3 نصائح تساعدك على تعزيز الشجاعة الأخلاقية

نحن أحياناً لا ندرك أعمق قيمنا إلا بعد أن نتعارض معها، "تينا" هي امرأة أمريكية من أصل أفريقي، تعمل أستاذة مشاركة في جامعة خاصة مرموقة.



كانت "تينا" تحارب الانحياز العرقي، ولكنَّها كانت مثالاً على مدى سهولة خيانة أي منا لقيم هامَّة في مواقف العمل الصعبة، ومن المفارقات؛ أنَّ دافع تينا وطموحها في أن تكون في منصب أعلى، هو ما أدى إلى تقويض قيمها.

في الواقع، لقد سعت "تينا" إلى هذا المنصب الجامعي؛ وذلك بسبب رغبتها العميقة في مساعدة الطلاب، وخاصة أصحاب البشرة السوداء، على العيش في بيئة جديدة تمنحهم جميع حقوقهم كما تمنح الطلبة ذوي البشرة البيضاء، وتحدَّثت "تينا" عن إحدى الطالبات خاصةً؛ حيث قالت: "لقد كنت متحمسة جداً لمساعدتها على الحصول على تجربة أفضل من تجربتي، هي والعديد من الطلاب السود الآخرين".

وعندما طلبت الطالبة من "تينا" حضور اجتماع هام للمساعدة على تسهيل وتقديم الدعم المعنوي، رفض رئيس "تينا" الأمر قائلاً: "معالجة هذه الأمور ليس من اختصاصاتك، وعليكِ إدراك هذا إذا أردتِ الحفاظ على منصبك والارتقاء لمنصب أعلى"، تخلَّت "تينا" عن الفكرة وقالت إنَّها لم تدافع عن هذه الطالبة بالطريقة التي ينبغي أن تقوم به؛ وذلك لأنَّها كانت قلقة من أن يؤثر هذا في ترقيتها.

للأسف، يبدو هذا الأمر مألوفاً؛ وذلك لأنَّه يحدث طوال الوقت، وقد يكون حدث لك أيضاً، ولكن من الممكن إعادة صياغة الموقف لتقليل احتمالية الانصياع، واتِّخاذ إجراءات شجاعة، فيما يلي ثلاث نصائح تساعدك على الوفاء لقيمك والتحلِّي بالشجاعة:

1. افهم نفسك:

كانت ثمَّة أربع ظواهر تواجه "تينا" في موقفها هذا: سلوكان شائعان جداً وعائقان هيكليان مدمران للغاية:

  1. نحن جميعاً نملك غريزة بشرية طبيعية للانصياع إلى المجموعة أو إلى الزعيم - حتى لو لم نشعر بالحق في ذلك - للشعور بالسلامة والانتماء، وهذا ما يُسمَّى بـ "تأثير المتفرج" (bystander effect).
  2. عندما نركز على الهدف ونحن تحت الضغط، قد تتلاشى الآثار الأخلاقية لأفعالنا من انتباهنا بسهولة؛ وهذا ما يُسمَّى بـ "التلاشي الأخلاقي" (ethical fading).
  3. عندما تجلب المنظمات أشخاصاً جدُد يحملون أفكاراً ووجهات نظر جديدة، ثم تملي الطريقة المسموح بها للمشاركة، فغالباً ما يخمدون الإبداع والعاطفة التي قالوا إنَّهم يريدون دعمها.
  4. يُعدُّ تراجع نزاهة المنظمة وفاعليتها نتيجة نموذجية في المنظمات ذات التسلسل الهرمي الحاد؛ حيث يمتلك عدد قليل من الناس الكثيرَ من السُّلطة.

ولكن لحسن الحظ، قالت "آن تنبرونسيل" (Ann Tenbrunsel)، أستاذة إدارة الأعمال في جامعة نوتردام" (Notre Dame University) ومديرة الأبحاث في معهد الأعمال الأخلاقية في جميع أنحاء العالم: "تُظهِر أبحاثنا أنَّه إذا صِغت قرارك مع تضمين القيم، سيزداد احتمال عملك بناءً عليها".

بعبارة أخرى، اسأل نفسك: "ما هو الشيء الأخلاقي الذي يجب عمله هنا؟" في دراسة "آن"، كان المشاركون أكثر عرضة للكذب والغش عند صياغة قرارهم في إطار تجاري، بدلاً من مشكلة أخلاقية؛ لذا تشير أبحاثها إلى أنَّ الإطارات الأخلاقية تزيد من احتمالية التصرُّف وفقاً لقيمنا إلى حدٍّ كبير.

على الرغم من أنَّ "تينا" لم تكن تتصرف تصرفاً غير أخلاقية؛ إلا أنَّها تقول إنَّها فقدت قيمتها الأساسية وهدفها المتمثل في مساعدة الطلاب، وتشير "آن" إلى أنَّ هذا شائع أيضاً؛ إذ تقول: "عندما نفعِّل قيمنا وأهدافنا، نفكِّر تفكيراً مادياً؛ والذي لا يؤدي بنا إلى التفكير في قيمنا مثلما يفعل التفكير المجرَّد"، على سبيل المثال: عندما ركزت "تينا" على التفكير المادي ومتابعة القواعد والمعايير الثقافية للفوز بالموقف، فقدت القيم أو التفكير المجرَّد.

يُظهِر لنا علم النفس الاجتماعي أنَّنا جميعاً نمتلك نقاط قوة ونقاط ضعف فيما يتعلق بالتصرف وفقاً لقيمنا في البيئات الاجتماعية، مثل العمل؛ فقد ندافع - على سبيل المثال – عن زميلٍ تُساء معاملته، ولكن ربما لا ندافع عن أنفسنا، وقد نتصدَّى إلى سلطة غير عادلة أو غير حكيمة، ولكنَّنا نخشى مواجهة الأشخاص الذين نحترمهم بشدة، وقد يساعدك إدراك نقاط الضعف هذه على اتِّخاذ خيارات أفضل فيما بعد.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات تمكنك من تحديد مواطن القوة والضعف لديك

2. انتبه إلى إشارات جسدك:

يكلِّفنا التجاهل عادةً ثمناً ما، وقد يكون هذا الثمن جسدياً في البداية، كما قالت "تينا": "عندما تصرَّفت ضد قيَمي، شعرت بتداعيات جسدية، وأصبت بالمرض حرفياً"؛ إذ تكون أحاسيسنا الجسدية عادةً هي الإنذار الأول، وقد تكون دليلنا.

تقول "تينا" عن تلك اللحظة التي وافقت فيها على قرار رئيسها: "لقد صُدمت للغاية، وشعرت وكأنَّني خائنة"، قد يؤدي عدم التصرف وفقاً لقيمنا إلى الشعور بالعار، وعلى الرغم من أنَّنا قد نشعر برغبة في الهروب من هذا الشعور؛ إلَّا أنَّ عواطف مثل الإحساس بالذنب والعار، قد تكون إشارة مفيدة على أنَّنا لا نتصرف كما يجب، ومن ثم قد تساعدنا هذه الإشارة على مراجعة سلوكنا وتعديله إذا لزم الأمر، ولكن يتطلَّب هذا استيعاب الأمر، بدلاً من تصنيف أنفسنا على أنَّنا "جبناء" أو "خائنين لمبادئنا"؛ وذلك لأنَّ هذا لن يساعدنا على شيء، وسيعزِّز شعورنا بالعار وعدم القدرة على التصرف.

يقول "روب آرتشر" (Rob Archer)، الحاصل على الدكتوراه، والذي يستخدم علم النفس التطبيقي لمساعدة المنظمات على تحسين العافية في مكان العمل: "الحيلة هي أن ترى الأفكار والعواطف المؤلمة كمعلومات أو إشارة إلى شيء يجب التراجع عنه، وليس شيئاً للهروب منه، ومن هنا نستطيع التعاطف مع أنفسنا واستخدام قيمنا للمضي قدماً بشجاعة".

تتمثل إحدى الطرائق القيام بذلك في التحدُّث إلى أنفسنا مثلما نتحدث إلى صديق عزيز؛ في موقف "تينا" - على سبيل المثال – قالت لنفسها "أفهم أنَّ هذا صعب، ولكن أرى أنَّه من الهام بالنسبةِ إليكِ مساعدة الطلاب"، وفي النهاية، تمكنت "تينا" من استخدام مشاعرها السلبية بشأن الحادث لتحفيزها على المضي قدماً؛ كما تقول: "لقد فكرت في الأمر ملياً ورأيت أنَّني فقدت شيئاً ما، لقد كانت بداية جهد حقيقي لأتبع تفكيري وإرادتي وشجاعتي".

إقرأ أيضاً: لغة الجسد، التقاط وفهم الإشارات غير اللفظية

3. استخدم قوة الالتزام:

بمجرد أن تستوعب ما يتعيَّن عليك فعله، استثمر طاقتك الداخلية لاكتشاف طريقة للمضي قدماً وتطبيق ما تريد فعله والالتزام به؛ وذلك لأنَّنا عندما نلتزم، نكون مبدعين، ولا نهدر الوقت في محاولة تبرير سبب عدم اضطرارنا للتحدث؛ بل نستخدم كل طاقتنا في التفكير في كيفية القيام بهذا الإجراء فحسب، بالإضافة إلى ذلك، مارِس كل محادثة شجاعة تخطط لإجرائها؛ لكي تفهم ما تريد قوله فهماً أفضل، وفكِّر في الحليف المحتمل الذي قد يساعك في هذه المحادثة.

تساعدنا الالتزامات أيضاً على الالتزام بقيَمنا عندما يكون الأمر صعباً، وهذا ما نحتاج إليه؛ إذ قد تتطلب بيئة عملنا شجاعة متكررة وطويلة الأمد، وبينما قد تكون هناك عواقب، تكون هناك تأثيرات إيجابية أيضاً عادةً، لا سيما فيما يتعلق بالتعلم وتنمية إحساسنا بالشجاعة والمرونة.

المصدر




مقالات مرتبطة