4 ممارسات للامتنان تساعدك على التغلب على الخوف والشعور بالسعادة

لقد حُفِر في ذاكرتي أولُ يوم عشته في ظل الجائحة مثلما حُفِر فيها إلى الأبد المكان الذي كنت أقف فيه صباح 11 أيلول عام 2001؛ كان يوم الجمعة، منتصف شهر آذار من عام 2020، عندما كنت في متجر البقالة ولاحظت أنَّ الأشخاص الذين يدفعون العربات من حولي كانوا على عجلة من أمرهم في شراء البقالة؛ فقد كانوا يضعون صناديق الماء وعبوات البخاخات المطهرة في عرباتهم، وبينما كنت أنتظر دوري في طابور الحساب لحَظت رجلاً يرتدي كِمامةً طبيَّة وقفازات أثناء حمله مواد البقالة على الحزام الناقل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "سارة بولك" (Sarah Paulk)، والذي تحدثنا فيه عن تجربتها الشخصية في ممارسة الامتنان.

أرسلت حينها لابن عمي رسالةً ذات نبرةٍ مأساويةٍ مبالغٍ فيها قليلاً كتبت فيها: "أظنُّ بأنَّ حظراً سيُفرَض خلال بضعة أسابيع"، وقبل حلول الظلام أَمَرَت المقاطعة المواطنين بالبقاء في منازلهم.

يمكن أن يمنحنا الامتنان الشعور بالراحة:

في البداية، بدت جائحة كورونا وكأنَّها زر توقُّف مؤقَّت، إذ أُلغِيت الرحلات وكافة المواعيد، لقد كان الوضع يُنذِرُ بالسوء؛ لكنَّه مؤقت؛ فكان كل شيء في الحياة ببساطة قيد الانتظار لبضعة أشهر. أتذكَّر حينها أنَّ بعض الأفكار شغلت فكري ولكنَّني كنت مخطئة بالتأكيد.

كان التوقف المؤقَّت في الاقتصاد يعني كارثة للعديد من الصناعات؛ إذ سُرِّحَ الكثير من الناس من أعمالهم، واستمرت أعداد المصابين في التزايد؛ فمع مرور الأشهر، انتقلنا من معرفة شخص مصاب بفيروس كورونا (COVID) إلى معرفة العشرات؛ وكنَّا نكافح جاهدين لمساعدة أصدقائنا الذين يعانون من الفيروس، وإرسال الطعام والمستلزمات التي يحتاجونها لمحاولة ردم الهوة التي فرضها بيننا التباعد الاجتماعي؛ ثم حدث نزاع باعث على الغضب عند سماع بعض الناس في محيطنا ينكرون وجود الفيروس، في الوقت الذي كان فيه صديق لنا يصارع من أجل البقاء على قيد الحياة مستعيناً بجهاز التنفس الصناعي.

لقد كنَّا مدركين تماماً الأشياء التي لم نخسرها والأشياء التي يملكها الناس من حولنا؛ لذا نحن ممتنون دائماً، ونوعاً ما هذا الشعور يكون أقرب إلى الارتياح، فنحن ممتنون لوجود صحاتنا ووظائفنا والكهرباء والمياه ووجود ساحة للعب مع أطفالنا والطعام والغاز.

هناك الكثير من الأشياء الممتنين لوجودها، فكل نشرات الأخبار تذكِّرُنا بذلك، وبالأشياء التي قد تُسلَبُ منَّا.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح للحصول على الراحة النفسية

تحرير نفسك من الخوف:

لقد عثرتُ بالصدفة على صورة التُقِطَت في عشاء سنوي، وهي لوجبة طعام كنَّا نتشاركها مع الأصدقاء، ويظهر في الصورة 18 شخصاً منَّا. كنَّا نجلس متراصِّين في غرفة المعيشة، مبتسمين جداً إلى درجة أنَّه من الواضح أنَّ الصورة قد التُقِطَت بينما كنَّا نضحك؛ لقد كان تذكيراً آخر أظهر لي كم أنَّني أفتقد لحظات التواصل البسيطة تلك، والوجود مع الأصدقاء ومقاسمتهم الطعام والهواء نفسه.

لقد مرت تسعة أشهر على هذه اللحظة، ولا نهاية واضحة تلوح في الأفق؛ ومع امتلاكنا الاحتياجات الأساسية التي تكفينا؛ إلا أنَّ كل وجه في تلك الصورة قد تعرض إلى مجموعة من الخسائر الجديدة، وأُصِيب بمضاعفات المرض، وواجه تغييرات في وظيفته، وأُلغِيَت بعض خططه، وأعاد ترتيب حياته؛ إنَّها تجربة يمكن للعديد من الأشخاص أن يتعاملوا معها في الوقت الحالي؛ نحن ممتنون لوجود الأساسيات ولصحاتنا ولأُسرنا، ولكنَّنا ندرك جيداً أنَّها قد تُسلَبُ منَّا في أي لحظة.

أطلقت الكاتبة برينيه براون (Brené Brown) على هذا الوضع في كتابها "الجرأة بعظمة" (Daring Greatly) اسمَ "الفرح الذي ينذر بالخطر"، أو الميل إلى ربط حبنا لشيء ما بالخوف من أنَّنا سنفقده؛ إنَّه إحساس يشعر به الآباء الجدد وهم يحدقون في مولودهم الجديد، بطريقة تكون عيونهم غارقة في حب أطفالهم بينما يشعرون بالرعب في نفس الوقت من أنَّ شيئاً مروعاً قد يحدث ليبعدهم عن بعضهم بعضاً، كما تصف هذا الشعور بأنَّه "التدرب على المأساة"؛ وإذا كان هذا الشعار يصِفُ العيش في ظل جائحة كورونا فهو يبدو مناسباً جداً.

لذا فيما يلي أربع ممارساتٍ بسيطة تستطيع اتباعها للتعبير عن الامتنان والتخلص من المخاوف:

1. الاعتراف بالطرائق البسيطة التي يهتم بها الآخرون بك:

لقد ضاعفت جائحة كورونا عبء العمل بالنسبة إلى الكثيرين منا، فنحن نعمل من المنزل، ونساعد أطفالنا على التعلم بشكل افتراضي وننجز الأعمال التي يقوم بها عادة فريق من المحترفين المدربين؛ ولكن هناك أيضاً عدد لا يحصى من الأشخاص الذين تجعل مساهماتهم المدروسة كلَّ يومٍ نمر به أفضل؛ ففي كل مرة يكون ذلك تذكيراً بأنَّ هناك سلسلة طويلة من الأشخاص الذين يفعلون الشيء نفسه من أجلي.

إقرأ أيضاً: فن التعامل مع الآخرين

2. التحلي بالكرم في حياتك:

قبل أسبوع من استلامنا قطة من فصيلة مُعيَّنة، لحظتُ وجود امرأة مع قطة من الفصيلة نفسها جالسةً في المكان المخصص لوقوف السيارات المجاور لي، بعد أن وجهت لها الكثير من الأسئلة السريعة حول تربية القطط، شاركتني كل نصيحة يمكن أن تخطر ببالها من التدريب على استخدام الحمام إلى العناية بهم، وكل ذلك عبر نافذة السيارة؛ حينها ظل صبرها وتعاملها اللطيف معي عالقَين في ذهني كمثال يُظهر كيف يمكن للغرباء أن يؤثروا بشكل إيجابي فينا في وقت العزل؛ فعندما نكون على استعداد لإيقاف حيواتنا مؤقتاً ومشاركة بعض اللحظات مع الآخرين، لا يسعنا إلا أن نكون ممتنين لأنفسنا ولمن نلتقي بهم.

3. التفكير في الأمور الإيجابية وليس فيما يحدث كل يوم:

عندما يردد كل من حولنا الأخبار الكئيبة والمشؤومة، قد يكون من السهل التفكير أنَّ كل ما نمر به في الوقت الحالي أمر سلبي؛ لقد مرت علينا أيام سيئة بالتأكيد؛ ولكن هناك أيضاً بصيص أمل من شأنه أن يجعلنا ممتنين لهذه الأيام.

عندما أفكر في النقاط الإيجابية المتعلقة بهذا الوباء، أفكر في إمكانية اللعب مع أطفالي، والرسائل المشجعة التي أتلقاها من أصدقائي كل بضعة أيام، والوجود بقرب أطفالي ورؤيتهم يحصلون على إجابات مباشرة عن المكالمة المصورة من المعلم أثناء التعلم الافتراضي.

عندما نتخلص من الألم المرتبط بموقف ما، غالباً ما تبقى اللحظات الجميلة واللطيفة عالقة في أذهاننا، وليست تلك اللحظات المملة أو الدافعة إلى العجز عن فعل شيء جديد. لذا عندما تذهب إلى الفِراش في نهاية يوم سيء، تذكَّر أنَّه يمكنك التخلص من اللحظات السيئة واستبدالها بذكريات إيجابية أكثر من السلبية في النهاية.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

4. الاستمتاع بالأمور الاعتيادية:

في الأيام البغيضة، يمكن أن تكون العودة إلى الأساسيات نعمة لإنقاذنا؛ لذا ضع قائمة بخمسين شيئاً تجعل حياتك أفضل لمحض وجودها؛ لا يوجد شيء خارج الحدود، ومن ذلك كوب القهوة المفضل لديك، وأغطية السرير النظيفة، والماء الساخن، وفوضى الأطفال، ووجود رقم صديق في هاتفك، وجهاز التحكم عن بعد.

إذا أمعنا النظر سنجد أنَّ الأمور الاستثنائية غالباً ما تختلط بالأمور الاعتيادية؛ ففي حين نظنُّ أن العالم قد ينهار من حولنا؛ ولكن إذا كنا نمتلك 50 شيئاً جيداً، فمن السهل تصديق أنَّ الغد قد يكون أفضل من اليوم.

المصدر




مقالات مرتبطة