brendon Burchard)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية البدء من جديد.

هذا النوع من التغيير الجذري مخيف حقاً؛ ولكنَّني اكتشفت أنَّ تلك الفرصة الثانية في الحياة تؤدي إلى تحقيق إنجازات هائلة، وعندما يصيبك هذا الخوف لا تتوقع أن يزول؛ إذ ستؤدي البدايات الجديدة الجذرية إلى الشك والقلق وعدم اليقين والخوف دائماً، وأقترح أن تتوقع هذه الحقيقة وتتقبَّل معاناتك؛ لذا توقع أن تكون لديك صعوبات، وقرر أنَّك ستعدُّها فرصة للنمو وإظهار ما لديك للعالم.

احترم تلك الخطوات الكبيرة لأنَّها ستجعلك أفضل، وإحدى الطرائق التي يمكنك بواسطتها النظر إلى التغييرات الكبيرة في الحياة هي أن تقول: "أنا خائف من ذلك"، وتوجد طريقة أخرى هي أن تقول: "أنا متحمس لهذا وأنا متحمس للنمو الذي يأتي مع مواجهة شيء لست جيداً فيه أو لست مستعداً له".

يمكنك اختيار مواجهة الخوف والتغيير تماماً مثلما تختار مواجهة الحياة بوقار؛ فكلُّ ما نواجهه هو فرصة للتطور وتقديم المزيد، وهذه العقلية تجعلنا نشعر بأنَّنا نعيش الحياة على الوجه الأكمل؛ ولكنَّك لن تشعر بالحيوية أبداً إلا إذا كنت تعيش عدم اليقين.

وثانياً: إعادة ضبط خياراتك اليومية، وهي الطريقة الثانية من البدايات الجديدة؛ وتعني الاستيقاظ واختيار أن يكون لديك عقلية جديدة ومجموعة من النيات ليوم جديد، وهذه الطريقة ليست مثيرة مثل تغيير الحياة الجذري؛ ولكنَّها أكثر دقة ووضوحاً؛ لأنَّها قرارات بسيطة نتخذها لكي نكون آباء وأمهات وقادة أفضل؛ إذ يتعلق الأمر بتحديد الأهداف لتكون أفضل والتي تأتي من الرغبة في تجربة الحياة الجميلة.

كلا النوعين من البدء من جديد لهما اللبنات الأساسية نفسها؛ ولذلك عندما تحصل على فرصة ثانية، اغتنم هذه الفرصة لتكون أكثر عزماً وشجاعة وتقديراً؛ فليس عليك معرفة المسار الكامل؛ بل ما عليك سوى اتخاذ بضع خطوات صغيرة في اتجاهات قليلة ومعرفة المسار المناسب لك، وعليك أن تبدأ في السير بمجرد أن تجد المسار الصحيح والمُرضي، وعندما تسوء الأمور تذكر أن تحترم كفاحك.

كلُّ هذا سيجعلك أقوى وعليك أن تثق في ذلك لأنَّك لن تستمتع في المراحل الأولى من البدايات الجديدة، وهذا هو السبب في أنَّني أعود دائماً لمبدأ احترام كفاحك؛ فقد أجريت أنا وفريقي دراسة بحثية مدتها ثلاث سنوات لتحليل الأشخاص ذووا الأداء العالي وما جعلهم ناجحين، ووجدنا أنَّهم يحبون مواجهة التحديات الجديدة وأنَّهم مهما كانت المهمة التي يعملون عليها صعبة فإنَّهم يندمجون ويعملون بسعادة وثقة.

المشكلة تكمن في البدء وأنا أعرف أنَّ هذا صعب، فقد لا تكون لديك الثقة بعد، لكن يمكنك اختيار أن تكون سعيداً بمشاركتك في عملية التغيير؛ لذا استمر في المسير فقط وآمن بقدرتك على اكتشاف الأشياء، فأنت أقوى ممَّا تعتقد والمستقبل يحمل أشياء جيدة لك.

لقد كنت في المكسيك (Mexico) في عام 2011 عندما ارتطمت دراجتي النارية بهضبة من الرمل في الصحراء، وقبل أن أستوعب ما حدث وقعت على الأرض وتدحرجت وظللت أسمع صوت القطع المعدنية التي انفصلت عن الدراجة تسقط بجانب رأسي، وعندما استعدت وعيي وجدت معصمي مكسوراً وكتفي مخلوعاً وأصبت بارتجاج في الدماغ؛ لذا استلقيت على سرير المستشفى لساعات وأنا أشعر بألم شديد.

هذا الحادث هو الثاني بعد حادث سيارة مررت به قبل 17 عاماً. لقد كانت هذه هي المرة الثانية في حياتي التي أواجه فيها الموت، وفي ذلك الوقت سألت نفسي عدة أسئلة: هل عشت حقاً؟ وهل أحببت حقاً؟ وهل كنت شخصاً هاماً؟

لم تعجبني إجاباتي في المرة الأولى التي واجهت فيها نهاية حياتي، لكن هذه المرة بعد ما يقرب 15 عاماً من محاولتي أن أعيش حياة أكثر إنجازاً، كنت سعيداً بالإجابات، فهل عشت؟ شعرت أنَّني عشت، وهل أحببت؟ نعم، وهل كنت شخصاً هاماً؟ شعرت وكأنَّني فعلت ذلك؛ لأنَّني كنت أعيش كلَّ يوم بِنيَّة خدمة الآخرين.

كنت سعيداً بإجاباتي عما أسميه أسئلة الحياة الأخيرة، ولم أكن أعرف ذلك في البداية، لكنَّ حادث الدراجة الرباعية تسبَّب في إصابةٍ في الدماغ، ولقد أصبت بأضرار في قشرة الفص الجبهي الأيسر والمخيخ والحصين؛ لذا كان الأداء التنفيذي والتحكم العاطفي متضررين، والنتيجة أنَّني عانيت في اتخاذ القرارات.

كانت ذاكرتي سيئة واستغرق الأمر عامين ونصف للتعافي من إصابة الدماغ، وربما كانت هذه أصعب بداية جديدة على الإطلاق؛ لأنَّني اضطررت إلى تعلُّم كيفية إعادة استخدام دماغي؛ فعندما يصاب دماغك فإنَّك تفعل أشياء كثيرة لا تعرف أنَّك تفعلها؛ فتكون سيئاً مع أحبائك، وتشعر بالقلق، ولا يمكنك اتخاذ القرارات.

لذا اضطررت إلى استعادة السيطرة على عقلي وعواطفي وكثيراً ما يسألني الناس: "كيف كنت تفعل ذلك؟"، فأجيبهم أنَّني كنت أتعامل مع كلِّ يوم على حدة؛ فكنت أنهض كلَّ يوم وأقول: تذكر، بريندون (Brendon)، أنت معرض للخطر الآن وسوف تواجه المشكلات وتكون منزعجاً؛ ففي تلك اللحظات حاول ألا تكون منزعجاً وحاول أن تتذكر أن تُقدِّر اللحظة.

لذا توقف مؤقتاً وخطط لما تريده في هذا الموقف، وكن مرحاً ولا تنتظر أن يأتي المرح إليك، واحترم كفاحك ولا تكرهه؛ ففي كثير من الأحيان بعد البداية الجديدة عليك أن تتعلم تدريب نفسك وأن تتحدث معها بإيجابية وترشدها، وسرعان ما تصبح كلُّ تلك المواقف الصعبة أسهل.

ستكون ثمة صعوبات في كلِّ رحلة جديدة تختارها أو ستضطر إلى القيام بها، وستواجه تحديات ومصاعب ولحظات من خيبة الأمل، ولكن إذا كنت تستطيع إقناع نفسك بالاستمرار بالكفاح، وتؤمن بقدرتك على اكتشاف الأشياء وجلب الفرح والنيات الحسنة في أسوأ اللحظات، فستكون رحلتك أكثر سلاسة.

شاهد بالفيديو: 10 عادات من شأنها أن تغير حياتك إلى الأفضل

خطوة إلى المجهول:

ستشعر بالخوف والقلق إذا دخلت إلى كهف مظلم وهذا طبيعي، لكن يمكنك أيضاً دخول هذا الكهف بوصفك مستكشفاً بفضول وفرح طفوليين؛ لذا احمل مصباحك واتخذ هذه الخطوة وتساءل ما الذي قد أكتشفه في هذا المكان الجديد المذهل؟ هذا التحول لجلب الفرح إلى الكهف بدلاً من الخوف والقلق، يمكن أن يغير حياتك ويساعدك على التكيف بسهولة أكبر فقد لا تعرف ما ينتظرك، لكن يمكنك أن تكون واثقاً من قدرتك على أن تظل فضولياً وسعيداً وستجد من هذا المنطلق موطئ قدمك ومسارك بسرعة أكبر.

إليك 5 خطوات للبدء من جديد وتحقيق التغيير المنشود:

1. سعة الحيلة:

ينقلك الابتعاد عن مسار وظيفي خطي إلى مهنة غير تقليدية؛ وهذا يعني أنَّك قد تحتاج إلى اتباع نهج غير تقليدي وأكثر إبداعاً للعثور على فرصة عمل، فعلى سبيل المثال، قد تحتاج بدلاً من الاعتماد على مسؤولي التوظيف التقليديين الذين يميلون إلى تفضيل المرشحين التقليديين إلى الاعتماد على بناء العلاقات من خلال الشبكات الاجتماعية.

2. المرونة:

كن مستعداً لمواجهة الأحكام الخارجية من الزملاء والأصدقاء والعائلة وغيرهم من المهنيين في قطاعك عندما تترك وظيفتك الحالية؛ فمعظم الأشخاص الذين يريدون التغيير يكونون بشكل عام مدفوعين بالقيم والأولويات الداخلية التي لا يمكن للآخرين رؤيتها بالضرورة، على سبيل المثال، المزيد من الوقت مع العائلة والعمل المُرضي والمزيد من النمو الشخصي.

على سبيل المثال، من السهل ملاحظة حصولك على ترقية، ومع ذلك قد يكون اكتساب المزيد من الرضى الشخصي أقل وضوحاً للمراقب العادي، وهذا يعني أنَّك يجب ألا تنزعج من الحكم الخارجي أو النقد الخارجي من الناس الذين يراقبونك ويعتقدون أنَّ حياتك المهنية بعيدة عن المسار الصحيح.

3. الدافع:

تغيير المهن ليس لضعاف القلوب؛ إذ يتطلب التفاني والالتزام المستمر لإحداث التغيير الذي تريده، ويعني ذلك الاستمرار في المُضي قُدماً حتى عندما تشعر أنَّك قد استنفدت خياراتك جميعها وإجراء مكالمة هاتفية أخرى أو الذهاب إلى حدث اجتماعي آخر أو التقدم لشغل وظيفة أخرى، وغالباً ما تكون هذه الدفعة الأخيرة هي ما يصنع الفارق، ويتطلب ذلك الالتزام والدافع مع الاستمرار في التركيز على هدفك وعدم المماطلة عند مواجهة عقبات في طريقك.

إقرأ أيضاً: نظرية الدافع وأمثلة عنها

4. الصبر:

يتطلب التغيير وقتاً؛ لذا فإنَّ فكرة الانتقال بين عشية وضحاها من مهنة إلى أخرى ليست واقعية؛ فقد تكون الخطوات الوسيطة ضرورية، فعلى سبيل المثال، التسجيل في دورة مسائية في أثناء العمل بوظيفة بدوام كامل، أو العمل من أجل الحصول على شهادة بمرور الوقت أو تولي مشروع جانبي قد لا يحقق العوائد المرجوة على الأمد القصير؛ فالتحلي بالواقعية بشأن الوقت الذي يستغرقه إجراء تغيير كبير يمنع الإحباط عندما يستغرق التقدم وقتاً أطول مما كنت تأمل.

إقرأ أيضاً: الصبر: مفهومه، وأسبابه، ونتائجه، وكيفية تعلمه

5. الشجاعة:

يتضمن البدء من جديد دائماً اتخاذ قرار مع عنصر المخاطرة؛ فعندما تبتعد عن أيِّ شيء استثمرت فيه الوقت، فأنت لا تعرف أبداً ما إذا كنت ستكتشف شيئاً أفضل أو أسوأ من وضعك الحالي، وهذا هو السبب في أنَّ المُضي قُدماً غالباً ما يكون صعباً، ومع ذلك في مرحلة ما يجب أن تكون على استعداد للقيام بقفزة شجاعة من أجل متابعة عمل أكثر جدوى، وغالباً لا يؤدي الحذر الشديد والعزوف عن المخاطرة إلى إحداث تغيير حقيقي في ظروفك.




مقالات مرتبطة