يجب أن يكون هذا التحوّل على مستوى القوانين والأنظمة الضابطة لعمل المؤسسة، وكذلك من خلال العمل على رفع أداء الموظفين في بيئة العمل، وتطوير مهاراتهم وتقديم العناية والرعاية لهم، والتي تساعد المؤسسة على الارتقاء والتقدم في عالم الأعمال.
فكلمة رعاية الموظفين لا تعني كسب ودّهم وولائهم وزيادة إنتاجيتهم من خلال زيادة الأجور مثلاً، أو من خلال توسيع نطاق الرعاية الصحية التي يحظون بها، أو تطبيق إجراءات أخرى غير ذلك.
على الرغم من جدوى تلك الطريقة، إلا أنّها لا تنفع لتكون الطريقة المثلى لرفع أداء الموظفين في بيئة العمل، وهذا يحتِّم علينا طرح سؤال عن للتعرف على الطريقة الأفضل التي يمكن تطبيقها من أجل تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل.
مسؤولية المؤسسات وأصحاب المشاريع في رفع أداء الموظفين
اتّفق معظم الباحثون والمفكرون في مجال الأعمال، في جميع دراستاهم وأبحاثهم، على أنّ أفضل طريقة لرفع كفاءة ومستوى أداء الموظفين في بيئة العمل يكون من خلال التزام المؤسسات وأصحاب الأعمال بتقديم مشاريع وخطط تطويرية تساعد الموظفين على الارتقاء بأدائهم الوظيفي، على أن يكون هذا التطوير الوظيفي مقرون ومرتبط بشكل وثيق وبعلاقة طردية بالنمو الشخصي للموظف ذاته.
حيث إنّه وفي حال كان التطوير فقط من أجل رفع الأداء الوظيفي والمهني وإغفال الجانب الشخصي مثل زيادة الأجور والارتقاء على السلم الوظيفي، وغيرها من جوانب التطور الشخصي للموظفين، فإنّ برنامج التطوير المطبَّق لن يكون سوى برنامج استغلال واستثمار لقدرات الموظف وإمكاناته في بيئة العمل فقط، والتي بكل تأكيد لن تكون ذات نتائج جيدة على صعيد المؤسسة وعلى الصعيد الشخصي للموظفين.
من الهام أن يدرك القائمون على برامج تطوير أداء الموظفين أنّ تطبيق مثل هذه الخطوات يحتاج إلى مدى زمني، ولن تحصل المؤسسة على النتائج في يوم وليلة، وأنّ الإقدام على اتخاذ قرار بتطوير أداء الموظفين ليس عملية اعتباطية أو مجرد قرار، بل هي خطة ممنهجة تحتاج إلى دراسة ووضع استراتيجية عمل قابلة للتطبيق، وليست ضرباً من ضروب الخيال.
ما هي مفاتيح عملية تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل؟
يحتاج تطوير الموظفين ورفع أدائهم الوظيفي يحتاج إلى وضع خطط مدروسة، وهذه الخطط ليست مجانية بكل تأكيد؛ إذ تتحمل المؤسسات وأصحاب الأعمال تكاليف كبيرة من جراء تطبيق مثل هذه البرامج التطويرية.
يجب أن يدرك القائمون على تطبيق مثل هذه الخطط أنّ استخدام وتطبيق نظام التطوير الوظيفي الشامل لجميع الموظفين لن يكون فعّالا تماماً، إذ إنّ تحقيق النتائج المذهلة من جرّاء تطوير أداء الموظفين في بيئة الأعمال يجب أن يكون مبنياً على أساس تمييز ومراعاة الفروقات الشخصية بين الموظفين من ناحية الدرجة العلمية والخبرة المهنية والخلفية الاجتماعية التي ينتمي إليها الموظف.
سنتعرف معاً عزيزي القارئ على الخطوات التي يجب على المؤسسة وأصحاب الأعمال القيام بها من أجل وضع خطة تطوير لأداء الموظفين في بيئة العمل وهذه الخطوات هي:
1. تحديد أهداف العمل
قبل البدء بوضع وتنفيذ خطة تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل، يجب على أصحاب الأعمال، والقائمين على وضع خطة التطوير أن يكونوا مدركين تماماً للهدف الذي تسعى المؤسسة للوصول إليه، وهذا يعني وجود أجوبة واضحة لمجموعة من الأسئلة المهمة التي لا بد من طرحها عند بدء وضع خطة تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل. هذه الأسئلة هي:
- هل يعرف أصحاب المؤسسة أو القائمون على برنامج التطوير مكان المؤسسة الحالي في سوق الأعمال؟
- هل أهداف المؤسسة واضحة تماماً، ويدركها الجميع سواء كانوا موظفين أم مدراء أم أصحاب العمل ذاتهم؟
- أين تكمُن الفرص والتحديات الناشئة من جراء تطبيق خطة تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل؟
- هل يدرك القائمون على وضع خطط التطوير، وأصحاب المؤسسة المهارات التي يجب العمل على تطويرها لدى الموظفين؟
- هل المؤسسة جاهزة لتقديم الوقت الكافي لتطبيق مثل هذه الخطط من دون أن يتأثر أداءها الإنتاجي؟
تحدد الإجابة على تلك الأسئلة المهمة مدى استعداد المؤسسة وقدرتها على تطبيق برنامج تطويري للموظفين والعاملين فيها من أجل الارتقاء بأدائهم بما ينعكس إيجاباً على أداء المؤسسة ككل بما يحقق لها مزيداً من التقدم والتنافسية في سوق المؤسسات العاملة.
2. تحديد الاحتياجات التطويرية
يجب أن يكون وضع خطة تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل مبنياً على أساس تحديد احتياجات الموظفين الحقيقية وبدقة. تتطلب معرفة هذه الاحتياجات وتحديدها من أصحاب العمل، والقائمين على وضع تلك الخطط التطويرية إجراء الاجتماعات مع الموظفين وإجراء تحقيقات استقصائية داخل المؤسسة، وتطبيق اختبارات مهارية من أجل تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف لدى موظفي المؤسسة.
أيضاً الاطلاع ومعرفة أهداف الموظفين في مؤسستهم وفي حياتهم الشخصية، وكل ذلك من أجل أن يتمكن أصحاب الأعمال والقائمون على تطبيق خطة تطوير الموظفين من وضع خطط تنفيذية قصيرة الأجل، ومتوسطة الأجل، وطويلة الأجل قابلة للتطبيق وتتوافق مع رؤية المؤسسة وطموح موظفيها.
سينعكس قيام أصحاب المؤسسة أو القائمين على وضع خطط التطوير بمثل تلك الاختبارات المهارية، والبحوث الميدانية من أجل تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف لدى الموظفين والتي تساعد في معرفة تلك الاحتياجات التطويرية، إيجاباً على نفوس الموظفين لأنَّهم يشعرون يقيناً بمقدار الأهمية التي توليها المؤسسة لهم، ومدى ارتباط نجاح المؤسسة بنجاحهم وتطورهم.
هذا ما يزيد من ولاء الموظفين للمؤسسة التي يعملون فيها، ويضعهم في ذات الوقت في موقع تحمُّل المسؤولية من أجل البحث واستكشاف نواقصهم التي تطوّر أداءهم الوظيفي في بيئة العمل، ويرفع من جودة إنتاجيَّتهم وكفاءتهم، فيحددون ما يريدون تطويره من مهاراتهم التي تساعدهم نحو تحقيق أهدافهم الشخصية وأهداف المؤسسة التي يعملون فيها بذات الوقت.
شاهد بالفيديو:7 خطوات لتحسين الأداء الوظيفي والإنتاجية
3. وضع الخطة وبدء التنفيذ
بمجرد أن يتم تحديد مكان المؤسسة في سوق العمل، وموقعها التنافسي وقدراتها، وبعد أن يتم وضع الهدف العام للمؤسسة وإعلام كل الموظفين به، وبعد الاطلاع على التحديات الممكنة والفرص الكامنة من جراء تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل، وبعد الانتهاء من تحديد نقاط قوة الموظفين ونقاط ضعفهم والمهارات والاحتياجات التطويرية التي يحتاجها الموظفون، تأتي المرحلة المهمة في وضع الخطة الاستراتيجية لبدء تنفيذ عملية تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل.
يجب أن توضع تلك الخطة الاستراتيجية بعناية فائقة تتضمن مجموعة من القواعد الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها من أجل ضمان نجاح التنفيذ، مثل تاريخ بدء تنفيذ خطة التطوير، وتاريخ انتهاء الخطة، وخطوات الخطة وكيفية الانتقال بين تلك الخطوات والمراحل بسلاسة ومن دون عوائق.
إضافة إلى، توقُّع المشكلات التي يمكن أن تعترض الموظفين في أثناء تنفيذهم لخطة التطوير الوظيفية الخاصة بكل منهم إضافة إلى ضرورة أن تكون الخطة التطويرية تتمتع بالمرونة الكافية التي تجعلها قابلة للتعديل أو حتى التغيير إن تطلَّب الأمر ذلك، ومن المهم جدّاً أن يكون هناك توقع مسبق لمتوسط النتائج التي يمكن أن تحققها الخطة من جراء تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل.
4. التقييم المستمر
إنّ الغاية الأساسية من تنفيذ خطة تطوير أداء الموظفين في بيئة العمل، هو زيادة الكفاءة الإنتاجية وجودة العمل ورفع مستوى الأداء، وهذا لن يكون متوفرا وممكنا ما لم تكن هناك تقارير أسبوعية، وشهرية، ونصف سنوية، وسنوية يتم من خلالها متابعة أداء الموظفين في أثناء تطوير ذواتهم واكتسابهم للمهارات التي ترفع من أدائهم الوظيفي.
تساهم تلك التقارير في إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بين الموظف الخاضع للتطوير وبين المقيم، وذلك من أجل الاطلاع على مدى التقدم الحاصل، وحل المشكلات التي يمكن أن تظهر، ومعالجة الأخطاء، وتصحيح المسار، وحتى تعديل الخطة إن لزم الأمر.
5. التطور المستمر
إنّ تحقيق نتائج الخطة التطويرية، وبدء جني الثمار لا يعني أبدا التوقف عند هذا الحد من العمل، بل يجب على أصحاب الأعمال، والقائمين على وضع الخطط التطويرية وحتى الموظفين الاستمرار في البحث عن فرص التقدم والنمو واستثمار الفرص المتاحة من أجل مواكبة التطور الحضاري المتمثل في التطور التكنولوجي المذهل والتقدم المعرفي الكبير خلال العصر الحالي، وإنّ تحقيق المواكبة الفعّالة تحتاج إلى إبقاء العيون مفتوحةً والانتباه مشدوداً على كل فرصة متاحة صغيرة كانت أم كبيرة من أجل اقتناصها واستثمارها.
في الختام
ندرك تماماً أنَّ تطبيق خطط تطوير الموظفين في المؤسسات والشركات ومنظمات الأعمال يساعد الموظفين على اكتساب مهارات جديدة توسع من مواهبهم، ويضعهم في أدوار وظيفية جديدة ضمن في بيئة العمل، وأنّ السعي لتطبيق وتنفيذ تلك الخطط له فوائد عظيمة، إذ لا يمكننا أن نتجاهل إطلاقاً مدى المشكلات التي تواجه أصحاب المؤسسات في قدرتهم على الاحتفاظ بموظفيهم، وتكاليف استبدال الموظفين.
وعليه، يتوجب على كل أصحاب قطاعات الأعمال أن يدركوا مدى أهمية تقديم مجالات تطويرية للموظفين وتعزيز فرص نموهم وذلك لتحقيق تقدم المؤسسة واستمرار نجاحها في القطاع الذي تعمل به.
أضف تعليقاً