5 خصائص للمتعلمين الحركيين وكيف يمكنهم التعلم بطريقة أفضل

لطالما كان التعلم جزءاً أساسياً من حياتنا كبشر؛ فعندما كنَّا أطفالاً صغاراً، تعلَّمنا الحبو والمشي والتحدث، ثم التحقنا بالمدارس والجامعات لتطوير مهارات جديدة، ولكن ظلَّ لكلٍّ منَّا أسلوبه المفضَّل في التعلُّم، وفي هذه المقالة، سنركِّز على خصائص المتعلم الحركي.



يُعدُّ التعلم في حدِّ ذاته نشاطاً مفيداً؛ إذ كلما كان الشخص أفضل في تعلُّم مهارات أو مفاهيم جديدة، زاد نجاحه في مجال معيَّن؛ لذا حاوَل عديدٌ من الخبراء فهم الآلية الكامنة وراء كيفية تعلُّم دماغنا أشياء جديدة؛ ممَّا جعلهم يطوِّرون نماذجَ مختلفة لأساليب التعلم، من بينها نموذج "فارك" (VARK) الذي يحظى بشعبية كبيرة.

وترمُز كلمة فارك" (VARK) إلى أساليب التعلُّم المختلفة، إذ يبدأ الحرف الأول من كل أسلوب بحرف من الكلمة المقابِلة في اللغة الإنجليزية، وهي: التعلم المرئي (Visual)، والسمعي (Auditory)، والقراءة والكتابة (Reading)، والحركي (Kinesthetic)، ويُعرَف أولئك الذين يتعلمون أفضل من خلال الممارسة العملية باسم المتعلمين الحركيين.

ما هو التعلم الحركي؟

التعلم الحركي، ببساطة، هو التعلم من خلال الممارسة، والمتعلِّم الحركي هو الشخص الذي يتعلم بصورة أفضل من خلال المشاركة الفعَّالة في عملية التعلم، أي ينبغي على هؤلاء المتعلمون المشاركة في بعض الأنشطة من أجل التعلم بفاعلية، سواء كانت هذه الأنشطة جسدية أم ذهنية. على سبيل المثال: إذا كان المتعلم الحركي يريد تعلُّم مفردات اللغة الإنجليزية، فقد يفعل ذلك من خلال الكلمات المتقاطعة بدلاً من الدراسة من القاموس.

سواء كنتَ متعلماً حركياً أم لا، يمكنك بالتأكيد التعلُّم باستخدام أسلوب التعلم الحركي؛ فأنت تمارس التمرينات الرياضية من خلال تطبيقها بالفعل، سواء كانت كرة القدم أم التنس أم كرة السلة؛ إذ لا يمكنك تعلُّم هذه الأنشطة من خلال قراءة كتاب أو النظر إلى الأشخاص الآخرين الذين يلعبونها؛ بل يجب أن تمارسها بنفسك كي تتعلمها بطريقة صحيحة، وهذا أحد أنواع التعلُّم الحركي.

إقرأ أيضاً: ما هو التعلم بالممارسة؟ ولماذا هو أسلوب فعال؟

خصائص المتعلم الحركي:

كما يوحي الاسم، المتعلمون الحركيون هم الأشخاص الذين يتعلمون على نحو أفضل عندما يؤدون ما يتعلمونه أو يمارسونه ممارسة عملية؛ وبالتالي، قد لا تكون محاضرات الفصول الدراسية مناسبة لهم تماماً؛ لأنَّهم يفضِّلون التعلم من خلال ممارسة الأنشطة؛ لذا يكون الجلوس والإصغاء إلى الآخرين أمراً صعباً بالنسبةِ لهم.

قد لا تكون الموضوعات التي تركِّز على الجوانب النظرية هي الخيار الأفضل للمتعلمين الحركيين؛ إذ يقدِّمون أفضل ما لديهم في المجالات التي تتطلب حركة العضلات والممارسة. على سبيل المثال: قد ينجح المتعلم الحركي في مجالات مثل الرسم والموسيقى أكثر من مجالات مثل الفيزياء التي تتطلَّب تعلُّماً نظرياً.

سنقدِّم إليك خمس خصائص للمتعلمين الحركيين لمساعدتك على فهم كيفية تأثير تفضيلهم للممارسة العملية في عملية تعلُّمهم:

1. لا يملُّون من التعلم:

يعدُّ المتعلمون الحركيون التعلُّم عملية ممتعة لأنَّهم يشاركون فيها بصورة عملية، وينظرون إلى التعلُّم الذي يقتصر على الجلوس في فصل دراسي أو الاستماع إلى المحاضرات أو مشاهدة الأفلام الوثائقية باعتباره تعلُّماً سلبياً، وهكذا يسميه التربويون أيضاً؛ لأنَّ هذا النوع من التعلُّم لا يقتضي مشاركة فعَّالة من المتعلمين، ويقتصر على التركيز على حاستي البصر أو السمع.

ولكن يُعدُّ المتعلمون الحركيون متعلِّمين نشطين؛ إذ يحوِّلون عملية التعلم إلى نشاطٍ ما، مثل لعبة ممتعة أو تجربة عملية؛ وبالتالي، لا يشعرون بالملل أبداً من أسلوبهم في التعلم؛ بل تُعدُّ كل تجربة تعليمية بمثابة فرصة لهم لتجربة أنشطة ذهنية أو بدنية جديدة.

2. يتعلمون المهارات أفضل ممَّا يتعلَّمون الموضوعات النظرية:

قد يتعلم المرء الحقائق والمفاهيم من خلال القراءة والاستماع، ولكنَّ المهارات لا تُنمَّى أو تُكتسَب دون ممارسة؛ لذا تُعدُّ الأنشطة القائمة على المهارات أكثر ملاءمة للمتعلمين الحركيين مقارنة بالموضوعات القائمة على المفاهيم.

لا يعني ذلك أنَّ هؤلاء الأشخاص لا يفلحون دوماً في دراسة الموضوعات النظرية مثل: العلوم أو الرياضيات، ولكن يعني أنَّ اكتساب المهارات سيكون أسهل بالنسبة لهم من استيعاب مفهومٍ نظري ما، حيث أنَّ تطبيق هذه المهارات وتطويرها يلقى صدىً أفضل مع أسلوبهم في التعلم. ولكن لا يزال بإمكان هؤلاء تعلُّم الموضوعات النظرية أيضاً ما داموا يجدون وسيلة لابتكار نشاط يساعدهم على الفهم ودمج أساليب التعلم الأخرى بطريقة تناسبهم.

3. لا ينسون ما تعلَّموه على الأرجح:

لا ينسى المتعلم الحركي ما تعلَّمه عادةً، وهذه إحدى ميزاته. حيث تخزِّن عقولنا كلَّاً من المعلومات والذكريات، ولكنَّ استرجاع الذكريات وتذكُّرها أسهل على العقل من تذكُّر المعلومات؛ إذ يمكننا أن نتذكر بوضوح ذكريات بعض الأحداث من سنوات مضت، لكنَّنا ننسى بسهولة ما سمعناه في الأخبار قبل شهر أو أيامٍ عدَّة؛ ممَّا يعني أنَّ الأفعال أو الأمور التي نمارسها يسهُل تذكُّرها أكثر من المعلومات الحسيَّة (أي الأشياء التي نراها أو نسمعها أو نقرأها). ونظراً لأنَّ المتعلمين الحركيين يتعلمون من خلال الأفعال والممارسات، فهم لا ينسون ما تعلَّموه بسرعة.

إقرأ أيضاً: التعلم السلبي والتعلم النشط: أيهما أفضل؟

4. هم يبتكرون بطريقة أفضل ممَّا ينفِّذون:

يمكن تقسيم الناس إلى فئتين: أولئك الذين يبتكرون، وأولئك الذين ينفِّذون. والمبتكرون هم أشخاص ينشئون مفاهيم عملية ويبدعون اكتشافات واختراعات جديدة، بينما المنفِّذون هم أولئك الذين يستخدمون المفاهيم والأفكار والنظريات والمعلومات الموجودة بالفعل.

ولأنَّ المتعلمين الحركيين فضوليون بطبيعتهم، وبسبب تفضيلهم التعلم من خلال الممارسة، فإنَّهم يحبون التجربة؛ وبذلك يبدون اهتماماً أكبر باكتساب مهارات وخبرات جديدة، وقد يستمتعون بالعمل في مجالات تتطلَّب الممارسة العملية مثل الأبحاث أو الهندسة.

5. يجعلون التعلم ممتعاً لمن حولهم:

يستمتع المتعلمون الحركيون بالتعلم ضمن مجموعات، ويتعزَّز تعلُّمهم عندما يكون هناك مزيداً من الأشخاص المشارِكين، حيث تصبح هناك مزيداً من الفرص للمشارَكة في أنشطة تعليمية ممتعة عندما يشارك الآخرون.

كما يركِّز المتعلمون الحركيون تركيزاً رئيساً على المشارَكة جسدياً وذهنياً في عملية التعلم، وعندما يكونون في مجموعة، يرغبون في إشراك الجميع في العملية؛ لذا يستمتع الناس بالتعلم مع المتعلمين الحركيين حتى لو لم يكونوا هم أنفسهم متعلمين حركيين.

المشكلات التي يواجهها المتعلمون الحركيون (وكيفية معالجتها):

تُعدُّ المشكلة الرئيسة التي يواجهها المتعلمون الحركيون هي أنَّهم لا ينسجمون جيداً مع مناهج التعليم الرسمية. وبينما يتعيَّن على الأطفال التكيُّف مع التعلم في الفصول الدراسية - وحتى الكبار يضطرون إلى الجلوس في الاجتماعات المكتبية لمناقشة القضايا شفهياً أو بصرياً - يعاني المتعلم الحركي في مثل هذه السيناريوهات.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه المتعلمون الحركيون تحدياً آخر يتمثل في اختيار الموضوعات والمسارات الوظيفية المناسبة؛ إذ ينبغي عليهم اختيار المجالات التي تتضمن مزيجاً من التعلم النظري والممارسة لتحقيق أقصى استفادة من نقاط قوتهم، مثل: التمرينات الرياضية أو الموسيقى أو البحث أو الهندسة.

ولكن لا يعني كون الشخص متعلماً حركياً أنَّ عليه تجنُّب التعليم الرسمي بالكامل، وإذا كان المعلمون أو أولياء الأمور على دراية بأنَّ الطفل متعلِّم حركي، فهم مسؤولون عن مساعدته. على سبيل المثال: يمكن للمدرسين إجراء بعض الأنشطة في الفصل من حينٍ لآخر، بحيث تكون هذه الأنشطة مرتبطة بالمواد الدراسية قيد التعلم.

كيف يستطيع المتعلمون الحركيون التغلب على هذه التحديات؟

يمكن أن يتغلَّب المتعلمون الحركيون على هذه الصعوبات من خلال القيام بما يلي:

1. الممارسة:

يجب على المتعلمين الحركيين اختيار مجال دراسي يعتمد على الممارسة أكثر من الموضوعات النظرية، وإذا شعروا بالملل في أثناء المحاضرات أو لم يفهموا ما يُشرَح، يمكنهم تدوين ملاحظات صغيرة حول الموضوعات الهامَّة التي نوقشت. وفي وقتٍ لاحق، يمكنهم اكتشاف طرائق إبداعية تساعدهم على فهم هذه الموضوعات، كما يمكنهم أن يطلبوا من الأساتذة مساعدتهم على إيجاد طرائق عملية لتعلُّم الموضوعات التي نوقشت في المحاضرات.

2. جعلُ التعلم ممتعاً:

بجانب سيناريو الفصل الدراسي، يواجه المتعلمون الحركيون أيضاً مشكلات عند التعلم بأنفسهم؛ إذ لا يمكنهم الجلوس وفتح كتاب والبدء في تصفُّحه كما يفعل المتعلمون الآخرون؛ بل يجب أن يدمجوا بعض التقنيات الممتعة في عملية التعلم الخاص بهم لتصبح فعَّالة وممتعة.

فإذا كنتَ متعلماً حركياً وترغب في التعلم على نحو أكثر فاعلية، فاصنع بطاقات تعليمية؛ إذ يمكنك بهذه الطريقة تحويل عملية التعلم إلى لعبة ممتعة، كما سيساعدك ذلك أيضاً على تذكُّر ملاحظاتك بصورةٍ أسرع.

3. ممارسة ما تعلَّموه على الفور:

يُعدُّ تخصيص بعض الوقت لممارسة ما تعلمتَه بعد كل بضع دقائق من دراسة محتويات كتاب أو تعلُّم شيء جديد أسلوباً جيداً أيضاً، حيث يشبه الأمر التناوب بين القراءة والقيام ببعض الأنشطة المتعلقة بما قرأتَه.

على سبيل المثال: لنفترض أنَّك تعلمتَ بعض المفردات أو العبارات الإسبانية الجديدة لبضع دقائق، تمرَّن بعدها على لعب الأدوار مع نفسك، وسجِّل لنفسك وأنت تتحدث بهذه المفردات أو العبارات؛ إذ سيكون أسلوب التعلم هذا طريقة فعَّالة للغاية في التعلُّم والحفظ.

شاهد بالفيديو: 6 عادات يمارسها الأشخاص الذين يتقنون التعلُّم

في الختام:

لأسلوب التعلُّم الحركي إيجابيات وسلبيات مثل كل أسلوب آخر من أساليب التعلم؛ وبالتالي، يعتمد الأمر على المتعلِّم نفسه لتحقيق أقصى استفادة من إيجابيات هذا الأسلوب والتغلب على سلبياته.

وفي نهاية المطاف، يجب ألَّا تقلق بشأن ما لا يمكنك فعله، وتركِّز أكثر على ما تفعله بصورةٍ أفضل؛ والأهم من ذلك، ألَّا تتوقف أبداً عن استكشاف العالم من حولك. أمَّا بالنسبة للمتعلمين الحركيين، فيُعدُّ عالمكم المحيط هو أفضل مصدر تعليمي لكم، فاحرصوا على الاندماج به، فالحياة هي خير معلِّم على الإطلاق.

 

المصدر




مقالات مرتبطة