4 نصائح للعمل من المنزل بطريقة صحيحة

لجأت العديد من الشركات حول العالم في الأشهر القليلة الماضية إلى تطبيق سياسة العمل الإلزامي من المنزل، وذلك تزامناً مع تفشِّي فيروس كورونا (Covid-19). ولعلَّ من أبرز هذه الشركات: جوجل، ومايكروسوفت، وتويتر، وهيتاشي، وآبل، وأمازون، وشيفرون، وسبوتيفاي؛ وغيرها من الشركات الأخرى في العديد من البلدان، بدءاً من المملكة المتحدة، ووصولاً إلى الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.



من الواقعيِّ أن نفترض أنَّ التحوُّل إلى "العمل المنزلي" سيصبح الوضع الطبيعي الجديد بالنسبة إلى الكثيرين منَّا لبعض الوقت، إذ سيعمل بعض الموظَّفين من المنزل لأوّل مرّة؛ ممَّا يعني معرفة كيفية الاستمرار في العمل في بيئةٍ جديدةٍ قد لا تصلح للإنتاجية.

هناك طرائق لتحقيق النتائج وتجنُّب الإفراط في العمل، من إعداد مساحة عملٍ جيدةٍ إلى الطريقة التي تتحدَّث بها إلى فريقك:

1. تعزيز التواصل:

إنَّ مفتاح العمل من المنزل هو التواصل الواضح مع مديرك، ومعرفة ما هو متوقَّعٌ منك بالضبط.

تقول باربارا لارسون، أستاذة الإدارة في جامعة نورث إيسترن في بوسطن، والتي تدرس العمل عن بُعد: "يجب أن تكون لديك توقعاتٌ واضحةٌ لعمليَّات التواصل يوماً بعد يوم. لذا اسأل مديرك إذا كان لا يمانع إجراء مكالمةٍ لمدة 10 دقائق لبدء يوم العمل وإنهائه، فقد لا يفكِّر المديرون في هذا الأمر في كثيرٍ من الأحيان".

يقضي معظم الناس أيامهم على مقربةٍ من رئيسهم، ممَّا يعني أنَّ التواصل سهلٌ وغير مجهد؛ لكن يختفي كلُّ هذا مع العمل عن بعد، ومن المرجَّح أن يكون انقطاع التواصل أكثر ترجيحاً إذا لم تكن بيئة عملك -المديرون والزملاء- معتادةً على العمل عن بعد، فمثلاً: قد لا يكون مديرك معتاداً على إدارة الأشخاص عن بعد، أو قد لا تمتلك شركتك مجموعةً جاهزةً من أدوات العمل عن بُعد، مثل: تطبيق سلاك (Slack) للدردشة والتواصل، أو تطبيق زوم (Zoom) لمؤتمرات الفيديو.

ولكن، يمكن أن يتسبَّب العمل من المنزل بالشعور بعدم التنظيم والعزلة، حتَّى لمن اعتادوا عليه.

وجدت دراسةٌ أُجرِيت في العام الماضي على 2500 عاملٍ يعملون عن بُعدٍ أنَّ الوحدة كانت ثاني أكبر تحدٍّ جرى التعبير عنه، حيث واجهه 19٪ من الأشخاص الذين شملتهم هذه الدراسة.

يمكن أن تجعل الوحدة الناس يشعرون بدافعٍ وإنتاجيةٍ أقل، ويمكن أن يكون الانعزال لفترةٍ من الزمن مشكلةً حقيقية للعاملين عن بعد. لذلك، عندما تتواصل مع مديرك وفريقك من المنزل، فمن المفيد أن تكونوا على أكبر قدرٍ ممكنٍ من التواصل، أي وجهاً لوجهٍ وبشكلٍ مباشر؛ وذلك عن طريق مكالمات الفيديو أو سكايب أو زوم.

تقول (سارة ساتون)، الرئيس التنفيذي ومُؤَسِّسةُ شركة "فليكس جوب"، وهو موقعٌ لإعلان الوظائف عن بُعد: "سيتواصل أفضل العاملين عن بُعدٍ مع زملاء العمل والمديرين بانتظام، وذلك من خلال مجموعةٍ متنوعةٍ من الأدوات".

إقرأ أيضاً: 7 تطبيقات لعقد مؤتمرات الفيديو والاجتماعات عبر الإنترنت عن بعد

2. التعامل مع الأمر كعملٍ حقيقي:

هنالك أيضاً بعض النصائح الخالدة للعمل من المنزل، بغية الحفاظ على هيبة العمل. فعلى سبيل المثال: لا يعني مجرَّد أنَّك تستطيع الاسترخاء في ملابس نومك، أنَّه يجب عليك فعلاً ارتداؤها في أثناء العمل.

تقول (لارسون): "استحمَّ وارتدي ملابسك، وتعامل معها كوظيفةٍ حقيقية".

إذا لم يكن لديك مكتبٌ منزلي، فابذل قصارى جهدك لإنشاء مساحةٍ مخصصةٍ للعمل بشكلٍ حصري. توضِّح (ساتون) قائلة: "يمكن أن يؤدِّي عدم وجود مساحةٍ مكتبيةٍ منزليةٍ مجهزةٍ تجهيزاً جيداً للناس عندما يبدؤون العمل عن بُعد، إلى انخفاضٍ مُؤَقَّتٍ في الإنتاجية"، كما وتضيف أنَّ الشاشات المزدوجة ولوحة المفاتيح والماوس اللاسلكية تجعلها أكثر إنتاجيةً في المنزل.

لذا، وبدلاً من الاستلقاء على السرير مع كمبيوترٍ محمول، جرِّب شيئاً أكثر عمقاً، مثل تحريك المنضدة إلى زاويةٍ بعيدةٍ عن عوامل التشتيت، ووضع جهاز الكمبيوتر الخاصِّ بك عليها، والجلوس على كرسيٍّ مستقيم؛ تماماً كما تفعل في مكتبك في مقرِّ العمل.

يعدُّ هذا أيضاً بمثابة إشارةٍ هامَّةٍ لمن يعيشون معك على أنَّك في العمل. تقول (كريستين شوكلي)، أستاذة مساعدةٌ في علم النفس في جامعة جورجيا: "ضع حدوداً داخل منزلك يفهمها أفراد عائلتك، فمثلاً: عندما يكون الباب مغلقاً، فهذا يعني أنَّك غير متاحٍ الآن".

يصبح من الأسهل عليك الاستفادة من مزايا العمل عن بُعدٍ بوجود مساحة عملٍ مخصصة، حيث يمكنك التركيز أكثر. أجرت مؤسسة (فليكس جوب) استطلاعاً شمل 7000 موظَّفٍ العام الماضي، وقد قال 65٪ من هؤلاء أنَّهم أكثر إنتاجيةً في العمل من المنزل، مشيرين إلى مزايا، مثل: عددٍ أقلَّ من مقاطعات الزملاء، والحدَّ الأدنى من سياسات المكتب، وتقليل الضغط الناتج عن التنقل.

يمكن أن تضعك "الأوضاع النفسية" في عقلية العمل الصحيحة، مثل: تناول قهوة الصباح لمدة 20 دقيقة، أو إجراء تمرين في فترة الظهيرة.

ومع ذلك، من الهامِّ أيضاً إنهاء يومك. كانت الشكوى الأكثر ذِكراً من العمل من المنزل في هذه الدراسة الاستقصائية: عدم القدرة على الانفصال عن العمل.

يوفِّر التنقُّل أو الدخول إلى مكتبٍ حقيقي ومغادرته حدوداً أكثر وضوحاً ليوم العمل، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في العمل عن بعد. لذا، تقترح (شوكلي) خلق أوضاعٍ نفسيةٍ يمكن أن تساعدك في وضعك في العقلية الصحيحة، مثل: تناول القهوة لمدة 20 دقيقة في الصباح، ثمَّ ممارسة الرياضة مباشرةً بعد العمل، بغية وضع حدودٍ لبداية ونهاية العمل.

إقرأ أيضاً: ما هي طقوس الانتهاء من العمل؟ وكيف يستفيد العاملون عن بُعد منها؟

3. تجنّب الشعور بالعزلة:

يمكن أن تجعل الطبيعة القسرية والمفاجئة للانتقال من مكتبٍ إلى بيئةٍ منزليةٍ -حتَّى مع وجود الأدوات اللازمة لهذا الانتقال- بعض الموظَّفين يعانون من أجل التعود على التغيير.

يقول (نيكولاس بلوم)، أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، والذي أعطى محاضراتٍ في منصة TED حول العمل عن بعد: "هناك نوعان من العمل من المنزل: عملٌ قصير الأجل أو متباعد، وعملٌ دائمٌ أو بدوامٍ كامل. إنَّه يشبه إلى حدٍّ ما مقارنة التمرينات الخفيفة مع التدرُّب لخوض الماراثون".

لا يزال هذا الأخير نادراً جداً. يشرح بلوم أنَّ 5٪ فقط من القوى العاملة الأمريكية قد أفادوا أنَّهم يعملون بدوامٍ كاملٍ عن بعد.

يقول الخبراء أنَّ الاتصالات "عالية الدقة"، مثل: مكالمات الفيديو في أثناء العمل من المنزل، تحارب العزلة؛ وذلك مع الحفاظ على وحدة الفريق والإنتاجية.

يمكن للعزلة المطوَّلة أن تؤثِّر أيضاً في المعنويات والإنتاجية؛ لهذا السبب تقترح (لارسون) أن تحاول الفرق الحفاظ على ما يشبه الحياة الطبيعية والصداقة الحميمة بطرائق غير تقليدية، مثل: حفلات البيتزا في الواقع الافتراضي، حيث يتواصل الناس ويشاركون في "حفلات كوكتيل" على تطبيق سلاك أو سكايب.

تقول (لارسون)، واصفةً عقلية "نحن جميعاً في هذا معاً": "إنَّها طريقةٌ جيدةٌ للترابط. قد تكون غريبةً نوعاً ما، لكنَّ الجميع يشعرون بالغرابة؛ لذا فهي ممتعة، وتضيف القليل من القوَّة والخفَّة إلى البيئة الصعبة".

تدعم (ساتون) أيضاً فكرة ترجمة الأنشطة الاجتماعية في المكتب إلى بيئةٍ عبر الإنترنت، وتقول: "احتفلوا بأعياد الميلاد معاً، وأشيدوا بالأهداف التي حقَّقتموها والمشاريع المنجزة".

4. الحفاظ على المعنويات:

كلَّما بذلت مزيداً من الجهد في التواصل مع الزملاء، زادت فرصتك في تجنُّب مشاعر العزلة التي قد تؤدِّي إلى الاكتئاب.

يقول (بلوم): "أعتقد أنَّ فترةً قصيرةً من العمل لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع بدوامٍ كاملٍ من المنزل، ستكون مؤلمةً اقتصادياً وشخصياً بشكلٍ عام، ولكن يمكن تحمُّلها، إذ قد تؤدِّي فترةٌ أطول من العمل بدوامٍ كاملٍ -من شهرين إلى ثلاثة أشهر- من المنزل، إلى تكاليف اقتصاديةٍ وصحيةٍ خطيرة".

إقرأ أيضاً: دليل الرعاية الذاتية للعمل من المنزل

في الختام:

يوافق الجميع على أنَّ الحلول لهذا الأمر تشمل أكبر قدرٍ ممكنٍ من التفاعل وجهاً لوجهٍ عبر الإنترنت، وذلك من خلال مكالمات الفيديو، وتسجيلات الدخول المنتظمة للمديرين -خاصةً هؤلاء الذين يعيشون بمفردهم، والذين قد يشعرون بمزيدٍ من العزلة- وإجراء اجتماعاتٍ منتظمةٍ دون جداول أعمال.

إذا كنت مديراً، فعليك إجراء عمليات تواصل واضحة، فمن الهامِّ الإبقاء على الروح المعنوية. يقول (لارسون): "من السهل أن تشعر بالضغط أو الاكتئاب هذه الأيام. فإذا كنت مديراً، فاعترف بوجود ضغطٍ وصعوبة، واعلم أنَّ مهمَّتك أن تشجِّعَ الفريق".

هذا أمرٌ أساسي، وخاصةً إذا انتهى الأمر بالعمل من المنزل لأكثر من بضعة أسابيع، وهو احتمالٌ وارد.

يقول (لارسون): "ضع قاعدة سلوكٍ من نوعٍ ما، وحافظ على معنويات الناس".

 

المصدر




مقالات مرتبطة