5 أحاسيس يجب عليك ألا تتجاهلها إذا أردت تحقيق ما تريد

هل خطر في بالك أنَّه قد يكون ثمة في الحياة أمور غير التي يفكر فيها عقلك؟ أَتخيّلت نفسك يوماً ما في حالةٍ من الحب والمتعة والنعيم؟ أم أنَّك عشت فعلاً هذه الأحوال؟



هذا هو سحر أحاسيسنا الداخلية وذكاؤها أو ما يطلق عليه الحَدْس؛ فرغم أنَّنا نعيش في ثقافة تسيطر فيها العقول الأنانية طوال الوقت، إلَّا أنَّه يجب علينا أن ننظر دون تفكيرٍ في أعماق نفوسنا لنعثر على جزءٍ جديدٍ من وجودنا.

تعدُّ الأحاسيس جزءاً أساسياً من هذا العالم الداخلي الذي يبوح لنا بأسراره دون كلمات، حيث تمنحك الأحاسيس تلميحات وتوجيهات وإشارات أخرى تلفت انتباهك إلى الأشياء التي يجب عليك أن تعيرها اهتمامك، والأشياء التي يجب عليك أن تفعلها حتى تتطور، والمؤسسات أو الأشخاص الذين يجب عليك أن تتجنَّب التعامل معهم.

ما مصدر أحاسيس الحَدْس التي نشعر بها؟

يعدُّ الإحساس في أغلب الأحيان عقلاً ثانياً، إذ وفقاً لأخصائية العلاج النفسي المعتمِد على اليقظة الذهنية "لينا فرانكلين" (Lena Franklin): "تحتفظ الخلايا بذكريات من الماضي وترسلها على شكل إشارات إلى الدماغ، حتى لو لم يتمكَّن العقل من التعرف على الذكرى بحدّ ذاتها".

يُطلَق على هذا الإحساس اسم "الحاسة السادسة" أو "الحَدْس"، وتقفز هذه الرسائل الخفية -التي تبيِّن لك إن كان عملٌ ما خاطئاً أم لا، أو إن كان عليك الاستمرار في عملك أم لا- فوق حسابات المنطق التي يجريها الدماغ، وتتلقى إشاراتها مستويات أعمق من الوعي من تلك التي تتلقى إشارات التفكير المنطقي.

يعتقد العديد من الناس -بحسب ما يؤمنون- بأنَّ ثمة قوة ما تتواصل معهم عن طريق مخاطبتهم من داخل نفوسهم، عوضاً عن مخاطبتهم من أماكن مثل العقل.

إقرأ أيضاً: 12 إشارة تدل على أنَّك مستعدٌّ ماليَّاً لترك عملك

هل يجب عليك أن تثق بأحاسيس حَدْسك؟ ولماذا؟

يدور دائماً الكثير من النقاش حول ما إذا كان يجب عليك أن تثق بأحاسيس حَدْسك أم لا.

نحن نعيش اليوم في مجتمعٍ يتحكم العقل والمنطق فيه بكلِّ شيء، وقد بقيت قوة الأحاسيس حكراً على ذكريات الماضي أو الرجال الغامضين الذين يعيشون في الجبال؛ ويعدُّ هذا واحداً من الأسباب الرئيسة التي تفسر حاجتنا إلى السؤال عمَّا إذا كان يجب علينا أن نثق بأحاسيسنا أم لا.

تعدُّ هذه فكرةً غريبةً تماماً بالنسبة إلى معظم الناس في أيامنا هذه، فلا عَجَبَ إذاً أن يكون لدينا مشكلةٌ في معرفة ما إن كان يجب علينا الوثوق بتلك الأحاسيس أم لا.

يؤكد على هذه الفكرة بطل العالم في رياضة الشطرنج سابقاً "غاري كاسباروف" (Garry Kasparov)، حيث يقول في إحدى أكثر المباريات التي شهدت عمليات تحليل في العالم: "إنَّ العدد الكلي للحركات الممكنة في مباراة الشطرنج الواحدة أكبر من عدد الثواني التي انقضت منذ أن أسس الانفجار الكبير الأرض؛ ذلك لأنَّ اللعبة معقدة جداً".

يبيِّن كاسباروف أنَّ الإحساس -لا التحليل- يعدُّ أساسياً لتحقيق النجاح، وتنطبق هذه الفكرة على أكثر اللعب الموجودة تعقيداً؛ ألا وهي: "لعبة الحياة".

تعدُّ الأحاسيس في الحقيقة هامّةً مثل العقل، هذا إن لم تكن أهمّ منه؛ وإذا عرفت كيف تستخدمها استخداماً صحيحاً، سيكون من النادر أن تخطئ الأحاسيس مثلما يخطئ العقل.

تَظْهَرُ معاني الأحاسيس بشكلٍ سلس، وهي أصدق من الأفكار، وتعكس شخصيتك الحقيقية بشكلٍ أفضل من الذي تفعله الأفكار المتحيّزة المتأثرة بالمشاعر السلبية وكثرة التحليل؛ ومثلما هو الحال مع أيِّ عادةٍ ومهارةٍ تستحقُّ التدرب، قد يكون من الصعب جداً في البداية تعلّم الإنصات إلى الأحاسيس، لاسيما إذا كانت تبوح لك بأمورٍ لم تعتد عليها أبداً في السابق؛ لكن مع قليل من التدريب، يستطيع كلٌّ من عقلك وأحاسيسك العمل معاً للحصول على أفضل حياةٍ ممكنة.

5 أحاسيس يجب عليك ألَّا تتجاهلها:

قد يحتاج إتقان الإنصات إلى الأحاسيس والحَدْس إلى شهور -وحتى سنوات- من التدريب، لكنَّه بكلِّ تأكيدٍ طريقٌ يستأهل أن تخوضه للحصول على سلام وسعادة دائمين؛ لكن ثمة الآن خمسة أحاسيس يجب عليك ألَّا تتجاهلها، وهي على الأرجح أحاسيس مألوفة بالنسبة إليك:

1. الإحساس بأنَّك أديت عملاً ما بشكل جيد من قبل:

يواجه كلُّ شخصٍ عقبات معينة في حياته، وثمة في بعض الأحيان عقبات لا يمكن أن تصدق بأنَّها عقبات حينما تنظر إليها نظرةً موضوعيةً من بعيد، لأنَّها تبدو صغيرةً جداً؛ لكنَّك تتعامل هنا مع أبسط مستوى من الأحاسيس التي تشعر بها مراراً وتكراراً.

سواءٌ كنت لاعب كرة سلة يخفق دائماً في تسجيل الرميات الثلاثية، أم لاعب كرة قدم لا يستطيع تسجيل ركلات الجزاء، أم شخصاً يتوتر حينما يؤدي عملاً أداه عشرات المرات من قَبل؛ فإنَّ هذه جميعاً أمور سببها العقل وحده.

بإمكان العقل أن يتدخل دائماً، ومن المثير للسخرية أنَّك كلَّما سمحت له بالتدخل أكثر خلال هذه اللحظات الهامة، ازدادت الطاقة التي يستهلكها عند العودة إلى هذه اللحظات مرة أخرى؛ ممَّا يؤدي إلى الدخول في دوامة من الأفكار السلبية.

الطريقة الوحيدة للخروج من هذه الدوامة هي الثقة بالأحاسيس (الحَدْس)؛ إذ يجب عليك أن تعيَ أنَّ العقل سيرغب في التدخل، وسيقول لك بأنَّ عليك أن تفعل هذا وذاك، وقد يوهمك بأنَّه يساعدك؛ لكنَّه في الحقيقة ليس كذلك.

كم مرَةً أدخلت الكرة في السلة من مسافةٍ بعيدة؟ هل لمئات المرات؟ أنت لست بحاجةٍ إلى أن يخبرك العقل كيف تفعل ذلك؛ لذا كن هادئاً وواعياً، ودع جسدك وحدسك يتوليان زمام المبادرة.

2. الإحساس بالخطر:

هذا على الأرجح أحد أقوى الأحاسيس التي ستشعر بها، حيث يُعتقَد بأنَّ غرائز البقاء التي لدينا هي أقوى مجموعة من الأحاسيس التي نشعر بها، وهي دائماً في وضع الاستعداد، وتنتظر فقط حاجتنا إليها.

تنبع هذه المشاعر غالباً من أعماق النفس، ويمكنها أن تتخذ أيَّ شكلٍ كان، بدءاً من وخزٍ خفيفٍ يلفت انتباهك إلى أنَّ هناك أمراً ما لا يسير بشكلٍ جيد، إلى إحساسٍ أكثر قوة مثل ألمٍ حاد؛ لذلك يستحق جسمك أن تنصت إليه، وأن تعلم أن ثمة ربَّما خطبٌ ما.

يعتقد المؤلف وعالم النفس الأستاذ "ديفيد مييرز" (David Myers) في كتابه الذي يحمل عنوان "الأحاسيس: قوتها ومخاطرها" (Intuitions: Its Power and Perils) بأنَّ نظرتك إلى الشخص التي تتبلور خلال الثواني العشر الأولى من اللقاء تعبِّر عن "حكمة بيولوجية قديمة"، ويُرجِع الفكرة إلى قصة سيدة أحست بشعورٍ سيءٍّ فعلاً تجاه شخصٍ كان يطلب منها المساعدة على جانب الطريق، وتبيَّن أنَّ الرجل كان مجرماً فاراً من مسرح جريمة مروعة.

لكن من الهام أيضاً أن تتذكر الجانب الآخر من هذا الإحساس، إذ بما أنَّ الخطر مرتبطٌ بمواقف لها علاقة بالحياة والموت، فمن الهامِّ جداً ألَّا تُؤخَذ الأحاسيس وحدها فقط في الحسبان؛ إذ تعدُّ هذه واحدةٌ من الحالات التي يجب على العقل فيها أن يظلَّ يقظاً حتى تتأكد من ألَّا يغيب عن ذهنك أيُّ شيءٍ واضح.

كذلك، إذا كان يراودك الإحساس دائماً بالخطر، فمن المحتمل أن يكون هذا الإحساس خاطئاً، ومن المحتمل جداً أن يكون سبب هذا الإحساس المناسبات التي تكون حياتك فيها عرضةً إلى الخطر؛ وهو أمرٌ نارداً ما يحدث، وقد لا يحدث أبداً.

إذا كنت تعتقد دائماً بأنَّ حياتك في خطر، فربَّما حان الوقت لإعادة النظر في طريقة إنصاتك إلى هذا الإحساس، ومعرفة لماذا تحسُّ به حينما لا تكون بحاجةٍ إلى ذلك.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات مفيدة كي تتوقف عن توقع الكوارث

3. الإحساس بعدم الارتياح لشخصٍ ما:

من أكثر الأحاسيس الشائعة التي شعر بها معظم الناس تقريباً في مرحلةٍ ما من مراحل حياتهم: "عدم الارتياح لشخصٍ ما". إنَّه تغيّرٌ صغيرٌ لكنَّه ملحوظٌ في مستوى الطاقة، ويخبرك أنَّ شيئاً ما لا يسير على ما يرام حينما تقابل شخصاً ما.

يراودنا هذا الإحساس تحديداً -مثل معظم الأحاسيس- حتى أننا ننصت إليه، وهو لا يظهر فجأة، ومن الصعب في النهاية التمييز بين تغير يطرأ على أحاسيسنا الداخلية ويلفت انتباهنا إلى بعض الأمور الإيجابية، وبين النوع نفسه من التغير الذي يلفت انتباهنا إلى بعض الأمور السلبية.

إذا كنت تفترض أنَّ ثمة خطبٌ ما كلَّما أحسست بتغيرٍ في مشاعرك، ستتهرب من العديد من المواقف التي يمكن أن تكون مفيدة للغاية.

راقب الإحساس، ودعه يبقى محفوراً في الذاكرة، وارجع إلى عقلك، ودع كلَّ شيءٍ ينكشف مع مرور الوقت؛ فطالما أنَّك تحسُّ في البداية أنَّ ثمة أمرٌ ما غير مريح، ستكون أكثر وعياً وحضوراً من الناحية الذهنية، وسيكون قرارك في هذه الحالة واضحاً، وتحدد إذا كنت تريد السير خلف إحساسك أم لا.

4. الإحساس بالحاجة إلى إظهار التعاطف:

من الأحاسيس الإيجابية التي تعدُّ مميزةً في حياتنا: الإحساس الذي نشعر به حينما نشعر أنَّ شخصاً ما قد يحتاج إلى مساعدتنا؛ ذلك لأنَّ إظهار الدعم والتعاطف شيءٌ جيدٌ دائماً، ويعدُّ هذا إحساساً يجب علينا أن ننصت إليه بكلِّ تأكيد.

قد تشعر بهذا الإحساس حينما تحضر اجتماعاً وترى شخصاً خجولاً يقف جانباً، وقد يطلب منك إحساسك أن تدعوه إلى الاقتراب؛ كما قد تشعر بتغير في أحاسيسك حينما ترى شخصاً تهتم لأمره يمرُّ بأوقاتٍ عصيبة، وقد يخبرك إحساسك في هذه الحالة أن تهدئ من روعه وتسأل عن حاله.

لاحظ أنَّ العديد من الناس يعتقدون بأنَّ هذا النوع من التصرفات ينبع من العقل، بينما هو ليس كذلك؛ فقد تخاطب نفسك قائلاً: "يجب عليَّ أن أدرس الموقف، وأجعله يحس بالترحيب" بعد أن يكون إحساسك قد دفعك إلى القيام بهذه التصرفات، وقد يتراجع عقلك ويصرُّ على أنَّ الشخص بخيرٍ ولا يحتاج إلى مساعدتك، بينما قد يعود الإحساس مرَّةً أخرى ويقول لك أنَّه يجب عليك أن تُظْهِرَ تعاطفك.

لكن، كلَّما طَلَبَتْ منك أحاسيسك أن تظهر تعاطفك، فمن الجيد أن تنصت إلى هذه الأحاسيس.

إقرأ أيضاً: ما هو التعاطف؟ وكيف يمكن أن يكون مفيداً للقادة؟

5. الإحساس بأنَّ هناك شيئاً مميزاً:

إذا سألت أيَّ شخصٍ عن أفضل القرارات التي اتخذها في حياته، سواءً كان هذا القرار الزواج من الشخص المناسب، أم التخلي عن مشروعٍ تجاريٍّ ما، أم تأليف كتاب؛ فسيقدمون جميعاً التوضيح نفسه: لقد شعرت بأنَّه القرار المناسب.

يعدُّ العقل الأداة المثالية لاتخاذ قرارات قصيرة الأمد لا تتضمن إلَّا بضع عوامل متغيرة؛ لكن حينما يتعلق الأمر بالأحداث المؤثرة التي تغير مجرى الحياة فعلاً، تعدُّ المسألة كلُّها مرتبطةٌ بالإحساس.

يعدُّ الإحساس العظيم بالمعرفة مترسخاً رسوخاً عميقاً في تجارب الإنسان إلى حدٍّ أبعد من الذي يمكن أن يستوعبه العقل في يومٍ من الأيام، وهذا ما يتحدث عنه الناس حينما يقولون أنَّ أمراً ما لا يعدُّ حقاً منطقياً لكنَّهم يحسون بأنَّه صحيح.

وهذا من أهمّ الأحاسيس التي يجب عليك أن تنصت إليها، وهو يمثل لحظة من المحتمل أن تكون محورية في الحياة؛ ويجب عليك عند الشعور بهذا الإحساس أن تتخذ فوراً الخطوة الأخيرة والأصعب، والتي هي: هل ستخالف عقلك وتثق بإحساسك؟ إذا كنت تستطيع فعل ذلك، فستجد متعةً وسعادةً يفوقان أقصى ما كنت تتخيله.

في النهاية، ليست هذه وحدها الأحاسيس التي يمكن أن تشعر بها في الحياة؛ لكن هذه أهمها وأكثرها استحقاقاً للاهتمام؛ فإذا بدأت الإنصات أكثر إلى أحاسيسك وتحييد عقلك جانباً، ستحظى في حياتك بالعديد من الخيارات المذهلة، وهذا ربَّما أفضل سرٍّ يمكن أن تكشفه لك الحياة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة