3 نصائح لزيادة الإنتاجية في العمل

سأقدِّم لكم اعترافاً: أنا أستاذة في الأدب، ولكن أعاني صعوبة في القراءة، ولست أعني بذلك أنَّني لا أفهم معاني الكلمات؛ بل إنَّني أجد صعوبة في الحفاظ على تركيزي عندما أقرأ.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة كاثرين فوسكو (Katherine Fusco)، وتُقدِّم فيه 3 نصائح لزيادة القدرة على الإبداع في العمل.

يبدو أنَّ طلابي يعانون المشكلة نفسها، ويسألونني باستمرار كيف يمكنهم البقاء مركِّزين حتى إنهاء ما يقرؤونه، فقد كنت أقدِّم لهم ولنفسي حلاً بسيطاً أقول لهم: كلُّ ما يجب فعله عندما تريد أن تقرأ هو أن تضع هاتفك بعيداً، فأنتم لستم مشغولون لهذه الدرجة التي تتخيلونها.

لكن عصر التكنولوجيا يخبرنا بخلاف ذلك، فنحن نعيش في عالم تطبيقات إدارة الوقت وتحقيق الإنجازات وتلقي النصائح، ففي أيِّ مكتب أو مقهى تسمع أصوات التنبيهات والتغريدات وأصوات النقر في أثناء كتابة بريد إلكتروني أو رسالة نصية أو غيرها من وسائل التواصل.

إذاً فالواقع يقول إنَّنا منشغلون للغاية ولا يمكننا تجاهل هذا الواقع الذي يفرض علينا البقاء على اتصال، فيعطي واقع التكنولوجيا اليوم أولوية لكمية الإنجاز على حساب الإبداع، فمن المؤكَّد أنَّ أجهزتنا الذكية لا تعرف ما إذا كانت الفكرة التي نطبِّقها هي فكرتنا أو أنَّها تعود لغيرنا.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لزيادة الإنتاجية في العمل

ضريبة تطبيق أسلوب الإدارة التفصيلية على وقتنا:

حتى مع الاتجاه المتزايد نحو تنظيم وقتنا تنظيماً يدوياً من خلال كتابة اليوميات باستخدام الدفاتر ذات التعداد النقطي، إلا أنَّنا أصبحنا نطبق أسلوب الإدارة التفصيلية على وقتنا، ونقسِّم اليوم إلى أجزاء صغيرة، كلُّ ذلك تحت عنوان التقدُّم والإنتاجية، ولكن هل تساءلنا عن ضريبة ذلك؟

الآن يسمع معظمنا بعالم النفس ميهالي شيكسينتميهايي (Mihaly Csikszentmihalyi) وأبحاثه المتعلقة بحالات ما يسميها بالتدفق وكيف تؤدي إلى زيادة القدرة على الإبداع في العمل، ويصف شيكسينتميهايي هذه الحالة بأنَّها وضع يصل إليه الشخص عند القيام بالعمل؛ إذ يندمج تماماً في المهمة وينسى كلُّ ما سواها.

في هذه الحالة يصل الشخص إلى حلول مبتكرة للمشكلات التي تعترضه ويتوصل إلى أفكار خلاقة، ولكن ما لم نأخذه على محمل الجد بسبب ثقافتنا المدمنة على التكنولوجيا هو الآثار السلبية للتركيز على كمية الإنجاز باستخدام كلِّ أدوات الإنتاج الإلكترونية، والوتيرة الكثيفة للعمل اللذين يؤديان إلى تراجع قدرتنا على تحقيق هذا النوع من الإنتاجية.

إذا كنت محظوظاً فسيكون لديك مهنة توفر لك من حين لآخر فرصة اختبار هذه الحالة من الشغف، الذي يجعل تركيزك كاملاً منصباً على العمل، ويجعلك تنجز الكثير بوقت قصير، ممَّا يجعلك تعمل لساعات طويلة دون أن تشعر بمرور الوقت.

قد يبدو أنَّ هذا النوع من التركيز العميق لا يتلاءم مع متطلبات الإنتاجية الغزيرة التي نستخدم من أجلها تقنيات مختلفة لإدارة الوقت، مثل تقنية بومودورو (Pomodoro Technique) التي تقوم على مبدأ العمل المتواصل لمدة 25 دقيقة، ومن ثَمَّ أخذ استراحة قصيرة والعودة إلى العمل وذلك من أجل زيادة التركيز والإنتاجية، ولكن في الوقت نفسه يجب ألا نفرط بإبداعنا من أجل الإنتاجية.

يعمل معظمنا في مجالات توجد فيها معايير لقياس النتائج سواء أسبوعياً أم ربع سنوي؛ لذا فإنَّ الإشكالية تكمن فيما لاحظه أستاذان في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارافارد (Harvard) في مقال نُشِرَ عام 2004 والتي يريان فيه أنَّ التدفق الإبداعي والكفاءة الموجهة نحو إنجاز المهام بسرعة متعارضان، ويقولان: "الفضول أمر مثير، بينما العمل المنظَّم جاد وتنافسي وموجه نحو الإنجاز".

الغرض من تطبيقات الهواتف الذكية وغيرها في حياتنا هو كمية الإنجازات على حساب الإبداع، ويكفي أن نشير ببساطة إلى عدم قدرة الهاتف الذكي على تحديد ما إذا كانت الفكرة التي نعمل عليها هي من بنات أفكارنا أو أنَّها مُستعارة من الآخرين، وكمثال على ذلك لنأخذ تطبيقات تعقب خطوات المشي، لا يختلف اثنان على أنَّه لا يمكن لهذه التطبيقات أن تحدد ما إذا كان الشخص في أثناء المشي يشعر بالمتعة أو لا.

يقترح الأستاذان على المديرين طرائق لمساعدة الموظفين على الدخول في حالة تدفق في أثناء العمل؛ وذلك من خلال التأكيد على العوامل المحفزة الجوهرية لإنجاز المهمة، بما في ذلك الاستقلالية وحرية الاختيار بالنسبة إلى الموظفين، وأيضاً تعريف الموظف بالتحدي الذي ينتظره لإنجاز المهمة.

أمَّا بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعملون في مهن حرة وفي مجالات أكثر إبداعية، فإنَّه يغدو من الضروري اتباع استراتيجيات للحفاظ على حالات التدفق التي لا نعود نشعر فيها بمرور الوقت الذي تحصيه تطبيقات هواتفنا الذكية.

فيما يأتي ثلاث نصائح مفيدة لتقليل النتائج السلبية للتكنولوجيا على إبداعنا واستعادة حالة التدفق:

1. اعمل بمرح كالأطفال:

خصص يوماً واحداً في الأسبوع للعمل بطريقة يدوية ودون أيِّ جهاز لحساب الوقت، ويفضَّل أن تعمل في أحضان الطبيعة وأن تكون في حالة عزلة، كن عفوياً كالأطفال واجلس على الأرض واستخدم أقلام التلوين، وأعطِ نفسك الفرصة لجعل عملك تجربة حسية قوية.

على سبيل المثال اقرأ بطريقة يدوية واستخدم البطاقات التي يُكتَب عليها بخط اليد، الأمر الهام هو أن تحوِّل أفكارك إلى أمور ملموسة في الواقع المادي وتتفاعل معها بحواسك كاملة.

2. خصص وقتاً لتجربة شيء جديد:

قد تبدو فكرة تضييع كامل اليوم ضرباً من التهور، ولكن بإمكانك الاستغناء عن بعض الوقت خلال اليوم من أجل تنشيط قدراتك الإبداعية، فاضبط المنبه لمدة ساعة أو ساعتين تعمل فيهما على مهمتك الإبداعية دون أيِّ حكم على النتائج، بشرط ألا تراقب مؤشر الوقت في أثناء عملك، فأنت قد ضبطت المنبه مسبقاً على مدة معينة وسيقوم بتنبيهك حالما تنتهي.

إقرأ أيضاً: زيادة الإنتاجية: الدليل الكامل لإحداث طفرة في حياتك

3. ابتعد عن هاتفك وغيره من أدوات التكنولوجيا:

ضع هاتفك في مكان بعيد عنك سواء في درج أم محفظتك أم حقيبتك، وأوقف صوت الإشعارات على حاسوبك الشخصي، ومن المفيد أيضاً أن تستخدم تطبيقات إيقاف خدمات الإنترنت مثل تطبيق "سيلف كونترول" (Self Control) و"فريدوم" (Freedom) و"فوكس" (Focus).

وظيفة هذه التطبيقات هي الحد من دخول المستخدم إلى المواقع التي تشتت الانتباه أو التي تُستخدم للتسلية، فمن المعروف أنَّه يكثر دخول الشخص إلى المواقع والتطبيقات المسلية عندما يواجه صعوبة في إنجاز مهامه الإبداعية.

إقرأ أيضاً: 5 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

في الختام:

في نهاية يوم العمل ستعلم أنَّ حالة التدفق هي الحالة التي تقدِّم فيها أفضل أداء لديك مع كونك سعيداً للغاية، قد لا تتوافق دائماً مع الإنتاجية الغزيرة، ولكن في عالم اليوم الذي نعتمد فيه معايير رقمية لقياس الإنتاج، فإنَّ التوقف عن تتبع الوقت قد يكون هو المفتاح لأداء أفضل وإبداعي ومنتج في الوقت نفسه.




مقالات مرتبطة