لكن للأسف، لا يقدِّر معظمنا قيمة الوقت الذي نملكه، فنبدِّد كثيراً من الوقت بإعطاء الأولوية لحاجات الآخرين بدلاً من حاجاتنا؛ إذ نقضي عطلة نهاية الأسبوع بأكملها دون أن نفعل شيئاً مفيداً، ونشتِّت تركيزنا باستمرار بسبب أشياء غير هامَّة.
لقد كتبت الشابة "هولي بوتشر" (Holly Butcher) رسالةً قبل وفاتها بيوم، ثمنَّت فيها الوقت، ونصحت جميع الأشخاص بعدم إهداره، وقد ألهمت رسالتها هذه كثيراً من الناس لتقدير قيمة الوقت.
فيما يأتي سنقدِّم 4 نصائح تساعدك على تقدير قيمة نفسك من خلال تقدير قيمة الوقت:
1. ركِّز على هدفك الكبير باستمرار:
نحن نعيش في عصر تكثر فيه مصادر التشتيت التي نتعرَّض لها يومياً، ولذلك من السهل جداً أن يفقد الشخص تركيزه على هدفه الكبير، وأحياناً لا يمكن تجنُّب هذه المشكلة عندما تواجه وضعاً استثنائياً، مثل التعامل مع أزمة في العمل أو حالة طارئة في الأسرة.
لكن، إذا سمحنا لأشياء أخرى بتشتيت انتباهنا، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، ورسائل البريد الإلكتروني، وأولويات الأشخاص الآخرين، فسريعاً ما سنصاب بالإرهاق والتوتر؛ وذلك لأنَّنا لا نتصرَّف بطريقة تلبِّي حاجاتنا وتطلعاتنا.
لكي تبقى مركِّزاً على الهدف الكبير، حاول أن تتذكَّر باستمرار الأهداف التي تريد إنجازها، واسأل نفسك ما هي الأشياء التي ستشعر بالندم إذا لم تفعلها، وتذكَّر أيضاً أولوياتك، وما هو الشيء الذي يحفِّزك لدرجة أنَّك تشعر بالحماسة تجاهه منذ الصباح الباكر.
إذ يجعلك تذكُّر هذه الأمور تشعر بالحافز دوماً، كونها تعطيك إحساساً بوجود الهدف، وعندما تشعر بوجود هدف فإنَّك ستبقى مركِّزاً وستصل بأدائك إلى أقصى المستويات من أجل تحقيقه.
2. خَطِط ليومك بعناية:
تخيَّل أنَّك تعيش يومك بطريقة عشوائية ودون أي تخطيط، بالتأكيد هذا النوع من التغيير مرغوب أحياناً، وخاصةً إذا كنت تبحث عن الراحة في يوم عطلة أو إجازة، لكن لا يمكنك العيش هكذا في بداية أسبوع العمل، فافتقارك لقائمة مهام سيجعلك تضيِّع وقتك دون فعل أي شيء مفيد، وستصاب بالملل، ممَّا يجعلك عرضةً لمختلف مصادر التشتيت، والنتيجة هي العدم القدرة على التحكُّم بجدولك الزمني.
الأسوأ من ذلك أنَّنا عندما نفتقر للتخطيط، فلن نكون قادرين على إحراز تقدُّم في الأهداف الجزئية التي تشكِّل مجتمعةً الهدف الأكبر الذي يجب تذكُّره دائماً كما سبق لنا القول.
فلا تعني الحاجة إلى التخطيط أنَّنا يجب أن نخطِّط لكيفية قضاء كل دقيقة من وقتنا، بل ما هو مطلوب، أن تُنظَّم الطريقة التي نقضي بها وقتنا، فقد يُحب بعض الأشخاص أن يخطِّط لكامل الأسبوع في يوم العطلة، ومن ثمَّ يقوم بمراجعة لهذا الجدول كل ليلة قبل النوم، فيمكنك أيضاً فعل ذلك، ولتحقيق فائدة أكبر، حاول أن تركِّز على أهم ثلاث أولويات في قائمة المهام التي يجب إنجازها.
لا يجب أن تكون جداولك الزمنية عن إنجاز المهام فحسب، بل يجب أن تخصِّص بعض الوقت للرعاية الذاتية، مثل التمرينات الرياضية والتأمُّل أو التعلُّم وحتى أخذ بضع دقائق للاستراحة.
شاهد بالفيديو: 8 أسباب لعدم تحقق الأهداف
3. اقضِ وقتك بحكمة:
نقع جميعاً في خطأ إهدار الوقت، لذلك بدلاً من الخضوع لإغراءات الخيارات السهلة ومشاهدة التلفاز لساعات طويلة مثلاً، استغل وقتك بشيء مفيد وابدأ أولاً بتحديد أولوياتك، ولمساعدتك على تحديد الأولويات، يمكنك استخدام تطبيقات التقويم عبر الإنترنت، وتقويم "غوغل" (Google) أيضاً.
تذكَّر عند جدولة المهام أن تضع رقماً بجانب المهمة يحدِّد مرتبتها في الأولويات، وسترى أنَّك تلقائياً تُنجِز المهام حسب أولويتها.
عموماً عندما يكون لديك وقت فراغ، فيجب قضاؤه في أشياء قيِّمة تساعدك على تطوير شخصيتك أو تحقيق أهدافك، وذلك إذا لم يكن لديك حالة استثنائية، على سبيل المثال، يمكنك قضاء وقتك الثمين مع من تحب، أو في القراءة، أو تعلُّم مهارة جديدة، أو ممارسة التمرينات الرياضية، كما أنَّ القيام بالعمل التطوعي، وترتيب مكتبك هي أيضاً نشاطات مفيدة، وإذا أردت ففي إمكانك أن تستفيد من وقت الفراغ في الاستعداد للأسبوع القادم، من خلال تجهيز ملابسك أو تحضير وجبات الطعام التي ستتناولها طوال الأسبوع.
4. اجعل الآخرين يعرفون أنَّ وقتك ثمين:
نظراً لأنَّ وقتك هو أثمن أصولك كما ذكرنا، فلا يجب أن تسمح للآخرين بإضاعته سدىً، فهذا يمنعك من وضع رغباتك وحاجاتك في رأس قائمة أولوياتك، وهذا يشبه أن تودع المال لحساب الآخرين في المصرف في حين يبقى حسابك فارغاً، حتى لو كنت تعرف ما هي الأمور التي تفعلها والتي تجعل الآخرين يعتقدون أنَّ وقتك بلا قيمة، فمن المفيد الإشارة إلى بعضها حتى تتذكَّرها، ومن ثم تتجنَّبها:
- الموافقة على كل شيء يُطلب منك، لأنَّك بذلك تضع أولويات الآخرين قبل أولوياتك، والحل أن تتعلَّم الرفض عندما لا يكون فعل ما يُطلب منك في مصلحتك، وهذه هي أسهل طريقة للبدء بتحقيق الأهداف.
- السماح لأي شيء بتشتيتك، فمثلاً في حين أنت منهمك في العمل أو على وشك البدء بالتدريب البدني تتلقَّى مكالمة، أو بريداً إلكترونياً، أو رسالة نصية، أو تسمع قرعاً على الباب، فتتوقف فوراً عمَّا تفعله، وبحكم أنَّ هذا الأمر هو عادة لديك فإنَّك تتشتَّت باستمرار، ومن ثمَّ يضيع الوقت.
الحل هو تخصيص أوقاتك للقيام بالمهام التي تنوي القيام بها فقط، وفي هذه الفترة أغلق هاتفك والباب وامنع أي مصدر من مصادر التشتيت الأخرى عن إلهائك.
أنت متاح طوال الوقت، وذلك لأنَّ الهواتف الذكية خلقت عالماً يتوقع فيه الفرد أن يتلقَّى رداً على رسالة نصية أو أيَّة وسيلة أخرى من وسائل الاتصال فوراً.
فلا يجب أن ترضى بهذا الوضع، فأي شخص يحتاج إلى بعض الوقت ليبقى وحده، ولا يجب أن نكون متاحين طوال الوقت، فهذا يجعلنا نضيِّع مواهبنا ونفقد مهاراتنا.
الحل هو أن تضع حدوداً، مثل عدم الرد على أي مكالمة أو رسالة أو بريد إلكتروني خلال وقت العمل في المكتب، وبذلك يعلم جميع الأشخاص أنَّهم لن يتلقوا ردَّاً منك في أيام العمل حتى تخرج من المكتب.
- عدم الالتزام بالمواعيد، فإذا كان لديك اجتماع لمدة 30 دقيقة، فيجب ألا يتجاوز اجتماعك تلك المدة، وإلا فإنَّ هذا يعني أنَّك تؤجل العمل على ما خطَّطت له، فضلاً عن أنَّك توجِّه للآخرين رسالة مفادها بأنَّ وقتهم ليس هامَّاً أيضاً.
- السماح للآخرين بالتأخُّر في مواعيدهم، سواء كنت تلتقي بعميل لتناول غداء عمل أم تتصل بالمدير المالي وتتفقان على الالتقاء في وقت محدَّد، فكن واضحاً بأنَّك لا تقبل أي تأخير، لأَنَّه عندما لا يحترم الآخرون وقتك فإنَّك تفقد الوقت اللازم لتحقيق أهدافك.
في الختام:
تذكَّر ذلك دائماً، الوقت هو أثمن الأصول، لأنَّه غير قابل للتعويض، ولذلك استثمره بحكمة، وأفضل نهج تتبعه في الحياة هو الالتزام وتقديم أفضل ما لديك، فابدأ بترتيب المهام حسب أولويتها لديك، وبذلك تكون قد خطوت الخطوة الأولى نحو إنجازها، وتذكَّر أيضاً أنَّك لن تعرف إمكاناتك ما لم تستثمر الوقت بأفضل طريقة.
أضف تعليقاً