4 خطوات لإحداث التغيير في الشركات

قبل أن أشارك في تأسيس شركة لمساعدة المديرين والموارد البشرية على تنمية أعمالهم، كنت مسوقاً للوكالات والعملاء، وكنت أبتكر حلولاً تسويقية ورقمية لبعض العلامات التجارية الأكثر شهرة في العالم؛ أي شركات مثل "إير بي إن بي" (Airbnb) و"كوكا كولا" (Coca -Cola) و"ذا هوم ديبوت" (The Home Depot) وغيرها، ولقد رأيت العديد من الأفكار الإبداعية العظيمة ذات الإمكانات الهائلة تُهمَل داخل نظام الشركة بسبب عدم وجود هدف والتواصل الضعيف وعدم المواءمة والصراع في مجال العمل والسياسة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الشريك المؤسس والمدير الإبداعي الأول في الصناعات المحلية في شركة "أندرسون بيرفورمانس بارتنرز" (Anderson Performance Partners) "أندرو أوسترداي" (Andrew Osterday)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن كيفية التغيير.

يصبح الوضع أسوأ مع الزمن، فهذه المشكلات لا تُحَلُّ بخطة باهظة الثمن أو بتكنولوجيا جديدة، والأسوأ من ذلك أنَّ هذا البؤس يشعر به كل موظف مشارك في المشروع، وينتشر هذا البؤس حتى يصبح جزءاً طبيعياً من حياتهم المهنية في الشركة ومن ثم جزءاً من ثقافة الشركة؛ فالموظفون غير السعداء وغير المنتجين ليسوا مشكلة عادية؛ بل مشكلة خطيرة تكلف الشركات الأمريكية 605 مليار دولار سنوياً؛ وذلك لأنَّ الناس يكرهون وظائفهم ولا يتفاعلون في مكان العمل؛ وهذا وفقاً لشركة "غالوب" (Gallup) للاستطلاعات التي وجدت أيضاً أنَّ 66% من الأمريكيين غير متفاعلين في بيئة العمل، وعلى الصعيد العالمي تبلغ النسبة 85%، فهذه مشكلات كبيرة ولها عواقب وخيمة.

قد يساعد تطبيق بعض الدروس التي اكتسبتها من عملي في مجال التسويق، ومنها:

1. التعرف إلى موظفيك كما تتعرف إلى عملائك:

11000 هو عدد النقاط المرجعية للبيانات (Data point) التي تمتلكها شركة "علي بابا" (Alibaba)؛ وهي شركة تجارية كبيرة عبر الإنترنت لكل فرد من مستهلكيها البالغ عددهم نحو 600 مليون مستهلك. لديهم هذا القدر من البيانات لأنَّهم يعرفون أنَّ القاعدة الأولى للتسويق هي أنَّ الميزة المستدامة الوحيدة التي يمكن لأيَّة شركة أن تتمتع بها هي الفهم الجيد للمستهلك؛ فعدد النقاط المرجعية للبيانات يكون للبيانات الحقيقية؛ وليس فقط العمر والجنس وعدد سنوات الخدمة في الشركة لديك.

إذا كنت تحاول تبنِّي أداة جديدة أو تقنية جديدة أو عملية جديدة تريد أن يتبناها الموظفون لديك، فعليك الاستماع أولاً، ومعرفة المزيد عن موظفيك؛ وذلك لأنَّها الطريقة التي تأتي منها الأفكار البشرية القوية لإثارة أفكار التواصل التي تغير القلوب والعقول؛ وهذا عيب كبير نواجهه عندما نبدأ العمل في شركة ما.

فإذا لم تتحدث إلى موظفيك، فقد تفوِّت هذه الحقيقة التي تبدو غير هامة، والتي ستؤدي بدورها إلى فشل أي نوع من التغيير.

إقرأ أيضاً: كيف تعزز إنتاجيتك بموارد أقل؟

2. القيادة من خلال خلق قصة:

إليكم حقيقة مثيرة للاهتمام حقاً؛ وهي أنَّ الذكريات تتطلب قصة؛ إذ يحتاج عقلك إلى قصة لتشفير الرسائل كيميائياً؛ ولهذا السبب يكون الشعار دائماً في نهاية الإعلان التلفزيوني، فعلى الرغم من أهمية حقائق منتجك أو خدمتك أو تقنيتك الجديدة، إلَّا أنَّها لا تضاهي فاعلية القصص التي ترسخ الذكريات في دماغ المستخدم.

وبصراحة، الأمر لا يتعلق بالحقائق؛ فإذا دخلت في أي نوع من التواصل مع الموظفين وبدأت بالحقائق، فهذا أمر سيِّئ؛ وإنَّما عليك أن تقود من خلال خلق قصة، ويجب أن يتواصل الموظفون معك قبل أن يتمكنوا من التعلُّم، وعليهم أن يعرفوا الهدف أيضاً وما هي الفائدة منه.

فإذا كنت تحاول تغيير السلوك، فربما تريد أن يعمل الناس بعقلية جديدة ويتعلَّموا مهارات جديدة، وربما توجد طريقة جديدة للعمل تحتاج إليها الشركة لتكون ناجحة في المستقبل، فافتح العقل ليتلقى المعلومات، ومن ثم أَلهِمهُم عن طريق قصة؛ وأعدك بأنَّ هذا من أهم الأمور في التسويق، ويُفضَّل أن تكون القصة عنهم - عن الموظفين - إذ يهتمُّ الناس اهتماماً أكثر بالقصص المتعلقة بهم وحتى أكثر من اهتمامهم بقصة عن الشركة.

3. جعل القصة متمحورة عن الموظفين:

ربما لا يوجد قائد آخر يفهم الأشياء الثلاثة التي تدفع إلى الرضى الوظيفي أفضل من مؤسِّس شركة "باتاغونيا" (Patagonia) "إيفون شوينارد" (Yvon Chouinard)؛ إذ إنَّه يفهم أنَّ تطوري الشخصي وفرصتي لإحداث تأثير وعلاقاتي هي ما يجعل الناس سعداء في العمل معي، فالقصة هامة ولكن ليس قصة الشركة.

وبالتأكيد هذه القصة جيدة للمستثمرين ومالكي الأسهم، ولكنَّ قصص الموظفين فقط هي التي تهم الموظف العادي وسائق الشاحنة وموظف البوابة وعامل المقسم؛ أي إنَّهم يهتمون بقصتهم فقط. فتوقَّف عن محاولة إلهام موظفيك بقصة ليست ذات صلة وغير مثيرة للاهتمام بالنسبة إليهم.

فإذا كنت تريد حقاً أن تعلمهم شيئاً جديداً وكنت تطلب منهم أن يأخذوا الوقت الكافي للتعلم بدلاً من الوجود مع أطفالهم أو مشاهدة برنامجهم المفضل، فعليك أن تخبرهم عن الفائدة التي ستعود عليهم، وكيف يساعدهم التغيير على تنمية المهارات أو الفرص، وعلى إحداث تأثير أكبر في المستهلك والمجتمع والعالم، وكيف يساعدهم على تعزيز علاقات مفيدة وذات مغزى أكبر؛ فهذه هي الطريقة التي يتم بها التواصل حول التغيير في الشركات الناجحة.

4. تحويل المديرين إلى عظماء:

الحركات لم تبدأ من قِبَل الشخص الذي أتى بفكرة التغيير؛ بل بدأت من قِبَل الأشخاص الأوائل الذين اتبعوا هذا الشخص، وهذا ما جعل التغيير يبدأ؛ وذلك لأنَّ الناس لا يتبعون العلامات التجارية ولا يتبعون الشركات؛ بل يتبعون الآخرين، فإذا كنت ستبدأ ببناء برنامج للموظفين، فأنت بحاجة حقاً إلى تسخير الموظفين المستعدين للمتابعة والمدافعين والمؤمنين بك، فاسأل نفسك: "كيف يمكننا الوصول إلى هؤلاء الموظفين المؤثرين؟ وما الذي يمكن أن نقدمه لهم لبدء هذه الحركة؟" بلغة التسويق، فإنَّ الداعمين الأوائل لك هم جمهورك الأساسي وفي أغلب الأحيان هم المديرون في شركتك، فالمديرون هم الأساس في التغيير المؤثر؛ إذ إنَّهم العنصر الأساسي الأكثر تأثُّراً بك ويجب تمكينهم.

والوظيفة الأكبر والأكثر أهمية في الموارد البشرية هي "جعل المديرين عظماء"؛ فإذا جعلتَ المديرين رائعين، فإنَّ كل شيء آخر سيكون على ما يرام، فهُم قناة التواصل الأساسية لديك وأول داعميك ومن سيبدؤون التغيير.

شاهد بالفديو: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

الخطوة التالية:

كيف تبدأ اتِّخاذ الخطوة التالية للحصول على نهج أكثر ملاءمة للمستهلكين من خلال التواصل مع موظفيك وبرامج التغيير؟ فقط اتَّصِل بكبار مسؤولي التسويق؛ لأنَّهم يعرفون هذه الأشياء. فهذه هي وظيفتهم، وقد يكونون قادرين على مساعدتك على تطبيق بعض هذه المبادئ في التواصل مع موظفيك، ولكن عليك فقط أن تسأل بلطف.

المصدر




مقالات مرتبطة