3 عناصر أساسية لبناء علاقة سليمة

يُعدُّ بناء علاقات سليمة أمراً يسيراً بالنسبةِ لبعض الناس، ولكن بالنسبة للبقية، فالأمر ليس بذلك اليسر؛ وهذا ليس لأنَّنا نعدُّ أنفسنا للفشل فحسب، بل لأنَّنا نفتقر أيضاً إلى المنظور الذي يُتيح لنا معرفة كيف نبدأ في إنشاء علاقات سليمة وودودة في حياتنا.



لذا فمن خلال الكثير من التجارب والأخطاء التي وقع فيها الكثيرون، أعددنا دليلاً رائعاً للغاية لتطوير علاقات سليمة.

3 عناصر أساسية لبناء علاقة سليمة:

تشترك جميع العلاقات السليمة في ثلاث عناصر أساسية، وهي ما يلي:

  1. الاحترام المتبادَل.
  2. الثقة المتبادَلة.
  3. العاطفة المتبادَلة.

سنتناول كل عنصر بمزيدٍ من التفصيل في هذه المقالة، ولكن باختصار، إليك ما تبدو عليه العلاقة السليمة:

  • يعني الاحترام في العلاقة أنَّ كلا الطرفين يحظى باحترام كبير، ويعني احترامك لشخصٍ ما أنَّك مُعجب به بسبب صفات مُعيَّنة يتحلَّى بها، أو مُعجب بمضمون شخصيته.
  • وتعني الثقة المُتبادَلة أنَّكما تثقان في وعود بعضكما بعضاً؛ فإذا قال أحدكما إنَّه سيفعل شيئاً ما، يثق الآخر في أنَّه سيفعل ما قاله حقاً، وإذا أخطأ طرفٌ ما، يتوقَّع منه الطرف الآخر أن يكون صادقاً معه ويروي له كل ما حدث؛ ففي الواقع، تكمن الثقة الحقيقية في أن يكون كل شخص صادقاً تماماً مع الآخر، حتى عندما يُخطئ، وحتى عندما يكون ذلك غير مريح.
  • أمَّا بالنسبةِ للعنصر الثالث، وهو العاطفة: فلا بد وأن تكون العاطفة مُتبادَلة في العلاقات السليمة، فيمنحها كل طرف للآخر ويتلقَّاها بحريَّة وبدون شروط؛ فلا يحتاج الأزواج الذين يتمتَّعون بعلاقة قوية على سبيل المثال إلى تذكير أنفسهم وإظهار حبهم وتقديرهم لشريكهم باستمرار، وفي الوقت نفسه، يجب أن يقدِّر الشركاء العاطفة والمحبَّة بدلاً من اعتبارها أمراً مفروغاً منه.

وقد يعني وجود المشكلات في أيٍّ من هذه الجوانب أو جميعها أنَّ أحد الشريكين أو كليهما يمتلك أنماط تعلُّق غير آمنة، أو أنَّ هناك خللاً أساسياً في العلاقة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح مهمة لبناء علاقات إيجابيّة مع الآخرين

الحب هو نتاج علاقة سليمة، وليس أساسها:

لاحظ أنَّ الحب ليس عنصراً أساسياً في العلاقات السليمة، وقد يُصدَم الكثيرون من هذه الحقيقة، ولكن كيف يكون هذا ممكناً؟

فكِّر أولاً في حقيقة أنَّ بإمكانك أن تحب شخصاً سيئاً للغاية بالنسبة لك؛ إذ يبقى الناس في علاقات سيئة وسامة ومؤذية لهم أحياناً لأنَّهم يحبون بعضهم بعضاً، وليس لأنَّهم يقنعون أنفسهم بذلك، بل لأنَّهم يحبون بعضهم بحق؛ فقد تحب صديقاً أو قريباً مدمناً على المخدرات أو الكحول، حتى إذا كان يؤذيك ويؤذي كل من حوله، والأمر نفسه بالنسبةِ للأطفال، فهم قد يحبون والديهم المهملين أو القاسين، وبهذه الطريقة، قد نحب شريكاً سيئاً بالنسبةِ لنا.

وبالتالي، لا يكفي الحب وحده للحفاظ على العلاقة، كما أنَّه ليس السبب الذي يجب أن يجعل شخصين يستمران في علاقتهما؛ فالحب الحقيقي غير المشروط هو نتاج رائع لشخصين يخلقان رابطة قوية مع بعضهما بعضاً.

شاهد بالفديو: 8 قواعد لاستمرار مشاعر الحب بعد الزواج

يؤدي فقدان أحد العناصر الأساسية إلى تقويض باقي العناصر:

والآن، دعنا ننتقل إلى رؤية كيف قد تبدأ العلاقة السليمة في الانهيار، ثم نُلقي نظرة على كيفية إصلاح العلاقات الفاشلة.

يُطلَق على هذه الصفات الثلاث للعلاقة عناصر "رئيسة" لأنَّها تشكل الأساس الحقيقي للعلاقة، فهي تشبه أساس المبنى، فإذا تداعت إحدى العناصر، سرعان ما يتبعها البقية.

على سبيل المثال: إذا امتنع شريكك عن إظهار العاطفة في علاقتكما، فقد يؤدي ذلك إلى تراجُع الثقة؛ إذ قد تتساءل عن سبب التغيير المفاجئ، وما إذا كان ما زال يهتم لأمرك أم لا، أو ما إذا كنت قد فعلت شيئاً خاطئاً دون أن تدري؛ ممَّا قد يتسبَّب في النهاية في فقد أحدكما أو كليكما لاحترام الآخر.

فعندما يصبح أحد الطرفين غير مرتاح لكل التخمينات التي تخطر في ذهنه ويشك في محبة الآخر له، وعندما يفكِّر كثيراً فيما إذا كان قد اختار الشخص المناسب أم لا، فيعني هذا فقدان الاحترام لبعضهما بعضاً.

كما ترى، عندما تفقد أحد العناصر الأساسية لعلاقة صحية، يؤدي ذلك إلى حلقة مفرغة.

كيف تستعيد عناصر علاقة سليمة:

لا بد وأن تواجه كل علاقة، في مرحلةٍ ما، مشكلات في إحدى أو بعض هذه العناصر الأساسية، وفي هذه الحالة تنتج المشكلات عن أمرين مختلفين: فإمَّا أن يتغير أحد الطرفين أو كليهما، أو تُرتكَب الأخطاء.

ولا أعني بتغيُّر أحد الطرفين أو كليهما تغيير تسريحات شعرهما، أو ما يأكلونه على الإفطار؛ بل أعني إجراء تغييرات حقيقية، على الصعيد الشخصي، فعلى سبيل المثال: قد يصبح شريكك مهووساً بألعاب الفيديو، ويخصِّص جزءاً كبيراً من وقته للعب والتنافس، بينما أنت لا تكون كذلك؛ ممَّا سيؤدي بالتأكيد إلى توتر في العلاقة.

 أو قد تصبح أنت مدمن ألعاب فيديو وتراها فرصةً مثالية لملء وقتك والتخلص من الملل، لكن إذا لم يكُن شريكك ميَّالاً إلى أسلوب الحياة هذا، فقد يفكِّر مرَّة أخرى في صحة قراره بالبقاء معك.

تؤدي مثل هذه التغييرات على الصعيد الشخصي إلى جعل الشخص يفقد احترامه للشخص الآخر؛ إذ تتلاشى الصفات التي أُعجبتَ بها في شريكك، أو تتبدَّل بصفاتٍ لا تحبها؛ ممَّا يجعل العلاقة تفتقر إلى الاحترام.

بصراحة، من الصعب جداً التغلُّب على هذه الأنواع من المشكلات في العلاقة، ولكن إذا كنت على استعداد للبقاء مع شريكك وتقبُّل شخصيته الجديدة، فعليك إيجاد مصادر جديدة للاحترام في العلاقة.

على سبيل المثال: إذا أصبح شريكك يعيش حياة رتيبة وخاملة، في حين أنَّك كنت تفضِّل أسلوب حياته القديم؛ فقد تجد مصدراً آخر لاحترامه، مثل تعاطفه مع الآخرين، أو إذا قرَّر شريكك اتِّباع النظام الغذائي النباتي في حين أنَّك تحب أكل اللحوم، فبإمكانك أن تحترم تعاطفه مع الحيوانات.

النقطة الهامَّة هنا، هي الاستعاضة عن الصفات الذي كنت تحترمها في شريكك قبل أن يتغيَّر، بصفاتٍ أخرى.

تحدثنا عن احتمال أن يتغيَّر أحد الطرفين، أمَّا بالنسبةِ لارتكاب الأخطاء، فلا أحد مثالي، وقد يبدو هذا أمراً بديهياً، ولكنَّه يستحق التكرار؛ ذلك لأنَّنا نضع أحياناً معايير غير معقولة للآخرين، ممَّا يؤدي إلى خرق الثقة في العلاقة، حتى لو كانت أخطاء الطرف الآخر ليست كارثية.

ولكن مهما كان الخطأ الذي ارتُكبَ، فلا بد من تطبيق بعض النصائح لاستعادة العلاقة بالكامل:

  1. امنح الأمر بعض الوقت: حيث تتلاشى الآلام التي يُسبِّبها ارتكاب الخطأ للطرف الآخر بصورة طبيعية بمرور الوقت؛ فإذا ارتكبت خطأ ما، فامنح الشخص الآخر بعض المساحة للتعامل مع الموقف.
  2. احرص على عدم تكرار الخطأ: إنَّ الاعتراف بخطئك خطوة جيدة بالتأكيد، ولكن يُظهِر تحمُّل المسؤولية - من خلال الالتزام بعدم القيام بذلك مرة أخرى - للشخص الآخر أنَّك جاد بشأن العلاقة، وعندما يكون هناك أمر يهدِّد العلاقة حقاً، عليك تجنُّبه بأي ثمن.
  3. يجب أن يكون الشخص الآخر على استعداد للتسامح: حتى إذا مرَّ بعض الوقت، وبذل الشخص الذي ارتكب الخطأ جهداً حقيقياً وصادقاً لعدم تكرار ذلك مرة أخرى، فلا يعني هذا أنَّ "الضحية" مرغَم على مسامحته.
إقرأ أيضاً: 7 أمور تساعدك لكي تسامح الآخرين بصدق

وبما أنَّ المشكلات تختلف من حيث الدرجة والخطورة؛ تختلف مدى سهولة التغلُّب عليها.

عادةً ما تستغرق الأخطاء البسيطة -مثل التعليقات السخيفة التي قيلت في الوقت الخطأ، أو نسيان القيام بشيء هام من أجل الشخص آخر- وقتاً قصيراً جداً لتجاوُزها، ويمكن تجنُّبها بسهولة في المستقبل، إذ يستطيع الشخص الآخر التغاضي عنها بسهولة، بينما تتطلب الأخطاء الكبيرة بذل الكثير من الجُهد؛ لذا سيتعيَّن عليك أن تسأل نفسك ما إذا كان الأمر يستحق ذلك حقاً، وكن صريحاً جداً في إجابتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة