5 اقتراحات لاتباع أسلوب قيادة يؤمن بإظهار نقاط الضعف

هناك بعض المفاهيم الخاطئة والشائعة حول كيفية ظهور القادة قويين وواثقين من أنفسهم دائماً، وقد ظهرت هذه المشكلة بوضوح لا سيما بعد تفشِّي جائحة كوفيد-19، والتي كشفت الكثير من الضعف الذي يعاني منه قادة من المعروف أنَّهم قويون ومهيمنون، كما سلَّطت الضوء على تفوق أولئك الذين كان لديهم ما يكفي من الشجاعة للكشف عن نقاط ضعفهم.



لنتذكر كيف أنَّ كلاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (Donald Trump)، والسياسي البريطاني بوريس جونسون (Boris Johnson) والسياسي البرازيلي جير بولسونارو (Jair Bolsonaro)، رفضوا الاقتناع بمدى خطورة الوباء المتفشي، وأظهروا تبجحاً مبالغاً به، وتجاهلوا التوجيهات التي تدعو الأفراد إلى ارتداء الكمامات والالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، واضعين بذلك الآخرين ضمن دائرة الخطر.

لنقارن ذلك مع النهج الواضح المدعم ببيانات علمية والذي طبَّقته كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (Angela Merkel)، والسياسية النيوزلندية جاسيندا أرديرن (Jacinda Ardern) ورئيسة وزراء فنلندا سانا مارين (Sana Marin)، والذي أدى تطبيقه إلى إنقاذ آلاف الأرواح وتخفيف الأضرار الاقتصادية التي لحقت بألمانيا ونيوزلندا وفنلندا.

يكون الأفراد العاملين في المنظمات على اختلاف أنواعها أفضل حالاً عندما يتولى توجيههم قادة أذكياء وصادقون ويراعون كافة الظروف عند اتخاذهم إجراءات جريئة وغير معهودة، في الوقت الذي ينصب فيه تركيزهم على مساعدة المنظمة على المضي قدماً، ولا يكترثون بما سيبدون عليه ولا على خلق شعور زائف بالحصانة من شأنه حقيقةً إلحاق الأذى بالعاملين في المنظمة.

في عالم معقَّد، لا يمكن التنبؤ بمجرياته، ويتطلب التعلُّم المستمر والتمتُّع بالمرونة، فإنَّ القادة الأكثر ملاءمة وقابلية للتأقلم هم أولئك الذين يعرفون حدودهم جيداً، ويتَّسمون بالتواضع اللازم لتنمية قدراتهم وإمكانات الآخرين، ويتحلون بما يكفي من الشجاعة والفضول لبناء علاقات صادقة وصريحة مع الآخرين، ويسعون إلى توفير بيئات عمل جماعية شاملة يسودها الأمان النفسي الذي يدعم النقد البنَّاء والاختلاف بالرأي.

بالإضافة إلى كل ما سبق، يركزون دوماً على دعم الحقيقة؛ حيث يهتمُّون بفهم الواقع أكثر من اهتمامهم بأن يكونوا على حق، ولا يخافون تقبُّل فكرة أنَّهم كانوا مخطئين حيال أمر ما؛ الأمر الذي يسمح لهم بتقبُّل النقد؛ ليس لأنَّهم يحبون تلقي الانتقادات أكثر من بقيتنا؛ بل لأنَّهم على دراية بضرورة ذلك بغية تحقيق التطور، إجمالاً، هذا النوع مختلف تماماً عن القائد الذي يُمجِّد أسلوب القوة والذي نادراً ما يكون على حق، ولكنَّ الشكوك قليلاً ما تساوره.

هنالك العديد من القادة الذين برعوا بفضل أسلوبهم القائم على التعبير عن الضعف، ومن بينهم مقدِّمة البرامج الحوارية الأمريكية أوبرا وينفري (Oprah Winfrey)، والتي أصبحت أول امرأة مليارديرة سوداء في التاريخ، بفضل ممارستها لمهنة ريادة الأعمال التي تتطلب مواهب عدة؛ حيث ركَّزت وينفري اهتمامها على إظهار نقاط ضعفها والتحلي بالصدق، وعيش حياتها بعفوية.

بالإضافة إلى المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا (Satya Nadella)، الذي أعاد إحياء شركة مايكروسوفت من خلال تغيير ثقافتها التنظيمية وجعلها تعتمد على دوافعه الخاصة الأساسية: التواضع والفضول والتعلم المستمر.

ومثال آخر على ذلك، رجل الأعمال الأمريكي هاورد شولتز (Howard Schultz)، الذي عاد إلى شركة ستاربكس عام 2007، حين كانت الشركة تشهد انخفاضاً كبيراً في أرباحها؛ حيث كان شولتز صريحاً مع الموظفين وشفافاً حيال عرضه للتحديات التي تواجهه ونقاط ضعفه؛ الأمر الذي ساعد على عودة الشركة إلى النمو.

على الرغم من أنَّ أولئك القادة وغيرهم، قد لاقوا الإعجاب الشديد من قِبل الآخرين، إلا أنَّ القادة الذين لا يواجهون مشكلات في التعبير عن ضعفهم بشكل عام، لم يستقطبوا بعد الاهتمام الكافي والشامل، ولم يحظوا بالأوسمة التي حصل عليها القادة البطوليون والذين يؤمنون بإظهار القوة.

ما الذي تستطيع فعله لتنمية أسلوب قيادي يعتمد على التعبير والكشف عن نقاط الضعف؟ إليك فيما يلي بضعة اقتراحات:

1. البدء بقول الحقيقة:

حاول أن تشارك وجهة نظرك بصراحة مع الآخرين، حول ما تعرفه وما لا تعرفه؛ إذ إنَّه وعلى الرغم من سهولة إخبار الناس بما يريدون سماعه؛ إلا أنَّ القادة الأفضل على الإطلاق هم من يقولون الحقيقة فقط، بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك؛ حيث إنَّ كونك واضحاً وصادقاً بشأن التحديات المقبلة، من شأنه أن يساعد فريقك، كما أنَّ قبول الحديث عن نقاط ضعفك هو بمنزلة تعبيرٍ عن قوَّتك.

إقرأ أيضاً: تعويذة القيادة: المصداقية

2. طلب المساعدة:

ليست القيادة أمراً بطولياً، ولا تدور حول الشخص الذي يشغل موقع المسؤولية؛ بل على العكس، فهي تطلق العنان للقوى التي من شأنها أن تجمع الأفراد معاً كفريق عمل واحد.

الأمر الذي يتطلب منك أن تكون صادقاً حيال نقاط ضعفك، وحاجتك إلى المساعدة؛ حيث إنَّ صدقك من شأنه زيادة ولاء أفراد فريقك لك، ويساعدهم على التعبير عن أفكارهم وتوظيف طاقاتهم في مواجهة التحديات المُقبِلة؛ الأمر الذي يزيد من قوة فريقك.

3. الخروج من منطقة الراحة:

أحد الأسباب الكامنة وراء فشل بعض الأشخاص في جعل أنفسهم قادة فعالين، هو معاناتهم من الركود، وعدم تطوير عاداتهم، وتكرار توظيف الأساليب التي أثبتت فاعليتها في الماضي.

لذا فإنَّ اعتمادك المستمر على إظهار نقاط قوَّتك قد يتسبَّب في وقوع كارثة: إذا لم تعمل على إصلاح عيوبك، لن تكون قادراً على تطوير مهارات جديدة؛ أجل، إنَّ هذا من شأنه أن يظهرك ضعيفاً على الأمد القصير؛ وذلك لأنَّ أداءك سيتأثر دوماً عند تعلُّمك مهارات وسلوكات جديدة؛ إلا أنَّ ذلك سيجعل منك قائداً قوياً على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: 10 طرق للتغلب على الخوف والخروج من منطقة راحتك

4. الاعتراف بأخطائك والاعتذار عنها:

 مهما كان خطؤك مخيباً لآمال مَن هم حولك؛ إلا أنَّهم سيقدِّرون صدقك وسيثقون بك أكثر؛ حيث إنَّ الإحساس المؤقت بالحصانة الذي يغمرك عندما ترفض الاعتراف بأخطائك قصير الأمد ووهمي، كما أنَّ العجز عن الاعتراف بالخطأ هو مجرد استراتيجية غير فعالة لإقناع الآخرين بأنَّك على صواب، وعندما تفشل هذه الاستراتيجية، فإنَّ الناس لن يشككوا في صحة أحكامك فحسب؛ بل أيضاً في وعيك الذاتي.

5. جعل الآخرين جزء من رحلة تطوير ذاتك:

هناك العديد من القادة الذين كانوا بمنتهى الجدية فيما يخص خطة تطوُّرهم الذاتي؛ الأمر الذي دفعهم إلى مشاركة نتائج ذلك، من التحولات الجذرية، ومراجعات الأداء، ونتائج تتعلق بتحسن مهاراتهم، مع فريق عملهم، وأحدهم قال لفريقه: "أنا لست جيداً في تقديم التوجيهات التي من شأنها تطوير أداء الآخرين"، وقال آخر: "من الآن فصاعداً سألتزم برفع مستوى التواصل وتوجيه الآخرين ومساعدة أعضاء فريقي على تطوير حياتهم المهنية، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحسين مهاراتي القيادية".

في الختام:

إنَّ القيادة القائمة على إظهار نقاط الضعف في عالم تسوده حالة من عدم اليقين والاعتماد على الآخرين واعتماد الآخرين علينا، هو أمر أساسي لإحراز التقدم، لا سيما في ظل عدم وجود إجابات واضحة، وفي إمكان أي فرد من أفراد المنظمة المساهمة في تطويرها إما بالمعرفة أو بطرحه أفكار من شأنها رفع مستوى العمل، كما أشارت الكاتبة إيمي إيدموندسون (Amy Edmondson) في كتابها "المنظمة التي لا تعرف الخوف" (The Fearless Organization) إلى أنَّ ازدهار العمل يقوم على شعور الأفراد بقدرتهم على مشاركة أفكارهم في مكان عملهم.

المصدر




مقالات مرتبطة