3 مفاهيم للنجاح في مجال ريادة الأعمال

إنَّ القول بأنَّ ريادة الأعمال لم تكن تحظى بشعبية في المكان الذي ترعرتُ فيه هو قولٌ يكاد لا يصف بدقة واقع ما كان عليه الحال، ففي عالم اليوم - حيث يتقاسم أرباب الأعمال الأضواء مع مشاهير هوليوود ومشاهير الغناء - قد يكون هذا أمراً لا يُصدَّق، لكنَّه صحيح. في البلد الذي ولدتُ فيه، كانت ريادة الأعمال غير قانونية، وكانت تُعَدُّ جريمةً جنائية، وقد كان هذا هو الحال لما يقرب من قرن (قبل ولادتي بأحد عشر شهراً). إذا لم تعرف المكان حتى الآن، فقد ولِدتُ في الاتحاد السوفييتي، بلد لم يَعُد موجوداً، لكنَّه ما يزال يؤثر في أذهان العديد من مواطنيه السابقين.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "ناتاشا زو" (Natasha Zo)، والذي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها وتجربة والدتها في ريادة الأعمال.

تحدث تغييرات السياسة التي تؤثر في الأعراف الثقافية - مثل تلك المناهضة لريادة الأعمال - ببطء شديد، وتستغرق وقتاً أطول لتحظى بالقبول الشعبي، وفي حين كان الغرب يُقدِّر ويُشجع الأطفال الذين يكسبون المال من بيع عصير الليمون، فقد ترعرعتُ في مجتمع يُعِدُّ ريادة الأعمال شيئاً قذراً، وغير شريف، بل ومُخجلاً حتى.

أتذكَّر إحدى الشخصيات الشعبية ​​من طفولتي، كان يُطلق عليه لقب "الروسي الجديد"، وقد كان أول رائد أعمال عرفناه، حيث كان يُصوَّر عادةً مرتدياً سترةً قرمزية فوق قميص أبيض، وسلسلةً ذهبية كبيرة ومسدس، ولقد كان بالتأكيد مخالفاً للعرف، وأصابعه مليئة بخواتم ذهبية كسبها من خلال صفقات تجارية مشبوهة.

والآن بعد أن عرفتُ كيف كان يُنظر إلى ريادة الأعمال عندما كنتُ في العاشرة من عمري، يمكِنك أن تفهم لماذا لم أُصدِّق أنَّ أمي كانت رائدة أعمال عندما أسَّسَت عيادتها الخاصة بصفتها طبيبة نفسية، وقد كنتُ آنذاك في سن المراهقة مشغولةً بآمالي وأحلامي الخاصة، وكل ما أتذكَّره هو أنَّ أمي كانت تفعل شيئاً صعباً، لكنَّه هام جداً، ولكنِّي لم أكن أعرف أنَّ ما تفعله يسمى ريادة أعمال، والآن، إليك بعض المفاهيم التي قد تساعدك في مجال ريادة الأعمال:

1. السعي وراء شغفك:

كانت الظروف كلها التي يمكِن تخيُّلها - إلى حد كبير - تعمل ضد أمي بعد أن بدأَت عملها الخاص؛ إذ لم يكن تعلُّم ريادة الأعمال مألوفاً، ناهيك عن وجود شبكة دعم لرواد الأعمال الآخرين، أو أي نوع من تبادل المعرفة، وقد كانت ريادة الأعمال في نظر العامة نوعاً من أنواع المرض، لذلك لم يَعِدَّ أحد في العائلة أنَّ ما تفعله أمي كان قذراً، وإنَّما عدُّوها مجرد طبيبة نفسية تُصعِّب الأمور على نفسها بدلاً من العمل لدى شخص آخر.

لم يكن وضع عائلتي المادي يسمح بالاستثمار في مشروع مثل هذا، وما أزال أذكر التوتر والخلافات بين أمي وأبي حول المال، حيث تدهورَت العلاقة بينهما بعد أن اختارت أمي السعي وراء شغفها، والمضي قُدماً بمشروعها بدلاً من العمل لدى شخص آخر براتب صغير وثابت.

أتذكَّر أنَّها كانت تواجه مُعضِلة، إذ لم يكن بإمكانها دفع إيجار مكتب صغير قبل أن يكون لديها عملاء منتظمون، وفي الوقت نفسه، لم يكن في إمكانها الحصول على عملاء ما لم يكن لديها مكتب.

ومع ذلك، شعرَت أمي أنَّه لتحقيق هدفها، كان هذا المسار هو الخيار الوحيد أمامها، ولهذا السبب أنا ممتنة لها إلى الأبد، فقد تعلَّمتُ منها أنَّه يجب على المرء ألا يتنازل عن شغفه مهما كانت الظروف، فقصتها تُعلِّم الآخرين عدم الاسستلام أبداً.

إقرأ أيضاً: صفات رائد الأعمال الناجح، وأهم النصائح لرواد الأعمال المُبتدئين

2. يمرُّ العمل بنجاحات وإخفاقات:

ما عانَته أمي في الثلاثينيات من عمرها هو ما مررتُ به في أواخر العشرينيات من عمري.

لقد كنتُ محظوظةً لكوني جزءاً من عدد قليل من المجتمعات التي تُقدِّر مهارات العمل وريادة الأعمال، حيث كنتُ مسؤولةً عما يقرب من 700 متطوع يعملون في مشاريع لدى منظمات غير حكومية، وعن فريق تسويق عالي الأداء تجاوزَت مكاسبه نصف مليون دولار شهرياً، ولقد ركَّز كلاهما على تطوير الموظفين وتقدير روح المبادرة.

كان هناك دائماً لحظةً بعد العديد من التجارب المهنية أُدرك فيها فجأةً ما يجب أن أفعله في حياتي، حيث كنتُ أنوي العمل في مجال تقديم خدمات العلاقات العامة، ومثل أمي من قبلي، واكتشفتُ أنَّ بدء عملي الخاص هو القرار المناسب لتحقيق أهدافي، فأسستُ وكالة استشارات، وبدأتُ بجني الأموال من خلال تقديم النصح والمشورة لعملائي، ووظَّفتُ مدير حسابات، ومديراً لمكتبي بعد أن ازدهر عملي، فقد حالفني الحظ حتى الصيف التالي، ثمَّ بدأتُ أواجه أول انخفاض في نشاطي التجاري، فتحدثتُ مع أمي وأخبرتُها أنَّ عملي سيتدهور إن لم يكن لدي عملاء في الشهر المقبل، وفي ذلك الوقت، كنتُ قد اشتركتُ في كل ندوة عبر الإنترنت، وكنتُ أشعر بالتوتر، وأسعى وراء استراتيجيات التسويق واحدةً تلو الأخرى، وقد بدا كل خبير جديد أطلب منه النصح وكأنَّه أخيراً قد توصَّل إلى حل لمخاوفي، ولكن مرة أخرى، كانت أمي هي المعلم المناسب الذي أحتاجه، حيث قالت لي: "في عالم ريادة الأعمال، سوف تمرِّين بنجاحات وبإخفاقات".

لقد هدَّأَت كلماتها هذه من روعي، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أدرك فيها أنَّ كل ما مررتُ به وتعلَّمتُه من خبراء التسويق والمؤتمرات الدولية التي كنتُ أحضرها، هو الشيء نفسه الذي مرَّت به أمي منذ 15 عاماً باستثناء أنَّه لم يكن لديها شبكة معارف أو والدة تعمل رائدة أعمال لطلب النصح منهما.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات للنهوض بعد الإخفاق

3. العمل وسيلة وليس غاية:

لقد بدأتُ أُخبر الناس بكل فخر أنَّ أمي رائدة أعمال، فقد أضاف كوننا رائدتي أعمال بُعداً جديداً لعلاقتنا، حتى إنَّني فكرتُ في دعوتها لحضور إحدى الفعَّاليات الاجتماعية، لكنَّ أمي لديها خططها الخاصة، فقد وقعَت في شغف جديد تملَّك حياتها، حيث اشتركَت في دورتين أكاديميتين عبر الإنترنت حول التحليل النفسي، وبدأَت بالسهر طوال الليل لمشاهدة المحاضرات، ورغم أنَّها ما تزال لا تستطيع التحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة، إلا أنَّها وجدَت طريقةً لترجمة المقالات البحثية الجديدة في مجالها من الإنجليزية إلى الروسية باستخدام أدوات عدَّة عبر الإنترنت، وعندما حلَّ الوباء، أغلقَت مركزها الصغير الخاص بعلم النفس، وانتقلَت إلى العمل عبر الإنترنت، وكرَّسَت نفسها تماماً لشغفها الجديد.

مرة أخرى، أظهرَت لي أمي أنَّ العمل هو أداة قد تكون لفترة من الوقت وسيلتك لتحقيق غاية، وقد تساعدك في خدمة الآخرين، وفي تحقيق ذاتك، ولكن لا تخلط بين وسيلة تحقيق الهدف، والهدف النهائي، ولقد أُتِيحَت لي الفرصة لرؤية جهود أمي الحثيثة وهي تتحدى المجهول وتسعى وراء شغفها، فقد خاطرَت، وفتحَت مركزها، وساعدَت آلاف العملاء، وعلَّمَت مئات المتخصصين الآخرين، وساعدَت الأفراد في مجتمعها على النهوض بأعمالهم، ثمَّ طوَّرَت عملها وبدأَت تواجه تحدياً جديداً، رغم أنَّني أمارس شغفي طيلة أيام الأسبوع، ويستحوذ عملي على معظم طاقتي في الوقت الحالي، إلا أنَّه ليس الوجهة النهائية، فهو مجرد نقطة انطلاق نحو نموي المستمر وخدمة الآخرين، وكما يوضح مثال أمي، لا يبدو أنَّ فرص النمو وخدمة الآخرين تنفدان مع مرور السنين؛ إذ ما عليك سوى أن تبقى مستعداً لهما عندما يناديك شغفك.

وعلى الرغم من أنَّها ما تزال لا تُجيد القراءة باللغة الإنجليزية إجادةً تامة، بيد أنَّني أعرف أنَّها سوف تستخدم أدوات الترجمة لقراءة هذا المقال، أحبك أمي.

 

المصدر




مقالات مرتبطة