4 طرق بسيطة لتغيير آراء الناس

لا يحبُّ الناس أن يخبرهم أحد ماذا يجب أن يفعلوا أو كيف يجب أن يفكروا، حتى أنَّ هناك مصطلحاً لهذا هو: "المُفاعَلَة" (reactance)؛ يقول "جونا بيرغر" (Jonah Berger) أستاذ التسويق في "جامعة بنسلفانيا" (University of Pennsylvania) ومؤلف كتاب "المُحفِّز: كيف تغير رأي أي أحد" (The Catalyst: How to Change Anyone's Mind): "المُفاعَلَة في علم النفس هي حالة عاطفية سلبية نشعر بها حين لا نستطيع التحكم بسلوكنا؛ لدى البشر دافع للحرية والاستقلالية، وحين نشعر أنَّ أحدهم يحاول إقناعنا أو تغيير سلوكنا أو أفعالنا أو مواقفنا، نتبنى ردة فعل مضادة للإقناع، يمكنك تشبيهها تقريباً بتفعيل نظام دفاع مضاد للصواريخ".



قد يكون هذا مفيداً أحياناً؛ إذ يعود له الفضل على سبيل المثال في عدم إنفاقنا لكل أموالنا على الإعلانات، وعدم تعرضنا للخداع عادة؛ لكنَّ المُفاعَلَة قد تكون مضرة أحياناً، على سبيل المثال، قد يحتاج المدير التنفيذي إلى إجراء تغييرات ضرورية في الشركة، لكنَّ الموظفين لا يحبون أن يملي عليهم تنفيذ مهام جديدة فيقاومونه، ويريد مسؤولو الصحة العامة منا ارتداء الأقنعة، لكنَّ بعض الناس يعدُّونها انتهاكاً لحقوقهم لذا يرفضون؛ فيما يلي 4 طرائق لتغيير سلوك الناس دون إثارة المفاعلة:

1. عرض خيارات عوضاً عن إملاء الأوامر:

يقول بيرغر: "سبب المفاعلة في جوهره هو شعور الناس أنَّهم ليسوا متحكمين في قراراتهم؛ لذلك تعني أي طريقة توظفها لإعادة التحكم إليهم والسماح لهم بإقناع أنفسهم أنَّهم سيكونون أكثر استعداداً للموافقة"، على سبيل المثال، عندما يفرض القائد تعليمات، سيفكر الناس في كل الأشياء التي لا يحبونها فيها، ولكن إذا خيَّرهم بين أمرين، ستعمل عقولهم بطريقة مختلفة، فعوضاً عن التفكير في سلبيات أي من الخيارات، سيُقيِّمونها لتحديد الأفضل، وبما أنَّهم يفكرون في أي الخيارات يفضلون فاحتمال اتخاذهم لقرار يكون أعلى.

2. السماح للناس بوضع الخيارات بأنفسهم:

إذا أردت من الناس بذل المزيد من الجهد والعمل لوقت أطول، فلا يمكنك طلب ذلك منهم مباشرةً؛ وذلك لأنَّهم قد يمتعضون منك، ولا تخيِّيرهم بين العمل أكثر أو العمل أقل؛ وذلك لأنَّهم على الأغلب لن يختاروا الخيار الذي تريده، الحل الذي يقترحه بيرغر هو عرض المشكلة عليهم وتركهم ليتوصلوا إلى الحلول بأنفسهم.

تحدَّث بيرغر مؤخراً مع مؤسس شركة ناشئة طبَّق هذا الحل بفعالية؛ إذ احتاج المؤسس من فريقه العمل لوقت أطول، لكنَّه لم يرغب في مطالبتهم بذلك، عوضاً عن ذلك، عقد اجتماعاً وقال: "أي نوع من الشركات نريد أن نكون، شركة جيدة، أم شركة رائعة؟" وأجابه الجميع "شركة رائعة"، فسألهم: "كيف لنا أن نكون كذلك؟" اقترح الموظفون حلولاً، كان أحدها هو العمل أكثر، وفي وقت لاحق من الاجتماع، عاد المؤسس إلى تلك الفكرة وقال: "ذلك اقتراح رائع، لنطبِّقه"؛ يقول بيرغر: "سيكون أصعب على الناس بكثير ألا يوافقوا على الاقتراح إذا توصَّلوا إلى الفكرة بأنفسهم".

إقرأ أيضاً: اعتماد منظور جديد للتطوير المهني

3. تسليط الضوء على الفجوة:

إذا أردت تغيير سلوك شخص، فعوضاً عن إخباره بالخطأ الذي يرتكبه، يقول بيرغر: "أشِر إلى الفجوة بين مواقفه وأفعاله، أو الفارق بين الذي يفعله وبين الذي قد ينصح به شخصاً آخر". نجحت هذه التقنية نجاحاً مبهراً قبل بضع سنوات في تايلاند؛ إذ أطلقت الحكومة حملة لمكافحة التدخين، لكنَّها لم تكن تأتي بنتائج، ولم تعرف الحكومة كيف تُغيِّر الوضع، فعيَّنت شركة الإعلانات "أوغيلفي" (Ogilvy) التي نفَّذت فكرة رائعة.

أرسلت الشركة أطفالاً إلى الشوارع حاملين السجائر؛ ليَقتربوا من المدخنين ويَطلبوا منهم إشعالها، حين حصل ذلك بدأ المدخنون بمحاولة توعية الأطفال بمضار التدخين لثنيهم عنه، وبمجرد انتهاء المدخن البالغ من التحدث، يعطيه الطفل بطاقة كُتِب عليها: "أنت قلق علي، لكن لماذا لست قلقاً على نفسك؟".

صوَّرت كاميرات مخفية هذه المقابلات، ثم حوَّلتها الشركة إلى إعلان تجاري أدى سريعاً بعد بثِّه إلى زيادة بنسبة 40% في المكالمات التي تتلقاها وكالة تساعد الناس على الإقلاع عن التدخين.

إقرأ أيضاً: كل ماتحتاج معرفته عن التدخين وطرق الإقلاع عنه

4. استخدام الضغط الاجتماعي:

قد يكون الناس عنيدين، لكنَّهم لا يحبون أن يكونوا مختلفين عن أقرانهم، يقول بيرغر: "مجرد الإشارة إلى الوضع السائد قائلاً: "هكذا يفعل الجميع" هو غالباً كافٍ للتحايل على المفاعلة"؛ على سبيل المثال، بدأ جامعو الضرائب في المملكة المتحدة بمراسلة الأشخاص الذين لا يدفعون ضرائبهم، وعوضاً عن مطالبتهم بالدفع، أشارت الرسائل إلى أنَّ معظم جيرانهم يدفعون ضرائبهم، ونتيجة لذلك، ارتفعت معدلات سداد الضرائب؛ يقول بيرغر: "أنت تقدِّم لهم معلومات تدفعهم إلى إعادة النظر في تصرفاتهم لا أكثر".

المصدر




مقالات مرتبطة