ستقرأ في هذا المقال 5 نصائح مستمدة من كتاب "اختر قصتك، غيِّر حياتك" (Choose Your Story, Change Your Life) للكاتبة كيندرا هال (Kindra Hall)، فهي تُعلِّمنا في هذا الكتاب كيف نوقف حديثنا السلبي مع الذات، ونأخذ زمام المبادرة في حياتنا.
لكن لا تُعَد النصائح التي سنقدِّمها هنا نصائح طبية احترافية؛ لذلك إذا كنت تعاني الحديث السلبي مع الذات بشدة ولا تجد النصائح التي تُقدَّم على سبيل التدريب مفيدة، فيجب أن تراجع طبيباً ليتحقق من صحتك الجسدية والنفسية.
ما هو الحديث الناقد مع الذات؟
هو الأفكار التي تدور في رأسك وتخبرك بأشياء سلبية، مثل أنَّك لست جيداً بما يكفي، أو لست على قدر كافٍ من الكفاءة، فالنقد الذاتي جزء من عملية تكيفنا وهو أحد خصائصنا الحيوية، والغاية منه الحفاظ على حياتنا؛ بمعنى أنَّ الحديث الناقد مع الذات ما هو إلا عملية يسعى من خلالها دماغك ليبقيك في أمان، لكن يمكن أن يحدد حديثك السلبي مع الذات قراراتك وأفعالك بناءً على مدى إصغائك له، ومقدار ما تسمح له بالتأثير في حياتك، وإذا كانت شدة الحديث السلبي مع الذات كبيرة فقد تعاني أفكاراً مثل:
- أنا معدوم النفع.
- لست كفؤاً مثل الآخرين.
- أتمنى لو أنَّني كنت أكثر جمالاً، أو ذكاءً أو غنىً، وغير ذلك.
- لماذا أنا وحيد جداً؟
يوجد لحسن الحظ نصائح تساعدك على تغيير حديثك السلبي مع الذات، وتغيير طريقة نقدك السلبية لذاتك، فيما يأتي بعض من هذه النصائح:
1. حدِّد أفكارك السلبية:
لدى كل واحد منا نمط معين من الحديث مع الذات، والهدف من حديثنا مع ذاتنا هو تنظيم العواطف، ومعاملة التجارب المؤلمة، وتغيير وجهات نظرنا، ولكن ليس كل نوع من الحديث مع الذات مفيد للشخص.
إليك بعض من أنواع الحديث السلبي مع الذات:
- لن أصل أبداً إلى أقصى مستوى من إمكاناتي.
- أنا بلا أهمية.
- أنا لست محظوظاً.
- كل ما حققته كان بفعل الحظ.
- أنا أتسبب بالفشل لأطفالي.
- أنا سيئ في إدارة أموالي.
- لا شيء يُجدي نفعاً معي.
يمكن لهذه الأفكار التي نقنع نفسنا بها أن تغيِّر حياتنا؛ لذلك يجب أن نكون واضحين بشأن حديثنا مع الذات.
شاهد بالفيديو: 17 عادة إيجابية ستغيّر حياتك للأفضل
نصيحة عملية: أحضر قلماً وورقة ودوِّن إجاباتك عن الأسئلة الثلاثة الآتية:
- ما هي الأفكار التي تقنع نفسك بها حالياً؟
- ما هو مصدر هذه الأفكار؟
- هل هذه الأفكار صحيحة؟
على سبيل المثال قد تكون أحد الأفكار التي تدوِّنها هي:
- "أنا أبذل قصارى جهدي في العمل، ومع ذلك لا يقدِّر مديري ذلك".
- "جاءت هذه الفكرة بسبب قيامي بعمل إضافي خارج أوقات الدوام، ومع ذلك فلا أتلقى أية تغذية راجعة إيجابية من مديري".
- "ربما هذه الفكرة غير صحيحة، وقد يكون السبب انشغال مديري الشديد، وربما هو يشعر بالتقدير نحوي؛ لكنَّه لا يُظهر هذا لي".
بمجرد كتابة إجاباتك يجب أن تفهم بوضوح ما تقوله لنفسك من حديث سلبي ناقد للذات.
2. استخدم العبارات التحفيزية:
كي تتمكن من تغيير حديثك السلبي الناقد للذات إلى حديث إيجابي داعم، حاول تغيير أفكارك السلبية إلى أخرى أكثر إيجابية، قد تساعدك عبارات التحفيز الإيجابية، مثل:
- "أنا إيجابي، ومحبوب، وجيد بما فيه الكفاية".
- "أنا أتمتع بالثقة باتخاذ القرارات التي ستساعدني على بناء مستقبل أفضل لي".
- "أشعر أنَّني بصحة جيدة، وميسور، وحكيم".
- "أنا مركِّز، وقوي، وهادئ".
- "أنا شخص واثق وذو إمكانات، ولأنَّني قوي فإنَّني أستحق أن أكون محط تقدير".
نصيحة عملية: اكتب قائمة تحتوي على عبارات التحفيز الخاصة بك التي تشعر أنَّها تعبِّر عنك، واكتب هذه العبارات على هيئة ملاحظات على ورق لاصق، وعلِّقها على الحائط، وكرر هذه العبارات يومياً، أو اضبطها على هيئة رسائل تذكير على هاتفك، وخصص بضعة دقائق كل يوم للتأمل فيها.
3. غيِّر بيئتك السلبية:
غالباً ما تكون لدينا أفكار سلبية لأنَّنا محاطون بأشخاص لديهم أفكار سلبية؛ أي إنَّنا نضع أنفسنا في حلقة من التفكير السلبي، ربَّما يكرر الأشخاص الذين نقضي وقتنا معهم نفس الأفكار السلبية مراراً وتكراراً، ولذلك يتطلب تغيير أفكارنا السلبية في بعض الأحيان تغيير البيئة المحيطة.
نصيحة عملية: اختر نصيحة من النصائح أدناه وطبِّقها في الأسابيع أو الأشهر القادمة:
- خذ إجازة أو قم برحلة خارج منطقة الراحة الخاصة بك.
- التقِ بأناس جدد من خلفيات مختلفة.
- قم برحلة تخييم مع بعض الأصدقاء.
- انظر إلى المرآة وأخبر نفسك بما يجول في خاطرك.
- مارس هواية اجتماعية جديدة.
- حمِّل تطبيقاً جديداً لمقابلة أناس جدد.
- كوِّن علاقات صداقة جديدة عبر الإنترنت أو من خلال البريد العادي.
4. أعد صياغة الأفكار التي تشعرك بالنقص على صورة أسئلة:
فكِّر في خاطرة مزعجة كنت ترددها كثيراً في الفترة الماضية، وتبدأ بعبارة "يجب كذا"، كما في الأمثلة الآتية:
- "يجب أن أكون اجتماعياً أكثر في العمل".
- "يجب أن أكون أكثر جرأةً مثلما كنت في السابق".
- "يجب أن أتقاضى راتباً أعلى".
تُنبئ الأفكار التي تبدأ بـ "يجب" بأشياء سلبية؛ والسبب أنَّها يمكن أن تؤدي إلى الاعتقاد بأنَّك تعاني خطباً ما، بدلاً من الاقتناع بهذه الأفكار تساءل عن السبب الذي يدفعك للاعتقاد بأنَّه ينبغي أن تفعل هذا الشيء أو تتصرف على هذا النحو، وبالعودة إلى الأمثلة السابقة ستكون أسئلتك على النحو الآتي:
- "هل يجب أن أكون اجتماعياً أكثر في العمل؟".
- "هل يجب أن أكون أكثر جرأةً مثل السابق؟".
- "هل يجب أن أتقاضى راتباً أعلى؟".
عندما تعيد صياغة هذه الأفكار بصورة أسئلة، فإنَّ نمط تفكيرك يتغيَّر، وتبدأ بالتفكير في السبب الذي دفعك للاعتقاد بوجوب القيام بهذا الشيء أو ذاك، قد تكتشف أنَّ أحداً ما أخبرك في طفولتك أنَّه ينبغي عليك أن تكون اجتماعياً أكثر، أو ربما ترى أصدقاءك على مواقع التواصل الاجتماعي يقتنون أشياء باهظة الثمن في حين يبدو أنَّك تعيش حياةً بسيطة.
نصيحة عملية: اكتشف الأفكار التي تخبرك بأنَّك يجب أن تفعل كذا أو كذا، ودوِّن على الأقل 3 عبارات تبدأ بـ "يجب"، ومن ثمَّ أعد صياغتها بصورة أسئلة.
5. استبدل أفكارك السلبية بأخرى إيجابية:
يمكن تشبيه حديثك السلبي الناقد للذات على أنَّه جبل جليدي؛ لذلك تذكَّر أنَّه في حين يكون الجبل الجليدي كبيراً إلا أنَّ جزءاً منه يكون مغموراً في الماء، فالجبل الجليدي الذي أغرق سفينة التايتانيك (Titanic) لم يكن جبلاً مرئياً؛ بل كان تحت مستوى سطح الماء.
ينطبق نفس الأمر عليك، إذ إنَّنا نردد هذا الحديث السلبي مع الذات بصورة تلقائية، أو كأنَّنا اعتدناه، لكن ما يؤدي إلى هذه الأفكار السلبية هو أفكار وقناعات أخرى أعمق منها، وهي غالباً أفكار ومعتقدات سلبية؛ ما ينبغي أن تفعله هو أن تتساءل عن مصدر هذه الأفكار السلبية التلقائية حتى تستفيد منها.
ما نقوله لأنفسنا في سياق حديثنا مع الذات يكاد يكون تلقائياً، تلاحظ مثلاً أنَّك هادئ، وفجأةً تسيطر عليك عواطف وأفكار سلبية هائلة؛ لذلك إذا سمحت لهذه الأفكار بالحدوث بتلقائية فسوف تقوي بعضها بعضاً، وتؤدي إلى المزيد من الأفكار السلبية.
نصيحة عملية: توقف عندما تلاحظ أنَّك بدأت تتحدث مع نفسك بطريقة سلبية ناقدة، وبدلاً من السماح لهذه الأفكار بالحدوث تلقائياً اتخذ إجراءات، واربط الأفكار السلبية بشيء إيجابي قمت به، فمثلاً:
- إذا كنت قلقاً جداً من فقدان وظيفتك فتذكَّر شعورك الرائع عندما حصلت على ترقية، أو على وظيفة جديدة.
- إذا كان أفراد عائلتك يثيرون غضبك فتذكَّر آخر مرة قضيتم فيه وقتاً رائعاً معاً.
الهدف من هذه الممارسة هو إيقاف تدفق الأفكار السلبية بطريقة تلقائية، واستبدالها بأفكار إيجابية، فقد يكون من المفيد أن تمارس تمرينات التنفس العميق، مثل التأمل، ولا تشعر بالإحباط فوراً إذا استغرق الأمر بعض الوقت، كن صبوراً ومتسامحاً مع نفسك.
في الختام: موجز النصائح
- حدد الأفكار السلبية الناقدة للذات، ولا تتجاهلها أبداً.
- اختر عبارات التحفيز المفضلة لديك وكررها خلال يومك.
- خصص وقتاً في يومك لإيقاف حدوث الأفكار بتلقائية؛ وبذلك تتمكن من استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية.
- غيِّر البيئة التي تعزز لديك الأفكار السلبية الناقدة للذات.
- استبدل عبارات "يجب أن.." بالسؤال الآتي: "هل يجب أن..؟".
أخيراً تذكَّر أنَّك شخص هام، ولا تسمح لنفسك أو للآخرين بأن يزعزعوا إيمانك بنفسك؛ لأنَّه لا يمكن لأحد أن يهينك ما لم تسمح بذلك.
أضف تعليقاً