الإبداع مهارة تمارسها وتطورها وتصقلها مع مرور الوقت، تماماً مثل أي مهارة أخرى؛ فإذا كنت تظنُّ أنَّك لست مبدعاً لأنَّك لم تولد كذلك؛ فمن المحتمل أنَّك لا تعرف كيفية استخدام عقلك حتى الآن.
إنَّ بناء عقلية إبداعية ليس محض حظ، وليس له علاقة بالإلهام بقدر ما يرتبط بالعمل والجهد.
5 خطوات بسيطة يمكنك اتِّباعها للاستفادة من منبع الطاقة الإبداعية الكامنة بداخلك:
1. تخصيص وقت للصمت والعزلة:
تتحرك الحياة بسرعة جنونية، والمشكلة هي أنَّنا غالباً ليس لدينا وقت للتوقف والتفكر في الأمور الهامة حقاً؛ فترانا مستعجلين ومنشغلين في حياتنا اليومية دوماً؛ ما يحرمنا لحظات الصمت والعزلة التي قد تعود علينا بفوائد جمة؛ لذا خصص وقتاً كل يوم لنفسك فقط؛ لأنَّه ما مِن مكان آخر يتعزز فيه الإبداع سوى في سكون عقلك؛ فمن خلال تخصيص بعض الوقت للبقاء وحدك ستتمكن من الإصغاء إلى أفكارك، والغوص في أعماق نفسك.
عقلك هو أفضل ما تملكه، وذلك عندما تعرف كيفية استخدامه خير استخدام؛ لذا امنح نفسك استراحة، واخرج في نزهة في الطبيعة، وخصص بعض الوقت لنفسك، وتخلص من كل ما يشتتك، ولا تكن أسير إسعاد الآخرين، وانفصل عن العالم لبعض الوقت، واجلس في هدوء؛ فهذه فرصة رائعة لإعادة شحن نفسك بمزيد من التركيز والطاقة.
2. التواصل مع جسدك:
أول ما عليك تذكره هو أنَّ جسدك يحتوي على أحاسيس ومشاعر تنبع من أفكارك، ولكن لا يدرك معظم الناس ذلك، ويقضون كثيراً من الوقت في الإفراط في التفكير وحدهم؛ وهذا يؤدي بدوره إلى الشعور بالخدر والتوتر والتقلصات المزمنة في الجسم؛ لذا توقف عن التفكير لبرهة من الزمن، وركز وعيك وانتباهك على نفسك والطاقة الكامنة داخلك فقط.
آن الأوان للتواصل مع جسدك، فإذا وجدت صعوبة في ذلك ركز على تنفسك أولاً، وجرب التنفس العميق بوعي، واشعر ببطنك يتوسع ويتقلص مع كل شهيق وزفير؛ فهذا التمرين بحدِّ ذاته بمنزلة ممارسة التأمل، وما إن تعود إلى أفكارك بعد أن تدرك الأحاسيس في جسدك ستكون أكثر حيوية وإبداعاً.
شاهد بالفيديو: 5 نصائح تُحفّزك على الإبداع
3. التوقف عن التفكير في الماضي:
يفقد معظم الناس إبداعهم بسبب عدم التركيز على الحاضر؛ فجلُّ ما يفعلونه هو إمَّا تقييد أنفسهم بالماضي أو القلق بشأن المستقبل؛ لكنَّ ذلك القلق كله لن يعود عليك بأي فائدة؛ فربَّما مررت بعلاقات حطمت قلبك، أو فُصِلتَ من وظيفة أحلامك، أو فشلت في أمر ما فشلاً ذريعاً؛ إلا أنَّ التفكير في المشكلات لن يحلها؛ لذا امضِ قدماً في حياتك، فما حدث أصبح من الماضي، وليس له علاقة بالحاضر.
إذا كنت تشعر بأنَّ ماضيك يثقل كاهلك ويؤثر في حالتك الذهنية والقرارات التي تتخذها، فقد حان الوقت لتتركها جميعها وراءك؛ ما سيؤدي إلى تعزيز إبداعك، وتمتعك بصحة أفضل وحالة ذهنية إيجابية.
4. إنجاز كل مهمة على حِدة:
تجنَّب ممارسة تعدد المهام؛ فقد يكون من الضروري القيام بعدة مهام أحياناً، ولكن عندما يرتبط الأمر بإثارة الإبداع واستمراره يجب أن تركز على كل مهمة على حِدة؛ لذا اكسب يومك من خلال العمل على مهمة واحدة بقدر ما تستطيع؛ ما يعني أنَّك يجب أن تتجنب فتح عدة علامات تبويب، والرد على رسائل البريد الإلكتروني، والتحقق المستمر من هاتفك، وتدوين الملاحظات جميعها في الوقت ذاته.
اختر مهمة تثير حماستك وشغفك، ويمكن أن يكون لها تأثير كبير في عملك وحياتك، وتستحق وقتك وجهدك، ثمَّ اجعل العمل عليها ممتعاً قدر الإمكان؛ إذ ستكون هذه المهمة الوحيدة التي ستركز عليها؛ فلا تستمر في التبديل بينها وبين مهام أخرى، وامنحها طاقتك كلها، وحدد كيفية سير يومك ما إن تستيقظ من النوم، ورتب أولوياتك، وإذا كان ما يزال عليك ممارسة تعدد المهام فخصص وقتاً محدداً لذلك خلال يومك.
5. الانفتاح:
الأشخاص الأكثر إبداعاً هم أولئك المنفتحون على الأفكار والمفهومات والخبرات الجديدة؛ إذ يشير بحث أجراه عالِم الأعصاب "جريجوري بيرنز" (Gregory Berns) من جامعة إيموري (Emory University) إلى أنَّ المفكرين المبدعين يملؤون أدمغتهم بتجارب جديدة؛ وهذا يؤدي إلى تكوين روابط جديدة تتفاعل مع تلك الموجودة بالفعل، فهل هذا يعني أنَّك لا تستطيع أن تكون مبدعاً إذا قاومت الأفكار والتجارب الجديدة؟ بالطبع لا؛ بل يعني فقط أنَّ إنشاء مجموعة من العادات الجديدة يمكن أن يقودك نحو نتائج أفضل؛ فإذا أردت تعزيز إبداعك، فاسعَ نحو تجربة أشياء جديدة.
لا تلتزم روتينك نفسه طوال الوقت؛ فجرب مثلاً أن تسلك طريقاً مختلفاً إلى العمل، أو استمع إلى نوع جديد من الموسيقى، أو تحدَّث إلى شخص غريب دون سبب محدد؛ إذ أظهرت دراسة أُجريت على أكثر من 3000 رائد أعمال ومدير تنفيذي أنَّ المفكرين المبدعين يقضون أكثر من 50% من وقتهم في محاولة التفكير بصورة مختلفة، فلا تركض وراء إرضاء الناس ونيل استحسانهم؛ لأنَّه مجرد إهدار لوقتك وطاقتك، واتبع الخطوات الخمس هذه، لتثير نار الإبداع الكامن داخلك.
أضف تعليقاً